الخميس 22 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نجم وإمام ثورة الشعـر والغناء فى الجامعات

نجم وإمام ثورة الشعـر والغناء فى الجامعات
نجم وإمام ثورة الشعـر والغناء فى الجامعات


 
عندما نتحدث عن الحركة الطلابية فى الجامعات فى أواخر الستينيات وحقبة السبعينيات.. لابد أن نذكر اسمين لمعا فى تلك الفترة .. بل كان لهما دور كبير وفعال فى إشعال الحركة الطلابية، هما الشاعر أحمد فؤاد نجم والملحن والمغنى الشيخ إمام.. فهذه الفترة تعتبر الفترة الذهبية لكل منهما، حيث شهدت الانفجار الإبداعى للموهبة والالتحام بالحركة الطلابية..
 
 انتشرت أشعارهم التحريضية والحماسية بين الطلبة فى الجامعات وكانوا يرددونها فى المظاهرات.. وكانت هذه الأشعار سببا فى تعرضهم للسجن والاعتقال أكثر من مرة.. وفى كل مرة كانوا يرفضون السكوت والكف عن هذه الأشعار.. ففى ذكرى يوم الطالب قمنا برصد الدور الفعال الذى قام به نجم وإمام فى إثارة الحركة الطلابية، فى السطور القادمة.
∎ بركان الغضب
 
كانت مصر تغلى ببركان من الغضب والحزن بعد هزيمة 67 وبعدها بسنة خرج العمال لأول مرة فى مظاهرات عارمة احتجاجا على أحكام الطيران.. وقد جذبت هذه المظاهرات الطلاب وخرجوا هم أيضا الى الشوارع بأعداد هائلة وهتفوا ضد الفساد وضرورة التغيير فى مجال التعليم الذى يضيق فرص النجاح فى الثانوية وفى الجامعات.. وكانت وقتها هذه المظاهرات بمثابة جرس إنذار للطبقة الحاكمة.. حيث أعطى بعدها النظام الحاكم المزيد من الحريات للطلاب لامتصاص ذلك الغضب.. وبعدها هدأت الحركة الطلابية حتى السبعينيات.. وفى تلك الفترة كانت الحياة الجامعية فى أوج نشاطها، حيث استخدم الطلاب بعض الأساليب المختلفة للتعبير عن آرائهم.. وقد تنوعت ما بين المعارض ومجلات الحائط وتكوين الأسر الجامعية وعقد مؤتمرات طلابية مفتوحة.. وكانت مجلة الحائط وقتها تعتبر هى الصحافة الحرة الوحيدة فى مصر.. واستمر هذا الهدوء الى أن عاود من جديد موجة أخرى من التظاهرات فى السبعينيات.. وأتت السبعينيات لتضع تجربة الشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم عند المحك السياسى الحقيقى.. حيث إنه لم يهدأ لهم بال فى تلك السنوات ولم تهدأ الدولة أيضا عن مطاردتهما واعتقالهما.. بسبب نقدهما الجارح لنظام السادات والطبقة الحاكمة فى سنوات الانفتاح.. حيث إن شعرهما لمع بين أوساط المثقفين والفنانين وبشكل خاص لدى الطلبة وبعض العمال.
 
∎ بداية الانطلاق فى الجامعة
 
ففى بداية السبعينيات كانت المسألة الوطنية هى القضية الأولى التى التفت حولها الحركة الطلابية للمطالبة بالمطالب الوطنية والديمقراطية.. فخرجت مظاهرة للطلاب سنة 27 تندد بكذب ادعاء الرئيس السادات حول عام الحسم الذى لم يحسم فيه شيئا.. حيث قام وقتها الطلاب بتنظيم معرض عرضوا من خلاله كل التعليقات الناقدة لخطاب الرئيس والحكومة.. وفى المساء تحول هذا المعرض إلى اعتصام وتصاعدت الحركة الاحتجاجية.. وطلبت جموع طلبة الجامعات من الشيخ إمام ونجم مشاركتهم فى إحياء حفل بجامعة القاهرة.. وفى هذا الحفل غنى الشيخ إمام ونجم لجموع الطلبة والشعب.. ومن كلمات نجم «رجعوا التلاميذ للجد تانى» وأغنية «صباح الخير على الورد اللى فتح فى جناين مصر» و«مصر يا امه يا بهية»..
 
