الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نساء بدينات بقلوب شابة

يسير بثقه «دوق» بريطانى مُهندم الملبس، طويل القامة، لحيته «البيضاء» كقطعه اجتُزت من السحاب؛ دليلًا على خبرته بالحياة والفن أيضًا، يُكمل خطواته حتى يصل إلى مقعدهِ الوثير، يمد يده ليرتشف بضع قطرات من قهوته المُحلاة بسكر «الذكريات»، على أنغام صوت «الست» وهى تشدو برائعتها «أنت عمري»، لتجد نساءهُ الملونين داخل لوحاته؛ يتمايلن مع عذوبة نغماتها، « ممتلئ القوام» لكن قلوبهن أخف وزنًا من الريشة، يرقصن بسعادة، يمرحن هنا وهناك لا تحد حركاتهن «براويز» اللوحات السمكية، ينتقلن من حالة إلى أخرى كفيلم روائى طويل. يُنزل فنجان قهوته تاركًا به القليل، غير مُكترث لما يحدث خارج « قاعة» معرضه، ويهبط تتر نهاية جلسه «النوستاليجا» الخاص به بتوقيع ... مُصطفى رحمة.



بُوند دِيسينّيه    وتعنى فن «الكوميكس» بالفرنسية، وهى أحد أهم مراحله الفنية، حيث هاجر هو وغيره من «طيور الفن» الكبار إلى دولة «الإمارات» الشقيقة، مُصدرين رائعتهم مجلة «ماجد»، حيث ظهرت بها شخصية الفنان «هشام رحمة» ابنهُ العزيز، الملقب بيننا نحن معشر قراء المجلة بـ«كسلان» ومُغامراتهِ مع أخيه «نشيط» التى لا تنتهى أبدًا. تعلم من الكوميكس، كيف تكون خطوطه واثقة جريئة، ومبالغتهُ محكمة بأسلوبه الخاص. ساعده ذلك كثيرًا فى أعمالهِ التشكيلية، حيث اعتمد فيها على «تجريد» شُخوصه وصبغهم بصبغة تجمع بين فانتازيا «ألف ليلة وليلة» وعوالمها الغرائبية، وبين معرفته الموسعة بعوالم الفن التشكيلى ومدارسهُ المختلفة. كان ذلك هو «العصر الذهبي» لفن الكوميكس، أما الآن فعلى حد قوله أصبحت «صحافة الطفل» كاليتيم الذى يبحث عن من يعوله، فيتم التعامل مع مجلة الأطفال، كمشروع «استثمارى» يرى من يديرونها أنها أصبحت عبئًا على كواهلهم، وآن أوان تصفيتها. نسائى العزيزات.. شكرًا لا يخفى الفنان مصطفى رحمة تأثره بالفنان الكولومبى «فرناندو بوتيرو»، فى استخدامه لمبالغات «ممتلئ القوام» كاستايل خاص به، فأعجب «رحمة» بالفكرة وترجم أحاسيسه وحنينهُ للزمن القديم ورُقيه، بأجسام «نسائهِ»  المليئة بالأصالة والبهجة والتغنج، يعكس ذلك عمق نظرته؛ الذى يرى بها داخل أرواح من حوله؛ ليكتشف جمالهم ويسجله ممتزجًا بجماله الشخصى على لوحات « الكانفس» أو ألواح الـ «mdf» الخشبية. يلونهم بألوان «داخلهم»، فتظهر اللوحات بألوانها الصريحة الطازجة؛ حيث تُضىء شخوصه من داخلها كـ «الشموس» ؛ ولذلك يُحييهم دائمًا بتسجيل حالاتهم المختلفة فى أكثر من لوحة، كى يسعد بهم ومعهم، بذكريات زمن ذهبي؛ يذهب لزيارته أو بالأحرى «يهرب» له كلما تأزم زمنهُ الحالى وتقزم الفن فيه.