الثلاثاء 17 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

جوليا تبتسم فى الرياض

جوليا تبتسم فى الرياض
جوليا تبتسم فى الرياض


عندما تدخل دار عرض للسينما يدهشك الحلم الإنسانى، تتحرر من تفاصيل اليوم المملة وتطارد صناع الحلم فى سعادة طفل.
تستوقفك الابتسامة الساحرة لجوليا روبرتس والوجه الصبوح لميرل ستريب وتتعجب من النظرة الحزينة فى عينى عمر الشريف وتحتار فيما يفكرالماكر أل باتشينو..  هذه المطاردة اللذيذة لملوك الأحلام قد تحدث فى القاهرة، باريس، نيويورك.

داخل دار العرض بالرياض
تجلس داخل دار العرض أمام الشاشة الكبيرة فى سعادة تعلم أنك فى حلم دفعت ثمنه مقدمًا أمام شباك التذاكر.. لكنه الحلم الذى يصنع الواقع أو يحررك من الواقع الذى تعيشه فتقرر تغييره.
فى 18 أبريل الماضى طارت الأحلام وصانعوها إلى أرض جديدة لم تذهب لها من قبل... إلى الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية.
كانت صور النجوم تزين مدخل أول دار عرض افتُتحت فى المملكة الابتسامة الساحرة والوجه الصبوح والنظرات الحزينة والمكر تراصت بجانب بعضها والأكثر إبهارًا من صور النجوم كان الجمهور المتشوق لمطاردة الأحلام، الباحث عن حياة طبيعية.
خطوات المملكة فى طريق الحداثة تتسارع وتتحقق الأحلام المستحيلة ففى كل صباح يشرق حلم جديد يجعل الظلام يتلاشى.
يسمح للسيدات بقيادة السيارات، يعود البث التلفزيونى المعتاد بقصيدة من أجل عينيك لكوكب الشرق أم كلثوم، تجرى الاستعدادات لإنشاء دار للأوبرا، ألحان الفرق الموسيقية  تتناغم مع رياح الصحراء، حفلات الغناء  تقام فى مدن المملكة ليتابعها جيل من الشباب انتظر الحداثة طويلاً.
محقق هذه الأحلام التى كانت حتى وقت قريب مستحيلة ولى عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان فهو قبل كل شيء ينتمى لهذا الجيل الشاب أو جيل المغردين.
هؤلاء المغردون
مرت المملكة بحالة غريبة قبل تحقق هذه الأحلام، فعلى أرض الواقع هى بلد شاب بامتياز فتعدادها الذى يتجاوز الـ30 مليونًا الغلبة فيه للشباب وعدد كبير منهم تلقى تعليمه فى أرقى جامعات الغرب والشرق وكلهم يجوبون العالم بواقع الوفرة المالية ليتفاعلوا مع أحدث ما أنتجه العقل البشرى وحداثة القرن الـ 21.
عندما يعود هؤلاء المغردون إلى أرض المملكة كانوا يتركون على أبوابها هذه الحداثة ويعيشون تحت سقف القرون الوسطى وتحكمات قوى الظلام التى تحرم كل شيء وتصدر فتوى حول كل فعل إنسانى طبيعى حتى تسمح به.
22 مليار دولار للترفيه بالممملكة
يزداد الوضع غرابة فى المملكة، عندما تعلم أن حجم ما  ينفقه  هذا  الشعب الشاب على وسائل الترفيه خارجها يصل إلى 22 مليار دولارسنويًا، أما داخلها فبأمر قوى الظلام ممنوع الترفيه.. إنها الازدواجية المقيتة لهذه التيارات الظلامية.
كانت القوى الناعمة المصرية حاضرة رغم ما تعانيه من وهن فى تجقيق هذه الأحلام من أول كوكب الشرق عندما  افتتح بها البث التلفزيونى إلى حفلات تامر حسنى وحماقى فى جدة.
لم ولن تبخل القاهرة عندما تطلب منها الرياض هذا المدد الناعم فى معركة تحقيق الأحلام وتحجيم قوى الظلام حتى القضاء عليها.
هذه الأحلام التى نراها تتحقق فى المملكة كان لها بداية فى شوارع وحوارى وريف مصرعندما خرج المصريون فى 30 يونيو رافضين حكم الفاشيست الإخوان وأذنابهم من المتسلفة مستيعدين هوية الأمة المصرية عندما انحسر الظلام بإرادة أبناء هذه الأمة الواعية بدأ النور يأخذ مكانه الطبيعى ويستعيد عافيته فى أرجاء الوطن العربى وليس فى مصر فقط وها هى الأحلام المستحيلة تتحقق.
انطلاق المملكة نحو الحداثة
تنتاب السعادة أى مصرى وعربى يتمنى  التقدم  للعرب عندما يتابع انطلاق المملكة إلى آفاق الحداثة وتراجع قوى الظلام لكن هذه السعادة مازالت قلقة تطاردها أسئلة من الماضى.
