الأربعاء 9 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

دعوة من مصر لإحياء إنسانية العالم

دعوة من مصر لإحياء إنسانية العالم
دعوة من مصر لإحياء إنسانية العالم


على أرض الفيروز.. سيناء.. وفى قلب مدينة السلام بمنتدى شباب العالم بشرم الشيخ فى نسخته الثانية اجتمع شباب من جميع ربوع العالم على مختلف جنسياتهم وهوياتهم وعقائدهم الدينية على «قلب» واحد وضع فى «نصب تذكارى» أهدوه بدعوة من مصر لكل البلاد فى رسالة سلام وأبداع لإحياء قلوب وإنسانية العالم.

بعد حضور «الرئيس عبدالفتاح السيسى» لحفل الافتتاح الرسمى لمنتدى شباب العالم فى نسخته الثانية اصطحب قادة الوفود وعددًا من الشخصيات العامة والشباب وتوجه لافتتاح النصب التذكارى «لإحياء الإنسانية»، الذى رجع فكرته إلى المصممة «شيماء أبو الخير» التى أرادت توجيه دعوة من مصر لأحياء قلوب العالم، تحت عنوان «مصر فى مهمة لإحياء قلوب العالم .. مصر فى مهمة لإحياء الإنسانية. «ولأن رمز الفطرة وموطن مشاعر الحب والقوة هو القلب، وهو الدافع الذى يحافظ على إنسانيتنا والسبيل لقدرتنا على العيش على الأرض، فقد اختارته «أبو الخير» فى شكله البشرى؛ ليكون رمزها فى دعوتها للإنسانية.

والجدير بالذكر أن النصب التذكارى تم إنجازه فى وقت قياسى بحسن تعاون إدارة المنتدى التى يرجع الفضل لها فى سرعة التنفيذ وخروج العمل للنور، فحسبما صرحت «أبو الخير» لمجلة «صباح الخير» أنها قدمت فكرة النصب لإدارة المنتدى قبل بدء فعالياته «بثلاثة أشهر فقط»، وتم تنفيذ الفكرة فى الثلاثة أسابيع السابقة لبدء الفعاليات. واختارت إدارة المنتدى موقع إقامة النصب التذكارى فى حضن جبل بمنطقة وادى الخروم بمدينة شرم الشيخ من نقطة مرتفعة تجعلها الأقرب للسماء، ولأن الإنسانية ليست مهمة مصرية فقط فقد وُجهت الدعوة لكل نحاتى العالم للمشاركة لمخاطبة الإنسان فى كل مكان إيذانًا بنشر رسالة إحياء الإنسانية للعالم كله،

طريق النور

تعتمد فكرة النصب التذكارى على إقامة صرح يضم 195 قلبًا لفنانين من كل بلاد العالم، لتجسيد تأثير ما نعايشه الآن من حروب وإرهاب وتذكيرنا بضرورة التشبث بإنسانيتا، وجاء تصميمه بفلسفة خاصة تؤكد رسالته، فكما ذكرت «أبو الخير»: انقسم التصميم إلى جزءين، الجزء الأول هو النصب التذكارى نفسه، والجزء الثانى هو الطريق المؤدى له، ويسمى «بطريق النور» الذى يرمز لرحلتنا الإنسانية للوصول إلى النبل والنقاء، هو الطريق الذى فقد فيه العالم أرواحًا بريئة من نور، حاضرة فى الطريق وممثلة فى مسلات النور على جانبيه لتنير لنا طريقنا فى رحلتنا ، وشكلت بارتفاعات مختلفة ترمز إلى اختلاف عدد ضحايا كل بلد، والطريق يبدأ بأرضية مكونة من خمسة أنواع رخام مختلفة الألوان ترمز إلى اختلاف «أشكال، ألوان، ثقافات وجنسيات» البشر فى كل مكان، وكلما اقتربنا على الانتهاء منه وصولا إلى النصب التذكارى نجد أن ألوان الرخام تمتزج أكثر فأكثر حتى تتلاشى الفروق وعندما نصل عند النصب التذكارى نجد اللون الأبيض رمز النقاء، فى رمزية أيضا إلى أن السير فى طريق النور يزيد من إنسانيتنا ويقوى فينا البصيرة وصولا إلى اللون الأبيض الذى نأمل أن يكون هو لون صفاء قلوبنا.

