الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أسرار وضع أجهزة التنصت داخل مكتب النائب العام

أسرار وضع أجهزة التنصت  داخل مكتب النائب العام
أسرار وضع أجهزة التنصت داخل مكتب النائب العام


بعد أن تم مؤخرا اكتشاف أجهزة تسجيل وكاميرات مراقبة سرية، قد تم تركيبها داخل مكتبى النائب العام والنائب العام المساعد بشكل سرى، خلال فترة تولى المستشار طلعت عبدالله لمنصب النائب العام لتقوم بتصوير وتسجيل جميع ما يدور داخل المكتبين من حوارات ومقابلات بصورة سرية ودون علم من يقومون بالدخول والخروج من المكتبين، قرر مجلس القضاء الأعلى ندب أحد مستشارى محكمة الاستئناف، كقاض للتحقيق مع المستشار طلعت عبدالله النائب العام الأسبق والمستشار حسن ياسين النائب العام المساعد السابق والمستشار أيمن الوردانى المحامى العام الأول لنيابة استئناف طنطا السابق، فى البلاغ المقدم ضدهم بشأن وجود «أجهزة تنصت وكاميرات مراقبة» بمكتبى النائب العام والنائب العام المساعد.
 
وجاء قرار مجلس القضاء الأعلى بهذا الشأن فى ضوء بلاغ تلقاه المجلس يفيد وجود تلك الأجهزة على نحو مخالف للقانون، حيث طالب البلاغ بالتحقيق فى شأن السماح بوجود تلك الأجهزة على هذا النحو، وتحديد من قرر تركيب تلك الأجهزة، ومدى مسئوليته القانونية عنها، وعن عمليات التصوير والتسجيل السرية التى كانت تجرى داخل المكتبين.
 
∎من اسطنبول للقاهرة
 
وكانت التحقيقات التى تباشرها النيابة العامة، والأجهزة الأمنية قد توصلت إلى أن وراء زرع كاميرات التجسس شركة خاصة تابعة لأحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، والتى تمكنت من اختراق العديد من أجهزة الدولة، خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، وتمكنت من السيطرة على العديد من المواقع الحيوية المهمة فى الدولة، من خلال زرع أجهزة تنصت حساسة ومتطورة على أغلب مؤسسات الدولة الحساسة التى كان يتردد عليها قيادات جماعة الإخوان، من بينهم محمد البلتاجى الذى كان يتردد على هيئة الرقابة الإدارية بشكل يومى، ويطلع على مستندات مهمة تخص رموز نظام مبارك، وعدد من الشخصيات المهمة فى الدولة، بل وتمكن البلتاجى من الحصول على الكثير من الوثائق والمستندات المهمة من مختلف الأجهزة الرقابية فى الدولة، على رأسها الرقابة الإدارية، والنيابة العامة خلال تولى المستشار طلعت عبد الله مسئوليتها، وكذلك بعض الأجهزة الحساسة داخل وزارة الداخلية، مثل الأمن الوطنى الذى ثبت تجسس أحد قياداته لصالح جماعة الإخوان المسلمين بالتواطؤ مع خيرت الشاطر، رجل الجماعة الأول، ورجحت المصادر الأمنية أن تكون جميع الأجهزة التى اعتمد عليها أنصار جماعة الإخوان فى التجسس على مؤسسات الدولة على مدار عام كامل قادمة من إسطنبول، وأن هناك أفرعاً لتلك الأجهزة تم تركيبها فى صالونات الاجتماعات الخاصة بمرسى، والتى نقلت إلى مكتب الإرشاد تفاصيل لقاءات مرسى بما فيها لقاءاته السرية مع قيادات الدولة العسكرية والمدنية، من أجل السيطرة على مفاصل الدولة، وإحكام مخطط الأخونة الذى كانت الجماعة تتبناه بشكل واضح مهما كانت النتائج.
 
وقال المستشار رواد حما، المتحدث باسم اللجنة الدائمة للدفاع عن القضاة وأعضاء النيابة العامة، إن قرار مجلس القضاء الأعلى بانتداب قاضٍ للتحقيق مع النائب العام الأسبق طلعت عبدالله سيتم وفق القانون، بحيث يفحص قاضى التحقيق الذى سيتم انتدابه البلاغ، وسيطلب تقرير الجهات الفنية وتحريات الجهات السيادية حول الواقعة، حتى يتبين له مدى مسئوليته عن الجريمة، مؤكداً أن تقارير الجهات الفنية سوف تحدد الوقت الذى تم فيه تركيب الكاميرات وأجهزة التنصت، وكيفية نقل ما تقوم بتسجيله من مقاطع صوت وصورة.
 
