السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

جريمـة خداع مكتملـة الأركـان

جريمـة خداع مكتملـة الأركـان
جريمـة خداع مكتملـة الأركـان


ماذا يريد الوطن من علمائه؟ لا أقصد هنا العلماء الكبار الذين لم تتوافر لهم البيئة البحثية المناسبة داخل وطنهم فهجروها ليبنوا أمجادهم العلمية فى الخارج، حيث تتلقفهم الدول التى تقدر العلم ليكونوا شريكا أساسيا فى رفعتها، لكن السؤال تبادر إلى ذهنى عندما علمت باعتصام طلاب مدرسة العلوم والتكنولوجيا للفائقين منذ عشرة أيام، والتى أنشأتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع مؤسسة مصر الخير وبدعم ألمانى فى مدينة السادس من أكتوبر، والتى لحقتها بعد ذلك مدرسة العلوم والتكنولوجيا للفائقات كنموذج مماثل لها على أحد الربوات العالية بمنطقة زهراء المعادى، ولكنها هذه المرة بدعم من هيئة المعونة الأمريكية.
 
وسبب الاعتصام هو قرار من وزارة التعليم العالى بتحديد نسبة القبول للناجحين منهم فى الجامعات المصرية بنسبة 1٪، وهذه النسبة تتيح قبول طالبواحد من مدارس المتفوقين من بين كل ألف طالب من طلاب القسم العلمى الحاصلين على الثانوية العامة بنظامها العادى، مما يعنى أن طلاب وطالبات مدارس المتفوقين قد وقعوا فريسة جريمة خداع مكتملة الأركان، أبطالها هم المسئولون فى وزارة التربية والتعليم الذين أوهموهم بأن الجامعات سوف تتسابق عليهم ليستفيدوا من قدراتهم العلمية المذهلة ليكتشفوا بعدها وقبل عام واحد من تخرج البنين بأن فرصهم شبة معدومة فى الالتحاق بما يرغبون من كليات، تكاد لا ترتقى أبدا لفرص أقرانهم الذين يدرسون بالنظام العادى للثانوية العامة ويخضعون لسيطرة مكتب التنسيق.
 
وبخلاف قضية إتاحة الأماكن بالجامعات الحكومية، فهناك مشكلة جديدة تلوح فى الأفق بنهاية هذا العام الدراسى، حيث ستتخلى مؤسسة مصر الخير عن الإنفاق على إطعام الطلاب وتنقلاتهم وستكتفى فقط بتولى الإنفاق على إرسال الطلاب فى منح دراسية سواء داخل مصر أو خارجها، مما يعنى أن تلك المدرستين ستواجهما مشكلة التمويل عاجلا أم اجلا.
 
∎وعود زائفة
 
لمعرفة نظام الدراسة والمعوقات التى تقف حائلا أمام الطلاب فى تحقيق هدفهم، توجهنا إلى الطالب سعيد التهامى نائب رئيس اتحاد الطلاب بالمدرسة الذى يحكى فى بداية الأمر عن شروط الالتحاق بالمدرسة التى وصفها بالشروط الصارمة على حد قوله حيث لابد للمتقدم أن لايقل مجموعه فى الإعدادية عن 89٪، وأن يكون حاصلا فى مادتى العلوم والرياضيات على الدرجة النهائية، مع العلم أن تلك الشروط إذا توافرت لا تعنى أبدا القبول بالمدرسة، بل تعنى فقط أن الطالب الذى توافرت به هذه الشروط مؤهل لخوض امتحانات القبول التى تجريها المدرسة والتى على أساسها تختار مائة وخمسين طالبا من الذين اجتازوا امتحانات القبول بأعلى الدرجات، وبما أننا دفعتين بالمدرسة حتى الآن فمن المفترض أن يكون عددنا ثلاثمائة طالب، لكننا فى الحقيقة لايتجاوز المائتى وسبع وعشرين طالبا، فقد سحب أكثر من سبعين طالبا أوراقه من المدرسة بسبب أن ما وجدوه داخل المدرسة مخالف تماما لما قيل لهم قبل عامين، وعن نقاط الاختلاف بين الواقع وما كان مأمولا يقول سعيد: إن من أهم تلك النقاط هى المشكلة الخاصة بالأماكن المتاحة لنا فى الجامعات المصرية، وقد علقنا اعتصامنا مؤقتا هذه الأيام نتيجة تجديدهم للوعود التى طال انتظارها، ولكننا إذا شعرنا مرة أخرى بالمماطلة وعدم وجود نية للحل سوف نتخذ خطوات تصعيدية من أهمها الإضراب عن الطعام والاعتصام أمام باب الوزارة، وبخلاف ذلك فإن أول اجتماع لنا مع د. صفوت رضوان رئيس مجلس الإدارة السابق     أثناء تقديم أوراقنا للمدرسة قال فيه أن هناك اثنى عشر معملا مجهزا على أعلى مستوى، لكننا فوجئنا بعد دخولنا المدرسة بعدم وجود أى معامل مجهزة، وظللنا عاما كاملا بلا معامل حتى جهزوا لنا ستة معامل هذا العامندرس بها، أما الخديعة الكبرى فتكمن فى مستوى المعلمين أنفسهم، فالمعلمون الذين يجيدون التدريس عددهم يعد على أصابع اليد الواحدة، أما باقى المدرسين فضعاف جدا فى المادة العلمية، لدرجة أنه فى أحيان كثيرة يتفوق الطلبة على الأساتذة فى الشرح وحل بعض المسائل، حيث إنهم معتادون على نظام التعليم الثانوى العادى المعتمد على الحفظ والتلقين، بينما نحن ندرس بنظام يسمى (ستيم) أى التعلم بالبحث والاستقصاء، فنحن من نصنع كتبنا التى نذاكر منها بأنفسنا من خلال المعلومات التى نجمعها بأنفسنا عن موضوع معين عبر شبكة الإنترنت، كما أننا نقوم نهاية كل عام بعمل مشروع يضاهى مشاريع كليات الهندسة ويكون عليه 08٪ من الدرجات، وقد طلبنا مرارا وتكرارا إنهاء انتدابهم واستبدالهم بآخرين، فقيل لنا أن ذلك مستحيل لأنهم تم تعيينهم بعد مقابلات شخصية، أما المشكلة الأكبر فهى خاصة بالمنح الدراسية حيث وعدونابمنح دراسية كادت أن تذهب فى طى النسيان لولا تدخل مؤسسة مصر الخير وتخصيص إنفاقها فى جلب خمسة وخمسين منحة للطلبة بدلا من الإنفاق على الوجبات والمسائل الإدارية بالمؤسسة، على أن تكون خمسة منح فقط خارج مصر، والخمسون الباقية داخلها، لكن شروط الحصول على تلك المنح تعجيزية، فكيف يطلب مننا فى امتحان اللغة الإنجليزية أن نحصل على سبعة درجات على الأقل بينما طالب الدكتوراة فى أى جامعة يطلب منه الحصول على ست درجات فقط، وأيضا فى اختبار التويفل مطلوب مننا الحصول على خمسمائة وخمسين درجة بينما يطلب من طالب الدكتوراه خمسمائة درجة فقط.
 
