الأحد 27 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ولادة فى السفارة!

ولادة فى السفارة!
ولادة فى السفارة!


خالد دياب أردت البدء به فى حديثى عن فيلمة الأول «طلق صناعي» لعدة أسباب أهمها عبقريته فى تدشين نفسه كمُخرج من العيار الثقيل بأول أفلامه «طلق صناعي»، بعد تألقه كمؤلف وسيناريست فى 3 من أهم أفلام السنوات الأخيرة  «عسل أسود» «الجزيرة 2» و«ألف مبروك». 

«اللوكيشن الواحد» من أهم التحديات التى يواجهها أى مخرج مُحترف وعندما يتصدي خالد دياب لإخراج فيلمه الأول الذى تدور معظم أحداثه فى مكان واحد «السفارة»، فهذا يعنى أننا أمام مُخرج يملك قدرًا جيدًا من الخيال الإبداعى والذكاء وهو ماشاهدناه فى فيلم «طلق صناعي» الذى تدور معظم أحداثه فى مكان واحد «السفارة الأمريكية».
مُخرج الفيلم يعلم جيدًا أن جذب المُتفرج على مدار ساعتين ليست مهمة سهلة خاصة إذا كانت أحداث الفيلم تدور داخل مكان واحد.. لذلك جاء اختياره لتنويعة مُمثلين على مستوى قوة الخطوط الدرامية التى صاغها بالفيلم مع أشقائه «محمد وشيرين».
• جاذبية «القصة»
يفشل ماجد الكدوانى وزوجته حورية فرغلى فى الحصول على تأشيرة أمريكا لأكثر من مرة مما يدفعه لتنفيذ حيلة نصحه بها «بيومى فؤاد المحامي» وزوج أخت حورية بأن يجعل زوجته تلد فى السفارة من خلال إعطائها «قرص» ليكون بمثابة طلق صناعى، وأثناء تنفيذ خطته يتورط في اشتباك مع رجال الأمن بالسفارة ويتحول فى لحظة لإرهابى فى نظر القانون والمجتمع.
ومع الضغوط والتهديدات التى تمارس عليه من مدير الأمن «سيد رجب» ورئيس الوزراء «عبدالرحمن أبو زهرة» تزداد شراسة وإصرار بطل الفيلم «ماجد الكدواني» على عدم الخروج من السفارة إلا بعد وضع زوجته لتوأمها داخل السفارة ليحصلا على الجنسية الأمريكية على اعتبار أنها قانونا أرض أمريكية.
فكرة جُهنمية تجعلك تتساءل ماذا لو حدث ذلك على أرض الواقع؟!
 من يشاهد الفيلم الذى اشترك فى كتابته الأخوة الثلاثة آل دياب (خالد ومحمد وشيرين) لابد أن يربطوا بينه وبين فيلم «عسل أسود». الأول كان فى حب مصر رغم صدمات بطل الفيلم «أحمد حلمي» مما يحدث فى مصر إلا أنه قرر الإقامة بها، وفى «طلق صناعي» لم يتردد البطل «ماجد الكدواني» فى الخروج على القانون ليتحول لإرهابي.
ورغم اعترافه بخطئه بنهاية الفيلم مُطالبًا بمحاكمته، فإنها تبدو نهاية تحمل قدرًا كبيرًا من الذكاء كنوع من «التسيس» لتمرير الفيلم من الرقابة، والدليل أن «حلم الهجرة لأمريكا» يظل أملاً وطوق نجاة لأى مواطن حاليًا يريد ضمان حياة آدمية لأبنائه.
• الأبطال
الموهوب جدا ماجد الكدوانى أصبح اسمه على الأفيش السينمائى يضمن لك مشاهدة فيلم بمستوى فنى جيد- وحتى إذا كان الفيلم يتعالى على الجمهور مثلما حدث فى فيلم «الأصليين» ،لكن استمتعنا بالعناصر البصرية وبالمباراة التمثيلية بين ماجد الكدوانى وخالد الصاوى، وهو يعتبر من المُمثلين القلائل الذين يجمعون بعبقرية بين الأداء التراجيدى والكوميدى ويحسب له علمه بحجم موهبته وعدم إهدارها فى أعمال تخصم من رصيدة الفني. أما حورية فرغلى «المُمثلة» فهى بمثابة اكتشاف جديد على يد المخرج خالد دياب.
