الأحد 27 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

تفجيرات الروضة.. طبول الحرب المذهبية

تفجيرات الروضة.. طبول الحرب المذهبية
تفجيرات الروضة.. طبول الحرب المذهبية


فى أكتوبر 2016 اختطف إرهابيون الشيخ سليمان أبوحراز -98 عامًا- أحد أكبر مشايخ الطرق الصوفية فى سيناء- التابع للطريقة الجريرية- من منزله ثم أطلقوا سراحه بعد 3 أيام، وفى الشهر التالى، نشر تنظيم داعش الإرهابى فى سيناء، فيديو يظهر فيه «أبوحراز» وهو يُذبح على يد عناصر التنظيم مع الشيخ اقطفيان المنصورى، بدعوى «التكهن والتشرك وادعاء الغيب».

أبو حراز
و«أبو حراز» من أبرز القيادات البدوية فى سيناء، التى لعبت دورًا بارزًا فى مقاومة الاحتلال الإسرائيلى، إبان فترة الاحتلال لسيناء، ومن أبرز أعضاء منظمة سيناء العربية، وأحد كبار المجاهدين، والحاصل على نوط الامتياز من الطبقة الأولى، تقديرًا لمعاونته الصادقة للقوات المسلحة فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة، وتعرض للاعتقال على يد الاحتلال الصهيونى فى عام 1974 لمدة عامين حتى أُفرج عنه وُرحل إلى مصر.
تحول منهجى
وبمجرد أن بايع تنظيم أنصار بيت المقدس، داعش رسميا، فى نوفمبر 2014 وأسمى نفسه «ولاية سيناء» بدا هناك تحول منهجى فى الأهداف، وصار من بين أهدافه إلى جانب قوات الجيش والشرطة، المسيحيين والصوفية.
وفى ديسمبر 2016 نشرت مجلة النبأ الأسبوعية الداعشية، حوارا مع من سمته بـ«أمير الحسبة» فى ولاية سيناء، قال فيه: «إن أتباع الطريقة الجريرية يقدسون الأضرحة، ويقرأون كلامًا يحتوى على ألفاظ شركية، مثل الاستغاثة بالنبى وطلب الشفاعة».
مرض الصوفية
وأضاف أن التنظيم الإرهابى ألقى القبض على عدد من أبناء الطرق الصوفية فى سيناء خلال الفترة الأخيرة، وتم حبسهم ثلاثة أيام وهو ما دفع عددًا منهم لإعلان بيعته للتنظيم الإرهابى، وذبح آخرين رفضوا الانضمام إليهم، وذكر أن مهمة قتل شيوخ الصوفية فى سيناء، يتولاها أبناؤهم ممن بايعوا التنظيم باعتبار أن الصوفية «واحدة من أهم الأمراض التى ابتليت بها دولة الخلافة» - بحسب قوله.
الأحمدية.. والجريرية
وأشار القيادى الإرهابى إلى أن الصوفية فى سيناء ينقسمون إلى نوعين الطريقة الأحمدية والطريقة الجريرية، بحيث تنتشر الطريقة الأحمدية فى منطقة الجورة وما حولها كمناطق شبانة والظهير والملافية، وكذلك فى منطقة الشيخ زويد وما حولها. أما الطريقة الجريرية فهى ثلاث زوايا رئيسية، هى زاوية العرب فى الإسماعيلية وزاوية سعود فى الشرقية، ويتبعها فى سيناء زاوية الروضة ومنها زاوية حى أبوجرير، والطويل، وصباح، ولفت إلى أن الطريقة الجريرية أنشأها «عيد أبوجرير»، وتمركزت فى الزوايا الثلاث، وهى سعود والعرب والروضة، مهددًا بالقضاء عليها فى أسرع وقت ممكن، زاعماً أن أبناء هذه الطرق يعتقدون النفع والضر فى الأموات، ويصرفون لهم شتى أنواع العبادات كالدعاء والاستغاثات، فضًلا عن التوكل والذبح والطواف واتخاذهم وسائط بينهم وبين الله، ويتبعون شيوخهم ويؤدون لهم السمع والطاعة العمياء.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد حيث اتهم القيادى التكفيرى - خلال  الحوار- الطريقة الجريرية بعلاقتها بالشيعة، وقربهم من رجال الأمن فى سيناء للإيقاع بأعضاء التنظيم الإرهابى، وقالوا إنهم قتلوا الشيخ سليمان أبوحراز لاتباعه الطريقة الجريرية التى تتبع للأمن، وحب رجال الشرطة والجيش لهم
