الأربعاء 7 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«بلاك بلوك» وكتائب «مسلمون».. شــرارة الحــرب الأهليــة!

«بلاك بلوك» وكتائب «مسلمون».. شــرارة الحــرب الأهليــة!
«بلاك بلوك» وكتائب «مسلمون».. شــرارة الحــرب الأهليــة!



حركات سياسية جديدة وكتائب مسلحة أعلنت عن نفسها فى الفترة الماضية، فبين البلاك بلوك والوايت ماسك مرورا بكتائب «مسلمون» انقسم المجتمع المصرى إلى فصيلين: فصيل يدافع عن الأقباط والمدنيين والإعلاميين والقضاة أى يدعم المعارضة بكل ما أوتى من قوة والمتمثل فى البلاك بلوك والفصيل الآخر يناصر الدولة الإسلامية ويدعم الإخوان والسلفيين ويدافع عن شرعية الرئيس المنتخب ولكن اشترك الفريقان فى نقطة واحدة ألا وهى أن كلاهما مسلح و كلاهما له جيشه الخاص به، أى أن كلا منهما له عدته وعتاده، الأمر الذى يجعلنا نطرح تساؤلا غاية فى الخطورة: هل نحن مقبلون على حرب أهلية؟! هل مصر بتاريخها الكبير العظيم عُرضة لأن تصبح عراقا آخر أو لبنانا جديدا؟!

تصريحات وبيانات تصدر عن كل من الفريقين وحروب كلامية يتبارى كل من الفريقين فى التصريح بها.. فريق يهدد ويتوعد، والآخر ينذر ويحذر وكلها تكشف عن أن العنف آت لا محالة وأن هذه التصريحات هى مقدمة لمعارك دامية طاحنة، فالكل فى حالة ترقب وانتظار للطرف الآخر حتى تبدأ ساعة الصفر التى ستضرم فيها نيران الخلاص.. فكان منها على سبيل المثال البيان الذى صدر عن مجموعتى الكتلة السوداء «بلاك بلوك» والقناع الأسود «بلاك ماسك» بعد خطاب الرئيس محمد مرسى الأخير والذى دعتا فيه الرئيس إلى انتظار ردهما، وحذرتا الأحزاب الإسلامية من المساس بالإعلاميين.

وقالت «بلاك بلوك» فى بيان لها: سيادة الرئيس المنتهية شرعيته، صوتك العالى ورسالتك وتهديداتك وصلت إلينا.. انتظر الرد، وأضافت: إتق شر الحليم إذا غضب، داعية الثوار للوقوف وراء «بلاك بلوك» التى أقسم أعضاؤها أن «يدفعوا حياتهم ثمنا للحرية والقصاص».

وحددت الحركة قائمة بمنشآت «الإخوان» المستهدفة، وتضمنت ما يقرب من 54 مؤسسة وشركة، ومقار حزب «الحرية والعدالة»، والتى أوضح البيان أن «الحرب عليها ستبدأ».

وأعلنت حركة القناع الأسود (بلاك ماسك)، فى بيان، أنها ستتصدى لحركة «كتائب المسلمين» التى أعلنت عن نفسها وهددت قيادات «جبهة الإنقاذ» والأقباط والإعلاميين، بالتصفية الجسدية، وأضاف بيان «بلاك ماسك»: إذا جرى المساس بأى شخصية عامة أو إعلامية فعليكم قراءة الفاتحة على جميع قيادات الأحزاب «المتأسلمة»، فنحن درع الثورة وحماها، نحن درع الثوار، نحن من لا يجعل النظام يعيش فى أمان.

نموذج آخر للتهديدات جاء على لسان أحمد المغير، عضو اللجنة الإلكترونية لجماعة الإخوان المسلمين، والمعروف برجل المهندس خيرت الشاطر، نائب مرشد الجماعة الذى كتب على حسابه على موقع «تويتر»: إن مختصر خطاب الرئيس: «هتتنفخوا».

كان «المغير» كشف عن أن الإخوان سيحملون السلاح قريبًا؛ لأنه واجب شرعى، وأن وزير الداخلية قدم أوراق اعتماده.

من جانبه، طالب مصطفى السعداوى، أحد حراس «الشاطر»، بقتل كل الملثمين، وقال على صفحته بموقع «فيس بوك»: إعلام العار بيقول إن الملثمين اللى بيقتلوا الناس فى الشوارع هم أعضاء من حماس وأنا بقولهم أيوه صح طبعا وكمان بأطالب الداخلية والجيش إنهم يقتلوا كل الملثمين بتوع حماس اللى بيقتلوا فى الشعب ويرهبوهم.

وأضاف: أنا متفائل جداً بس عندى كلمتين مهمين لمعالى رئيس الجمهورية لو مش هتغضب، احنا هنغضب.

