الخميس 23 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

د. رفعت الضبع: الإتيكيت ليس لغة الصفوة ولا التعامل «بالشوكة والسكينة»!

د. رفعت الضبع: الإتيكيت ليس لغة الصفوة ولا التعامل «بالشوكة والسكينة»!
د. رفعت الضبع: الإتيكيت ليس لغة الصفوة ولا التعامل «بالشوكة والسكينة»!


العلاج العاطفى... مفهوم جديد وسط عديد من المفاهيم تم تصحيحها على مدار ساعة فى لقائى بالدكتور رفعت الضبع، أستاذ الإعلام التربوى ومحكم دولى فى المهرجانات العلمية والبروتوكول والإعلام، والذى راح يبحث عن الأخلاق فى مجتمعنا التى بدا لى  أنها سقطت من بعضنا سهوا أثناء رحلة البحث عن لقمة العيش.

كما أكد لى أن الإتيكيت ليس لغة الصفوة أو التعامل بمبدأ «الشوكة والسكينة» ولكنه لغة الأخلاق وفهم الآخر. ودخلنا بيزنس ملكات الجمال وتكلفة إعداد المتسابقة التى قد تصل إلى 4 ملايين دولار. وعن تسخير إحدى المتسابقات الجان لمساعدتها.
تحدثنا عن لقائه بالرئيس السادات الذى كان سريا، كما انتقلنا إلى مسابقة ملك جمال الرجل وكيف يراها البعض إهانة فى حق الرجولة، بينما يراها العلم والتجربة أنها فرصة لاختيار الرجل النموذج والمثل الأعلى، وكيف أن الأنثى السوية هى سيدة النساء، ولديها عاطفة للحب 24 مرة ضعف الرجل.. وفى النهاية كانت الإشارة إلى موجة العلاج العاطفى التى تجتاح العالم الأوروبى وموجة العلاج بالأعشاب التى اجتاحت عالمنا العربى.
وإلى تفاصيل الحوار..
•  الدين سعادة لا كآبة
• مفهوم الإتيكيت الشائع هو التعامل «بالشوكة والسكينة» فما حقيقة هذا المفهوم؟
- هذا للأسف هو المفهوم الشائع، لذلك اتجهت نحو دراسة الإتيكيت والبروتوكول منذ 1992 والفكرة جاءت من إدراكى بأن معظم مشاكل المجتمع نتيجة افتقار الأخلاق التى لا أقصد بها زيًا أو هيئة معينة، ولكن أسس التعامل التى تفتقر إلى الأصول الصحيحة. التى تسمى الإتيكيت. وهناك بالفعل مفهوم مغلوط بأن الإتيكيت هو نوع من الرفاهية فى التعامل وأنه باختصار تعامل «الشوكة والسكينة» ولكن هذا مفهوم مغلوط لأن الإتيكيت بمفهومه الصحيح هو علاقة الإنسان بنفسه بثقافتها وتهذيبها والاهتمام بها، أما البروتوكول فهو علاقة الإنسان مع الآخر. وأصلت مؤلفًا عن الإتيكيت وفقا للأديان السماوية وقد وجد رواجا كبيرا وألحقته بـ9 مؤلفات أخرى عن الأخلاق.
• إذن ترى الأخلاق والإتيكيت وجهين لعملة واحدة؟
- بالتأكيد، فقد وجدت أثناء بحثى فى العلوم الإنسانية أن الإنسان يقضى 75% عمره أخلاق بالمفهوم العادى. التى تعنى الإتيكيت الذى هو فى حقيقته عبادة سماوية. وأنه إذا أدى هذه السلوكيات بشكل صحيح حظى بالثواب فى الدنيا والآخرة، لأن الأديان ليست مقتصرة على الفروض الدينية فقط ولكن تمتد إلى السلوك، بداية من التعامل مع النفس إلى التعامل مع الآخرين واستيعاب الطرف الآخر وكثير من الناس حتى الآن لم يصلوا إلى هذه الحقائق لأن المفهوم الصحيح لم يصل إليهم بعد، فالإتيكيت ليس لغة الصفوة فقط ولكنه عبادة سماوية تعرف بالأخلاق.
