الإثنين 11 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

التنمية والاستثمار قبل القانون

التنمية والاستثمار قبل القانون
التنمية والاستثمار قبل القانون


ريشة الفنان - عصام طه

بتفاؤل كبير، وحيوية تسرى فى عروقها، وابتسامة رقيقة، ونشاط يلمسه العاملون معها والقريبون منها، تحدثت السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية ومنع الإتجار بالبشر، مؤكدة أن اللجنة انتهت من إعداد مشروع قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، كما أعدت اللجنة أول دراسة ميدانية عن الهجرة غير الشرعية، إلى جانب خريطة شاملة للمحافظات والقرى الأكثر تصديرا للهجرة غير الشرعية، وإلى نص الحوار...

• ما استراتيجية اللجنة لمكافحة ومنع ظاهرة الهجرة غير الشرعية؟
 الاستراتيجية بنيت على عدة أسس، أهمها رفع الوعى العام بقضية الهجرة غير الشرعية، ودعم التنمية كأساس للمكافحة وتوفير البدائل الإيجابية لفرص العمل، وحماية الفئات الأكثر عرضة لمخاطر الهجرة غير الشرعية.
واعتمدت هذه الأسس على نتائج دراسات أعدها مركز البحوث الجنائية والاجتماعية، حول قضية الهجرة غير الشرعية للشباب، والهجرة غير الشرعية للأطفال المسافرين بمفردهم دون أهلهم، هذا إلى جانب أنشطة ودراسات قام بها المجلس القومى للطفولة والأمومة.
أوضحت هذه الدراسات العوامل الاجتماعية الدافعة للهجرة غير الشرعية، والمناطق المصدرة لها، والمحافظات الأكثر تصديرا، ووضع الاستراتيجية لم يكن بالأمر السهل، حيث اعتمدنا على دراسات، وجلسنا مع خبراء فى علوم القانون والاجتماع والاقتصاد، ومن ثم تم وضع الاستراتيجية، وتحديد محاورها بما يتناسب مع حجم القضية والمخاطر الناجمة عنها.
• كيف يمكن تنفيذ الاستراتيجية؟
ــ هدفنا هو منع الهجرة غير الشرعية، والإبقاء على الشباب فى بلدانهم، وتنفيذها يرتبط فى الأساس بالقانون، وهو أن أوقع العقوبة على المجرمين «تجار الموت والسماسرة» فهم من يذهبون إلى الأهالى والشباب لإقناعهم بالهجرة ومزاياها، وهذا الأمر مرتبط بتفعيل قانون 82 لسنة 2016.
ولم نغفل التدريب للجهات المنفذة للقانون، سواء كانت من جهات الضبط «حرس الحدود وغفر السواحل»، أو من جهات العدالة «أعضاء النيابة والقضاء»، إلى جانب حملات لتوعية الأهل والشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية، آخرها الحملة الإعلانية مع الكابتن «حازم إمام»، التى شارك فيها متبرعا للجنة وخدمة القضية، وقريبا سيجوب مع فريق الحملة المحافظات والقرى والنجوع للتوعية بمخاطر هذه القضية.
•وما الحل لمنع الظاهرة من المنبع؟
ــ الحل هو الجزء الأهم فى الاستراتيجية، وهو إقامة مشروعات تنموية صغيرة، ومشروعات متناهية الصغر، وغيرهما، وبالفعل تم وضع خطط تعاون مع الوزارات المختلفة لتنفيذ مبادرات مثل «شغلنى، ومشروعك»، إلى جانب التعاون المستمر مع «الصندوق الاجتماعى للتنمية»، و«جهاز الخدمات الصغيرة والمتناهية الصغر»، والمنح التى نحصل عليها من الشركاء الدوليين لإنشاء مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر للفئات المستضعفة فى المحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية، وتوفير كل ما تتطلبه تلك المشروعات من مقومات لتحقيق النجاح.
