متى ينزل الجيش؟
شاهندة الباجورى
ارتفعت أعداد الأصوات المطالبة بنزول الجيش إلى الشارع.. مرة أخرى.
وبالرغم من أن تلك المطالبات خرجت من نفس الأفواه التى طالبت فى يوم ما بإسقاط حكم العسكر، واتهموه بالتواطؤ لأنهم وجدوا فيه ملاذهم الوحيد من بطش الإخوان، وسوء إدارتهم للبلاد.
وهنا نطرح السؤال الملح: هل من الممكن أن ينزل الجيش مرة أخرى بناء على رغبة الشعب؟!، وهل سيعيد الجيش مرحلة الفترة الانتقالية الأولى، أم أنه لن يحنث بقسمه الذى أقسم به يوم أن سلم السلطة للرئيس الذى اختاره الشعب، وعاد إلى ثكناته؟!
بالرغم من أن الفريق أول عبدالفتاح السيسى أكد مرات عديدة على أن المؤسسة العسكرية تمارس مهامها بتجرد تام، ولا يعنيها إلا شعب مصر الذى تنحاز إليه دائماً.
وقال فى مناسبات عديدة: إن ذلك يأتى فى إطار عقائد استراتيجية راسخة بأهمية عدم التدخل فى الصراعات والممارسات السياسية إلا أنه ذكر أيضا أن القوات المسلحة ستظل دائما الدرع الواقية، والحصن الأمين لهذا الشعب العظيم، تؤدى مهامها الوطنية بكل شجاعة وإخلاص واستعداد دائم لتلبية نداء الوطن، وحماية أمنه القومى.
∎ نزول الجيش له ثوابت
تحدثت مع اللواء حمدى بخيت - الخبير العسكرى، فى هذا الشأن، فأجابنى قائلا:
الجيش له ثوابت وقيم لا يحيد عنها، فهى المؤسسة الوحيدة التى أثبتت أن مبادئها وعقائدها ثابتة، ومن ضمن هذه الثوابت أنها تعلمت كثيرا من الفترة الانتقالية الأولى، واستفادت من وجودها فى الشارع ومن الأخطاء التى وقعت فيها، كما أنها عرفت من هم المجرمون فى الأرض، ومن هم أصحاب الأجندات، ومن الذين يمدون أيديهم ويقبضون من الخارج.
أما الثابت الثانى فهو دور القوات المسلحة فى حماية الأمن القومى، والذى من أحد شروطه حماية الأمن الشخصى لكل أفراد الشعب، فلو تعرض أمن المواطن للخطر أو كانت له مطالب وصلت إلى حد الإجماع الوطنى بنزول الجيش، وتوليه شئون البلاد، وقتها سيفكر الجيش بجدية.
ثالثا: لن يسمح الجيش المصرى بأن يتأذى الشعب المصرى، أو يحدث له أية اعتداءات، أو حتى يسيطر فصيل بعينه وينتهك سلطة الدستور وينتهك حرمة الناس ويعتدى عليهم.
ويضيف اللواء بخيت: إذا استقرت البلاد نتيجة حكم الجماعة واستطاعت استيعاب الدروس خلال الفترة السابقة، وكان لذلك مردود على الشارع المصرى، فالجيش سيكون دوره هو حماية الأمن القومى المصرى.
∎ لن تعود بملء إرادتها
ويرى اللواء سامح سيف اليزل - الخبير الاستراتيجى أن القوات المسلحة لن تعود مرة أخرى للحياة السياسية بملء إرادتها إلا إذا كان وجودها هو الملاذ الوحيد لإنقاذ الدولة والشعب، وهى لن تتدخل فى السياسة نهائياً إلا إذا اقتضت الضرورة القصوى مثلما حدث فى ثورة يناير.
ويؤكد أن الجيش لن ينزل طواعية بإرادته إلى الشارع مرة أخرى، إلا بأوامر واضحة، ورغبة شعبية جامحة، بأن يكون نزول الجيش هو الملاذ الوحيد لإنقاذ الدولة، عدا ذلك لن تنزل القوات المسلحة أبدا.
ويضيف اللواء سامح: لا يستطيع أحد أن يتوقع ما قد يفعله الشعب فالمسألة كلها تجىء فى إطار الملابسات والظروف التى قد تؤدى لتكرار ذات المشهد مع الرئيس مرسى خاصة فى ظل الحالة الاقتصادية السيئة وبعد أن أصبح الكل يقاسى من ارتفاع الأسعار.
∎ الشعب المصرى ذكى
سألت د.راجية الميهى - أستاذ علم الاجتماع السياسى، عن تحليلها لظاهرة المطالبة بنزول الجيش من نفس الأفواه التى طالبت فى السابق بإسقاط حكم العسكر، فأجابتنى قائلة: الشعب المصرى يمتلك ذكاء لا حدود له، وقد أدرك بفطرته الرائعة أن المؤسسة العسكرية التى سلمت الحكم سابقا، لن تطمع فيه حاليا، لأنها لو كانت تطمع فيه لما تركته من الأساس.
وقد تزامن هذا مع فشل حكم الإخوان، ولذا لجأ إليه الشعب
أولا: كوسيلة ضغط.
ثانيا: أنه فى حالة نجاح الجيش بمساعدته فى استرداد الحكم من يد الإخوان، سيضمن الشعب أن جيشه لن يستأثر بالسلطة لنفسه، وسيسلمها إلى سلطة مدنية.
وفى هذه الحالة سيكون الجيش مجرد وسيط قوى مهمته خلع الإخوان من السلطة وتسليمها للشعب مرة أخرى لتسير فى إطار سلمى، وليس عسكرياً.
فضلا عن أن الشعب المصرى طالما أحب جيشه، ووثق فيه وهو الآن يلجأ إليه بعد أن هدده الإخوان بالسلاح.