الأحد 4 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حبايبنا

حبايبنا
حبايبنا


كتبت - ابتسام كامل
واحدة عجوزة وشابة صبية، جاز وسبرتو ما يتفقوش.. وأنت عارفنى أنا عصبية لما اتخلق حلق حوش.. بابقى رذيلة، وهى ثقيلة واحدة ضرورى تبقى قتيلة...»
و«يا بن الناس.. أنت مغلبنى يا بن الناس.. أنا شايلك ع العين ديا.. وباجود باللى عنديا.. أتاريكى مكارة وعندية.. حيرتينى».
يشدو الجمهور ضاحكا لما تبديه «فاطمة عادل».. من ذكاء وشقاوة أثناء غناء بعض هذه الأغانى التراثية، وما يبديه «محمد إسماعيل»، و«باسم وديع» و«صليب فوزى» من غلب وضعف أمام مكر وجبروت المرأة التى تمثلها فاطمة، كما تغنت بها رتيبة أحمد أوائل القرن الماضى.
 وكلمات أخرى كتبها كثيرون أمثال بديع خيرى ولحنها سيد درويش، بالإضافة لأشهر أغنيات الشيخ إمام وكلمات أحمد فؤاد نجم، التى تعيد فرقة «حبايبنا» إحياءها بقيادة المايسترو «ماجد سليمان» الذى لا تفارقه الضحكة - أثناء عزفه المبهر على العود - فخورا بفرقته الصغيرة التى أسسها عام 2000 لتذكير الجمهور بفن الغناء التراثى، وارتقاء المجتمع من خلال مزج الفن بالتنمية.
كانت الأخت سيليست - من راهبات القلب المقدس - بقرية البياضية بالمنيا هى الملهمة الأولى.. منذ قامت بتأسيس كورال جمعية الصعيد للتربية والتنمية منذ ربع قرن تقريبا .. وتولى «ماجد» تدريب الفريق بعد تخرجه فى المعهد العالى للموسيقى العربية بتقدير امتياز فى عزف آلة العود بتدريب الفريق.
فى نفس الوقت الذى طلب منه «حسن الجريتلى» مدير فرقة الورشة المسرحية أن يقوم بتدريب فريقه على الغناء. ومن هنا ولدت فكرة تكوين فرقة «حبايبنا» التى بدأت نتيجة لرغبة روح الفنان داخل القائد «ماجد».. فى العمل على رؤيته هو وليس المخرجين الآخرين، بعيدا عن التقيد بسياسات الجمعيات والهيئات الأهلية وغيرها.. الفن بروح الفن لخدمة المجتمع.
بعدها، انضم باسم وصليب وشريف عزت من كورال جمعية الصعيد إلى فرقة «ماجد» الجديدة .. ثم ليلى سامى، ثم دينا الوديدى، ومريم صالح، وشيرين عبده.. الذين - رغم اختلاف توجهاتهم الفنية - بدأوا جميعا فى التدرب على أغانى التراث العربى التى تغنى بها الفنانون الذين شكلوا وجدان أعضاء الفريق بأصواتهم وأعمالهم، وهكذا جاء اسم «حبايبنا».. كما يقول «ماجد»: لم يكن مقبولا أن ننسب الفضل لأنفسنا، فالفضل يرجع إلى حبايبنا من الفنانين الذين تعلمنا منهم ومشينا على هدى خطواتهم.. مثلما كان الجمهور هم حبايبنا الحقيقيون، بما قدموه من مساعدة ودعم فنى ومعنوى وإنسانى أيضا.  
 تفى كل عروض «حبايبنا».. كنتُ ألحظ كيف يحولون الأغانى لاسكتشات فكاهية لطيفة تعطى لحما ودما لكلمات الأغانى القديمة التى اكتشفتها الفرقة وإعادة إحيائها كتراث قومى .. مثل اسكتش «يانا يا أمك» و«أنت مغلبنى يا بن الناس» وغيرهما، وتكريما للفنانين الذين لعبوها، مثل: إسماعيل يس، ومحمود شكوكو، وصالح عبدالحى، ورتيبة أحمد، وفتحية أحمد، وبديعة مصابنى......إلخ.. فى نفس الوقت الذى يستمتع فيه عشاق الطرب الأصيل بمحاولات «حبايبنا» لإحياء القوالب الغنائية المندثرة كالموال القصصى والدويتو وغيرهما..
• أغانى الماضى تلامس الواقع
فى احتفال جمعية المرأة الجديدة لمناهضة العنف ضد المرأة.. فوجئ الجمهور بفاطمة ترتدى ملابس بسيطة، وقد وضعت يدها فى وسطها مخاطبة جمهور النساء بحزم، منشدة: «ده وقتك، ده يومك يابنت اليوم، قومى أصحى من نومك بزياداكى نوم، وطالبى بحقوقك واخلصى من اللوم، ليه مانكونشى زى الغربية، ونجاهد فى حياتنا بحرية؟ شطارة شاطرين، قدارة قادرين، مين فى خفتنا ودردحتنا؟ معانا شهادات ودبلومات ونعرف بولوتيكا بالسبع لغات ليه مانكونشى ليه زى الراجل ليه؟ قولولنا هو زايد عننا إيه ؟!.. وغيرها من الأغانى التى تخاطب المرأة».
سألتُ ماجد عن سر اهتمام «حبايبنا» بالتواجد فى احتفاليات بعض الجمعيات والهيئات كيونيسيف، وجمعية كير الدولية، وجمعية الصعيد للتربية والتنمية، وجمعية الجزويت والفرير وغيرها، فقال: نحن نقدم لعشاق فن التراث والفن الشعبى الأنيق البسيط لكل الناس، ولكن منذ قمنا بإحياء بعض أغانى التراث حتى ساعدنا إقبال الجمعيات الأهلية على هذا الفن فى اكتشاف كيف كانت قضايا الماضى أكثر تلامسا مع واقع الناس كقضايا الفقر والجهل والعنف والحروب، بل وأكثر احتراما وتقديرا لدور المرأة فى المجتمع، ما أوجد تلك الرابطة بيننا وبين بعض الجمعيات المهتمة بقضايا المرأة وبعض قضايا التوعية ضد الإيدز، وحقوق الطفل، والتعليم، والتى تقدم بشكل فكاهى مسرحى.
فى نهاية الجلسة، أخبرنى «ماجد» أن الموهبة الفنية وحدها ليست هى المعيار الوحيد لانضمام فنان ما إلى فرقته، حيث لا يقبل سوى الفنان القادر على الانتماء والتعايش مع رؤية «حبيايبنا» التى ترى أن الفن الأصيل لا يمكن أن يخرح سوى من أشخاص أصليين، قادرين على الاستمرار كأسرة واحدة، يأكلون ويشربون وأيضًا يتعايشون بتفاصيل مشاعرهم من أحزان وأفراح وآمال، فيحدث التوحد والمصداقية بين فن التراث الأصيل لحبايبنا من الجمهور الذى جاء يتمتع بصحبة  أصالة ومصداقية «حبايبنا» الفرقة الغنائية!! •