وتابع: غضب الإسلاميين لا حدود له وتنظيمهم وقوتهم وخبرتهم أكبر من أى تحركات على الأرض، وأضاف: أيها اللاعبون بالنار اتقوا غضب الإسلاميين.

أما بالنسبة للحركة التى أطلقت على نفسها «كتائب مسلمون»، فقد بثت على موقع «يوتيوب» فيديو يتضمن تهديدات لعدد من رموز المعارضة وإعلاميين بالقتل فى حال عدم الكف عن الاستهزاء بالرموز الإسلامية.

بث موقع يوتيوب فيديو لمجموعة مسلحة مجهولة أطلقت على نفسها اسم  «كتائب مسلمون»، هددت فى بيان لها باستهداف الأقباط الساعين لـ «تقسيم البلاد» وطالبتهم بدفع الجزية، وأوضحت أن سبب تشكيلها هو مواجهة الفتن فى البلاد ومحاولات الإعلام إضعاف ما وصفته بـ «القيادة الإسلامية» لمصر.

وقال متحدث باسم المجموعة فى الفيديو الذى تم تصويره فى منطقة جبلية على ما يبدو: إن هدف الكتائب فى البيان: «نظرا لما يحاك للبلاد من فتن.. ومحاولة أقباط مصر لتنفيذ مخطط إنشاء دولة قبطية منفصلة.. ومشروع تقسيم مصر الذى يعلمه الجميع.. واشتراك جبهة الإنقاذ الوطنى فى حريق مصر، وكذلك انضمام الإعلام الفاسد فى تشويه صورة المسلمين والحكم الإسلامى.. ومحاولة إظهار ضعف القيادة الإسلامية للبلاد»، فى إشارة إلى الرئيس محمد مرسى الآتى من صفوف جماعة الإخوان المسلمين.

- وأوضحت المجموعة التى ظهر أفرادها ملثمين وبحوزتهم بنادق آلية، أنها لا تنتمى لجماعة الإخوان المسلمين التى تحكم البلاد أو أى من الجماعات الإسلامية الأخرى، قائلة: نعلن اليوم عن حركة كتائب مسلمون.. فلسنا «حازمون أو إخوان أو سلفيون..» أو تابعين لأى فرقة أو حزب.. فقط نحن مسلمون.

ووجهت المجموعة المسلحة إنذارا أخيرا للإعلاميين مثيرى الفتنة، وقالت: إن تماديتم، فإننا سنهدر دماءكم بأبشع قتلة عرفها التاريخ.

وحذرت المجموعة الجيش والشرطة بأنه «فى حالة محاربتكم لنا والسكوت عما يفعله الظالمون وأعوانهم.. فسنقاتلكم رغم احترامنا لشرعيتكم». وختم البيان: استهداف رؤوس المفسدين هى غايتنا حتى تنطفئ الفتنة.

 توافق وطنى

يقول دكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن وجود حركات جديدة مثل «بلاك بلوك» أو «كتائب مسلمين» أو «وايت ماسك»، التى أعلنت عن نفسها هذا أمر شديد الخطورة وتطور خطير جدا وينبغى أن تعلن كل القوى السياسية رفضها لهذا التوجه وعلى القوات المسلحة أن تعلن بصراحة أنها لن تقبل بانهيار الدولة لأن وجود ميليشيات مسلحة أو ميليشيات تستخدم العنف يمكن أن يؤدى إلى انهيار الدولة أو اندلاع حرب أهلية ومن المستحيل أن يقبل الجيش باندلاع حرب أهلية وهذا بالضرورة لابد أن يدفع القوى السياسية إلى التعجيل بتوافق وطنى حول تصور للخروج من هذه الأزمة وإذا اتفقت الأحزاب السياسية على طريقة للخروج من هذه الأزمة يمكن  تحجيم هذه الميليشيات وسحب الغطاء السياسى من فوقها، وبالتالى يسقط تسليحها بعد ذلك

