الـ «فرانكو آراب» .. يا عرب

تُسمى هذه الطريقة فى الكتابة بـ «الفرانكو آراب» التى استبدلت فيها الحروف غير الموجودة فى الإنجليزية بالأرقام الإنجليزية، مثل الطاء = 6 والحاء = 7 والعين = 3. وتم اختيار هذه الأرقام بناء على تشابه شكلها مع الحروف التى تمثلها فى اللغة العربية، وهذا مقبول ومنطقى، لكن هناك بعض الاختيارات لا تمت لشكل أو حتى مضمون الحرف لا من قريب أو بعيد، مثل الثاء = 4، والصاد = 9، والقاف =8!!
ومن ثم متى ظهرت؟
بعد سقوط الدولة الأندلسية تم منع الكتابة باللغة العربية، فكانوا يكتبون اللغة العربية بالحروف اللاتينية فى القرن السادس عشر ووصل التضييق على المسلمين فى هذا الوقت إلى تخييرهم بين اعتناق المسيحية أو ترك إسبانيا فبقى من ظل متسترا بالمسيحية حتى ظهرت أجيال لا تعرف إذا كانت مسلمة أم مسيحية، وأطلق على هؤلاء «الموركسيين».
فكان لكتابة اللغة العربية باللاتينية مؤيدون كثيرون فى هذا الوقت من أهمهم القاضى الإنجليزى «ويلمور» الذى ألف كتابا عن اتخاذ اللغة العامية لغة كتابة وتعلم.
أما الشاعر اللبنانى «سعيد عقل» فقد ألف ديوانا شعريا مكتوبا بالكامل بالفرانكو آراب ظنا منه أنه سيصل للعالم، كان ذلك فى عام 1961، إلا أن الديوان لاقى فشلا ذريعا بينما تعد تجربة عمر طاهر من التجارب الناجحة حديثا عندما استخدم فى أحد كتبه ما يسمى لغة الشباب وربما لو أعاد سعيد عقل التجربة فى هذا العصر لنجحت وبامتياز.
فى أوائل القرن الواحد والعشرين مع انتشار المحمول ظهر الفرانكو آراب خاصة أنه كان خاليا من البرمجة العربية، ولا يكتب بالإنجليزية وظل فترة طويلة على هذا الحال، وكعادة المصريين ومثلهم الشهير «الحاجة أم الاختراع» بدأوا فى كتابة رسائلهم بالعربية بحروف الإنجليزية، وعندما بدأت ترد إلينا موبايلات من الخليج مكتوب على أزرارها اللغة العربية، أغلب الظن كان الوقت قد فات واستسهل الشباب خصوصا الصغير الدارس فى مدارس اللغات والدولية الكتابة بحروف إنجليزية ويرجع ذلك أيضا لضعفهم الشديد فى اللغة العربية.
تم تطوير الأمر وتم الاستغناء عن الحروف العربية غير المنطوقة بالإنجليزية بالأرقام مثل الـ«th= ث= 4«، والـ»gh =غ =3«، والـ»kh =خ=5».
كنوع من اختصار طول الكلمة ليساعدهم ذلك فى الكتابة بسهولة وسرعة، وأغلب الظن أنه نوع من الكسل أصيب به غالبية المجتمع مؤخرا!
• تطور خطير
بمرور الوقت حدث اختصار لجمل كاملة فى كتابة الرسائل، ثم وصلنا الآن إلى أنهم يختصرون الكلام، تماما مثلما كان يفعل الفنان محمد رضا فى فيلم (30 يوم فى السجن) الذى كان يقص «الكلا» أى الكلام!! فمثلا el7=الحمد لله، isa= إن شاء الله، Rip= rest in peace omg=oh my god وانتقلت هذه المصطلحات أو الاختصارات للغة الحديثة فأمسى حديث الشباب أشبه بالطلاسم أو «سيم» ثم انتقل من أسلوب الكتابة والحديث إلى العقل والتفكير وأصبحت اللغة العربية غريبة على الشباب فى ذائقتها ومن يكتب أو يتحدث بها فإنه يعد فى نظرهم «بيئة»!! حتى لو كان يكتب بالعامية.
• أسباب التوغل
يأتى على رأس هذه الأسباب مدارس الانترناشيونال والدولية واللغات مع ضعف مدرسى اللغة العربية وعدم الاهتمام بها، إضافة إلى سفر عائلات كثيرة لقضاء المصايف والمشاتى خارج مصر، واستخدام الخادمات الأجنبيات والتحدث طوال الوقت بالإنجليزية دون اللغة الأم، بخلاف إهمال قراءة القرآن وحفظه الذى له عامل كبير فى تقوية اللغة العربية.
• نصائح
أصبح الفرانكو آراب لغة العصر شكلا وموضوعا، بل صار له قاموسه الخاص المعترف به بين الجيل الحديث، فإذا صرحت لأحد من الشباب مثلا أنك لا تفهم رسالته بالفرانكو وطلبت منه كتابة رسالة باللغة العربية فإن هذا يعد جريمة فى حقك أولا وفى حق اللغة العربية ثانيا، لأنه لن يكتب أى كلمة بشكل صحيح حتى لو كان مهندسا معماريا« أى والله» ستشعر بأن لغتنا تهان، إذ أصبحت اللغة العربية الآن لغة الصفوة والمثقفين والـ«بيئة»، فإذا تمسكت بها لتكتب اسمك.. سيتم رفضك فورا بل حظرك والحكم عليك دون محاولة التحقق من صفحتك والنظر لك بدونية!! وستوضع فى نفس الإطار الذى يوضع فيه راغبو الصداقة الملقبون «صاحب قلب مجروح، وحنينة وحظى مائل»، وأشياء من هذا القبيل.
أما إذا كنت تنطق الثاء والطاء والقاف والصاد مستخدما قواعد التفخيم والترقيق فاعلم أنك منبوذ لأنك ببساطة غريب الأطوار بينهم «freek» وأحيانا لن يأخذك أحد على محمل الجد وستجدهم يسألونك أنت بتتكلم كده ليه؟!! أنت أكيد بتهزر لا تحاول أن تصحح الوضع وتقسم أنك جاد وأن نطقك هو المضبوط، لا لشيء إلا لكى تظل بين الناس طبيعيا، لمصلحتك ليس إلا فاضحك معهم وانطق القاف كافًا بل اكتبها أيضا بالكاف هيحبوك أوي!! •