القتلة
هيام هداية
دراما جماعة الإخوان المسلمين تستمر حتى اللحظات الأخيرة من إسدال الستار على تاريخ هذه الجماعة، التى تطابق المشهد الأخير منها أثناء فض الاعتصام فى رابعة العدوية بالمشهد الأخير من فيلم «الإرهاب والكباب»، حيث هروب قيادات الجماعة - وعلى رأسهم الدكتور محمد البلتاجى، وعصام العريان، وصفوت حجازى، وصلاح سلطان، بينما لم يستدل على مكان المرشد محمد بديع - عقب قيام قوات الأمن بمحاولة فض اعتصام رابعة العدوية متخفين بالخروج ضمن بعض المعتصمين السلميين والذين منهم من خرج حاملا مروحة والآخر طفلته الصغيرة.
بعد أن استغلت قيادات تلك الجماعة جهل هؤلاء المريدين والأنصار والخطاب فيهم من أعلى المنصات ومن خلفها نهارا ووصله ليلا بالجهاد والشرعية ووهمهم بأن مرسى سيعود إلى الحكم بالرغم من أن جميع القيادات كانوا على يقين بأن عودة «مرسى» مستحيلة والتأكيد لهم أن اعتصامهم هو اعتكاف فى سبيل الله وجهاد فى سبيل الشرعية وإذا جاءهم الموت فلا يخشونه لأنه سيكون شهادة وإن كنت أحتسبهم عند الله كذلك.
إنما كان لهذا الخطاب المزدوج وجه آخر لدى قيادات الجماعة وهو حماية أنفسهم بين وجوه بائسة وعقول تائهة وجموع خلطوا لديها مبادئ الدين بالسياسة وشباب دفعوه فكريا إلى الصفوف الأولى وأمرهم بالاشتباك مع قوات الأمن دون أن يتواجدوا معهم على خط النار إنما انسحبوا هم فى خلسة ليتخلفوا عن الصفوف، بل ليتواروا عن الأنظار وبعد أن يقتل من يقتل يعودوا للمتاجرة بدمائه إعلاميا محليا ودوليا.
لذلك تتعلق دماء هؤلاء جميعا من ضباط الشرطة ومعتصمين ونساء وأطفال فى رقبة هؤلاء القيادات خاصة بعد أن تزايدت أعداد الوفيات كما أعلن المتحدث الرسمى لوزارة الصحة المصرية الدكتور محمد فتح الله، عن ارتفاع حصيلة الاشتباكات التى حدثت نتيجة فض اعتصامى رابعة والنهضة بالقاهرة والمحافظات إلى 525 حالة وفاة، و3717 إصابة، مشيرًا إلى خروج 319 من المصابين من المستشفيات بعد تلقيهم العلاج وتحسن حالتهم، بينما يتبقى 2790 آخرون تحت العلاج والملاحظة.
وأوضح أن عدد الوفيات بميدان رابعة بلغ 202 حالة وفاة، بينما بلغ عدد حالات الوفاة بميدان النهضة 87 حالة، وفى حلوان 29 حالة وفاة، و207 حالات وفاة بباقى المحافظات. وهذا بالإضافة إلى أعداد مصابى وقتلى الأيام التالية لفض الاعتصام.
وهؤلاء هم قادة الخراب:
محمد بديع.. مرشد الفتنة
فى زيارات خاطفة لاعتصام رابعة كان يظهر المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين التى وصلت إلى مرتين تقريبا كان وقتها على قائمة المطلوبين للعدالة من الجهات الأمنية لاتهامه بالتحريض على القتل وإثارة الفتنة خاصة فى أحداث اشتباكات مكتب الإرشاد بالمقطم والحرس الجمهورى، وذلك من خلال رسائله الأسبوعية التى كان يحث بها مريديه على الصمود والتزام الأوامر.
وكان من أهم أخطائه التى تسببت فى إثارة الأزمات هجومه على الجيش المصرى عندما وصف قياداته بالفاسدة.. مضيفا أنها تحتاج إلى قيادات أخرى رشيدة، وكذلك هجومه من أعلى منصة رابعة على القوى المعارضة التى وصفها فى إحدى رسالاته الأسبوعية بأنها كافرة وكارهة للمشروع الإسلامى، وحرض على العنف من أعلى منصة رابعة العدوية مع التصريح باستخدام الفوضى فى جميع محافظات مصر بعد عزل الرئيس مرسى للضغط من أجل عودته.
