الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الجمهور يبحث عمن يشبهه!

الجمهور يبحث عمن يشبهه!
الجمهور يبحث عمن يشبهه!


 
 الفنان أحمد وفيق ذو الرؤية السياسية الواضحة لديه أفكار واتجاهات محددة فيما يخص الأجواء التى تعيشها مصر الآن، بدايته المميزة جدا مع المخرج يوسف شاهين شكلت مرجعيته الفنية والتى اتخذت طابعاً سياسياً إلى حد ما، حدثنا بصراحة عن فيلمه الأخير «حفلة منتصف الليل» وإيراداته الهزيلة وعن حالة إحباط يشعر بها مؤخرًا سببها حالة التخبط الاجتماعية والسياسية التى نعيشها مؤخرًا، لذلك يعلن انسحابه من حين إلى آخر لينفصل عن هذه الأحداث.. وحدثنا عن عدم انتمائه لأى حزب سياسى حتى الآن لأدائها البعيد عن الواقعية.
 
 تفسيرك للإيرادات التى وصفها النقاد بـ«الهزيلة» التى حققها فيلمك الأخير «حفلة منتصف الليل»؟
 ليس دفاعا عن الفيلم ولكن-    ليس الفيلم السبب ولا نوعيته هى السبب فى المشاهدة أو الإيرادات القليلة، ولكن قياسا مع ما هو حوله فالفيلم حقق إيرادات جيدة، ولكنه جاء فى المرتبة الثالثة وتسبقه أفلام شعبية كانت  موجودة من قبل، وأعزى أيضا الإيرادات القليلة إلى الظروف السياسية التى تمر بها البلد والتوقيت أيضًا.
 وهل سيعتبر عدم استقرار الظروف السياسية مبررا الفترة القادمة لتراجع الإيرادات والسوق السينمائية بشكل عام؟
- رغم كل الظروف فأنا لدى توقع أن المرحلة القادمة، ورغم  الظروف الإنتاجية المتعسرة ستشهد مواهب مصرية كثيرة تخرج للنور ستغطى الشرق الأوسط كله وستتجه الأعمال للأحسن والأعمق، لأن هذا المناخ الذى نعيشه هو الذى يفجر المواهب وتجعل مستوى الآراء يحمل نضجاً بشكل كبير، وسيظهر هذا فى كل المجالات، فالمواهب الشابة فى السنوات الأخيرة من فنانين ومخرجين وكتاب هم من أنقذوا الدراما المصرية من السقوط أمام الدراما التركية والسورية.
 أنت بررت إيرادات العمل بنزوله وسط موسم كوميدى  وشعبى.. هل أصبح هذا هو الذوق العام؟
 - لعلها مرحلة ولكن أنا فى توقعى أن الفترة القادمة ستشهد تغيراً كبيراً فى الذوق المصرى وفى كل شىء،  وسنرى ظواهر فنية لم نكن نتوقع وجودها فى يوم من الأيام، والثورة لم تكن لتغير الذوق العام بين يوم وليلة، ولو انصلح الذوق العام كان الناس نفسها «انصلح حالها»، فهناك فوضى وارتباك عام فى الذوق وفى السياسة  والاقتصاد والناس متأثرة بكل هذه الفوضى، والجمهور الآن هو البطل الأقوى  والجمهور الآن يتجه للفيلم الشعبى ولبطله لأنه يشبهه  فى ملامحه وفى حياته لأن أغلبية الشعب المصرى ليست من (جاردن سيتى) بل من أماكن شعبية، لذلك هذه الأفلام موجهة لهذا الجمهور، وهذا سبب تحقيق فيلم «عبده موته» لأعلى الإيرادات لأن محمد رمضان يشبه شبابا كثيرين وقريبا من قلوبهم،
 بعيدا عن هذه التوليفة هل الذوق العام يهرب من شحنة السياسة اليومية؟
- بالتأكيد فالناس مضغوطة  والتليفزيون بكل ما فيه أصبح كالصندوق الأسود، وأنا كواحد متابع للسياسة ومنخرط فيها  زهقت ومليت ولم أعد أتابع البرامج  الحوارية ولا السياسية، وأصبحت البرامج لا تستضيف سوى مثيرى المشاكل سواء من الليبراليين أو الإخوان أو غيرهم، وهذا ما يسبب حالة من الخلاف والتوتر طوال الوقت.
والكوميديا ليست هزلاً طوال الوقت ولكن هناك كوميديا ناجحة وذات مضمون، فنجم مثل أحمد حلمى حقق معادلة ناجحة موهوبة يقدم فى كبسولة واحدة «كوميدى وتراجيدى».
 لماذا تستهويك الأعمال الكوميدية ذات الطابع السياسى؟
- أنا بالأساس من عائلة سياسية، والدى كان  منخرطاً فى العمل السياسى فتكونت اتجاهاتى منذ صغرى وكبرت، وأنا لدىَّ خلفية سياسية، وعندما كبرت وتكونت مرجعيتى وثقافتى الخاصة   بدأت رؤيتى الفنية تتشكل وساهم فى ذلك تعاملى مع الراحل يوسف شاهين ومحمد صبحى وغيرهما من فنانين معنيين بأمور مجتمعهم ووطنهم، ولكنى لست مع الأعمال التى تتناول السياسة بفجاجة ووضوح وبشكل خطابى، فهذا أسلوب خاطئ  وقدمت نماذج لهذه الأعمال التى تحمل معنى سياسياً فى أدوار مثل فيلم «بنتين من مصر، صرخة نملة» وغيرهما.
