الإثنين 11 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الحكومـة عاجـزة عن تطبيـق الحد الأدنى للأجور

الحكومـة عاجـزة عن تطبيـق  الحد الأدنى للأجور
الحكومـة عاجـزة عن تطبيـق الحد الأدنى للأجور


 
حلم يناير.. هكذا يرى ملايين العمال والموظفين وأسرهم وعد رئيس وزراء مصر، حازم الببلاوى، بتطبيق الحد الأدنى للأجور بداية من يناير 2014 والسبب تضارب التصريحات والآراء بشأن حقيقة إمكانية تحقيق حلم طال انتظاره فى ظل تفاقم عجز الموازنة وارتفاع معدلات التضخم والأسعار وتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية بعد جلاء الإخوان وبسببهم.
 
 خبراء المالية والاقتصاد يرونه ناجحاً سياسياً وفاشلاً اقتصادياً وسيزيد أعباء الحكومة مما قد يجعلها تطبع البنكنوت عند تطبيق الحد الأدنى للأجور والذى سيكلف ميزانية الدولة 200 مليار جنيه فى ظل استمرار تراجع حجم الاستثمارات الكلية التى بلغت نحو 8.1٪ بقيمة إجمالية بلغت 73.5 مليار جنيه خلال الربع الأخير من العام المالى الماضى، وكذلك اتساع الفجوة بين الاستثمار والادخار المحلى لتصل إلى 7٪ من الناتج الإجمالى، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة فى مصر ووفقاً لبيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء بنسبة 4,31٪ من إجمالى قوة العمل وبزيادة قدرها03 ألف متعطل بنسبة 0.8٪.
الحكومة من جانبها، أكدت تطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور فى يناير دون استثناء.. والأسواق والتجار استعدوا لالتهام تلك الزيادات إذا ما صدقت الحكومة، فهل يتحقق حلم يناير 2014.
 
∎القانون!
 
ويقول أشرف العربى - وزير التخطيط- إن القواعد التنفيذية لتطبيق الحد الأقصى للأجور، على جميع العاملين بالحكومة بلا استثناءات، وتقضى بدمج قانون المجلس العسكرى رقم 242 لسنة 2011، بقرار رئيس مجلس الوزراء الدكتور حازم الببلاوى رقم 322 لسنة 2013.
ووضعت هذه القواعد لضمان عدم تقاضى أى موظف، ما يزيد على الحد الأقصى الذى تم تحديده بـ42 ألف جنيه شهريا، مع وضع المبالغ الزائدة فى حصيلة مستقلة، حتى تتمكن الحكومة من صرف تلك الحصيلة على تمويل الحد الأدنى للأجور اعتبارا من الشهر الجارى.
 
وتنص القواعد على تصميم برنامج قومى للعاملين شاغلى الوظائف العليا وذوى المناصب العامة، على أن يحدد البرنامج «اسم العامل- درجته المالية- الجهة التى يتبعها» وما ورد من بيانات حول ما تقاضاه زائدا على الحد الأقصى للدخل، وتجميع المبالغ الزائدة، وإنشاء وحدة حسابية مركزية، ويتم إخطارها بتلك المبالغ، ويشترك فيها وزارتا الاتصالات والتنمية الإدارية والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وكذلك تصميم برنامج قومى للعاملين الشاغلين لوظائف أدنى من الوظائف العليا.
 
 ومن المقرر أن تقوم الوحدة الحسابية الرئيسية بإخطار وزارة المالية، كل 3 أشهر، بالنتائج المترتبة على تطبيق الحد الأقصى، وتحديد المبالغ على وجه الدقة لإدخالها فى الموازنة العامة، وتخصيصها للصرف على الحد الأدنى للأجور، وتقضى القواعد بعدم صرف أى مبالغ إلا بالرقم القومى، والتوقيع، وحظر المناولة «الأموال داخل أظرف مغلقة» دون توقيع، فى بعض الحالات مثل بدل حضور الجلسات واللجان، مع إخطار الوحدة الحسابية بما تم صرفه أولا بأول، مع تفعيل العقوبة المنصوص عليها فى قانون المجلس العسكرى.
ويشمل تطبيق الحد الأقصى جميع الجهات بلا استثناء، وهم العاملون المدنيون بالدولة، الخاضعون للقانون 47 لسنة 87 وللقانون 48 لسنة 78، والعاملون بالهيئات القومية والخدمية والاقتصادية والعامة، والعاملون الخاضعون للكادرات الخاصة الهيئات القضائية- أعضاء هيئة تدريس الجامعات- أعضاء هيئة الشرطة- أعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات- أعضاء هيئة الرقابة الإدارية- هيئة قناة السويس- أعضاء السلك الدبلوماسى والقنصلى- البنك المركزى والبنوك العامة- وأخيرا الأشخاص الاعتبارية.
 
∎ المشاكل!
 
أكد محمد البهى رئيس لجنة الضرائب وعضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية أن الصناعة المصرية على استعداد لتطبيق الحد الأدنى لأجور العاملين فى القطاع الخاص وهو ألف ومائتا جنيه شهريا شاملة كل ما يتقاضاه العامل من دخل بأشكاله المختلفة.
 
