الخميس 26 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الأمومة مش سهلة بس مستاهلة!! وصحيت لقيتنى أم!!

الأمومة مش سهلة بس مستاهلة!!  وصحيت لقيتنى أم!!
الأمومة مش سهلة بس مستاهلة!! وصحيت لقيتنى أم!!


• ماما.. ماما.. اصحى ياماما
- ماما مين ياحبيبتى
• إنتى ماما.. بابا بيقولك: أختى النونو بتعيط.
- بابا، وأختك النونو!!...من أنتم؟!!!

أنا مش فاكرة حاجة.. صحيت وعندى فقدان ذاكرة (أو عاملة كدة)، كل اللى فاكراه إنى بنوتة أهلى الدلوعة اللى كانت بتصحى من النوم تلاقى كل حاجة متحضرة لها قبل ما تروح الجامعة، حتى الـ snacks بتاعها، وكأن ربنا أراد يطلع عليا كل الهنا اللى عشته فى بيت أهلى.
اتجوزت بدرى فى أوائل العشرينيات.. شايفاكى ياللى هناك بتقولى: بنات متدلعة، هو فيه أحلى من فستان الفرح، وإنك تبقى ملكة نفسك؟!! أنا فعلا بقيت ملكة لكن ملكة على مملكة الشياطين الحمر.
صحيح.. إحساس الأمومة هو أروع إحساس فى الدنيا وغريزة فطرية ربنا خص بيها الستات، لأنه عارف إنها وحدها اللى تقدر تستحمل كل المجهود ده، تصحى الصبح (ده لو نمتى من النونو الصغير) علشان تحضرى الفطار للنونو الكبير قبل ما يزعل ويقول إنك مش مهتمة بيه، وتلحقى توضبى المملكة، قصدى الشقة   وتحضرى الغدا، وتودى النونو للحضانة، وتلحقى تروحى الشغل.
أيوه الشغل، كان فيه واحد حلم، واتنين طموح معديين من هنا.. استنوااااا ده أنا كنت التانية عالدفعة!!!.
• ضريبة الأمومة
ضريبة الأمومة.. الكلمة ديه أصبحت كلمة مرنة ممطوووووطة يندرج تحتها أى تبرير، نهايته إنك هتاكلى الجبنة لوحدك، يعنى لو ليه تنامى بالليل لما سهرك مع النونو هو ضريبة أمومتك..
ليه ما تأجليش طموحك وتركنى شوية على جنب لحد ما أولادك يكبروا (ده على أساس إن الطموح هيستناكى لحد ما يكبروا).. وماله ما هى ديه ضريبة الأمومة.
- سلمى أم شابة وسيناريست طموحة،عمرها 32سنة، تزوجت بعد الجامعة مباشرة وأنجبت أول طفل فى الواحد والعشرين، ثم أنجبت طفلها الثانى فى الخامسة والعشرين.. سلمى لها تجربة مع الأمومة، قصتها علي قائلة: ضريبة الأمومة بالنسبة لى هى اكتشافى من الوهلة الأولى، أننى لن أستطيع أن أحقق الكمال فى كل شىء، بمعنى أننى لن أستطيع أن أحقق كل ما أتمناه فى مجال عملى، فمجال السيناريو يحتاج إلى تفرغ وقراءة، ومقومات أخرى لا أستطيع أن أقوم بها وأنا أم وزوجة ولدى مهام كثيرة فقط أنا من يستطيع القيام بها.
وبالتالى فقد رضخت لأن أتواجد فى منطقة وسط، وهى قيامى بالعمل الذى أحبه بدون أن أكون أحسن شىء فيه، المهم أن أمارسه وحسب، وهذه هى ضريبة الأمومة التى أدفعها.
لكن على الجانب المشرق، أرى أن الأمومة المبكرة لها ميزة وهى أن البنت بمجرد أن تملأ غريزة الأمومة فى حياتها، ستتوافر لها طاقة كبيرة لكى تقوم بأشياء أخرى.
 فالبنت التى لم تجرب عاطفة الأمومة غالبا ما تكون مشحونة بمشاعر كثيرة مختلطة من الممكن أن تعطلها، فالأمومة أكسبتنى خبرة كبيرة استفدت منها فى الكتابة، وأخرجت منى شحنات سلبية، فضلا عن أنى  بمجرد تحقيقى لطموحى، سأكون قدوة لأولادى، فمن لا تملك طموحا لن تربى أبناءها على الحلم بالمستقبل، لأن فاقد الشىء لا يعطيه، فعلى العكس سيصبحون مهزوزين.