سبع درجات سبعة أعمدة

للوصول إلى النصب التذكارى توجد سبعع درجات سلم تمثل الأعمدة السبعة للشخصية المصرية. ويرتكز تصميمه على نقطتين مهمتين، أولاهما أن كل الأعمدة بارتفاع واحد لتأكيد فكرة الوحدة والتعادل، ثانيًا أن تم تصميم النصب فى شكل دائرى ليتم وضع القلب مصر فى المنتصف، فالله أراد لمصر أن تكون فى قلب العالم، وتأكيدا على دورها المركزى فى نشر رسالة الإنسانية.

وعند ملاحظة أن القلب المصرى هو الوحيد الذى ليس له صندوق زجاجى، قالت «أبو الخير»: بالفعل فقد تمت مراعاة ذوى الاحتياجات الخاصة فى التصميم، بناء على دعوة من مؤسسة «حلم» لرعاية ذوى الاحتياجات الخاصة، خصصت لهم مساحة للتحرك بسلاسة لاستطاعة رؤية كل الأعمال الفنية المعروضة بوضوح. كذلك لم نضع على العمل الفنى المصرى صندوقاً زجاجياً لنتيح لفاقدى البصر لمسه، فالنصب التذكارى هنا يدعو للإنسانية، لذا لا بد أن نتيح للجميع فرصتهم والسماح بأحقيتهم فى التواصل مع العمل ومعرف شكله.

72 قلبًا بشريًا

استعانت «أبو الخير» فى دعوة فنانى العالم للمشاركة بكل الطرق الممكنة فكما قالت: استعنا فى توجيه الدعوات بـ«إدارة المنتدى، وزارة الخارجية، مواقع التواصل الاجتماعى» لضيق الوقت، وتم ذلك بمساعدة فريق العمل من شركائى الثقافيين والتشكيليين من «قوميسير الفريق أستاذ ياسر جاد، قوميسير الورشة أستاذ شاكر الإدريسى، القوميسير التنفيذى الفنان أحمد مجدى. فتقدم للمسابقة 400 نحات تم منهم اختيار 72 نحاتا من 72 دولة مختلفة، بدأنا بهم المرحلة الأولى للنصب على أن تكتمل فى الدورات القادمة مشاركة الـ195 دولة المجهز أماكنهم بالفعل فى تصميم النصب التذكارى. وكان تركيزنا فى المشاركة على الدول التى لا نستطيع القول أننا ندعو لأحياء الإنسانية بدونهم، وهى الدول التى تأذت وتعرضت لعدوان شديد فى إنسانيتها مثل «فلسطين، سوريا، أرمينيا، العراق، نيجيريا .. وغيرها».. جاءت الأعمال الفنية للمشاركين محملة بمشاعرهم وتعبيرهم الخاص لتجاه إنسانية العالم الآن.. وإلى أين وصلت.. فتنوعت الرؤى والصياغة التشكيلية والخامات المستخدمة له، مع توحيد مقاييس القطع الفنية لتأكيد تساوى الحقوق الإنسانية، جاءت الصياغات الفنية له مختلفة فأحد الفنانين شكله كقلب فقد إنسانيته تماما فى هيئة بناية تم تحطيمها فتكومت قطع من الطوب ومواد البناء يتخللها أسلاك ومعادن وأحجار. وآخر جسد محاولة انتراع الإنسانية من قلوبنا والوحشية الموجودة فى العالم الآن بأن جسده كقلب ينتزع من مكانه بعنف ووحشية شديدة. فيما شُكلت بعض القلوب بنعومة ورقة رمزية لاحتفاظها بإنسانيتها.  وتم وضعها جميعا على أعمدة رخامية فى قلب الجبل، لتخليد ذكرى شهداء الإنسانية، ضحايا الحروب والصراعات والتطرف فى مصر وفى كل بلاد الدنيا.. وفى غضون أيام قليلة نجح النصب التذكارى كإحدى صور الفن المصرى فى توصيل رسالته المعاصرة إلى العالم ، وهذا ما أكدت عليه توصيات ختام المنتدى؛ بأن صرح سيادة الرئيس «عبد الفتاح السيسى» بأن دور النصب التذكارى لن يقتصر على كونه عملا فنيا فقط، بل سوف يتم معه إنشاء مؤسسة دولية لرعاية ضحايا الإرهاب فى العالم. وأصبح النصب التذكارى كيانا كاملا منفصلا ومزارا سياحيا حتى إنه من المفترض تغيير اسم الجبل المحتضن له إلى «جبل الإنسانية» ..

