الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

هيلين كيلر: لكل شئ جماله حتى الظلام والصمت

هيلين كيلر: لكل شئ جماله حتى الظلام والصمت
هيلين كيلر: لكل شئ جماله حتى الظلام والصمت


فى كتابها « قصة حياتى العجيبة» تقول هيلين كيلر الأديبة الأمريكية  الشهيرة: ليس صحيحاً أن حياتى كانت مليئة بالتعاسة لأن لكل شىء جماله حتى الظلام والصمت « وكانت هيلين قد فقدت السمع والبصر والنطق فى عامها الـ19 ومع ذلك أصبحت من أشهر أدباء العالم.

ولدت هيلين كيلر عام 1880، كباقى الأطفال تتمتع بجميع حواسها، وقبل أن تتمم عامها الأول ظهرت عليها إمارات الذكاء وبدأت تتكلم وتنطق الكلمات بوضوح، «كمرحبا, شاى وماء».. مما أثار إعجاب وفرحة أفراد عائلتها.. وتمكنت من السير فى اليوم الذى أتمت فيه عامها الأول.. ولكنها ودعت هذه الحياة سريعا.
 أصيبت «بحمى قرمزية» أفقدتها السمع والبصر والنطق ولكن إرادتها القوية ومساعدة معلمتها « آن سوليفان»، جعلها تقهر إعاقتها وتتفوق عليها.. حتى أصبحت من أبرز الأدباء فى العالم..
 حصلت « كيلر» على الدكتوراه من أسكتلندا فى الأدب الإنسانى وسافرت إلى جميع أنحاء العالم ، لتدافع عن قضايا المكفوفين..
بداية المرض
كانت هيلين محل رعاية أسرتها حتى بلغت عامها السابع.. فقد منحتهاعائلتها قدرا كبيرا من الحرية فى نطاق البيت وبدون أى ضوابط، مما انعكس بالسلب على أسلوبها وتصرفاتها  فكلما حاول أحد من أفراد أسرتها أن يحول بينها وبين ما ترغب فيه، كانت تصاب بنوبة غضب شديدة وتدمر كل شىء حولها، فكانت تخرب ألعابها وتمزق الملابس اعتراضا وغضبا.. وفى ذلك الوقت عرفت هيلين حوالى خمسين إشارة استخدمتها فى التواصل المحدود مع الآخرين.. وعلى الرغم من أن والدتها ساعدتها فى فهم بعض الأشياء، إلا أن صعوبة التعامل معها والسيطرة على تصرفاتها، كانت تزداد أكثر فأكثر كلما كبرت..
معلمتها آن سوليفان
 قررت عائلتها أن تأتى بشخص يتولى مسئولية تعليمها.. وكانت الآنسة «آن سوليفان» هى من تطوعت لتعليم «هيلين».. وكانت أول مشكلة واجهت معلمتها هى تهذيب سلوكها والسيطرة على تصرفاتها بعد فشل والديها فى ذلك..
ونجحت المعلمة فى النهاية واستطاعت أن تحصل على احترامها وطاعتها، حتى تحولت العلاقة بينهما إلى حب ولين بدلا من الخوف والشدة.. وبدت هيلين للجميع ودودة ومحبة للآخرين ومتجاوبة معهم..
وبدأت المعلمة «آن سوليفان» فى إطلاق مارد ذكائها الحبيس وهيأت لها الفرصة للشروع فى تعليمها.. واستطاعت المعلمة ببساطة شديدة من خلال خبرتها وذكائها، تعليم اللغة لهيلين كيلر بنفس الطريقة التى يتعلم بها كل طفل من المحيطين بها، ولكن عن طريق أبجدية الأيدى لكونها تفقد القدرة على السمع.. ومنذ تلك اللحظة بدأت هيلين بكل شغف وشوق تسأل عن اسم كل شىء تلمسه أصابعها وبدأ عقلها يقتنص المعلومات بسرعة كبيرة.. وكانت دائما معلمتها تتحدث إليها بجمل كاملة وصحيحة، وكانت تلزم أعضاء أسرتها بفعل ذلك.. حتى لو لم تفهم هيلين كل الكلمات التى يجرى هجاؤهاعلى يدها، فسيختزن فى مستوى اللاوعى من عقلها ليعاود الظهور فيما بعد حين يتوافر لديها الاستعداد لاستخدامه..
وبعد تسعة شهور من تعليم هيلين للكلمة، أصبح بمقدورها كتابة جمل كاملة فى خطاباتها، يعود لإخلاص معلمتها «آن سوليفان» ونجاحها الكبير فى تعليم هيلين، ومن وقتها وجدت هيلين أمامها نافذة مفتوحة على العلم.. فكانت تعتبر أول شخص كفيف أصم يتلقى تعليما كاملا حتى المرحلة الجامعية.. كان يعد هذا «حدثا تعليميا» مهما..
الشهرة والانطلاق
واشتهرت هيلين كيلر وبدأ العالم كله يقرأ أخبار تعليمها بكل شغف.. والاهتمام بتلك الفتاة الفذة ومعلمتها لم يكن فقط من قبل المعلمين، بل كان من الكتاب والمثقفين وغيرهم من المهتمين..
 لعبت الكتب دورا كبيرا فى تعليم هيلين، حيث كانت بالنسبة لها المصدر الوحيد المتوافر للحصول على المعلومات التى يمكن للآخرين تحصيلها عن طريق آذانهم وأعينهم.. فقد كان انطلاقها وتوسعها فى القراءة، يعود إلى زيارتها الأولى لمدينة بوسطن، فقد كانت تذهب كل يوم إلى مكتبة «مؤسسة بركنز للمكفوفين» وتختار منها الكتب التى تثير اهتمامها و تلجاء  لمعلمتها « سوليفان» لتفهمها ما يصعب عليها فهمه.. وذات يوم وجدتها معلمتها تجلس فى إحدى أرجاء المكتبه، تقرأ كتاباً  بطريقة برايل وهى فى الثامنة من عمرها.. كانت تحب «كتاب الأدغال» وقصص» الحيوانات البرية «.. وكانت تهتم  بـ «عالم التاريخ القديم».. وكانت الكتابات عن بلاد الإغريق تثير اهتمامها بشكل خاص، وكانت تتخيل أبطال الملاحم الإغريقية وهم يدبون على الأرض ويتحدثون وجها لوجه لسائر البشر.. وكانت «الإلياذة» هى سبب حبها للإغريق، وكانت تعجبها قصة «طروادة»..
كتبت هيلين كيلر  « قصة حياتى العجيبة» وهى طالبة فى الجامعة عام 1902.. وتخرجت فى كلية «راد كليف» بمرتبة الشرف عام 1904.. واختارت هيلين أن تكرس حياتها فى المساعدات الإنسانية والدفاع عن المكفوفين فى كل أنحاء العالم.. حيث قامت بتنظيم حفل شاى فى سن الحادية عشرة من أجل الخير.. وتولت فيه جمع بعض التبرعات المالية من أجل تعليم طفلة أخرى أصغر منها ومحرومة مثلها من نعمتى السمع والبصر..
 وفى 1968 توفيت هيلين، وكانت وفاتها بمثابة حديث الساعة حيث نعتها الصحف فى كل أنحاء العالم وكان من بينها صحيفة الأهرام..•