زاوية الرفاعى

يارا سامي
استجمعت شجاعتى كى أدخل غرفة مكتبك بعد أن فررت منها بعد جنازتك، فلم أكن لأقوى على تحمل دخول مكتبك وحضرتك لست به.. تأملت التفاصيل الصغيرة التى كانت تميز تلك الغرفة، فلم تكن موجودة.. كل شىء قد غاب بغياب صاحبها.. لم أجد طفايتك والزهرية التى كنت تضع فيها زهورك المجففة.. حتى الطاولة الصغيرة الملاصقة للحائط والتى كنت تضع عليها كتبك وأعداد المجلات لا أثر لها..
غاب كل شىء، وتوشح كل ركن بالحزن و الحداد حتى الستائر أحسست أنها نكست حدادا عليك.. لم تعد الغرفة تنبض بالحياة كصاحبها، فتحولت ضحكاتها إلى صمت وسكون وإن كنت للحظة قد شعرت أننى أسمع صوتك الضاحك يقول لى من بعيد «إنت فين يا شعنونة؟!» كما كنت تقول لى وأنا أسلم عليك.. بكيت وقلت لنفسى أسأله: «حضرتك اللى فين يا أستاذ رفاعي؟!»
توقفت عن البكاء وعقدت النية والعزم أنه بحق كل كلمة تعلمتها منك وكل نصيحة أسديتها لى و«كل طبطبة» فى وقت غضب وعصبية حنوت عليّ بها أن أجعل من غرفة مكتبك التى طالما سمحت لى ولزميلاتى بالصلاة فيها - وكنت تضحك قائلا: «إنتوا هاتقلبوا الأوضة زاوية يا عيال !!» - هى محرابى فى الصلاة وأن تكون هى «الزاوية» التى سأصلى بها ما حييت داعية الله أن يصل ثوابها إليك..!!