الثلاثاء 8 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الإخوان خطفواالثورة..وقعدواعلى تلها!

الإخوان خطفواالثورة..وقعدواعلى تلها!
الإخوان خطفواالثورة..وقعدواعلى تلها!




مصر الثورة مع نهاية عام 2012 مازالت تبحث عن نفسها ما بين العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، بعد أن تكرر سيناريو الحزب الحاكم والذى تديره «منظمة» الإخوان المسلمين، لتركب على أنفاس الثورة فى مهدها إلى أن تأتى على النفس الأخير فيها مع بداية العام الجديد.

فالإخوان خطفوا ثورة مصر ثم عمموها ثم قصروا جلبابها وأخيرا كمموا أنفاسها لتبقى حبيسة إلى أن يأتى مخلصها مع بداية عام جديد أو ثورة جديدة!


كانت البداية مع انتخابات مجلس الشعب 2011 والتى استعد لها الإخوان جيدا بحشد أكبر كتلة تصويتية من قاطنى العشوائيات والمحافظات والتى سجلت أعلى نسب تصويتية بعد تجربة شراء الأصوات بالزيت والسكر وغيرها من السلع التموينية كما تمثلت أبرز تجاوزات اليوم الانتخابى فى استمرار الدعاية الانتخابية أمام اللجان وداخلها، واستخدام مكبرات الصوت، وضغط عدد من أنصار المرشحين على الناخبين للتصويت لصالحهم، واللعب على المشاعر الدينية للناخبين، وعلى أثرها فاز «حزب الحرية العدالة»، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، بـ721 مقعدا من مقاعد مجلس الشعب وبذلك يصبح نصيبه الإجمالى 532 مقعدا، أى ما يعادل 81,74 فى المائة.
ثم جاءت حزمة التشريعات الإخوانية التى فصلت لصالحهم بداية من قانون العزل السياسى الذى جاء تحديدا لإبعاد أحد مرشحى الرئاسة عن المشهد الانتخابى الرئاسى وقانون لحجب المواقع الإباحية الموجودة على مواقع الإنترنت. إضافة إلى حد الحرابة وغيرها من القوانين التى استفزت الرأى العام المصرى.

وفى فبراير 2012 جرت انتخابات الشورى التى حصد فيها حزب الحرية والعدالة ما يزيد على 85 ٪ من مقاعد المجلس بواقع 105 مقاعد من إجمالى 810 مقعدا هم عدد مقاعد مجلس الشورى.
وبموجب نفس الاتفاق الذى تم بين الحرية والعدالة والأحزاب الإسلامية انتخب الدكتور أحمد فهمى رئيسا لمجلس الشورى، وهيمن تيار الإسلام السياسى على اللجان النوعية للمجلسين الشعب والشورى مع تنحى القوى الليبرالية عن بعض اللجان الحيوية داخل كلا المجلسين.

وفى يونيو أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها الشهير ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب، فيما اعتبر آنذاك أن المجلس غير قائم بقوة القانون منذ انتخابه، وقام المجلس العسكرى السابق بقياد المشير طنطاوى بإصدار قراره بتنفيذ حكم المحكمة وحل مجلس الشعب.
ثم أصدر المجلس الإعلان الدستورى المكمل، الذى استعاد على إثره المجلس سلطة التشريع بعد أن تم حل البرلمان، إلى حين إقرار الدستور الجديد وانتخاب مجلس شعب جديد، وعلى خلفية المحاولات المستميتة لنواب الإخوان تحديدا وعلى رأسهم الكتاتنى إعادة الحياة لمجلس الشعب، أصدرت محكمة النقض قرارا بعدم اختصاصها بنظر الدعوة لأن بطلان القوانين حق أصيل للدستورية، مما أفشل المخطط الإخوانى نهائيا لإعادة المجلس.

∎ قانون العزل والانتخابات الرئاسية

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية لاختيار أول رئيس لمصر ما بعد مبارك فيما عرف بأول رئيس منتخب عقب الثورة، وإعلان كل من الفريق أحمد شفيق واللواء عمر سليمان خوض غمار المعركة أمام مرشح الإخوان المهندس خيرت الشاطر الذى ترشح بعد نفى حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان تماما لفكرة الترشح للانتخابات الرئاسية، ثم سعى المجلس الذى سيطرت عليه الجماعة إلى إصدار قانون من شأنه عزل رموز السابق ومنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية بذريعة إفساد الحياة السياسية.

وبالفعل أقر المجلس القانون، فيما ثار جدل قانونى حول دستورية القانون من عدمه، أدى إلى استمرار الفريق أحمد شفيق فى المنافسة على المنصب، فيما تم رفض طلبات الشاطر وسليمان لأسباب أخرى. وعلى إثرها قامت الجماعة بترشيح بديل عن الشاطر وهو الدكتور محمد مرسى، ثم أجريت انتخابات الرئاسة فى مايو والتى ترشح لها 31 مرشحاً من مختلف التيارات السياسية، والتى أسفرت عن خروج جميع المرشحين فيما انحصرت جولة الإعادة بين المرشح الاحتياطى للجماعة الدكتور محمد مرسى وآخر رئيس وزراء فى عهد مبارك الفريق أحمد شفيق، ولكن حسمت النتيجة لصالح مرشح الجماعة بفارق بسيط، لتبدأ مرحلة جديدة للصراع السياسى فى مصر.

