الجمعة 16 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الأصليين.. سينما جذابة أفسدها المؤلف

الأصليين.. سينما جذابة أفسدها  المؤلف
الأصليين.. سينما جذابة أفسدها المؤلف


اسم الفيلم مُعبر عن إحدى أفكاره، «الأصليين» تعنى الشيء الأصلى غير المُزيف مثلما يعتبرون أنفسهم بالفيلم وهم يمثلون  كيانا سريا  مسيطراً على جموع الناس من خلال مراقبتهم، فـ «الأصليين» ناس لهم أماكن عمل عادية ومختلفة قد تجعلك لا تشك فيهم على الإطلاق سواء كان انضمامهم لهذه الجماعة السرية واقعا تحت ضغط مادى أو بإرادتهم الحرة. وجميع أعضائهم يعملون تحت ظل هذا الكيان السرى وجميعهم مراقبون وفى ذات الوقت مهمتهم مراقبة شخصيات محددة.
إذا كنت لا تريد تحفيز تفكيرك والاستمتاع بالعناصر السينمائية (تصوير وإضاءة وكادرات وأداء ممثلين إلخ) ولديك قناعة أن الفيلم السينمائى ما هو إلا قصة لها بداية ووسط ونهاية فأنصحك ألا يكون فيلم «الأصليين» من اختياراتك. لأن نوعيته تحتاج لجمهور عاشق للسينما، ولديه استعداد لتعاطى فن غير تقليدى على غرار ما قدمه مروان حامد وأحمد مراد صاحبا فيلم  «الأصليين»، طبيعة الفيلم تجعل كل متفرج يستقبله بشكل مختلف عن المتفرج الجالس بجواره وفقا لتدرج المستوى الثقافى لكل منهم على حدة ووفقا أيضا لمدى سعة خيال المُتفرج التى تمكنه من قراءة الفيلم وفقا لمعطيات الأفكار المطروحة به. فأنت لديك فكرة اقتحام حياة الآخرين من خلال عالم الإلكترونيات. ولديك أفكار آخرى يطرحها المؤلف لكنها مشوشة حاولت أفهمها وفشلت ويبدو أن صُناع الفيلم هم الوحيدون الذين يفهمونها.