وهناك شىء آخر فارق، وهو اختلاف معدل القدرة على التحمل، فعندما أقارن بينى وبين صديقة لى أنجبت فى سن أكبر، سأجد أن قوة تحملى أكبر منها، لأن من بدأت تمارس الأمومة فى سن متأخرة لن تكون لديها قدرة على تحمل مشاق حياة الأم، فإما سيكون لعملها الأولوية فى حياتها، ستتركه، إما ستعتمد على والدتها اعتمادا كليا.
بعكسى فالأولوية لبيتى، وأيضا لدى الطاقة لأن أفعل شيئا آخر، لأن التدريب المبكر جعلنى أقوى.
• تجربة صعبة
نفسى أعرف مين اللى اخترع الإعلان ده، هى صحيح الأمومة مستاهلة، بس كان ممكن تبقى سهلة لو حصل تعاون بين المجتمع والزوجة، مش كل حاجة على الملكة وحدها، ولو اشتكيتى: عادى ما الستات كلها بتعمل كده.
نهى.. أم شابة، لم تكن قد تخطت الثلاثة والعشرين عاما عندما رزقها الله بطفلين، وعلى الرغم من أن المسئولية لم تكن سهلة خاصة أنها طوال حياتها كانت معتمدة على ذاتها، فلم تلجأ لوالدتها أو حماتها، وتحملت المسئولية وحدها.
تقول نهى: بالفعل الأمومة ليست سهلة، لكنها مستاهلة فهى تعتمد على الشخصية وقوة التحمل.
والحقيقة أنها تجربة صعبة للغاية، وخاصة مرحلة الحمل والولادة والرضاعة، لكن بعد ذلك عندما يرى الإنسان الموضوع من بعيد، فيشعر أنه كان جميلا من عدة نواح، فالأمومة مثلها مثل أى شىء جميل لابد من وجود ضريبة ومتاعب له لكى يتوج بالنجاح.
فعلا لقد كانت مأساة، ومهما كان يقال لى إنها تجربة وهتعدى لم أصدق، فقد كانت ضغطا عصبيا ونفسيا على جميع الأصعدة.
يتولد لديك شعور أن الدنيا مازالت أمامك لتحققى كل ما تتمنينه من طموح وتقدم فى العمل، بعكس التأخير فى الأمومة، فبمجرد أن تبدئى حياتك العملية تضطرين إلى أن تتركى كل ذلك من أجل التفرغ للأطفال، أو ستقصرين معهم.
أما فى حالتى فبعد أن اطمأننت على أولادى ودخلوا مدارسهم، بدأت حياتى العملية، وساعدنى فى ذلك أنهم قد كبروا وأصبحوا يساعدوننى.
• الجنة تحت أقدام الأمهات
أما سارة، فهى طبيبة امتياز، اضطرت أن تخرج  للعمل فور ولادتها لابنتها الصغيرة، فكان لابد لها أن تقضى سنة الامتياز فى أحد المستشفيات الحكومية.
تقول سارة: كانت مأساة بالنسبة لزوجى أن أخرج للعمل وابنتى لم تتجاوز 4 أشهر، وعلى الرغم من أنه طبيب مثلى، لكن ذلك لم يغيرمن موقفه فى شىء، فلجأت إلى حضانة بجوار المستشفى الذى أعمل به حتى أستطيع أن أذهب إليها فى فترات الراحة، ثم أعود إلى المستشفى بعد ذلك.
ثم أعود إلى البيت وأقوم بكل شىء من طبخ وتنظيف وغسيل قبل أن يأتى زوجى من العمل.
وعندما أشكو لأحد يقول لى: معلش أصل الجنة تحت أقدام الأمهات.
أنا عارفة إن ربنا مدام قال كده، يبقى هو يعلم قد إيه الأمهات بتتعب، وبتتحمل، لكن مش معنى كدة إننا نحمل عليها أكتر بدعوى إنها هتدخل الجنة، ماهى ممكن تدخلها برده من صدقة، أو عمل خير، وبعدين هو كل الستات اللى بيتجوزوا بيخلفوا، أو كلهم لازم يتجوزوا أصلا...كلام مش منطقى.