• بعد هذا المجهود هل آتت هذه الاستراتيجية وما تحويه من حلول ومبادرات ثمارها المرجوة أم لا؟
ـــ الاستراتيجية لم يمر على وضعها والبدء فى تنفيذها عام حتى الآن، حيث خرجت للنور فى نوفمبر 2016 كما أن الأمر مرتبط بسياسة الدولة، وجذب الاستثمارات، وعودة السياحة، فهذه الأمور تساعدنا كثيرا فى جنى ثمار عملنا.
المسألة «مش بندوس على زرار فالدنيا تضبط»، هذا إلى جانب وجود شركاء لنا فى الوزارات والهيئات المختلفة، هؤلاء الشركاء يقومون بأنشطة، وينفذون برامج تنموية وضعتها الدولة، هذه البرامج لا تؤتى ثمارها هى الأخرى فى يوم وليلة، ولكن برنامج عمل الاستراتيجية مدته عامان، فبعد سنة من الآن أستطيع أن أقيم خطة العمل، ومدى النجاح الذى تحقق على أرض الواقع.
•ما المعوقات التى تواجه اللجنة أثناء العمل؟
ــ الجانب المادى هو أهم المعوقات التى نواجهها، ولا نجد سوى الاعتماد على الجهات المانحة إلى جانب البيروقراطية المصرية المدمرة. 
• هل هذا يعنى أن الظاهرة لم تنخفض بعد؟.
ــ الهجرة غير الشرعية انخفضت بدرجة كبيرة، حيث تم إغلاق خط البلقان نسبيا، بعد الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبى، وبالفعل نحن منذ مأساة رشيد عام 2016 لا يوجد لدينا أى إخطار بأى مركب أبحرت من الشواطئ المصرية، وهذه ليست تقديراتى أنا، ولكن تقديرات جهات أجنبية، وهذا أمر إيجابى، ودليل مهم على العمل الشاق لرجال خفر السواحل، وحرس الحدود، ونحن نحييهم على ذلك.
ولكن لكون عمليات الهجرة غير الشرعية تقوم بها عصابات منظمة دوليا لجأ المهربون إلى طرق أخرى غير الشواطئ والحدود المصرية، وهم فعلا الآن يقومون بعمليات التهريب البشرى عن طريق ليبيا، والسودان، وبيانات المتحدث العسكرى تؤكد دلك.
• ما أكثر الفئات العمرية فى أرقام الهجرة غير الشرعية؟
ــ الهجرة غير الشرعية تبدأ من سن عشر سنوات ويرتفع السن حتى 35 سنة، ومن يهاجر بعد هذه السن قليل جدا، والنسبة الأكبر من المهاجرين من الأطفال تحت 18 سنة، فمن 20 لـ 25 % ممن هاجروا إلى إيطاليا من الأطفال غير المصحوبين، وفقا لتقديرات ودراسات «المجلس القومى للطفولة والأمومة»، وهو الأمر الذى نضعه فى عين الاعتبار خلال حملات التوعية، والدراسات، والمشاريع التنموية.
• ما المستوى التعليمى لهؤلاء؟
ــ أغلب من هاجروا هجرة غير شرعية من غير المتعلمين، أو ممن تعلموا تعليما متوسطا، أو ممن وصلوا إلى مرحلة ما قبل التعليم الجامعى، لكن الفنيين والحرفيين ليسوا كثيرين، ومعظمهم يسافر بمعرفة الأهل، والأغرب أن الأهل هم من يدفعون أموال السفر.
• القانون لا يجرم الأهل
• هل قانون 82 لسنة 2016 يعاقب الأهل فى حال هجرة الأطفال؟
ــ القانون لا يعاقب الأهل، وعندما استشرت الخبراء القانونيين بشأن تجريم الأهل، قالوا لى إن تجريم الأهل غير مستحب من الناحية القانونية، وأى مادة أو قانون بهذا الشكل لن تتم الموافقة عليه فى مجلس الدولة والبرلمان، لكن فى قانون الطفل مادة خاصة بمصلحة الطفل وتعاقب الأهل فى حال التقصير.