موضحا أن هناك صناعات عديدة تعطى العاملين فيها دخلا أعلى كثيرا من هذا الرقم ومنها بعض الصناعات المعدنية كالصلب وصناعة الأسمنت وغيرهما. وقال انه يجب مراعاة تطبيق ما تم الاتفاق عليه من استثناءات تشمل بعض الصناعات التى تواجه صعوبات كثيرة فى إنتاجها مما أدى إلى دخول مصانع كثيرة فى إنتاجها منها مرحلة الخسارة ومنها صناعة النسيج والملابس الجاهزة مع مراعاة أن لهذه الصناعات ظروفا خاصة تشمل أن احتساب الدخل للعاملين فى بعضها قطعية أى طبقالحجم ونوعية الإنتاج، وأن العمليات الإنتاجية تكون مرحلية طبقا للتعاقدات الفعلية ويشمل ذلك بصفة أساسية صناعة الملابس الجاهزة. وقال إنه يجب أيضا مراعاة عدم تطبيق هذا الحد الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص فى الصعيد والمناطق الحدودية باعتبار أن ظروف الإنتاج والعمل بها أكثر صعوبة خاصة أن هناك تكلفة مرتفعة لنقل الخامات للمصانع بهذه المناطق وفى نفس الوقت هناك تكلفة مرتفعة أخرى لنقل البضائع من المصانع بها إلى أسواق المحافظات الأخرى ويضاف إلى ذلك أن تكلفة الحياة المعيشية بتلك المناطق أقل نسبيا من المحافظات الأخرى مما يتيح إمكانية عدم تطبيق الحد الأدنى بالصعيد والمناطق الحدودية، وحذر محمد البهى من التداعيات السلبية لأى محاولات لتطبيق المعدلات الحالية لقانون التأمينات على دخول العاملين بعد تطبيق الحد الأدنى وهو ألف ومائتا جنيه، مشيرا إلى أن المبلغ المطلوب فى هذه الحالة سيصل إلى نحو 500 جنيه شهريا يتحمله أصحاب المصانع والعاملون وهو عبء مرتفع جدا سيضاف إلى تكلفة الحد الأدنى مما سيؤدى فى حالة تطبيقه إلى اضطرار بعض الجهات فى القطاع الخاص للتخلص من عدد من العمالة لديها أى أن ذلك سيسهم فى زيادة نسبة البطالة. وأكد أهمية سرعة تعديل القانون لخفض نسب التأمينات حتى يمكن التأمين على كامل دخل العاملين بدون أعباء أضافية على العاملين وأصحاب المصانع. وطالب بضرورة زيادة الإعفاء الضريبى لدخل المواطن بحيث يرتفع من اثنى عشر ألف جنيه سنويا ليصل إلى ثمانية عشر ألف جنيه سنويا، حيث سيسهم ذلك فى تخفيف الأعباء عن العاملين وزيادة استفادتهم من ارتفاع دخولهم.
 
اقتراح محمد البهى، الخاص بتحديد قيمة الحد الأدنى للأجور وفق ظروف كل قطاع على حده، يرى مسروجة، أنه يتمشى إلى حد كبير مع واقع القطاع الخاص، إذ أن الحد الأدنى بهذا الشكل لن يدفع أصحاب الشركات إلى التحامل على العاملين بزيادة ساعات العمل أو غير ذلك من ممارسات يمكن أن يلجأوا إليها لتعويض عبء الالتزام بالحد الأدنى للأجور المحدد من قبل الحكومة.
 
ويرى أن الحد الأدنى لن يؤتى ثماره إلا إذا تم تطبيقه فى ظل نمو السوق والرخاء الاقتصادى للدولة إذ إن وقتها ستبدأ الشركات الخاصة فى قطاع السيارات وغيره من القطاعات بالسوق رفع سقف الحد الأدنى للأجور بمعدلات تفوق مبلغ 1200 جنيه الذى حددته الحكومة.
 
∎ الصعوبة !
 
وأشار الخبير الاقتصادى مصطفى النشرتى - إن تطبيق الحد الأدنى للأجور بالنسبة للقطاع الخاص، والمقدر بشكل مبدئى بنحو 1200 جنيه شهريا، سيؤدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والأسعار نتيجة للخسائر التى سيسببها للمصانع، وكأثر مباشر لتقليل حجم التعيينات الجديدة كنتيجة لزيادة تكلفة التأمينات الاجتماعية.
 
وأضاف إنه من الصعب إلزام القطاع الخاص فى ظل الظروف الحالية بتنفيذ الحد الأدنى للأجور، مؤكدًا أن هناك اختلافات فردية بين العمال وبعضهم البعض بالقطاع الخاص، ومن غير المنطقى إعطاء عامل يتمتع بالخبرة والمهارة نفس الأجر الذى يتقاضاه عامل مبتدئ صغير فى السن.
 