تضيف سارة: كمان من أكتر المقولات اللى بتضايقنى اللى تخلف لازم تنسى نفسها، طب ماهى لو نسيت نفسها، وقصرت هتقصر أكيد مع أطفالها.. مش هقولكم إن ده هيعود بالسلب على نفسيتها وبالتالى نفسية أطفالها، لكن للاسف ده هيحولها لآلة بلا روح وهتربى آلات زيها، وهتطلعهم إما ولد هيدور على واحدة يشيلها المسئولية، أو بنت هتمشى على نفس مسيرة أمها فى الحياة، وبكده نكون مسئولين عن جيل فاشل سيكون مسئولا عن جيل مشوه.
• هدية للأم فى عيدها
أما مها، فهى سيدة فى العقد الرابع من عمرها، تزوجت  فور تخرجها فى الجامعة من حب عمرها، وأصرت على أن تعمل فى مهنتها (الصحافة) التى كانت شاقة للغاية، فكان يتطلب منها الحضور فى مواعيد غير ثابتة، لدرجة أن الجيران كانوا يظنون أنها طبيبة، لكنها اختارت أن تجمع بين أمومتها وبيتها وأيضا عملها الذى كانت مطالبة فيه بإثبات نفسها، فكانت المعادلة الصعبة.
واستمرت على هذا النحو الشاق سنوات كثيرة حتى استطاعت تحقيق المعادلة التى تكاد تكون مستحيلة، وأخرجت شابين ناجحين، وأصبحت اسما لامعا فى الصحافة الإنسانية حتى إنها حصدت الكثير من الجوائز فى مجال القصة الإنسانية، ووقفت بجوار زوجها حتى نجح فى عمله، ذهبت إليها وطلبت منها روشتة تستفيد منها كل شابة مقبلة على تجربة الأمومة وتريد تحقيق طموحها، حتى تستطيع تحقيق المعادلة الصعبة.
قالت لى: من أهم ملامح شخصية الأم هى قدرتها على تحمل المسئولية، وإرادتها فى النجاح.
وللأسف فالمجتمع يفرض عليها أن تلعب جميع الأدوار فتقوم الأم بحمل 3 اضعاف المسئولية الأساسية، فتصبح زوجة وامرأة عاملة وأماً، وكل طرف يريد منها آلا تقصر فى دورها تجاهه، ولذا فمن تستطيع أن تمر بهذه الخطوة لابد أن يكون لديها إحساس عال  بالمسئولية لأنها ستعافر، فالمعافرة هنا ليست كلمة وحسب بل ستكون أسلوب حياة، وذلك حتى تستطيع تحقيق أكبر نسبة نجاح على هذه المستويات الثلاثة.
والحقيقة أن الأم فى هذه المرحلة تحتاج للدعم، وغالبا ما يكون من أسرتها، ففى مجتمعاتنا عندما يتقبل الزوج بأن تقوم زوجته بالثلاثة أدوار معا، فهو بذلك بطل لأن قليلا من الرجال من يقبلون بهذا الوضع.
والمحصلة اكتشافنا أن رب العمل يريدها متفرغة للعمل، وزوجها يريد منها التفرغ للبيت، وبالتأكيد الأولاد كذلك، وتتشابك خطوط المعادلة.
ويتلخص الحل من وجهة نظرى فى عدة أشياء، أولا: طريقة تربية الأم لأبنائها فالأطفال فى مراحلهم الأولى يريدون الأم بالكامل، لكن بعد ذلك ممكن أن يكون الأمر أيسر، لكنها إن لم تربهم على الاعتماد على النفس فسيبقون كذلك طوال عمرهم وسيصبحون عبئا أثقل عليها، ولذا فطريقة التربية تفرق كثيرا معها.
ثانيا: على الأم أيضا أن تزرع فى أبنائها أن يكون لديهم كيان مستقل، وتعودهم على أنها مثلهم، فهى كيان ومن حقها أن تحقق ذاتها حتى يكون لها شخصيتها المستقلة، ولا تتحول إلى شخصية متسلطة عليهم وعلى زوجها.
أما ثالثا وهو الأهم: على المجتمع أن يعاملها بمرونة وبروح القانون وليس بالقواعد الصارمة، فبمناسبة عيدها نطالب بأن يكون هناك بعض المرونة مع الأم العاملة حتى نستطيع تقديم الدعم الكامل لها قبل أن نطالبها بإنتاج جيل سوى ناجح ومتميز. •