البلتاجى.. قائد التنظيم الخاص
جملة من التصريحات المستفزة على لسان القيادى الإخوانى محمد البلتاجى لإثارة مشاعر المعتصمين برابعة منها إعلانه عن استقلال سيناء عن جمهورية مصر العربية ومواجهة قوات الجيش فى كل المحافظات، كذلك تصريحه بأن المخابرات الحربية المصرية هى من تقود الأزمات الآن فى مصر وهى المتسبب فى العنف السائد فى البلاد الآن.
ليس هذا فحسب، بل ذهب لأبعد من ذلك وأعلن «أن المخابرات الحربية هى من تدعم وتغذى الإرهاب على أرض سيناء وتحاول أن تلصق ما تفعله بالإسلاميين».
كذلك فى كلمته على المنصة الرئيسة باعتصام رابعة العدوية، عقب عزل الدكتور مرسى بأن الرئيس محمد مرسى مختطف ولا يستطيع أحد الوصول إليه سواء من أسرته أو طبيبه الخاص أو محاميه.
كما قال إن جماعة الإخوان المسلمين ستكافئ معتصمى رابعة مكافأة كبيرة عندما تعود جماعة الإخوان للسلطة وحكم مصر مرة أخرى، وأضاف بأن حساب من سماهم «بالخونة» سيكون عسيراً.
وكان أيضا من تصريحاته أن العمليات ضد المسيحيين ستبدأ الآن وأن ما يحدث فى سيناء سيتوقف فى نفس اللحظة الذى يعلن فيها السيسى «عودة الشرعية».
إنما ما يعكس تناقض مواقفه هو تصريحه الشهير وقت رئاسة الدكتور مرسى بضرورة الضرب على المتظاهرين بيد من حديد وعلى من يقطع الطريق أو يعطل المصالح، فهل سيستمر هذا القيادى الآن بالمطالبة بذلك على من يقطع الطريق؟!
البلتاجى هو شخص مطلوب من العدالة بعد صدور عشرات أوامر ضبط وإحضار لهذه القيادة، بل صدرت ضده قرارات بالحبس الاحتياطى لمدة خمسة عشر يوما لأكثر من مرة، على خلفية أحداث الحرس الجمهورى والاتهام بالتحريض على خطف ضابط وأمين شرطة وتعذيبهم، إضافة إلى أحداث طريق النصر والاشتباكات التى دعا إليها البلتاجى بعد خطبة حماسية أخيرة كان قد ألقاها على مؤيدى الجماعة حيث ظهر القيادى الإخوانى محمد البلتاجى على الهواء من أحد مراكز العلاج بعد أن تضاربت الأنباء حول اعتقاله، وخاطب الجيش والأمن المصريين قائلاً: «يجب أن تخلعوا الزى الرسمى والبدلة العسكرية، لأنكم فقدتم الواجب الوطنى والأخلاقى والقيم الإنسانية».
ووصف ما حدث فى ميدان رابعة والنهضة بأنه «مجزرة بحق أبناء الشعب المصرى قامت بها القوات المسلحة». وأكد أن السيسى سيحاكم أمام التاريخ، لأنه استعمل الرصاص الحى فى فض الاعتصامات السلمية، وحذر من جر مصر إلى الحرب الأهلية كما يحصل فى سوريا.
صفوت حجازى.. المتلون
لا يتحدث إلا ليحرض على جريمة.. فقد قام بتحريض معتصمى رابعة على القتل والعنف، عندما دعا إلى جمعة النصر للجماعة وحث فيها أنصاره على الصمود والثبات، كما وجّه صفوت حجازى، الداعية الإسلامى، رسالة إلى وزارة الداخلية، قائلا: «سنكسركم ثانيةً كما انكسرتم فى 28 يناير، ولا نسيتوا أمن الدولة الذين دخلوا الجحور وحوكموا ولكنهم حصلوا على براءة الآن».
وكان قد أصدر الداعية الإسلامى الدكتور صفوت حجازى القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، فى رمضان فتوى للمتظاهرات اللاتى خرجن فى المسيرات المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسى، بجواز الإفطار فى نهار رمضان. مضيفا «إنهم مستعدون لتقديم شهيدات أخريات للوصول إلى هدفهم، وهو عودة الرئيس المعزول محمد مرسى».
وكان من أهم المطالب التى أعلنها الدكتور صفوت حجازى عودة الرئيس المعزول محمد مرسى، وعودة مجلس الشورى، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وعمل لجنة للمصالحة الوطنية.