ما الذى جعل الأحلام مستحيلة؟ لماذا امتلك الظلام كل هذه القوة؟ كيف فقدت القوى الناعمة المصرية عافيتها؟ إنها أسئلة تبحث عن إجابة والإجابة لن تفسد فرحة تحقق الأحلام بل ستزيدها قوة ومنعة.
يجيب الماضى عن هذه الأسئلة، فقبل عقود مضت هناك من تحالف مع الظلام الإخوانى والمتسلف لأغراض سياسية ضيقة أو تنفيذًا لرغبات الولايات المتحدة الأمريكية فى حربها الشرسة مع الاتحاد السوفيتى يمكن مراجعة تفاصيل هذا التحالف فى مقال سابق بعنوان صفقة الذنوب نحن هنا لا ننبش الماضى فما حدث قد حدث واستطاعت الأمة المصرية توجيه ضربة ساحقة للظلام والظلاميين.
نريد الآن ترك الماضى خلفنا والذهاب وراء حلم الحداثة وصناعة مستقبل يستحقه ملايين الشباب فى وطننا العربى خاصة فى مصر والسعودية لا نريد أحلامًا خاصة بكل دولة بل حلم جمعى يحركه ويقوده المخزون الحضارى الهائل للأمة المصرية.
ماكينة الأحلام
عندما بدأت ماكينة الأحلام تدور فى الرياض لم تجد أقرب إليها من طاقة القوى الناعمة المصرية رغم وهنها كما قلنا، دعونا فى هذه المرة نتحالف مع النور.
نعمل نحن والأشقاء على استعادة عافية القوة الناعمة المصرية ذات الجذور العريقة والتى ستمد بأريحية كاملة المشروع الحداثى فى المملكة بكل الطاقة التى يريدها وبنظرة بسيطة للتاريخ سنعرف حجم هذه الطاقة.
القاهرة قبلة.. المبدعيين
فى القرن التاسع عشر قدم الأخوان لومير عروضهما السينمائية فى الإسكندرية لم تمر إلا سنوات قليلة وكانت السينما المصرية تتحول إلى صناعة بيد المصريين، وبين المسرح والمسرح كان هناك مسرح هذا غير الغناء والموسيقى والرواية والشعر فتحولت القاهرة إلى قبلة كل مبدع عربى يبحث عن فرصة لتحقيق الحلم.
استمرت القوى الناعمة المصرية فى ازدهارها واتخذت فى الستينيات نفسًا عروبيًا وطنيًا، نشرت القاهرة الحداثة والتحرر والإبداع فى أرجاء الوطن العربى حتى هاجمها تحالف الظلام مع بداية السبعينيات من القرن الماضى يريد القضاء عليها بالكامل لتخلو له الساحة.
ثبت الآن للجميع أن القوى الناعمة المصرية كانت الحصن المنيع فى مواجهة هذا الظلام الحاقد الذى فتح له البعض أبواب الحصن فى لحظة مشئومة ليتسلل إلى مجتمعاتنا.
لقد عانينا من هذا المد الظلامى الذى وجه للقوى الناعمة المصرية ضربات مؤلمة أفقدتها توازنها طوال العقود الماضية ورغم ذلك عندما احتاجنا الأشقاء فى مشروعهم الحداثى الذى يتشكل قدمنا لهم بكل أريحية ما نملك.
سفن الحضارة
ما قدمناه هو قدر الأمة المصرية التى لا تمنح إلا النور ولا تخرج من على شواطئها سوى سفن الحضارة وللأسف هبط على شواطئ الحضارة فى لحظة لعينة تجار الدين ومتنطعو الفتوى وكل تكفيرى حقير.
تحملت الأمة المصرية هذه الهجمة والتآمر وكان الحزن عميقًا عندما يسعد الشقيق بل ويسعى فى فى دعم الظلام ظنًا منه أنه بهذا الدعم سيحقق تفوقًا زائفًا على أمة هوايتها المحببة الانتصار على المحن طوال سبعة آلاف عام.
مصر نور الأمة
كل من يدرك حقيقة هذه الأمة ومعدنها الأصيل كان واثقًا أنها المنتصرة على الظلام وقوى الشر وما هى إلا أيام معدودات سيعيشها الظلام وينتهى مدحورًا وانتهى بالفعل.
لم يبق للأشقاء إلا نور مصر، أما الظلام وأتباعه فقد سحقتهم حكمة المصريين.
تتسامح مصر وتنسى دائمًا الماضى الحزين حتى العتاب لا توجهه إلى شقيق أساء.. ليس عن ضعف بل عن عزة وترفُّع عن الصغائر.
الآن مصر التى قذفوها بالظلام والتكفير عندما احتاجوها ردت عليهم بالنور والشعر والموسيقى والثقافة.
هذه طبيعة الأمة المصرية وقدرها ولذلك فهى ستترك الماضى الحزين وراءها وستبدأ فى استرداد عافية قوتها الناعمة ولن تبخل بها على أحد ولن تغلق أبوابها أمام أى عربى أو إنسان يبحث عن تحقيق حلمه وستبنى حلفًا من الحضارة والنور وسترحب بمن يريد من الأشقاء الانضمام إلى حلفها الجديد. •