الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

تاد وفنه الجميل

فى لوحاته يتوحد الإنسان مع مظاهر الطبيعة وبها يكتمل، فتحيط الأهلة بالوجوه الباسمة وتحلق الطيور فى أنحاء لوحاته فتعطى إحساسا بالحركة والحيوية. ودائما هناك طائر يتحرر من سربه فيمضى فى اتجاه آخر قوس ضوء فتكتسب اللوحة بعدًا أكثر طموحا وعُمقا.



 

وفى المعرض الذى ضم 86 لوحة من أعماله الفنية احتفلت نقابة التشكيليين بالفنان تاد وفنه الجميل، وازدانت قاعة العرض فيها برسوماته وخطوطه وألوانه، وتاد من أبرز رسامى مجلة صباح الخير التى التحق بالعمل بها منذ عام 1966، كما رسم العديد من رسوماته الصحفية فى مجلة روزاليوسف.

فى لوحات «تاد» يبدو الإنسان قويا يحمل قدره على كاهله، يقاربه بمحبة رغم المشقة، ويمضى به إلى أفق المحاولة، فتعانقه سماء اصطبغت بألوان بهيجة مشرقة، حيث لا يشكل الغروب سوى لحظة تعقبها ساعات الشروق والسطوع والدفء.

على مساحة واسعة من لوحاته تتأمل النخيل بأعذاقه الممتلئة بالرطب، والشمس وهى تطل من عليائها على إنسان ينتظرها ويحبها حيث تنفتح بوابات الأمل على وجه طائر يبدو كرمز للمرأة ومعادل لها إذ يتجاوران فى لوحاته، ويلتقيان وجها لوجه فتبدو المرأة والطائر أكثر ارتباطا بالحركة والتدفق والحيوية فتتحول أناملها إلى وريقات أشجار، وكعباها إلى بجعات تنفض أجنحتها على سطح الماء، وترقص رقصا مبهجا بينما يتلون الأفق فى لوحاته بألوان الشفق التى تتوزع كسحابات ملونة تبعث على الشعور بالدفء.

لوحات دفقات حنين تعطيه مفرداته الفنية بسخاء حيث الأبنية تتحول إلى أقواس وحنيات وأقبية ومنحنيات ناعمة، وتتحول النوافذ إلى عيون وشموس.

فى لوحاته تتجلى الحياة مشاركة ولحظات عناق، وأيد تشد على أيد، وأعين فى مناجاة طويلة كلحن من ضوء بألوان تتدرج كالظلال، ومن خلال تقنيات فنية حرة تتشكل على الوجوه أهلة، وأوراق أشجار، وقلوب بيضاء.

إنسانة فى اللوحات يخاطب مظاهر الوجود منفعلا ومبتهجا على نحو يبعث على الأمل فى غد جديد يجسده الفنان متمثلا فى أذرع أشعة الشمس الممتدة الحانية إنسانة فى لوحاته فى داخله عمقه التاريخى، وتراثه وأهراماته حيث يتحول الوجد نفسه إلى أشكال هرمية تبعث على التأمل. والإيمان بالذات.

وإذ تهيمن الحركة على خطوط لوحاته يسيطر إنسانه على مظاهر الوجود فيكون الطير فى طاعته، وعلى امتداد ذراعيه كأجنحة تحلق.. لقد تأمل تاد مظاهر الحياة اليومية المصرية وصورها برشيته وألوانه فوصف بالرسم يوميات المواطن البسيط فترى الشربتلى، وبائع غزل البنات، وصبى القهوجى، وتكاد تسمع أغنيات المقاهى، ونشيش المغلاة، وملاعق تذوَّب السكر، وأعواد النعناع وهى ترقص رقصتها الأثيرة فى أكواب الشاى..

ويعد هذا المعرض رقم (11)، والذى جمعت فيه زوجته جيهان سلامة نحو 86 لوحة للفنان تاد ضمت رسومه الصحفية وتلك التى نشرت فى «صباح الخير» مصاحبة لباب «أنا والحياة» لزينب صادق، وباب «نادى القلوب الوحيدة»، الذى كان يهتم برسائل القراء ومشاركتهم، وقد استمر هذا الباب فترة طويلة، وكان من أوائل الأبواب الصحفية الناجحة التى اهتمت بالمشاكل العاطفية، وكان يقوم بالرد على رسائل القراء الروائية المبدعة زينب صادق، والروائى المبدع صبرى موسى.

وقد أسهمت ببعض كتاباتى الشعرية والنثرية فى هذا الباب، وكانت دائما لوحات تاد هى المفتاح السحرى للدخول إليه، تبهج العين، وتجتذب القارئ.

ليظل تاد فنانا له طابعه الخاص، ورسومه المميزة التى تتعرف عليها من أول وهلة، تتأمل دقائقها، ومنمنماتها، وأسرارها ثم تهتف من قلبك.. تاد.