وأكد «حجازى» خلال كلمته فى «جمعة الفرقان» من أعلى منصة رابعة العدوية أن تحالف دعم الشرعية قرر تنظيم مليونيات عديدة. واختتم كلمته بالدعاء على الفريق أول عبد الفتاح السيسى لمدة ما يقرب من ربع ساعة حيث قال: «اللهم عليك بالسيسى ومن أعوانه اللهم عليك بقيادات السيسى الانقلابيين اللهم عليك بمن ينزلون لمساندة السيسى اللهم جمد الدماء فى عروقه».
إلا أن من أخطر تصريحاته أنه من دعا إلى تشكيل الجيش الحر داخل مقر اعتصام رابعة العدوية، بعد أن قام بتوزيع زى الجيش على بعض أعضاء ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين. وكان قد دعا حجازى إلى اقتحام دار الدفاع الجوى ووزارة الدفاع، وألقى كلمة وسط حشود من أنصار جماعة الإخوان قبل الاشتباكات بساعات منها «لن نخرج من الميدان خوفا من الاعتقال.. لكن طمعا فى الشهادة وانتظارا للشهادة فى سبيل الله فى هذا الميدان» مدعيا أن «الدكتور مرسى، الرئيس المعزول، إما فى دار الحرس الجمهورى أو فى وزارة الدفاع وسنخرجه وستكون هناك خطوات تصعيدية ضخمة لا يتخيلها أحد ولا أستطيع أن أفصح عنها وسيخرج الرئيس مرسى ليعود إلى قصره وسيكون هو رئيس الجمهورية».
كما أنه أكد من فوق منصة اعتصام رابعة العدوية «إحنا لا نتحمل مسؤولية الدم.. إحنا مواطنين متظاهرين سلميين جالسين ما بنؤذيش حد.. إيه اللى بيخليهم ييجوا يهاجمونا.. هم الذين يتحملون الدماء.. ليس نحن».
عصام العريان.. المتخبط
تصريحات لا تنتهى تنتمى إلى القيادى الإخوانى الدكتور عصام العريان التى كان الأخير منها أن قارن بين أصحاب النبى محمد وبين المعتصمين من أنصار الرئيس المعزول بميدانى رابعة العدوية والنهضة، وقال إن أصحاب الرسول عاشوا 3 سنوات تحت حصار الكفار، دون طعام أو ماء، فى إشارة إلى حصار الكفار للمسلمين فى شعاب مكة.
بينما وصف قيام قوات الأمن بفض اعتصامى رابعة العدوية ونهضة مصر، بـ «الإجرام» قائلا: «إرادة المعتصمين ستبقى حرة مهما سقط مئات الشهداء».
وقال العريان عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى عن يوم فض الاعتصام «معركة حقيقية غير متكافئة بين عزل لا يملكون شيئًا يدفعون به عن أنفسهم، وجيش من البوليس تدعمه قوات وطائرات تحلق فوقنا، سيسقط مئات الشهداء وسيندحر الهجوم، وتبقى إرادتنا حرة لن تنكسر أبدًا تحت جنازير المدرعات، لنحيا أحرارَا فى وطن حر»، وأضاف القيادى بالإخوان المسلمين، إنه لابد من إسقاط الانقلاب لكى نحيا فى حرية وعدالة وكرامة، وفى وطن حر مستقل.
متابعاً «ولكى تكون مصر قوية عظيمة، لكى نرفع راية الإسلام الوسطى، لكى نسترد دستورنا الرائع العظيم، لكى نحقق الأصالة والفضيلة.
وكان العريان هو من دعا إلى الاحتشاد أمام مقر دار الحرس الجمهورى والاعتصام هناك، وقوله إنه «لا حصانة للقوات المسلحة بعد الانقلاب» مما دفع الصفحة الرسمية للمتحدث العسكرى عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» للرد عليه بأن ما قاله هو تحريض مباشر صادر عن شخص يفتقر لأقل معايير الحس الوطنى، كما طالب بالاستقواء بالخارج عندما تم عزل الرئيس مرسى فى توجيه رسالة للغرب قال فيها «هذا نتيجة صمتكم وتأييدكم لانقلاب فاشى دموى، داعيا إياهم إلى الاعتراف كذبا بأن ما حدث فى مصر بعد 30 يونيو انقلاب عسكرى ودموى على الشرعية» مضيفا «سقطت أوراق التوت عن أنصار حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، صمت القبور لن يغسل عاركم، وكلام المجاملة يفضحكم»، كما قام بتوجيه نداء إلى زوجات ضباط الشرطة وعائلاتهم، يطالبهن فيها بمخاطبة أزواجهن لوقف إطلاق النيران على معتصمى رابعة العدوية.