وأشار إلى أن تطبيق الحد الأدنى عشوائى وغير مدروس، ومن شأنه الإضرار بالاقتصاد الوطنى، وتوقع «عبده» ارتفاع معدلات التضخم بتطبيق القرار، والتى وصلت بالفعل إلى 12.5٪.
 
وأكد على أن الخطورة تكمن فى أن نسبة التأمينات تصل لـ40٪، وتقدر بـ480 جنيها حال تطبيق الحد الأدنى للأجور المقرر بـ1200 جنيه، أى أن رجل الأعمال فى هذه الحالة سيكون ملزما بإعطاء العامل 1680 جنيها شهريا، وهو أمر غير منطقى، موضحًا أن العمالة القديمة ذات الخبرة ستطالب بمضاعفة أجورها، لأنها لن تقبل الحصول على نفس الأجر الذى سيحصل عليه معدوم الخبرة، الأمر الذى سيثير العديد من المشاكل.
 
وأضاف إن هذا القرار سيضر بالصناعات الصغيرة، كما أنه سيزيد من البطالة التى تجاوزت وفقا للتقارير الرسمية الـ13٪ مشيرًا إلى أن المستثمرين ورجال الأعمال يمرون فى الوقت الحالى بأزمة حقيقية بسبب الظروف الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها البلاد.
 
∎ التظلم!
 
وتسأل عفت عبدالعاطى، رئيس شعبة «وكلاء وموزعى ومستوردى السيارات» قائلة: هل الـ1200 جنيه الحد الأدنى تشمل التأمينات أم لا؟، موضحة أن هذه هى المشكلة الحقيقية التى تواجه تطبيق الحد الأدنى فى القطاع الخاص، حيث إن التأمينات التى يتحملها كل من العامل بواقع14 ٪ وصاحب العمل بواقع26 ٪ لتصل إلى40 ٪ أن إجمالى الراتب أى بما يوازى 480 جنيها شهريا من مبلغ الحد الأدنى وهو 1200 جنيه تظلم العامل ولا تحقق له العدالة الاجتماعية المستهدفة لأنه لن يتبقى له من الأجر سوى 720 جنيها فقط.
 
وأوضحت أنه اذا شمل الحد الأدنى مبلغ التأمينات عندها ستنتهى مشكلة الحد الأدنى مع القطاع الخاص، مشيرة إلى أن عدم اتخاذ خطوات حاسمة وسريعة تجاه هذه المسألة سيؤدى الى عزوف الشركات عن توظيف عمالة جديدة بما سيعمق مشكلة البطالة فى مصر سواء على مستوى قطاع السيارات أو غيره من القطاعات العاملة بالسوق المحلية.
 
∎ الزيادة !
 
وتوقعت الخبيرة الاقتصادية نيمن الحماقى - رئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس - أن تشهد الأسعار ارتفاعاً بشكل كبير، مع بدء تطبيق الحد الأدنى للأجور على مرتبات شهر يناير الحالى.
 
وقالت إنه كان يتعين على الحكومة عند تطبيق الحد الأدنى، أن تقوم بربط ذلك مع نسب النمو، وكلما تحققت نتائج إيجابية يتم رفع المرتبات بناءً عليها، منوهة إلى أن رفع المرتبات سيرفع الطلب على السلع، أكثر ماهو معروض فى السوق.
 
وأضافت أن التجارب السابقة أثبتت أن زيادة المرتبات يؤدى إلى زيادة فى الأسعار بشكل متواز، نتيجة عدم ربط ذلك بنسب النمو المحققة.
 
وتابعت أن الأجور فى مصر مشكلة زمنية، وكان فى الماضى لا يتم ربط الأجر بالتضخم، وبسلة الغذاء مما أدى إلى حدوث مشكلة فى نظام الأجور، وعدم كفاية ما يتقاضاه العديد من العمال والموظفين فى توفير كل احتياجاته، ولكن كان على الحكومة ألا تعالج ذلك بالصدمة وتأخذ قرارات انفعالية، وتقوم برفع المرتبات الضعفين، حيث كان يجب تدرج زيادة الأجر بالتوازى مع نسب النمو، حيث من المتوقع أن يؤدى الحد الأدنى إلى آثار سلبية بشكل أكبر فى منظومة الأسعار ورفع التضخم، وحدوث زيادات بشكل غير مسبوق، ومواجهة المواطن والذى طبق عليه الحد الأدنى فى توفير احتياجاته.
 
محذرة فقط من خطورة تأثيره على ارتفاع معدلات البطالة، مؤكدة أنه لو لم تقابل هذه الزيادة فى الأجر بزيادة فى إنتاجية العامل تتناسب معها، فمن المؤكد أن أصحاب الأعمال سيضطرون إلى تسريح عمالة كثيرة لتوفير هذه النفقات مما يسهم فى زيادة البطالة.
 
وأضافت الحماقى أن الأجور فى القطاع الخاص تخضع للعرض والطلب، ومن ثم فإن قرار إلزام القطاع الخاص بتطبيق الحد الأدنى لم يراع معايير العدالة بين العمال.