∎ الحكم على مبارك

وفى ظل الجدل السياسى الدائر فى هذا الوقت ما بين القوى السياسية والجماعة، أصدرت المحكمة الجنائية حكمها الشهير فيما عرف بـ«قضية القرن» والمتهم فيها الرئيس السابق حسنى مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى وعدد من كبار مساعديه حيث وصف النطق بالحكم بنزاهة القضاء فى محاكمة أول رئيس مصرى بتهمة قتل 008 متظاهر أثناء الثورة التى أجبرته على التنحى عن الحكم، حيث حكمت محكمة الجنايات المصرية برئاسة المستشار أحمد رفعت بعقوبة السجن المؤبد على الرئيس السابق ووزير الداخلية الأسبق بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين السلميين، وبرأت نجليه جمال وعلاء، وستة من قيادات وزارة الداخلية السابقين.

∎ رحيل المجلس العسكرى

جاءت المرحلة الفاصلة ما بين الرئيس مرسى والمجلس العسكرى، فمع أداء الرئيس المنتخب لليمين، أصبحت إدارة شئون الدولة المصرية منقسمة بين المجلس العسكرى، ومؤسسة الرئاسة، واشتد الصراع بين الطرفين على أحقية الحكم بصلاحيات كاملة غير منقوصة، فكان قرار الرئيس التاريخى بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل وإحالة بعض أعضاء المجلس العسكرى للتقاعد، وتعيين المشير طنطاوى والفريق عنان كمستشارين للرئيس. وعلى أثرها عاد الجيش إلى ثكناته ليبتعد عن أى دور سياسى.

∎ تأسيسية الدستور

قام الإخوان بالسيطرة على تشكيل الجمعية التأسيسية التى جاءت من الإسلاميين أكثر من القوى المدنية الأخرى وعلى أثره رفضت بعض القوى السياسية هذا التشكيل مما دفعها للانسحاب، لذلك جاء الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 22 نوفمبر ليحصن قرارات الجمعية وتضمن الإعلان الدستورى بندا يمنع الطعن على قرارات رئيس الجمهورية حتى إقرار الدستور الجديد ويمنع حل الجمعية التأسيسية أو مجلس الشورى.

∎ مرسى يصطدم بالقضاة

بدأت معركة الجماعة ممثلة فى الرئيس مع القضاء من خلال قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب بالمخالفة لحكم المحكم الدستورية العليا، الأمر الذى وجد فيه القضاة إهدارا لقيمة الأحكام القضائية واحتراما لهيبة القضاء، فلم يكن أمام الرئيس بعدها سوى العدول عن قراره.

إلا أن  المعركة الحقيقية بدأت عندما قرر الرئيس الإطاحة بالنائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، والذى اعتبر توغلاً واضحاً فى شئون السلطة القضائية، وانتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات، ثم لم يكن أمام الرئيس سوى العدول عن قراره والبقاء على النائب العام فى منصبه على مضض. بعد أن ثار عليه القضاة.

ثم أعقب ذلك أصدرالرئيس  الإعلان الدستورى فى 21 نوفمبر وقوفا على رغبته فيما يتعلق بتصفية الحسابات السياسية والذى  حصن فيه قراراته من أى طعن أمام القضاء وبموجبه عزل النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود وتعيين المستشار طلعت عبدالله الذى جاء على غير رغبة القضاة المصريين وأعضاء النيابة العامة والمصممين على إقالته لتشتعل الأزمة بين الجماعة التى حاصر أنصارها المحكمة الدستورية، وبين القضاة الذين يتمسكون بإقالة النائب العام الحالى والذى اعتبروه محسوبا على الإخوان.

∎ أحداث الاتحادية

تطورت أزمة الإعلان الدستورى بإعلان الرئيس مرسى الدعوة للاستفتاء على الدستور الجديد فيما تمسكت قوى معارضة ممثلة فى «جبهة الإنقاذ» بزعامة محمد البرادعى، وحمدين صباحى، وعمرو موسى من جهة، بالدعوة إلى الاعتصام والتظاهر أمام قصر الاتحادية، وتظاهروا فى محيطه ورددوا هتافات بسقوط الرئيس ومشروع الدستور الجديد، ولم يتحمل أنصار الرئيس هذه الإهانات فقاموا بحشد جماعتهم على أثر ما قام به بعض قياداتهم مثل الدكتور محمد البلتاجى الذى دعا شباب الإخوان بالنزول إلى الاتحادية لحماية القصر الرئاسى، فتوجهوا إلى الاتحادية ووقعت الاشتباكات بين الطرفين، وأسفرت عن سقوط قتلى والعديد من الجرحى خلال الأحداث. ولم يكتف الإخوان بذلك بل اتهموا المتظاهرين بقتل ما بين 6 و8 من شبابهم مطالبين القصاص العادل لأرواح شهدائهم «على حد وصفهم».

∎ الاستفتاء على الدستور

ومع كل ذلك لم يكترث الرئيس محمد مرسى بغضب المعارضة التى رفضت الدستور أو إجراء الاستفتاء عليه إلا بعد تعديل المواد المختلف حولها، بل أعلنت الرئاسة عن موعد إجراء الاستفتاء على مرحلتين رغم غضب القضاة والأحزاب السياسية. ورفض العديد من القضاة الإشراف على الاستفتاء.

إلا أن نتيجة الاستفتاء جاءت بنعم، حيث جاءت نسبة الموافقة 36٪ مما اعتبره البعض دستوراً لا يعبر عن إرادة الشعب إنما عن رغبة هذا الفصيل بما يضم من أتباع التيارات الإسلامية الأخرى. مما زاد الأوضاع سوءا ورفضا من القوى السياسية التى طعنت بالتزوير استنادا إلى التجاوزات التى رصدتها العديد من المنظمات الحقوقية التى أشرفت على الانتخابات.