الجمعة الحزينة!!

ابانوب نبيل
جمعة تسبق عيد القيامة وتوافق اليوم السادس من أسبوع الآلام للسيد المسيح الذى يبدأ بحد السعف، وينتهى بعيد القيامة فى الأحد الذى يليه، ويُطلق عليها الجمعة العظيمة، أو جمعة الآلام، أو الجمعة المقدسة، أو الجمعة السوداء، وتعتبر هذه الجمعة من الرموز المسيحية الهامة والمقدسة فى الديانة المسيحية، ويتذكر المسيحيون فى هذا اليوم ما تعرض له السيد المسيح من آلام،
وحسب الديانة المسيحية أن السيد المسيح قد تعرض للتعذيب والصلب والموت والدفن، والجدير بالذكر أن الجمعة العظيمة تسبق قدوم عيد الفصح المسيحى، وفى الوقت نفسه يحتفل اليهود أيضًا بعيد الفصح اليهودى، ويرجع الاحتفال المسيحى بهذه المناسبة استنادًا إلى إنجيل يوحنا، فى الأصحاح الـ19، والذى ذكر واقعة صلب يسوع، وقد فصلّت الأناجيل أخبار وتفاصيل القبض على يسوع ومحاكمته وتعذيبه وصلبه، ومن ثم موته.
صلوات الساعات
بدأ القمص «مينا لطفى» كلماته بأن يوم الجمعة العظيمة، أو «الحزينة»، هو تذكار دينى لصلب السيد المسيح وموته فى الجلجثة بأورشليم، كما تعتبر الكنيسة يوم الجمعة العظيمة يوم صيام إلزامى حيث يتم الانقطاع عن الطعام والشراب من منتصف ليل الخميس وحتى السادسة من مساء الجمعة ولا يتم الإفطار إلا على أكل نباتى كمشاركة للمسيح الذى علق على الصليب لنحو 9 ساعات متألما بلا أكل أو مياه، وتتسم الاحتفالات فى الجمعة العظيمة بالحزن والاتشاح باللون الأسود، وتمنع فيها المظاهر الاحتفالية المبهجة حتى مساء غد السبت ويرتل الشمامسة بنغمة حزينة «أذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك» وتقرع الكنيسة أجراسها الحزينة، كما يعد اصطحاب الزهور والورود واحدًا من أهم الطقوس فى قداس «الجمعة العظيمة»، لإحياء تذكار دفن السيد المسيح عقب صلبه، بنهاية المراسم الدينية للقداس، وأضاف القمص مينا: إن يوم الجمعة العظيمة يتضمن صلوات الساعات الست التى يصليها المسيحيون، مرتبطة وموزعة بحسب أحداث الصلب وفق الترتيب التالى فى الطقس القبطى.. باكر، والثالثة، والسادسة، والتاسعة، والحادية عشر، والثانية عشر؛ فصلاة باكر تشير إلى الحكم على المسيح بالموت، أما صلاة الثالثة فتختص بالمحاكمة أمام الحاكم بيلاطس البنطى، وترتبط صلاة السادسة بطريق الآلام، أما التاسعة فهى ساعة موت المسيح، والثانية عشر هى دفنه، كما أضاف: يتذوق المصلون خلال نهاية طقس صلاة الجمعة العظيمة قطرات من الخل الذى أعطاه صالبو المسيح له عندما طلب أن يشرب ماء، كتذكار للآلام التى احتملها على الصليب، كما تطفأ أنوار الكنيسة مع إقامة صلاة الساعة السادسة من يوم الجمعة العظيمة، حيث يُقرأ الإنجيل، وعندما يقول القارئ «وكانت ظلمة على الأرض» تطفأ أنوار الكنيسة والشموع، حيث حلت ظلمة على الأرض بعد صلب المسيح، كما يوضح الإنجيل: «ولما كانت الساعة السادسة، كانت ظلمة على الأرض كلها إلى الساعة التاسعة»، ومع صلاة الساعة التاسعة تضاء أنوار الكنيسة ثانية، وأضاف القمص مينا: إن الكنيسة تخصص طقس صلاة اللص الذى صُلِب على يمين السيد المسيح، الذى قام بتعييره بالصلب فى البداية، ثم اعترف بخطاياه كونه لص، وقال للمسيح «أذكرنى متى جئت فى ملكوتك»، ورد عليه المسيح قائلا: «اليوم تكون معى فى الفردوس»، ولذلك يتلى شعب الكنيسة صلاة اللص اليمين لتمتعه بالوعد، ويقال إن هذا اللص صار فى العصور الوسطى بأوروبا شفيعًا للمسجونين واللصوص.
يارب أرحم 400 مرة
كما أشار القمص مينا إلى «المطانيات» التى تقام فى الجمعة العظيمة، وتعنى كلمة مطانية «مراجعة النية» ومعناها الاصطلاحى «سجود أو توبة»، ويقوم المصلون بعمل 400 مطانية مرددين «كيرياليسون» التى تعنى «يارب أرحم»، 100 مطانية فى كل اتجاه شرقًا ثم غربا ثم شمالا ثم جنوبا، وذلك طلبا لرحمة الله ورأفته، واعترافا بآلامه، وإعلانا لبركة الصليب، حيث يرشمون الصليب مع كل مطانية يقومون بها.
وبعدما يكمل المصليون الأربعة اتجاهات، يعودون للشرق ويقولون «كيرياليسون» اثنتى عشر مرة حزنا وفرحا، حزنا من أجل الآلام.. وفرحا لأن المسيح خَلصَ الكنيسة وشعبها بتلك الآلام، ومن ثم تليها الدورة أو الزفة حيث يحمل الكاهن والشمامسة أيقونة الصلب وصورة للمسيح والإنجيل والشموع والصلبان، ويطوفون الكنيسة إشارة لحمل جسد المسيح، مرتلين بالدفوف «كيرياليسون»، إشارة ليوسف ونيقوديموس اللذين أنزلا جسد المسيح عن الصليب، وحملاه بإجلال وذهبا به إلى القبر، وأضاف القمص مينا: وفى النهاية، تتم طقوس الدفن بعد الطواف بأيقونة الصلب، وتوضع صورة الدفن والصليب مع حنوط وورود إشارة للحياة فى ستر/ رداء أبيض، يُثنى بعدها من جهاته الأربعة، وتوضع شمعدانات يمينا ويسارا، ويُعد هذا الطقس تمثيلا لما فعله يوسف ونيقوديموس وقتما وضعوا جسد المسيح فى القبر.. وأنهى القمص مينا كلماته قائلا: إن التقليد الشعبى عند مسيحيى مصر هو أن يفطرواعلى أكل «الطعمية»، أو «الفول النابت»! وعلى عكس معظم أكلات الأقباط خلال أيام الصوم، فإن هذه الأكلات ليس لها دلالة طقسية أو روحية، وإنما جرت العادة على ذلك فى مصر.•