الثلاثاء 27 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لبني ومحمد في تاكسي الغرام

فى بداية التسعينيات بدأت عملى بوسط القاهرة، ولأنه كان يتطلب منى مجهودًا كبيرًا طوال اليوم، اتخذت قرارًا بأن أستأجر «تاكسى»، يحضر عم محمود يوميًا فى الثامنة صباحًا ليوصلنى مكان عملى، ويذهب ليواصل عمله كسائق تاكسى، ثم يعود ليرجعنى إلى المنزل فى الموعد المتفق عليه.



 

 وفى أحد الأيام نزلت كالعادة صباحًا لأفتح باب التاكسى فوجدت شخصًا شكله لم يكن غريبًا، أعتقد أنى رأيته من قبل، وبادرنى عم محمود: والله  يادكتورة قلتله إن معايا ناس بس قالى إنت تاكسى وفاضى لازم توصلنى لإنى مستعجل.

 توجهت له بابتسامة...لا أعلم لماذا ابتسمت ؟ يمكن لأنى الشكل ده رأيته فى منامى من قبل... هو ده حقيقى... أنا شفته فى فيلم خلى بالك من زوزو بس أكيد مش زى الفيلم بالضبط.. بس مش بس الحلم أنا متأكدة إنى أعرفه.. حاجات كتير فكرت فيها وأنا باركب فى المقعد الأمامى بجانب عم محمود وسألته هو حضرتك رايح فين؟

رد وقال: أنا رايح الإسعاف.

نظرت لعم محمود وقلت: بسيطة ياعم محمود ماهو إحنا برضه رايحين وسط البلد وهانعدى على الإسعاف، مافيش مانع.

وفجأة سألنى: إنتى مش فاكرانى؟ رديت وقلتله: لأ بس شكلك مش غريب عليّ.

قال: أنا محمد كنت معاكى فى الفصل طوال سنوات الابتدائى فى مدرسة ابن خلدون.

صرخت من المفاجأة: آآآآه محمد إزيك إنت كمان ساكن قريب من بيتنا فى العجوزة.

رد ووصف لى العنوان، لم تستمر مقابلات محمد فى تاكسى عم محمود أكثر من ثلاث مرات، بعدها زارنى فى مكتبى، وتقدم لخطبتى، واكتشفت إن عمله موفر له سيارة، وأنه اتخذ التاكسى حجة ليتعرف بى، بعد أن رشحنى له أحد الجيران، باعتبارى عروسة تليق به «وأليطة زيه»، وأنه قد عزم على الزواج بى، وكانت هذه خطة لمحاولة التقرُّب منى.

كانت والدتى تتعجب وتغضب أحيانا من رفضى لكل من يتقدم للزواج منى بطريقة الصالونات، لأنى كنت أحلم بأنه سيأتينى فارس أحلام، من أجل هذا ربما عندما رأيت «محمد»انشرح قلبى وضحكت.. وكأنه إشارة من عند الله أن هذا هو طريقى فى الحياة.. وكأنى كنت أعرفه من زمان.

صممنا أن أن نتزوج بجهدنا دون أن نكلف أهلنا مليما، وفكرنا بطريقة عملية، وبالفعل وجدنا شقة مناسبة فى منطقة فيصل، حتى هدايانا لبعض كانت تصلح لبيت الزوجية.

 الخطوبة كانت فى بيت أهلى، والزواج زفة بسيطة، حتى فستان الفرح كان هدية من الفنان محمد نجم، لصديقتى الأنتيم وزميلة الدراسة فى الكلية، ابنة عم محمد الأدندانى، الفنان النوبى الذى كان يمثل مسرحية وقتها فى بداية التسعينيات مع محمد نجم، وبعد أن تزوجت صديقتى لبست أنا الفستان، وكنت سعيدة كونه هدية فنان كبير لصديقتى.  

وتزوجنا، ولم نحسب ماذا عليه وماذا علىّ، وده اللى بيخلى الزواج يستمر ويعمر، واكتشفنا كم أننا متشابهان فى ميولنا وأفكارنا، حتى فى أصناف الأكل التى نفضلها، فيما عدا أنه يحب مشاهدة مباريات كرة القدم وأحب أنا المسلسلات الصينية، ورزقنا الله ابنا، أصبح الآن محاميًا وابنة تعمل مضيفة بشركة طيران.