عاصم عبد الماجد.. الإرهابى
القيادى بالجماعة الإسلامية الذى كان وجها صريحا فى التحريض على العنف باعتصام رابعة العدوية ومن قبلها تعود سوابقه إلى دعوة الشباب إلى تطهير القضاء المصرى عن طريق حصار القضاة ومحاصرة المحاكم، بل منازلهم أيضا كما كانت دعوته الأشهر وهى حملة تجرد التى أطلقها متحديا حركة تمرد التى سبقت 30 يونيو.. والتى كانت من ضمن رسائله فيها لإثارة الخوف والرهبة لمعارضيه ومن كان يفكر فى النزول 30 يونيه قوله «إن الصعيد قادم وهو غاضب وسنأتيكم بـ100 ألف رجل، الرجل منهم بـ100 ألف رجل، وهؤلاء الكلاب الذين قالوا سنمنع اللحية والحجاب الراجل منكم يوم 30 يمد إيده».
ومهددا أيضا بالخروج فى ثورة إسلامية تكون هى البداية لإقامة الدولة الإسلامية - وفقا لمفهومهم - وكان ذلك له أثر كبير فى خداع الكثير ممن لايزالون يصدقون من يتحدث باسم الدين وحكمه، وقال محرضا «فى حال سقوط شرعية الرئيس محمد مرسى سيتم الإعلان عن شرعية إسلامية خالصة، بايعونى على ألا نفر، ولن نفر وعلى السمع والطاعة فى المنشط والمكره، بينما دوره فى رابعة من أعلى المنصة كان عبد الماجد. قد زعم أن الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز وصف ما حدث فى مصر بأنه انقلاب عسكرى، وأنه أبدى رضاه عنه، ما يشير إلى من كان وراء ذلك الانقلاب، على حد قوله، وأضاف عبدالماجد، أثناء كلمته من منصة رابعة العدوية، أن إسرائيل دفعت الأموال فى الداخل من أجل هذا الانقلاب بعدما سطعت شمس الإسلام وارتفع سهم الدكتور محمد مرسى فى طريقه إلى النهضة دائما ما يجدد دعواته إلى الجهاد، زاعما أن ما يحدث حاليا هوحرب صليبية على الإسلام، ومدعيا أن هدفهم الأول هو نصرة الدين.
محمود عزت ..داهية الجماعة
النائب الثانى لمرشد الإخوان المسلمين، ولكنه الأخطر بل الأقوى داخل الجماعة. اختفى عقب عزل مرسى ولم يتواجد حتى فى اعتصام الجماعة برابعة، إلا أن تقريرا خطيرا كان قد بثه موقع إخبارى اسرائيلى قال فيه عن محمود عزت : «عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين فى مصر تمكنوا من الهرب والإقامة بقطاع غزة، وأنه من بين هذه القيادات نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الذى يقيم بفندق بيتش هوتيل».
وفى تحليل مبسط لهذه النهاية المروعة لجماعة الإخوان المسلمين يتحدث الدكتور كمال الهلباوى القيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين أن قيادات الجماعة هى من أفسدت مسارها وعجلت بنهايتها، حيث تبنيها لمبادئ اختلفت كثيرا عن التى تحدث عنها الإمام حسن البنا وخاصة فيما عرف بثقافة عاصم عبد الماجد وأمثاله التى تنتهج العنف كسبيل فى تحقيق أهدافها، مؤكدا أن الجماعة أصبحت خليطا من الجهاديين والتكفيريين أساءوا لتاريخ الجماعة ولصورة الإسلام.. وكان لابد أن تكون هذه النهاية التى هرب فيها من هرب من قيادات الجماعة فى ملابس النساء، بينما قتل المغرر بهم فى سبيل الشرعية، أملا فى الشهادة فى سبيل الله التى وعدهم بها قيادات الجماعة بينما لم ينتظروا هم لينالوها أيضا.
كانت هذه هى نهاية الجماعة التى لم يصادف مقتل أحد قادتها - فى سبيل الشهادة - بينما قتل معظم قواعدها فى سبيل وهم الشرعية، ولكننا نحتسب الجميع شهداء عند الله.؟