رغم المساحات الصغيرة التى صاغها «آل دياب» للشخصيات العديدة المُحيطة بالبطل «ماجد الكدواني» إلا أن فكرة الفيلم فرضت مساحة مُحترمة لتفجير الضحك منهم. مما أضفى ثقلاً للشريط السينمائي. وتأتى «مى كساب» فى مقدمة هؤلاء والمفروض أنها واحدة من الحالمين بتأشيرة أمريكا والتى تسببت بخفة ظل فى كشف أمر بطلى الفيلم «الكدوانى وحورية».
ورغم المقص الذى طال دورها من الشريط السينمائى لظروف خارجة عن إرادة صُناع الفيلم إلا أنها فرضت تألقها بمشاهدها القليلة وحظيت بردود فعل جيدة بقاعة عرض الفيلم.
وأيضا استمتع الجمهور بمباراة رائعة فى التمثيل بين «الجانب المصري» الذى يمثله سيد رجب الذى لعب دور مدير الأمن والخبير الاستراتيجى فى التفاوض مع «ماجد الكدواني» بخفة ظل غير مسبوقة، وعبدالرحمن أبو زهرة رئيس الوزراء، الحريص على إظهار سيطرة الأمن على زمام الأمور أمام السفير الأمريكي.   
الموهوب مصطفى خاطر فى دور الطالب الفاشل الذى زور شهادة بكالوريوس الطب وقدمها بالسفارة الأمريكية لكى يحصل على التأشيرة وعندما تورط فى مهمة توليد بطلة الفيلم كُشف أمره.
حسنى شتا ومحمد علاء بخفة ظل أبدعا فى تقمص شخصيات مثلية أمام موظفى السفارة. وكذلك أحمد الأزعر الشاذ جنسيا الحالم بتأشيرة أمريكا.
أما  أجمل الشخصيات التى كتبها آل دياب لراغبى الحصول على التأشيرة، فكانت من نصيب محمد جمال قلبظ فهو لا يقل عن شخصيات الفيلم التى استماتت من أجل الحصول على تأشيرة هجرة لأمريكا، ومن أجل ذلك ادعى أمام موظفى السفارة أنه «تنصر» ويريد تأشيرة أمريكا ليحتمى بها بعدما غير ديانته ويظل يقسم بشكل كوميدى لموظف السفارة بكلمات بها مزج بين الديانتين مثل «والمصحف أنا مسيحى»، وكذلك عندما تولى مهمة الدعاء أثناء احتجازه ضمن الرهائن لكى يفك الله كربهم فكان دعاءه: «آبانا الذى فى السماء يسوع باسم الصليب قنا عذاب النار. اللهم عليك باليهود والنصارى خاتمًا دعاءه وصلى اللهم على سيدنا محمد».
محمد فراج ظهر فى دور الطبيب الذى كلفته وزارة الداخلية بالدخول للسفارة من أجل «عملية الولادة، ورغم صغر دوره إلا أنه ذكرنا بأدواره البعيدة عن البلطجة وعليه ألا ينسى في غفلة نجاحه بشخصيات البلطجى والخارج عن القانون التى قدمها بالأعمال الفنية أن «التنوع مطلوب».
إتقان نجيب بلحسن فى دور «السفير الأمريكي» و«أكرم الشرقاوي» و«سالى عابد» الموظفان بالسفارة الأمريكان جعلا المُتفرج لا يشك أنهما مصريان.
على الطيب متابعة خطواته الفنية ورغم المساحات الصغيرة التى يظهر بها فى الأعمال الفنية إلا أنها مؤثرة للغاية.
تحية لصناع الفيلم خلف الكاميرا خاصة فيكتور كريدى مدير التصوير ومونتاج وائل فرج.
ومبروك لخالد دياب المخرج الذى صنع لنفسه مكانة مُتميزة وسط كبار المخرجين من خلال فيلم تدور مُعظم أحداثه فى مكان واحد.