القلب المجنح

جاء القلب المصرى للنحات «أحمد مجدى».. فنان مصرى أصيل، نشأ فى الصعيد المحمل بالتراث الفرعونى وعشق تراب وتاريخ الجنوب، ثم انتقل إلى مركزية القاهرة المحملة بالحداثة. فتميزت أعماله بنكهة خاصة تراثية معاصرة يطمح فيها إلى التحرر والتحليق. حاز فى أكتوبر لهذا العام على الجائزة الرابعة فى مسابقة «مؤسسة ومتحف روتشى» الدولية بالصين. ضمن 1000 فنان متقدم على مستوى العالم، كما توجد له مقتنات بحديقة «الصداقة بين الصين والدول العربية» بدولة الصين.. عن مشاركته فى النصب التذكارى قال «مجدى»: تقدمت للمشاركة فى المسابقة التى تم الإعلان عنها ضمن الفنانين المصريين المتقدمين ووقع الاختيار على، وبجانب مشاركتى كفنان نحات، تم اختيارى القوميسير التنفيذى للموقع، فساعدت فى التحضيرات لتنفيذ وتجهيز الموقع. وعن عملى الفنى فقد استغرق التجهيز لرسم اسكتشاته ما يقرب من أسبوعين، بصفتها المرحلة الأصعب التى تتبلور فيها الحبكة الدارمية للعمل، أما التنفيذ وهو مرحلة الاستمتاع فلم يستغرق أكثر من أسبوع.

وعن فلسفة العمل فقط  استلهمتها من مصر القديمة. لأن الحدث عالمى، وأنا أشارك فيه بهويتى المحملة بتاريخى المصرى ولكن بشكل معاصر، لذا استعرت شكل القلب كما رسمه الفنان المصرى القديم بتلخصيه الشديد له، مع خلق ثلاث مساحات تعنى «الميلاد، الحياة، الموت»، وإضافة «الأجنحة» التى تعنى الطيران رمز الحرية والمواجهة. ونفذت العمل من خامة البرونز ثم قمت بطلائه «بالذهب» لخلق عامل الرابط البصرى بين الفن المصرى القديم وعملى المعاصر، كما أردت إضافة شىء من الهيبة على عملى، فالذهب من المعادن التى لها جلالة. . وفى امتنان وفخر قال «مجدى»: سعدت جدا لأن الرئيس السيسى لما يتمتع به من حس فنى وإبداعى تواصل مع عملى الفنى بشكل جيد جدا وشعر بحضوره بين الأعمال الأخرى، فبعد أن وضعناه على قاعدته، ظل «الرئيس» واقفا أمامه وناظرا له بعض الوقت ثم وجه لى كلمات رقيقة «العمل جميل وله حضور وقوة.. متشكر جدا على مجهودك».

ورش عمل

وجدت طريقتين لتنفيذ الأعمال الفنية للفنانين المشاركين أشرف عليها قوميسير فريق عمل النصب التذكارى الفنان والناقد الفنى «ياسر جاد» موضحا أن إدارة المنتدى تحملت جميع التكاليف ووفرت كل أنواع الخامات التى طلبها الفنانون لتنفيذ أعمالهم، وكانت طريقة العمل الأولى أن يتم الفنان عمله بمرسمه الخاص ويقوم بإرساله للمنتدى مع إبلاغهم بقيمة التكلفة. والثانية أن ينفذ الفنان عمله بالموقع المخصص للنصب التذكارى داخل مساحة المنتدى، وأن تتحمل الإدارة جميع تكاليف الإقامة والخامات وتوفير بيئة عمل مناسبة، وكانت هى النسبة الأكبر للفنانين التى زادت على 65%.
أما قوميسير الورشة المصاحبة للنصب التذكارى الفنان التشكيلى «شاكر الإدريسى» فقد أكد أن الاستعانة بأفضل طلاب من أقسام النحت من مختلف كليات الفنون لمعايشة التجربة مع الفنانين المشاركين قد خلقت لدى الطلاب نوعا من الثراء الفنى والتحفيزى للإبداع وأعطتهم خبرة فى المجال التنظيمى لمثل هذه الأحداث واستفادتهم هذه فيها تحقيق غاية أهداف المنتدى المخصص للشباب. •