الجمعة 2 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

جيل «الخطيب»!!

جيل «الخطيب»!!
جيل «الخطيب»!!


يمثل محمود الخطيب إحدى العلامات البارزة فى تاريخ كرة القدم المصرية والأفريقية والعربية، وذلك لما حققه من إنجازات كروية على المستوى الشخصى أو مع النادى الأهلى أو بقميص منتخب مصر، والأهم أنه لم يحدث أن وصل لاعب كرة قدم مصرى أجمعت على حبه جماهير الكرة ونقادها وخبراؤها ومدربوها، لأنه امتلك إلى جوار المهارات الفردية والأداء السلس، أخلاقًا عالية لا تبارى، وأذكر - وأنا مشرف على الخمسين من عمرى - أننا ونحن أطفال نشأنا وتربينا على لعب الخطيب ووجوده فى الملاعب.. وكان مثلنا الأعلى فى تعلقنا بالساحرة المستديرة.. وامتلك بيبو أفئدتنا واستولى على حواسنا مثلنا مثل ملايين من محبى ومشجعى كرة القدم.
لقد ملأ الخطيب البساط الأخضر بكل حواسه وكيانه فكان امتدادًا لجيل المواهب الرائعة فى تاريخ الكرة، بداية من كابتن مصر حجازى والمايسترو صالح سليم والقدير التتش، كوكبة من هواة كرة القدم الذين أبدعوا فى عالمها، وكون صورة ذهنية عن هؤلاء النجوم من خلال القرارات والنتائج وحتى صور الملعب واللعب، وكان حظنا كبيرًا إذا شاهدنا «بيبو» على شاشات التلفاز ولا أجافى الحقيقة إذا قلت إنه كان «الأيقونة» التى التففنا حولها، بما منحه للعبة من شكل وأداء، ليس نحن كجماهير فقط، ولكن هنا أتذكر المقولة الشهيرة لـ«مصطفى عبده» جناح مصر والنادى الأهلى وأحد صُناع نجومية الخطيب والذى صنع ما يقارب نصف أهداف «بيبو» حين أحرز أى «المجري» هدف الفوز الأهلاوى فى مرمى المحلة بالدورى الممتاز عام 76، وسعدت الجماهير الحمراء وعلى رأسها عائلة مصطفى عبده» الصغيرة.. وعند عودته للبيت قالت له نجلته هبة الطفلة ذات الخمسة أعوام: شفت يا بابا الجون اللى جابه الخطيب:
فرد ضاحكًا وكان أحد العشاق والمخلصين لبيبو قال لها: أبوك اللى جاب الجون.. يا بلد الخطيب يا ولاد.. وهكذا كانت سيطرة بيبو على جيلنا وما تلاه حتى الآن، لأن من حظ بيبو وحظنا انتشار التليفزيون.. وأيضًًا صيحة الفيديو التى منحتنا متعة إعادة اللقطة والاحتفاظ بها.. فكان شريط الخطيب المبهر الذى قام بتجميع أهدافه كاملة وأشهر اللقطات التى أجاد فيها بيبو وأبدع.. وتألق.
لقد تعب الخطيب فى الملاعب وبذل جهودًا مضنية وتدريبات شاقة من أجل الوصول لمرحلة النجومية، والدخول إلى فريق نادى المائة الوحيد من جيل السبعينيات الذى دخل حظيرة هذا النادى.
فى عقد من الزمان امتلأ بالمواهب والفلتات بداية من حراس المرمى.. وفى كل الخطوط وأخص هنا المهاجمين الهدافين، فمن ينسى عمر عبدالله وعماشة ونبيل خروب فى المحلة وعلى خليل وفاروق جعفر وحسن شحاتة وطه بصرى وطارق غنيم والخواجة وإبراهيم يوسف فى الزمالك، وحمدى نوح وأبو رحاب فى إسكو هذا الهداف الموهوب، وعلى أبو جريشة وأسامة خليل ومحمد حازم فى الدراويش.
و«مسعد نور» وعادل عبدالمنعم فى المصرى.. الشاذلى ومصطفى رياض وشاكر عبدالفتاح وحسن على ودوابة وآدم فى الترسانة، سعيد الشيشينى وعبودة المقاولون العرب، وفى المنصورة هناك سطوحى والبابلى وثروت فرج وسعد سليط وبدير، الاتحاد السكندرى عادل البابلى والجارم وشحتة الإسكندرانى وبوبو وعصام شعبان وطلعت وعيد أحمد، والأوليمبى كان هناك الكأس وعز الدين يعقوب والسويسى، وعادل عبدالمقصود ومن ورائهم الحارس اللولبى حليمو.. والمنيا حمزة عبدالمولى.. أما الأهلى فحدث ولا حرج ثابت، إكرامى، عبدالباقى، يونس، ماهر همام، شطة، زيزو، طاهر الشيخ، مختار.. لقد امتلأ هذا الجيل بالمواهب والفلتات وإن خاصمتها البطولات والإنجازات خاصة على المستوى الدولى أو الأفريقى وخلا هذا الجيل من بطولة تزين صدور لاعبين سواء أفريقية أو عربية أو الوصول لكأس عالم أو أوليمبياد.. لكن الخطيب امتد به العمر فى الملاعب حتى الجيل الثانى «حسام حسن وأشرف قاسم» وقاده لإحراز بطولة الأمم الأفريقية بعد غياب طويل «27 عامًا» بطولة حُرم منها جيل واثنان.
إذن الخطيب حقق الصعب وانفرد بامتيازات لم يحققها لاعب سواه، وعلى رأسها الحذاء الذهبى كأحسن لاعب فى القارة السمراء عام 1982، فى وقت كانت القوى الكروية السمراء «تزدحم وتعج» بنجوم ثقيلة فى القارة على سبيل المثال ميلا.. عزيز بودربالة، البلومى، طارق دياب، أبيجا، أنطوان بيل، كريمو- عصاد، ودحلب، أسماء تخض ولها وزن فى عالم كرة القدم كل يملك موهبة وشارك فى تحقيق إنجاز، لكن الخطيب كان فاكهة بمفرده جمَّع المواهب كلها وأخذ من كل فنان من هؤلاء نغمة، وكأنه مجمع المواهب وقائدها وأجمع الجميع عليه، وحصل على الكرة الذهبية وسط هذا الخضم من النجوم، فكانت ومضة عبقرية لا تُنسى، فأصبح المصرى الوحيد الذى  ازدانت به هذه الجائزة، وحصل على اللقب «أحسن لاعب كرة قدم فى أفريقيا للعام 1982».. وكم من الألقاب حصدها هذا الموهوب أحسن لاعب كرة قدم فى تاريخ مصر.
فهو الواجهة المضيئة للكرة المصرية الذى نقدم لهذه الباقة التى يستحقها، وتلك الكلمات تقديرًا لمشواره وخطواته وتأكيدًا على أنه يستحق أكثر من ذلك بمراحل!
الخطيب علامة مميزة وفارقة فى تاريخ الكرة فى مصر سواء الأجيال السابقة، أو اللاحقة .. وتلك قصة أخرى.•