•  أمية الإتيكيت
•  وما مدى استيعابنا لتلك الثقافة، وتأثيرها على المجتمع؟
- المجتمع العربى يعانى من أميات كثيرة جدا بداية من الأمية الأبجدية التى تصل إلى 40% أو أكثر، كما يعانى من الأمية الوظيفية والدينية وأمية الإتيكيت والبروتوكول. وأعتقد أن مشاكل العالم تكمن فى الأخلاق، فمثلا ازدياد نسبة الطلاق فى المقام الأول بسبب عدم فهم الآخر، ولدينا قصور كبير فى هذا الجزء تحديدا، حيث إنه يكون التعامل مع الآخر ليس كما يريد ولكن كما يجب أن يكون. وبأن تتقبله كما هو. فلو كل منا أتقن حسن التعامل مع النفس والآخر لذاب كثير من المشكلات. وقد أصبح يجتاح العالم الآن نوعان من العلاج، العلاج العاطفى والعلاج بالأعشاب. فأوروبا أخذت العلاج العاطفى ونحن كان من نصيبنا العلاج بالأعشاب والوصفات.
ففى أوروبا يهتمون بالعلم جدا ويأخدون من الدين ما يؤكد أبحاثهم و90% أنهم يطبقون أبحاثهم العلمية بجدية وبمفهومها الحقيقى. ولكن للأسف نحن مغيبون عن الحقيقة، فالأديان مصدر للسعادة والمرح والحياة وليست دعوة للكآبة والخوف كما يصدرها لنا البعض، فالرسول «عليه الصلاة والسلام»  دعا لشخص بدخول الجنة لأنه كان يضحك الناس.
•  الأنثى السوية كنز لا ينضب
•  من خلال دراستك للعلوم الإنسانية، ما أهم القضايا الاجتماعية؟
- عدم فهم الآخر أعتبره من أهم القضايا الاجتماعية، فمثلا العلاقة بين الرجل والمرأة لابد أن تقوم على فهم حقوق وواجبات كل منهم تجاه الآخر، فيجب على الرجل فى البداية فهم سيكولوجية المرأة ودراسة خاصة لحالة السيدة التى أمامه والتى يود الارتباط بها ولا يكتفى بمجرد المعرفة الظاهرية، كما يفعل بعض الأزواج فى التعامل مع زوجته من الظاهر فقط دون أن يفهمها جيدا ولكن هناك من يبحر فى ذلك العالم مستمتعا باكتشاف جميع الجوانب بها من جمال الفكر والإبداع والابتكار والحنان، فالأنثى السوية بها أنواع من الجمال لا حصر لها، والإنسان الذى لديه قدرة على اكتشاف الجمال فسيتذوق كل هذه النواحى مهما كانت بساطتها. وهناك طريقة تعارف أعجبتنى جدا فى فرنسا، وهى عندما يريد شخصان التعارف على بعضهما  يجلسان جلسة طويلة تصل إلى خمس أو ست ساعات وكل واحد معاه ورقة وقلم ويكتب بيحب إيه فى كل حاجة ويكره إيه فى كل حاجة وماذا يحتاجه للتكامل مع الآخر. وتكون هذه أشبه بوثيقة بينهما.
فى الخارج وفى فرنسا تحديدا يهتمون بكل هذه التفاصيل وكثرت بحوثهم حول الكشف والبحث عن الجمال عكس نظرة الخليجيين الذين قابلتهم فى الخارج وفى أرقى الجامعات العالمية، ولكن تظل الجينات واحدة ويظل مفهومهم عن المرأة قاصرًا ولن يتغير فى حين أنه يحرم نفسه من بستان من الجمال.
•  حبوا تصحوا!
•  هل الناس عندها وقت للحب؟
- لازم يكون فى وقت للحب، فالحب عبادة وعلاج لكل الأمراض. وسينتهى العالم إذا فقدت العاطفة.
والذى تغير الآن هو تفشى الجهل، وأذكر على سبيل المثال العالم الأوروبى كان عالمًا ماديًا.
