من دفتر ذكريات شبراوية: مدبولى قاسم
صباح الخير
محل قديم ترجع شهرته إلى ما قبل الخمسينيات، يشغل ناصية كبيرة فى عمارة طراز قديم مميز، على شارع شبرا، على بعد أمتار من مدرسة التوفيقية الثانوية، وقريب من مدرسة ودير الراعى الصالح الشهيرة.
مدبولى قاسم، محل الحلويات الشرقية والغربية، والأيس كريم أو الجيلاتى الذى تقصده العائلات والشباب والفتيات، الذين يخرجون من بيوتهم للتمشية فى شارع شبرا وأكل الآيس كريم، المميز بطعم الشوكولاتة والفانيليا والمانجو والفراولة والمستكة والفستق، وكلها طبيعية من صنع «مدبولى».
ظلت هذه الفسحة مقصدى أنا وصديقتى «منال» طوال سنوات الدراسة فى المدرسة وبعدها فى الجامعة وبعد التخرج أيضا، حتى تم بيع المحل فى منتصف التسعينيات، ليحل محله تاجر كهربائى، ليصبح جزءا مهما من ذاكرتى أنا ومنال وآلاف الشبراوية.
كنا نقطع المسافة من مسجد الخازندار القريب من دوران شبرا، إلى محل مدبولى فى نحو ساعة، وهى المسافة التى لا تستغرق أكثر من عشر دقائق من المشى، لكن منال، زميلة الدراسة كانت مصابة بشلل الأطفال، وكانت هذه هى فسحتها الوحيدة تقريبا خلال الصيف.
من بعيد نرى التجمهر، فندرك أننا اقتربنا من مدبولى، وعندما نصل نكون قد وصلنا إلى مدينة الآيس كريم، عشرات الأسر والشباب والفتيات، يمسك كل منهم بأنواع وأحجام وأشكال مختلفة من الآيس كريم، بالبسكويت بأحجامه المختلفة، أو الأكواب الورقية.
أكثر من عشر ثلاجات عرض كبيرة مملوءة بعلب الآيس كريم الكبيرة، تلاحق عينى أنا ومنال الأنواع فى العلب، قبل أن نحصل على «بون» الشراء، فالدفع مسبقا فى الداخل بجانب ثلاجات الحلوى، التى تفوح منها رائحة خميرة الباباص وزبدة الملفى وروائح الفواكه الكوموبت التى تزين الجاتو.
بعد طابور الحصول على البون، أخرج إلى منال المستندة إلى أقرب حائط، لنختار معًا البولات والبسكويت، وفجأة نشعر بالتعب بعد طول الرحلة، لكن لا يوجد مكان للجلوس، الجميع واقفون، أبحث لمنال بين أرجل الواقفين عن قطعة حجر ضخمة من رصيف قديم، اعتدنا أن نجدها هناك، لنجلس فى النهاية ونأكل الآيس كريم.
شهرة آيس كريم مدبولى قاسم، تعود إلى أنه الحلوانى الوحيد فى شبرا، الذى فكر فى صناعة الآيس كريم وبيعه لرواد المحل، وهو الوحيد الذى تجد عنده كل الأنواع طوال الوقت، بخلاف آيس كريم الشركات التى تبيع منتجاتها عند المحال المختلفة.
مدبولى كان يفتح «تندة» المحل من الناحيتين، عندما تكون الشمس لاتزال موجودة، ساعة العصارى، حيث كانت تبدأ موجات التمشية فى شارع شبرا، التى تتوقف عند الآيس كريم، الذى كانت أسعاره فى متناول الجميع، وأرخص من آيس كريم الشركات، وطعمه طبيعى.
إحساس بالمتعة والبهجة والانتعاش والشبع، أشعر به أنا ومنال مع الآيس كريم، ونحن نتبادل الحديث عن فتى الأحلام ويوميات صيف المدارس وحواديت زملاء الجامعة، وبعدها حين توظفت منال فى وزارة الصحة ضمن نسبة توظيف المعاقين. •