الجمعة 1 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الشاعر حسين القباحى: مركز للإبداع الدائم

الشاعر حسين القباحى: مركز للإبداع الدائم
الشاعر حسين القباحى: مركز للإبداع الدائم


استلهم نقوش معابد الكرنك، وطريق الكباش الذى يربط بين معبدى الكرنك والأقصر مسكوناً بتراث الأجداد، هو الشاعرحسين القباحى الذى أصدر ديوانين خصصهما للبوح بمكنون مشاعره وحواره مع نقوش الأجداد، وهما ديوان «نقوش جنوبية»، وديوان «أحاديث الكباش».. وقد عمل القباحى مدرسًا للتاريخ لمدة أربعين عامًا، وهو يعمل الآن مديرًا لبيت الشعر فى الأقصر، كما أصدر عدة دواوين شعرية ودراسات أدبية.


• نقوش على جدران الكرنك
سألته عن تجربته فى الديوانين وعن خصوصية الأدب فى الأقصر فقال:
فى دواوينى كلها هناك ارتباط بالمصرى القديم، وتظهر خصوصية مدينة الأقصر فى ديوانى «نقوش على جدران الكرنك»، و«من أحاديث الكباش»، لقد تأثرت كثيرًا بالمكان كما تأثر به كل مبدعى الأقصر طريق الكباش بالذات الذى كان مغمورًا تحت الأرض بين معبد الأقصر ومعبد الكرنك ألهمنى بكل ما فيه من مؤثرات، فهو الطريق الذى كان يتم فيه الاحتفال بعيد وفاء النيل، وأعياد «الأوبت» الفرعونية «اكتمال الحصاد».
فالسنة كانت عندهم 360 يومًا، وخمسة أيام خصصوها للأفراح والاحتفال بالحصاد وفى طريق الكباش تماثيل معظمها كان مدفونًا تحت الأرض، إنه يبدو كمتحف مفتوح، ومن هنا نشأت الفكرة الرئيسية لديوانى أن هذه التماثيل التى تمثل العهد الفرعونى القديم قد تحولت فى خيالى إلى بشر أصبحوا موجودين فى الحياة، وهم يكتبون شهاداتهم للتاريخ.
هذه هى فكرة ديوانى «من أحاديث الكباش».
أما ديوانى «نقوش على جدران الكرنك» ففكرته تقوم على أساس أن المعابد لا تحوى نقوشًا قديمة فقط ولكن هناك نقوش أخرى تخيلتها مكتوبة فسجلت رؤيتى تلك.
كنت أسأل نفسى لماذا استخدم المصرى القديم النقش وليس الرسم للتعبير عن الأحداث المهمة لأن النقش يصمد أمام الزمن، وهو رسالة للأزمنة القادمة، فاستلهمت هذه النقوش، وتحدثت عن الأحداث المهمة فى تاريخنا والتى أصبحت نقوشًا على جدران الكرنك الذى أعتبره الكتاب المصرى المفتوح على الأحداث التى كانت موجودة.
فاستلهمته، لقد درست التاريخ لتلاميذى أربعين عامًا، لم تكن التواريخ هى شغلى الشاغل وإنما كنت أهتم بفلسفة التاريخ أى استلهامه الأفكار مثل الدفاع عن حدود الوطن، والانتماء.
• مركز للإبداع الدائم
سألته عن أهم الأعمال الأدبية التى جسدت طبيعة الأقصر وخصوصيتها: فقال: رواية «خالتى صفية والدير» لبهاء طاهر عبرت تعبيرًا قويًا عن التعايش والتحاب والتواصل بين ناس الأقصر على اختلاف قبائلهم، ودياناتهم.
ورواية «الطوق والأسورة» ليحيى الطاهر عبدالله عبرت عن أشواق المواطن الأقصرى لتحقيق أحلامه وطموحاته وما يقف أمامه من قسوة التقاليد.
وكذلك تعد روايات أدهم العبودى معبرة ومستلهمة للحياة فى الأقصر خاصة روايته«باب العبد»، وله أيضًا رواية «متاهة الأولياء» ورواية «الخاتم»، وهناك رواية عبدالسلام إبراهيم وهى بعنوان «الطوَّاب» فالأقصر ألهمت كل مبدعيها، فهى بتكوينها الحضارى والإنسانى يجعلها مركزًا لإبداع دائم فهى تمتلك تراثًا يمتد إلى ما يقرب من سبعة آلاف سنة، يفتح المرء عينيه أول ما يفتحها على الأعمدة والرسومات والنقوش، والأقصر تستقبل كل الأجانب من كل أنحاء العالم، والأقصرى نشأ باكرًا على التعرف على الآخر تعرفًا مباشرًا، والاحتفاء والترحيب به ولذا فهم يتفاعلون مع الأشكال الحضارية المغايرة.