•  هناك من الرجال ذوى المناصب القيادية يدعون أنهم لا وقت لديهم للحب والمشاعر، فما ردك؟
- ليس هناك رجل يستطيع أن يحيا بلا حب ولكن تأكدى أنه يبحث عن الحب المتوافق معه، والذى يشعره برجولته. والرجل السوى يجعل من هذه المرأة محور اهتمامه ولا يفعل شيئًا إلا لسعادتها بدءًا من ابتسامتها إلى الارتقاء بعملها وثقافتها ولا ينظر إلى سعادته هو ولا يحدد لها ما تلبس أو ما تفعل لأن الإحساس بجمال الحب عندما يكون تلقائيًا بدون توجيه. وإذا لزم لفت الانتباه لشيء فيكون بشكل نقاش أو اقتراح.
•  وماذا عن احتياج المرأة للحب؟
- المرأة يجب أن تأخذ جرعة من الإعجاب لأن احتياجها للحب والحنان من الرجل 24 مرة ضعف الرجل، والمرأة نوعان المرأة السوية التى هى فى حاجة إلى الحب والحنان وتستطيع أن تكتشف وتلتقط الرجل الصادق فى مشاعره فتتجاوب معه وتتواصل معه لأنها لو افترضت دائما سوء النية أو دائما تضع العديد من المحاذير والعوائق وتجعل من إحساس الإعجاب سواء من أو إلى شخص معركة حربية فتدخل فى دوامة أمراض من الاكتئاب والخوف.
•  هل الإتيكيت مرتبط بالمرأة أكثر منه للرجل؟
- المرأة أهم مصادر التربية لذلك فالإتيكيت مرتبط أكثر بها لأنها هى التى تعد الأجيال فإذا كانت عندها هذه الثقافة ستنقلها للأبناء، وأهم فترة فى عمر الأطفال من سن أربع سنوات هى فترة الغرس «غرس القيم» وهنا يكون دور الأم فى نقل كل الثقافات والمعرفة إلى أطفالها بشكل تدريجى ومبسط وغرس القيم والمبادئ.
•  ماذا عن مبادئ البروتوكول والعمل مع كبار السياسيين، هل استعان بك أحدهم؟
- بالفعل عملت مع الكثير من القيادات السياسية من رؤساء دول وأمراء وملوك، وخاصة فى تعليم المراسم العربية وهى مهمة جدا فى العلاقات الدبلوماسية والخارجية، وتعاملت مع الرئيس السادات فى مكتبه وكان متدينًا ومبدعا وذواقا ووطنيًا صميمًا وصاحب قرار وعاشقًا للجمال وودودًا جدا.
كما تعاملت مع عديد من الشخصيات السياسية والفنانين ونجوم المجتمع وأكون على اتصال تليفونى دائم معهم للسؤال عن اختيار الملابس المناسبة فى لقاء معين، أو الحديث بشكل معين فى لقاء تليفزيونى أو حديث صحفى.
•  مسابقة ملكة الجمال وارتباطها بمفهوم الأنثى شديدة الجمال، ما حقيقة ذلك؟
- أى أمراة جميلة طالما أنها غير منفرة. ومسابقة ملكة الجمال، نتحدث فيها عن مفهوم الجمال الشامل، يبدأ بعلمها وثقافتها ومستوى إدارة الوقت وإدارة الأزمة ونقيم على كل المستويات ونجمع الفائزين الثلاثة من كل دولة ونقيم لهم معسكرًا فى مصر ونقوم بعمل يومى شامل، وهناك خبراء فى كل المجالات على درجة كبيرة من الدقة والذكاء لتقييم كل متسابقة بمنتهى الحيادية والجدية والفراسة. ودراستى للعلوم العربية ساعدتنى بشكل كبير فى فهم وتقييم الآخرين لأن دراستى لها بشكل أفقى من دراسة علوم الإنسان وعلوم الأجناس البشرية من عادات وتقاليد وعلم النفس والصحة النفسية.