• بعض الدول الأوروبية مثل إيطاليا لا تسمح بعودة الأطفال المهاجرين دون موافقة الأهل، كيف يتم التعامل فى هذه الحالة؟
ــ القانون الإيطالى لا يسمح بعودة الأطفال، إلا بناء على رغبة الطفل وموافقة الأهل، وهنا الأهل لا يوافقون طالما وصل الطفل إلى البلد المهاجر إليه، لكن «قانون 82 لسنة 2016» أعطى «المجلس القومى للطفولة والأمومة» الحق فى الموافقة على عودة الطفل فى حال اختفاء الأسرة أو عدم إبداء رغبتها فى عودته.
• هل يسمح القانون الإيطالى بذلك؟
ــ لدينا الآن قانون جديد، والجانب الإيطالى ليس له حق الرفض طالما الأمر وفقا للقانون المصرى، وهم هنا لا يملكون سوى الموافقة على قرارات اللجنة والمجلس القومى للطفولة والأمومة.
• هل من السهل تقنين أوضاع الأطفال الذين عبروا رحلة الهجرة بسلام أم يظل وجودهم غير قانونى؟  
- بعد 18 سنة يسهل على الطفل تقنين وضعه، وفقا لضوابط وشروط يضعها القانون، كما هو الحال فى القانون الإيطالى.
• من يستقر فى دول المهجر هل يقنن وضعه أم لا؟
ــ بالتأكيد توجد محاولات لتقنين الأوضاع، لكن الأغلب يظلون غير شرعيين.
• هل تغيرت خريطة القرى والمحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية فى السنوات الأخيرة؟
ــ لا توجد لدَّى قائمة المحافظات القديمة، لكن لدَّى الآن خريطة المحافظات الجديدة وعددها 11 محافظة أكثر تصديرا للهجرة غير الشرعية، و3 محافظات تعرف بمحافظات العبور، أى 14 محافظة، هى «الدقهلية، الغربية، المنوفية، الشرقية، القليوبية، الفيوم، المنيا، أسيوط، الأقصر» وهذه هى المحافظات الأكثر تصديرا، ومحافظات «الإسكندرية، دمياط، ومطروح» هى محافظات عبور، أما محافظتا «كفرالشيخ، والبحيرة» فهما محافظتا تصدير و عبور معا.
• هذا بالنسبة للمحافظات ماذا عن القري؟
ــ هناك العديد من القرى المصدرة للهجرة غير الشرعية، ومن أشهرها «برج مغيزل، والجزيرة الخضراء بمحافظة كفرالشيخ، كفر الجمال، أجهور الصغرى بالقليوبية، عزبة البرج، رأس البر بدمياط، أبوقير بالإسكندرية، برج رشيد، إدكو بالبحيرة، زنارة بالمنوفية، تطون بالفيوم، جبل الطير، ملوى، دير مواس بالمنيا، القرنة، والكرنك الجديد بالأقصر». 
• ما الدافع وراء الهجرة؟
ــ كل البيانات تؤكد أن الشباب الذين هاجروا هجرة غير شرعية ليسوا معدمين، بل لدى العديد منهم أرض أو عقار يقومون ببيعها، أو قطع ذهبية للأم، أو حتى أموال يقترضونها، وهذا دليل على أنهم ليسوا معدمين، لكن الهجرة بنية البحث عن فرصة عمل أفضل لتحقيق الكسب السريع.
• هل توجد فتيات هاجرن هجرة غير شرعية؟
ــ الهجرة غير الشرعية ظاهرة ذكورية بالنسبة للمصريين، أما الأفارقة ففى أوقات كثيرة يسافرون مع عائلاتهم، وفى مركب رشيد التى غرقت العام الماضى كانت أول مرة نرى سيدة فى مركب تحمل مهاجرين غير شرعيين.
• أخيرا.. من أين تحصلون على الأموال التى تنفقونها على أنشطة وبرامج مكافحة هذه الظاهرة؟
ــ نعتمد على الدول المانحة، والحملات الإعلانية، وكل العاملين فى الحملة متبرعون، وأنشطتنا لا تحمل الدولة أى نفقات، والجميل فى الأمر أن معظم الجهات المشاركة تقدم لنا أفضل ما لديها. •