موقع مسجد الروضة
ويقع مسجد الروضة، الذى شهد التفجير الإرهابى الذى وقع الجمعة الماضى خلف مئات الشهداء والمصابين، على الطريق الدولى (العريش- بئر العبد)، وهو أحد المساجد التابعة للطريقة الجريرية، إحدى الطرق الصوفية الموجودة فى سيناء، وتشرف عليه وزارة الأوقاف.
وتدخل عملية استهداف الصوفية ضمن المرحلة الأولى من «إدارة التوحش»، الكتاب الذى أصدره تنظيم القاعدة لأبى بكر ناجى-  ومفهومها «الشوكة والنكاية»، وتعنى تنفيذ عملية إرهابية بشكل منظم ضد فئات معينة، لها تأثير مجتمعى، بهدف الإرباك والتشتت وإحداث الفوضى، لتبيئة الأوضاع ومن ثم تنفيذ المزيد من العملية.
استهداف دور العبادة
 وأما عن طريقة تنفيذ العملية، فإنه يعتمد على طريقة واحدة، يستخدمها فى استهداف دور العبادة، فى المناطق التى تتيح له التحرك صحراويًا، وتسمى بـ«الكمين والإغارة»، وتنفيذ من 3 مراحل. المرحلة الأولى، تستهدف المسجد بقنبلة ناسفة أو أحد الانتحاريين، والثانية انتظار استهداف المصابين بالأسلحة، والمرحلة الأخيرة تستهدف أى محاولة للإنقاذ من الصحة.
تصوف المجتمع السيناوى
وليس سراً أن المجتمع السيناوى بطبيعته مجتمع يميل للتصوف، تنتشر فيه العديد من الطرق الصوفية، إلا أن الإرهابيين لم يكن مقصدهم من «تفجير الروضة» عقائدى بداعى الخلاف مع الصوفية، وإنما سعى التنظيم الإرهابى لتنفيذ منهجية العدو القريب بدلا من «البعيد» أى أنه استهدف من يرى أنهم أعدائهم فى الداخل سواء مواطنين أو شرطة وجيش، بدلا من محاربة الدول الغربية، التى يرى أنها العدو الأول للإسلام، وهى نفس المهنجية العقائدية فى استهداف الحسينيات الشيعية فى اليمن والعراق وسوريا، وكذلك الأقباط، لزعزعة الاستقرار.
وتنتشر الطرق الصوفية بشكل كبير تتعدى نسبة الـ60% من السكان أما أبرز الطرق فهى «الجريرية» والتى تعتبر أول طريقة فى سيناء بدأت ببناء زاوية صوفية فى مدينة الطور ومنها إلى شمال سيناء، كما أنشأت العديد من الزوايا ودور تحفيظ القرآن وتعليم أصول الدين ووصل عدد المساجد التابعة لها فى سيناء ما يقرب من 200 مسجد، وتعود أصول الطريقة فتعود إلى الشيخ الصوفى أبوأحمد الغزاوى الذى انتقل من غزة إلى سيناء، ونزل بضيافة صديقه وتلميذه عيد أبوجرير، شيخ عشيرة الجرارات من قبيلة السواركة، فشهد عام 1954 نشأة أول مقر للطريقة العلوية الدارقوية الشاذلية وحمل أبوجرير رسالة أستاذه، فعمل على نشر زوايا الطريقة فى منطقة الجورة بالشيخ زويد، والعريش حتى بلغ قرية الروضة بين العريش وبئر العبد.
12 طريقة صوفية فى سيناء!
كما تضم سيناء وفقاً لقواعد الطرق الصوفية أكثر من 12 طريقة أقدمها التيجانية والعلوية والدرقوية والشاذلية التى تلقاها الشيخ جرير عن الشيخ أحمد الغزاوى وينتمى لها أغلب أبناء قبيلة السواركة، وقد وضع الدواعش تركيزهم على الزوايا التابعة لآل جرير انتقامًا من قبيلة «السواركة» المعروفة بانتمائها للدولة المصرية والجيش ووقوفها ضد الإرهابيين حيث لا يمكن لهم السماح بدخول القرى التى يعيشون بها، كل ذلك كان سببًا مستمرًا فى العداء.•