 
 الفوضى المسلحة

أما اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجى فيقول: إن ظهور مثل هذه الحركات ما هو إلا بداية لنوع من الفوضى المسلحة التى من الممكن أن تؤدى إلى نوع من الحرب الأهلية وعادة ما تكون الحرب الأهلية بين طرفين فى حالة انقسام بين فريقين متضادين وعادة لا يكون هناك فريق ثالث، أما نحن الآن فلدينا مئات الفروق، ولذلك الأمر يعطينى انطباعا بالفوضى المسلحة أكثر منها بالحرب الأهلية.. وأنا لا أتعجب أن تتحول تلك التصريحات التى يدلون بها بشأن الدفاع عن القضاة والأقباط والإعلاميين بكل ما أوتوا من قوة إلى معارك حقيقية على أرض الواقع، حيث إنه من الممكن أن تخرج عن الحدود التى يتحدثون عنها ومن المؤكد أن تتحول إلى معارك دامية، فإذا بدأ الأمر بصراع مسلح فسيتجاوز كل الحدود.. وعن توجيه النائب العام لهم تهمة الإرهاب ووجود فتاوى بإهدار دمائهم وبإقامة حد الحرابة عليهم يقول اللواء مسلم: أنا أؤيد قرار التحقيق معهم وإذا ارتكبوا أيا من الجرائم يجب أن يطبق عليهم القانون.. وفى النهاية هذه هى مصر، لا ينبغى لنا أن نندفع أو أن نرتكب جرائم وفى نفس الوقت لا ينبغى لنا أن نسكت وأنا لن يعجبنى قرار النائب العام إلا أننى لابد أن أحترمه فهو قرار معمم، فكيف للنائب العام أن يأمر بالقبض على أفراد البلاك بلوك الذى يتجاوز عددهم العشرة آلاف وبأى تهم، وأنا أفضل أن الاتهامات تكون محددة والمخطئ يحاسب.

ويرى اللواء مسلم أن الرادع الوحيد لنزع فتيل الأزمة يكمن فى تطبيق القانون لأن يوجد به من وسائل الردع ما يكفى لكن على أن يكون بقدر الإمكان لا أكثر ولا أقل، بمعنى عدم المغالاة فى تطبيق القانون أو عدم التهاون فيه، فالمغالاة ينتج عنها رد فعل عكسى والتهاون يؤدى إلى الاستمرار فى الخطأ.

وأنهى اللواء طلعت مسلم حديثه قائلا: أخشى أن نصبح «صومال ثانية»..!!

 الصندوق فاضى

أما الدكتور أحمد عبدالله أستاذ الطب النفسى بجامعة الزقازيق فيقول: بالنسبة لظهور الكتائب والحركات المسلحة  فأنا أرى أن تصريحاتهم ستتحول إلى معارك طاحنة، فلو قرر المصريون أن يقتتلوا فلن يحول دون ذلك شىء..  وللأسف سيكون صراعاً على لا شىء، فالكل مخدوع بأن هناك شيئا داخل الصندوق لكن فى الحقيقة أن «الصندوق فاضى».

ويضيف قائلا: علينا أن نؤمن أن ما لدينا من إمكانيات هو ما لدى القوى الإسلامية والليبراليين واليساريين فمجموع ما لدى هؤلاء هو ما لدينا.. هو ما نملكه وبالتالى عندما يقع صدام بيننا فهو بمثابة تبديد لما نملكه.. فالناس تتصارع من أجل السلطة والحكم ولكن فى الحقيقة أن «الصندوق فاضى» ويجب أن نؤمن أن ثروتنا الحقيقية لا توجد سوى فينا ولكن ما يحدث الآن هو إهدار و تصفية لثروتنا.

نحن لدينا مشكلة لم يستطع الناس حتى الآن استيعابها منذ انقضاء الـ 81 يوما الأولى للثورة وهى أننا لدينا شعبا لديه طاقة هائلة وهو لأول مرة يكتشف هذه الطاقة الكامنة بداخله.. ففى الماضى كنا نعاير بأننا شعب عاجز ولا يقدر على أى شىء.. أو من باب إرضاء الذات كان الشعب يصف نفسه بأنه قوى و«ماحصلش».. ولأول مرة تثبت هذه الطاقة أن الشعب فى مصر أقوى من سلطته ومن دولته.. فما الذى بنيناه على هذا المعطى؟! فإننا لم نبن شيئا على هذه الحقيقة ولابد أن نعترف بهذا..
 
 وبالتالى فنحن الآن نحاول أن نثبت لأنفسنا و للمرة المليون أن هناك رئيسا ولديه وزارة داخلية ووزارة دفاع هما يقولوا «حظر تجول» واحنا نعمل دورى كرة ومليونية وبعدين احنا بنكايد من؟! وما الذى نحاول أن نثبته نحن أثبتنا خلاصنا منذ عامين أننا أقوى من دولتهم ومن هنا يأتى الالتباس أننا نشعر بأننا أقوى من الدولة وفى نفس الوقت لا نصدق ذلك، فالشباب يرون أن الدولة «خربانة» ولم تحقق أهدافهم وأحلامهم  ولا يوجد تغييرات حقيقية ولأنهم لم يحققوا أهدافهم فهم انتفضوا حتى يسيروا فى الدولة المنهارة والتى لا وجود لها من الأساس وانتفضوا متحدين سلطة الدولة غير الموجودة من الأساس، فالدولة أصلا مفقود أملها حتى إشعار آخر.

فكل الحركات مثل البلاك بلوك وكتائب مسلمون قامت لتتحدى الأمن والشرطة بسبب سقوط قتلى وكثرة الحوادث حتى يثبتوا أنهم الأقوى وهو ما تم إثباته من قبل