• ضعف القصة
نحن أمام عائلة صغيرة مكونة من الزوج موظف البنك ماجد الكدوانى «سمير عليوة» وزوجة مهووسة بالشوبنج وعمليات التجميل كندة علوش «ماهيتاب» وابنة ليلى فوزى «ليلي» وابن خالد الذهبى «عُمر» فى مرحلة المراهقة. تهتز الأسرة ماديا بعدما يتم إجبار الأب على الاستقالة من البنك بلا مبرر مُقنع ليصطدم الأب بعدم قدرته على توفير احتياجات أسرتة المُرفهة. بالتزامن مع فشله فى بيع أرشيف جرائد حرص على الاحتفاظ به وفجأة يجد أمام باب شقته هاتفا محمولا  عندما يفتحه يجد صورا وفيديوهات خاصة به من مرحلة المراهقة حتى المرحلة العمرية التى هو عليها بالفيلم وبإيقاع سينمائى هادئ يجد نفسه أمام شخصية غريبة المواصفات مُتمثلة  فى «خالد الصاوي» لنعرف أنه وراء هذا اللغز ليخبره من خلال الحوار أنه أحد أعضاء جماعة الأصليين فى الأرض مهمتهم مراقبة الناس ويقول له عدة جمل لكى يقطع عليه أى تساؤلات (إحنا روح الوطن يا سمير حراس الأرض الأصليين) و(الرب فى السما بيراقب عبيده وإحنا إيه غير بشر بنقلد الفكرة)، ويخبر سمير أنه يقدم له عرضاً مُغريا لتغطية نفقات أسرتة مُتمثلا ًفى ضمه لجماعة الأصليين السرية ومراقبة بعض الشخصيات التى سيتم تكليفه بها بشرط ألا يفشى هذا الأمر.
 إلى هنا والحكاية إلى حد ما تسير بشكل مقبول، فأنت تسير مع الخط الدرامى لماجد الكدوانى «سمير عليوة» وخالد الصاوى «رشدى أباظة» متجاوزاً بعض التفاصيل غير المنطقية على اعتبار أنك أمام فيلم فانتازى ممزوج  بعنصر التشويق.
 لكن فى ذات الوقت تضع علامات استفهام أمام بعض الشخصيات مثل «منة شلبي» و«أحمد فهمي» والرموز مثل «رسمة العين» التى جعلت البعض يشطح بخياله ويعتقد أنه يطرح الفكر الماسونى بالفيلم  بخلاف المفردات الغامضة مثل «النداهة» والأفكار نفسها غير المترابطة. مع معطيات الفيلم من بداياته. ما يدفعك للتعامل مع الشريط السينمائى لمروان حامد بشكل مُتقطع وليس كنسيج واحد. وإذا كان هذا خصما من وحدة موضوع الفيلم إلا أنه لم يفسد حالة الاستمتاع بعناصر الفيلم الأخرى، التى تغلبت على حالة التشويش المسيطرة على مؤلف الفيلم أحمد مراد.
• إنقاذ الفيلم
هناك الكثير من العناصر السينمائية بالفيلم ستجعلك تعيش حالة سينمائية فريدة، فعلى مستوى الأداء التمثيلى لديك ماجد الكدوانى «سمير عليوة» أداؤه عالمى لشخصية الزوج المُسالم الخاضع لهوس زوجته المادى وشراهتها للشوبنج ما يدفعه لقبول عرض خالد الصاوى.
خالد الصاوى «رشدى أباظة»  الذى يسعى لتجنيد ماجد الكدوانى فى جماعة «الأصليين» الصاوى  كعادته متألق مع مخرج فيلم «الأصليين» وأجزم أن مروان حامد يستطيع إخراج أفضل أداء من الممثل الذى يعمل معه.
منة شلبى اختيار عبقرى من المخرج لدور ثريا، مُبهرة فى أدائها للشخصية خاصة مشهد الديالوج الذى جمعت به جميع المتناقضات  وسردته بأداء مُذهل (أنا الخطية وأنا الجنة) (أنا الزوجة وأنا العانس) (أنا الشهوة وأنا العفة) (أنا الحياة وأنا الموت).. إلخ الدور لايق عليها جداً. لكن شخصيتها وشخصية أحمد فهمى تدخلان  ضمن علامات الاستفهام غير المفهومة من المؤلف أحمد مراد.
كندة علوش لعبت دور الزوجة التى لايعنيها سوى تلبية احتياجاتها المُرفهة كما هى موجودة بالواقع ودعمت شكل الشخصية الخارجى لتتلاءم مع سماتها الداخلية.
محمد ممدوح أحد أعضاء جماعة الأصليين. اختيار ذكى لمُمثل لافت الانتباه إليه بقوة هذه الفترة.
موسيقى هشام نزيه من أهم أبطال الفيلم وعنصر مهم، حيث عبر عن أجواء الفيلم المليئة بالغموض وعلامات الاستفهام.
تصوير أحمد المرسى لا يقل فى روعته عن موسيقى الفيلم، ديكور محمد عطية الذى أخذنا لأجواء الفيلم الغامضة.
• وأخيراً :
هل الفيلم نجح فى جذب المتفرج وهل حقق المعادلة فى الجمع بين مستوى فنى جيد والجماهيرية على غرار أفلام مروان حامد السابقة «يعقوبيان» و«الفيل الأزرق» المؤكد أن «الأصليين» هو أكثرهم إبداعاً سينمائيا لكن ضعف قصته خصم الكثير منه كفيلم كان يمكن أن يكون مُتكاملاً ما جعل المسافة شاسعة بينه وبين استقبال الجمهور له. •