وفى الأقصر مشاهد ومعالم تؤثر فى الوجدان وتسهم فى احترام الاختلاف، فهناك جامع شهير فيه مئذنة سيدى أبو الحجاج وهى من العصر الفاطمى، وبرج كنيسة من العصر القبطى، وإلى جوارهما مسلة فرعونية، عصور مختلفة فى مكان واحد فهى رمز للحضارة، حيث تتجاور الثقافات وتتعايش فى نسيج واحد متكامل، علاوة على المخزون التراثى فى الغناء والأفراح والاحتفاء بالمولود والتفاعل مع الأجنبى الوافد، ومشاهدة الآثار ومعايشتها بشكل يومى وكل هذا من مكونات النفس المبدعة فعندنا نحاتون مجيدون، وفنانون تلقائيون، وحرف بيئية متميزة.
• حركة الإبداع فى الأقصر
وعن كنوز الإبداع سألته.. عن مبدعى الأقصر
فقال: الأقصر غنية بالمبدعين، وهناك حركة أدبية مهمة منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضى، وأجيال جديدة من الشباب برعوا فى القصة والرواية والشعر، وبرزت أسماؤهم من خلال مهرجان طيبة الدولى الذى بدأت دوراته عام 1989، وكان يقوم سنويًا، وكانت آخر دوراته التى انعقدت فى يناير سنة 2011 ونتمنى أن يعود من جديد فقد كانت تدعمه وزارة الثقافة والمحافظة واتحاد الكتاب والأجهزة المحلية وكان يحقق تواصلاً مع المبدعين فى أنحاء الجمهورية، والمبدعين العرب والأجانب.
لقد سطعت من الأقصر إبداعات بهاء طاهر، ويحيى الطاهر عبدالله، وجاء جيل نشر تجربته.
ففى القصة والرواية هناك حشمت يوسف، والأديب الراحل حسين خليفة، وهناك أدهم العبودى، وعبدالسلام إبراهيم، وابتهال الشايب.
وفى الشعر هناك أحمد فؤاد جويلى، ومحمد جاد المولى العمارى، وأشرف فراج، والنوبى عبدالراضى، وعلى حسان، وحسين القباحى..
ومن الجيل الجديد من الشعراء حسن عامر، ومحمد المتيم، ومحمد العارف، وشمس المولى عبدالمولى، ومروة جابر، وآمال منصور.
ومن أشهر المداحين: ياسين التهامى، وأحمد برين، والريس متقال، وشمندى وهو من رواة السيرة الهلالية.
وفى الغناء: عبدالله جوهر، ويحيى بحر، وتامر جابر.
وفى الفنون: فن التحطيب، وفن الكَفْ «وهى أغانى شعبية يصحبها رقص شعبى»، والمزمار البلدى، والربابة وفنونها.
• بيوت الثقافة
وعن مواقع العمل الثقافى العديدة فى الأقصر سألته:
فقال: الأقصر غنية جدًا بالمواقع الثقافية وفيها عدد من المكتبات العامة، ومكتبات الطفل، وبيوت الثقافة فى القرى، وعدد من قصور الثقافة ومنها قصر ثقافة الأقصر، وقصر ثقافة بهاء طاهر، وقصر ثقافة الطارف، وقصر ثقافة المدامود، وقصر ثقافة الطوٍد، وقصر ثقافة إسنا، وقصر ثقافة أرمنت، فهناك ستة مراكز للأقصر وكلها قريبة من العاصمة الأقصر وهى: أرمنت، وإسنا، والطور، والبياضية، والزينية، ومدينة طيبة الجديدة.
وقد تأسس نادى الأدب عام 1985 برئاسة واحد من جيل الرواد وهو الشاعر محمد منصور، وتكون من الشعراء: محمد عادل، وعبدالعزيز لبيب، وعبدالرسول عبدالحاكم، وحسين القباحى ومن القصاصين: حشمت يوسف، وحسين خليفة، ومحمد جاد المولى، وتعهده بعد ذلك أدباء من جيل الشباب مثل: يحيى سمير كامل، وكريم الشاورى، وعلى حسان.
وهناك فرق مسرحية مهمة فى قصور الثقافة وهناك فرق مستقلة مثل فرقة كريم الشاورى، وفرقة عماد عبدالعاطى، وفرقة فراج محسب.
وهناك أيضًا حركة ترجمة نشطة نظرًا للانفتاح على الآخر، فمن المترجمين المتميزين من أبناء الأقصر: الشاعر الحسين خضيرى، والقاص عبدالسلام إبراهيم.
ومن أحدث المؤسسات الثقافية بيت الشعر والذى تأسس فى يناير 2015، بمبادرة الشيخ سلطان محمد القاسمى حاكم الشارقة ورعايته وتقوم المبادرة على أساس إنشاء ألف بيت للشعر فى الوطن العربى، وبدأ بالتنسيق مع وزارة الثقافة، وأقوم بإدارته، ومن أهدافه الاهتمام بالشعر العربى، والأدب العربى بشكل عام، وإثراء المشهد الثقافى إلى جانب المؤسسات الثقافية الرسمية، وهناك مهرجان سنوى يقيمه بيت الشعر فى نوفمبر من كل عام ويتزامن مع العيد القومى للأقصر، وسيكون مصاحبًا له هذا العام معرض فنى لفنون الخط العربى بمشاركة 25 فنانًا، وحوالى 35 لوحة فنية، كما يتضمن عروضًا فنية من التراث الشعبى والحرف البيئية والمحلية.