∎ حضورهما الطاغى
 
وكان نجم والشيخ إمام وقتها حاضرين بقوة فى الحركة الطلابية.. فكانا دائمى الحضور فى مظاهرات جامعتى القاهرة وعين شمس.. وكان نجم له دور كبير فى حل المشكلات بين الحركات الطلابية.. فقد كان الجميع يسمع له.. وبعدها طلب منهم الطلاب إحياء حفلات بجامعات المنصورة والمنوفية وعين شمس.. فقد وجد الثنائى الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم فى الرئيس السادات مادة فكاهية فى مهاجمته.. فقد تركزت أغانيهما على شكل الرئيس وطريقة كلامه.. حيث ألقى نجم وقتها قصيدته الشهيرة «بيان هام» والتى اعتقل على أثرها لأنه كان يقلد فيها السادات ويسخر منه.. فكانت أغانيهما حول شخص الرئيس مبتذلة ومهينة، وكانت أقرب كثيرا إلى أغانى أطفال الشوارع وهم يناكفون معتوها أو مخبولا.
 
∎ الجامعات وحالة من الغليان
 
1979 تصاعدت الاحتجاجات الشعبية والإضرابات بشكل ملحوظ ضد معاهدة كامب ديفيد والصلح مع إسرائيل.. وكان الشارع المصرى فى ذلك الوقت فى حالة غليان وتفجر من المظاهرات.. وكانت مظاهرات الطلبة لا تهدأ.. وكانت الجامعات فى ذلك الوقت تمثل مسرحا للحركة الطلابية التى شهدت مدا كبيرا بانضمام الكثير من المثقفين والفنانين والكتاب اليساريين إلى صوت الطلاب بمن فيهم نجم وإمام.. وخرج وقتها نجم والشيخ إمام بأفضل ما قدماه من شعر وألحان.. فكانت أشعارهم حماسية وتحريضية وذلك لإيمانهم بدور الطلاب فى المعركة مع النظام وحرية الكلمة وشجاعة القلم.. فقد شارك الشيخ إمام ونجم الطلبة فى غضبهم على النظام الحاكم.. وقاما بإحياء حفل بجامعة عين شمس سخرا من السلام الجديد.. وبالطبع لم يتراجع نظام السادات لحظة لقمعهما.. وكالعادة انتهى الحفل بالقبض على الكثيرين، وكان من بينهم نجم والشيخ إمام بسبب أغانيهما التحريضية.. وحوكم الشيخ إمام أمام محكمة عسكرية بتهمة العيب فى الذات الرئاسية، وأخذ فيها سجنا لمدة عام، لكن تمت تبرئته بعد ذلك.. بينما حكم على نجم الذى ظل هاربا حتى اعتقل فى حملة 1981 وكان معه الشيخ إمام الذى عاد فى قضية جديدة، وسرعان ما أفرج عنهما بعد اغتيال الرئيس السادات فى أكتوبر من نفس العام (أكتوبر 1981).. فقد كان لنجم والشيخ إمام دور كبير فى انتفاضة «17 و 18 يناير» والتى أطلق عليها السادات «انتفاضة حرامية».. فرغم الاعتقال والسجون ، فإن كلمات نجم وألحان الشيخ إمام انتشرت فى العالم العربى وعبرت أغانى الثنائى المشتركئعن تظاهرات الطلبة فى السبعينيات وانتفاضة 17 يناير 7791..ولكن كل شىء له نهاية والزمن تبدل والحركة الطلابية لم تعد هى قائدة المعارضة، فاختفى نجم وإمام من الجامعة خلال سنوات حكم المخلوع، لكن تاريخهما ودورهما محفور فى ذاكرة كل من عاصر تلك المرحلة.