∎تجسس أم حسن نية
 
وأشار المتحدث باسم اللجنة الدائمة للدفاع عن القضاة وأعضاء النيابة العامة، أن تحريات الجهات السيادية سوف تكشف من الذى أصدر أوامر تركيب الكاميرات، سواء كان المستشار طلعت عبدالله، أو أى جهة أخرى، وهل كان ذلك بحسن نية بمعنى أن التسجيلات لم تتحرك من دار القضاء العالى، وهنا لن تكون عليه أدنى مسئولية جنائية، أما إن ثبت العكس وأنه تم تركيبها فى سرية تامة للتنصت على ما يدور بمكتب النائب العام بعد رحيله، هنا قد يكون عقابا بالسجن لمدة لا تقل عن عام بتهمة التنصت دون إذن صاحب الشأن، أما إذا ثبت أن تلك التسجيلات خرجت من دار القضاء العالى، وذهبت إلى جهات أخرى سواء كانت مصرية أم أجنبية ستكون هناك عقوبة تصل إلى عقوبة التجسس.
 
وتابع أنه يتوقع أن أجهزة التنصت تم تركيبها داخل مكتب النائب العام قبل رحيل المستشار طلعت عبدالله بأيام، بالتزامن مع تهديد أعضاء النيابة العامة باقتحام مكتبه لطرده قبل حكم دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض ببطلان تعيينه، حيث صرح المستشار مصطفى دويدار، المتحدث باسم النيابة العامة، بأنه سيتم تركيب كاميرات مراقبة فى الطرقات الرئيسية لمكتب النائب العام، مشيراً إلى أن تركيب أجهزة التنصت فى نفس التوقيت لن يلفت انتباه أحد من العاملين بالنيابة العامة.
 
وأكد المستشار رواد حما أن المستشار طلعت عبدالله كان على علم بتركيب كاميرات تجسس فى مكتبه، لصالح جماعة الإخوان، وأضاف أن هناك كاميرات وضعت على باب مكتب المستشار طلعت إبراهيم، قبل ترك منصبه بشهر ونصف، موضحًا أن فى ذلك التوقيت تم تركيب أجهزة تجسس بمكتب النائب العام، وقد تم تسجيل كل محادثات المحكمة الدستورية العليا، والتى سجلت قرار المحكمة بحل مجلس الشورى الإخوانى.
 
∎جريمة أخلاقية
 
وكشف لنا المستشار رفعت السيد الرئيس السابق لمحكمة استئناف القاهرة عن سبب وضع المستشار طلعت إبراهيم النائب العام السابق كاميرات مراقبة وأجهزة تنصت داخل مكتبه، وقال أنه بعد الاعتداء على النائب العام داخل مكتبه طلبت أجهزة سيادية منه وضع أجهزة مراقبة لحمايته من أى اعتداء.
 
وأضاف السيد أن واقعة وضع أجهزة تنصت دون علم السلطات العامة جريمة فى قانون العقوبات، مشيرا إلى أنها جريمة أخلاقية أيضا لأنها انتهاك لحرية الفرد.
 
وأكد السيد أن طلعت إبراهيم لم يستجب لمطالب القضاة وسعى إلى خدمة مصالح جماعة الإخوان المسلمين، وقرر مجلس القضاء الأعلى ندب أحد مستشارى محكمة الاستئناف، كقاض للتحقيق مع المستشار طلعت عبدالله النائب العام الأسبق والمستشار حسن ياسين النائب العام المساعد السابق والمستشار أيمن الوردانى المحامى العام الأول لنيابة استئناف طنطا السابق، فى البلاغ المقدم بشأن وجود «أجهزة تنصت وكاميرات مراقبة» بمكتبى النائب العام والنائب العام المساعد، والتى كان قد تم تركيبها بالمكتبين خلال فترة تولى المستشار طلعت عبدالله لمنصب النائب العام واصفا إياه بالقرار الصائب.
 
من جانبه، أكد اللواء عبدالرحيم سيد، الخبير الأمنى، أن جماعة الإخوان كان لديها توجس طوال وقت حكمها للبلاد من جميع الأشخاص، سواء كانوا مؤيدين أو معارضين، موضحاً أنهم دائما ما كانوا يشعرون بالمؤامرة، لذا قاموا بزرع أجهزة التنصت فى جميع الأماكن الحساسة بالدولة، وأضاف أن الرئيس المعزول محمد مرسى استعان بجهاز معلومات «استخبارات»، يساعده فى جمع المعلومات لشعور الجماعة دائما بالمؤامرة عليها لإسقاطها من حكم مصر، بعضهم من الذين ينتمون إلى الأجهزة الاستخباراتية من متسلقى السلطة، حيث إن التعامل مع أجهزة التنصت يحتاج إلى أحد يستطيع التعامل معها، ويكون مدربا على كيفية تشغيلها، مضيفاً أن بعض الأشخاص من جهاز أمن الدولة السابق حاولوا أن يتوصلوا لمساعدتهم للتقرب منهم، مقابل نقل خبراتهم لهم للاستفادة منهم فى السلطة.
 
وأوضح عبدالرحيم أن أجهزة التنصت فى بدايات عهد محمد حسنى مبارك، الرئيس المخلوع، كان يصعب على أى شخص جلبها ما عدا الأجهزة الاستخباراتية، أما فى الوقت الحالى فقد انتشرت، ومن الممكن لأى شخص جلبها نظراً لتهريبها بسهولة، خاصة بعد تصنيع دولة الصين بعض أجهزة التنصت، وأيضاً لسهولة التدريب عليها.