أما الحديث عن جمال الملامح  والشكل فحرام أن أقيم الشكل لأنه من خلقة الله ولا يحق لمخلوق أن يقيم خلقة الخالق ولكن أنا أقيمها  على اعتبارات أخرى كثيرة، فمثلا فى مسابقات الجمال العالمية كانوا معتبرين الشكل 8 من 20  وأقنعتهم أن الأشكال لا تقيّم واستبدلناها بكلمة المظهر وتدنى تقييمها إلى 2 من 20، ومحرم تقييم مخلوقات الله ولا تقيم إلا بالثناء عليها ولكن تقيم الجوانب الأخلاقية والإبداعية والابتكارية.
•  ماذا عن أغرب المواقف التى واجهتها فى مسابقات الجمال؟
- فى إحدى المرات كانت هناك متسابقة إسبانية مغربية لها علاقة بالجان، وكانت تقول لى السؤال قبل أن أسأله لها، واضطررت أن أغير كل الأسئلة وكنت أسألها السؤال سريعا وقبل أن تفكر به.
•  بيزنس ملكات الجمال، كم تبلغ تكلفة إعداد الفتاة المشاركة بتلك المسابقة؟
- مسابقة ملكة الجمال بيزنس كبير فالمتسابقة يُصرف عليها من الشركة المتبنية لها لمدة 10 سنين من النواحى الصحية والثقافية وغيرها ما يقرب من 3 أو 4 ملايين دولار ويبدأ تأهيلها من سن 13 سنة والشركة تحصد بعد ذلك كل الأرباح، حتى إن لم تنجح الفتاة، فيكفى بيع الحفلة التى تكون بملايين الدولارات لأنه ممنوع لأى أحد التصوير تماما داخل الحفلة.
•  مسابقة ملك جمال الرجل، هل تسىء إلى رجولة ومفهوم الرجل؟
- مسابقة ملك الجمال ليست سيئة السمعة، بالعكس هى تخرج رمزًا سويًا وقدوة للمجتمع وهذا هو فلسفة المسابقة والهدف منها، الجمال بمفهومه الشامل، وليس كما هو شائع لدى العامة بأن مسابقة ملك جمال الرجل هى البحث عن الرجل الوسيم فقط ولكن الرجل بأخلاقه وذكائه وتهذيبه وفهمه للآخر.
لذلك فمسابقة ملك الجمال هى إضافة لعالم الرجال، فليس المقصود من ملك جمال الرجل «الرجل المسمسم» ولكن يشترط أن يكون خاليًا من الأمراض النفسية والعقلية والتشوهات الخلقية وذا ثقافة واسعة وأن يكون مؤمنًا بالله وأن يكون مبدعا ومبتكرا لأن الرجل السوى هو من يهمه جدا فهم المرأة وتقديرهاويوفيها حقها. لأن على الجانب الآخر فإن المرأة السوية هى خليفة الله فى الأرض.
•  معنى ذلك أن المسابقة لا تقبل بالملحدين؟
- بالتأكيد لا يعترف بهم، لأنه فقد شرطًا أساسيًا فى مسابقة ملك جمال العرب، أما بالنسبة لملك جمال العالم فقد يقبل ولكن لا أعتقد بنجاحه فى التصفيات. •



فعت عارف الضبع تخرج فى كلية الآداب قسم اجتماع ثم درس الإعلام وعمل صحفيا بعدد من الصحف كمحرر برلمانى وعمل بمجلس الوزراء ثم حصل على الماجيستير والدكتوراه فى البرلمانات الدولية وعين مدرسًا مساعدًا فى الجامعة. وتدرج فى هذا التخصص إلى أن أصبح أستاذًا بالإعلام، وقام بتأصيل علوم الإعلام النوعى لأول مرة فى تاريخ العالم والمقصود به الإعلام الاجتماعى والأدبى والثقافى والدبلوماسى والفنى وغيرها من 17 فرعًا من فروع الإعلام وأصلها فى مؤلفات حكمت ونشرت كأول تجربة فى العالم فى العلوم البينية وفى العلوم الإنسانية وأسس بعض الأقسام النوعية على مستوى العالم العربى.اختير كمحكم دولى فى عديد من المهرجانات العلمية والبروتوكول والإعلام. ونال العديد من الجوائز الدولية فى مجالات الإعلام التربوى والإتيكيت والبروتوكول والأدب وبعض المجالات الرياضية والاجتماعية. •