 سؤال طرح عليك كثيرًا بعد بطولتك مع «يوسف شاهين» فى «سكوت هنغنى»، أين أنت من البطولة المطلقة؟
- أنا أحاول منذ بدايتى أن أختار أدوارى بعناية دون النظر لأى حسابات أخرى، سواء كان بطولة أم لا، وليست لدى مقاييس سوى الاختيار الجيد والتوافق مع الدور والهارمونى مع كاست العمل، ورغم أننى لست بعيداً بشكل كبير عن البطولة المطلقة، إلا أن كلمة البطولة أو النجم المطلق أصبحت مصطلحاً اقتصادياً بحتاً .
«فى غمضة عين وعلى كف عفريت» أعمال شاركت فيها وكان من المفترض عرضها رمضان الماضى ولكنها ستعرض الأيام القادمة، هل أنت مع خلق موسم عرض موازٍ للهروب من زحام رمضان؟
ـــ هى فكرة رائعة وأنا كنت من أوائل من نادوا بها وشجعتها وطالبت بها فى حوار على التليفزيون، وناشدت النجوم أمثال يحيى الفخرانى ونور الشريف بأن يبادرا بهذه الخطوة لأن الجمهور يحبهما وسيشاهدهما، سوا فى رمضان أو غيره، والميزة فى الموسم الموازى أنه سيكون هناك مجال للمشاهدة بعيدا عن الأعمال المتراكمة ستنشط الصناعة وتحقق طفرة اقتصادية، ولكن الأزمة سببها تدعيم مبدأ الإعلانات ولأن رمضان سيبيع أكثر، ولكن المشاهد لديه القدرة على المشاهدة طوال السنة.
 شاركت فى أعمال تاريخية ودينية عديدة، لماذا فقدت هذه النوعية جاذبيتها لدى الجمهور، رغم أهميتها؟
ـــ بالظبط، فهذه الأعمال لو تصدى لها مخرجون برؤية جديدة ونمط مختلف لأننا لدينا القدرة والمواهب، ولكن مشكلتنا فى مصر تكمن فى الإنتاج فقط لأننا نعتمد على الإنتاج الحكومى، ويدخل بنا هذا فى دائرة الروتين، فلو نظرنا إلى أعمال تاريخية مثل «عمر بن الخطاب» والأمين والمأمون، ملوك الطوائف ستشاهد الإنتاج وتكلفة العمل فلو تم تقديم هذا العمل فى مصر كان سيكون مختلفاً تماما، ولكن بالمواهب التى لدينا والرؤية الفنية إذا توافر الإنتاج وسيكون بصورة مبهرة.
 وصف الأحزاب السياسية على الساحة «بالكرتونية» وأنها السبب فيما نواجهه من مشاكل، ما تعليقك؟
ـــ الأحزاب السياسية لو أرادت العمل الواقعى وتحقيق إنجازات فعلية، فعليها أن تعمل وسط الناس ومعهم وتنزل إلى الشارع وليس فقط فى التليفزيون والمناظرات والمداخلات التليفزيونية فى برامج التوك شو، وهناك شخصيات ظهرت واشتهرت فقط بعد الثورة وأصبحت «تأكل عيش» بسبب آرائها التنظيرية البعيدة عن الواقعية، التليفزيون لا يحقق أى إنجاز، أنزل للناس وقدم إنجازات، فالسياسة لها أكثر من طريق ووسيلة تحقق لك شعبيتك والناس الغلابة كتير.
 فى رمضان الماضى قدمت شخصية ضابط أمن الدولة فى مسلسل «الهروب»، هل سقط فعلا هذا الجهاز أم أنه مازال يعمل وبنفس ممارساته؟
ـــ جاء على لسانى فى المسلسل جملة تلخص الوضع الحقيقى لجهاز أمن الدولة تقول «احنا مش بنخدم حد ولا بنشتغل عند الناس اللى فوق.. احنا بنخدم البلد دى وأى نظام هيجى مش هيستغنى عن الجهاز ده».
ولاء هذا الجهاز للبلد وللنظام الذى يحكم البلد.. الفكرة هى كيفية استخدامه، مثل «الكحول» إذا استخدم لتطهير الجروح فهو مفيد أما إذا شُرب فهو مُسكر، بالإضافة إلى أننا أصبحنا لا نفهم شيئاً فى هذا التوقيت وأراهن إذا كان هناك الآن من يستطيع التنبؤ بما سيحدث أو حتى التخمين.
 أخبرتنى مؤخرا أنك مصاب بحالة من الإحباط، ما سببها؟
ـــ وصلت لها من فترة قريبة، فأنا منذ بداية الثورة وأنا كقلب الأسد وكنت واثقاً من كل ما تنادى به ويطالب به، ولكن بمرور الوقت تداخلت بعض الأطراف وتعالت المصالح الشخصية لدرجة أننى أصبحت لا أعرف من يريد مصلحة البلد ومن يريد منفعته الشخصية، والإحباط أيضا سببه تخبط من حولى فى آرائهم ويأس الكثيرين لذلك أحاول أن أبتعد عن كل هذا مؤخرا.