∎حلول مطروحة
 
وبالانتقال إلى أستاذ محمد عبد المنعم مهينه عضو مجلس أمناء المدرسة وولى أمر أحد الطلاب والذى يقول: أملنا أن ترفع نسبة1٪ لقبول الجامعات إلى 5٪ على الأقل، فأبناؤنا متفوقون ومن حقهم أن يلتحقوا بالكلية التى يرغبون بها، وقد اقترحنا كمجلسأمناء أن يتم احتساب النسبة على عدد المقبولين بالكليات العلمية وليس على عدد الناجحين فى القسم العلمى بالثانوية العامة لكى تزيد النسبة، كل هذا حتى لا نصطدم بالقوانين واللوائح رغم أنهم وعدونا قبل الالتحاق بأن أبناءنا سوف تلتقطهم الكليات لتميزهم، كما وعدونا بتوقيع بروتوكولات وإرسالهم للطلاب للخارج فى منح دراسية لكننا اكتشفنا أن كل ذلك أصبح وهما، مع العلم أنهم لو استمروا فى خداعنا سنقيم عليهم دعاوى قانونية حتى نحصل على حقوق أبنائنا، فقد زار المدرسة مستر ريتش من هيئة المعونة الأمريكية ووصف الطلاب بأنهم جبابرة فى العلم رغم مايقابلهم من معوقات، لكن للأسف وكالعادة بلدنا لاتقدر العلم أو العلماء.
 
∎مدارس مماثلة جديدة
 
وعن موقف المدرسة يقول د. عمرو عزت سلامة رئيس مجلس إدارة المدرستين ووزير التعليم العالى السابق أن هناك عدة حلول مطروحة سوف تقوم وزارة التعليم العالى بالمشاركةمع المجلس الأعلى للجامعات بتدارسها لإيجاد الحل الأنسب لتلك المشكلة، فهناك تعاطف كبير من الوزارة والمجلس مع مشكلة هؤلاء الطلاب لظروف خاصة بتفوقهم. وعن مشكلة الإنفاق على المدرستين والتى ستبدأ من العام القادم يقول: إن وزارة التربية والتعليم تعهدت بالإنفاق عليهما، خاصة أننا بصدد إنشاء مدارس مماثلة بالإسكندرية والمنصورة وأسيوط، مما يعنى أن المدارس ستتحول من مدارس داخلية يبيت بها الطلاب نتيجة ظروف بعد المسافة إلى مدارس عادية مما يضمن تقليل النفقات، ويعترف د.عمرو بوجود مشكلة ضعف المستوى لدى بعض المعلمين بالمدرسة ويبرر ذلك بأن النظام التعليمى الذى يدرس به هؤلاء الطلاب يعد نظاما جديدا لم يتأقلم معه غالبية المعلمين بعد، ولحل تلك المشكله يقول أن المدرسة تقوم بعقد دورات تدريبية للمعلمين لتحسين مستوى أدائهم، وإذا لم يثبتوا تطورًا ملحوظًا سوف نقوم بخلق بدائل جديدة عن طريق استبدالهم بآخرين وهو ماتم بالفعل على نطاق محدود. أما عن قضية الشروط التعجيزية التى فرضت على الطلاب للحصول على المنح، يقول: نعلم أن الشروط قاسية، لكن الدراسة فى تلك الجامعات سوف تكون باللغة الإنجليزية، ومن المفترض أن يكون مستوى هؤلاء الطلبة متقدما فى اللغة الانجليزية، فهم يستخدمونها فى دراستهم الحالية، كما أن المدرسة تعطى لهم دورات لغة انجليزية مكثفة حتى تضمن لهم الحفاظ على مستوى متقدم فى اللغة.
 
وبالطبع كان علينا أن نتوجه إلى مديرة المدرسة الأستاذة أمل رضا، لنعرف موقف المدرسة من طلبات هؤلاء التلاميذ، وموقفها من المشكلة الأخيرة الخاصة بنسبة الالتحاق بالجامعة لكنها رفضت التواصل مع الإعلام، وقد علمنا بعد ذلك أن سبب الرفض جاء بناء على تعليمات من وزارة التربية والتعليم لها بذلك.