الأحد 22 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

.. وكسرت عين الراجل!!

.. وكسرت عين الراجل!!
.. وكسرت عين الراجل!!


قمة السعادة يصل إليها الرجل عندما يرى الرضا فى عيون أسرته.. يشعر أنه البطل فى نظرهم.. وأنه رب حقيقى لهم، يجلس سعيدًا رافعًا رأسه بينهم.. أما إذا عجز هذا الرب عن قضاء حوائج أهل بيته.. فإنه يُكسر، نعم.. يشعر أنه مكسور أمامهم.. لدرجة أنه لا يستطيع أن يجلس معهم.. لا يستطيع أن يرفع عينيه لتلاقى أعينهم وقتها فقط يعرف معنى «كسرة العين».

وسط جنون الأسعار والغلاء الفاحش، نرى «كسرة العين» فى أغلب البيوت المصرية الآن، فإذا كانت المرأة تتعرض «لكسرة نفس»، جراء ما يحدث الآن فى الأسعار، أمام احتياجات بيتها وأولادها.. فالرجل تُكسر عينه أمامها قبل أولادها.
• الهروب
كرجل لا يرجع بيته إلا عندما يعلم أن جميع من فى البيت نائمون.. فهو لا يريد أن يطلب منه ابنه شيئًا يعلم أنه لن يستطع الوفاء به، أو يأتى لابنته المنتظرة «الحاجة الحلوة» اليومية التى تعودت أن يحضرها لها، وزوجته التى تنتظر طلبات البيت من زيت وسكر وغيرهما!!.. ربما يصحو قبلهم ويخرج وهم يستعدون للذهاب للمدرسة فيلبس مسرعًا وسط أسئلتهم وطلباتهم المؤجلة.. وهو دون أن ينظر فى أعينهم يهم خارجًا قائلاً «إن شاء الله.. إن شاء الله».
عندما يغلق الباب يأخذ نفسًا عميقًا يشعر معه بغصة فى قلبه.. هنا فقط يرفع عينيه للسماء بنظرة رجاء تقول «يارب»... فهو الأعلم بحاله.
• الصمت
أما الآخر فكان دائمًا يرفض الأكل «الأورديحى»، يعلو صوته قائلاً لزوجته دائمًا «أنا معرفش آكل من غير لحوم»، «بطلى بخل»، أنا جسمى بيترعش كسلان لو ماكلتش لحوم»، الأكل بكمية كبيرة فهو يأكل منه فى الغداء والعشاء الآن.. أصبح لا يشترط شيئًا.. يأكل أى شىء، لا يسأل عن اللحوم.. لا يرتعش جسده.. حتى لو ارتعش.. لن يصرح بذلك.. حتى أنه بدأ يقوم بنفسه ليبحث عن كمية أخرى من الطعام بالمطبخ.. لأنه يخاف أن يسأل فتجيبه زوجته بالنفى.. يطلب الأولاد منه فيقول لهم «حاضر» «بكره»، فيسأله ابنه «كل يوم بكره»!! هنا تتدخل الأم.. «خلاص لا بكره ولا بعده.. خش نام فى أوضتك».
فى الماضى القريب كان هذا الأب ليتدخل مُعنفًا زوجته «بتزعقى ليه!! سيبيه هو بيكلمنى أنا»، لكنه الآن، يلتزم الصمت فهو بالفعل يريده أن يدخل غرفته.. يظل الطفل واقفًا ينتظر تدخل والده كالعادة لكنه لا ينظر فى عينيه.. فيستسلم الطفل وهو لا يعرف لماذا عنفته أمه.. أما الأب فيلوذ بالهرب بمشاهدة التليفزيون، كأنه يتابع شيئًا رغم أنه لا يعرف ماذا يشاهد ولا عم يتحدثون!! لكنه الهروب من عينىًّ زوجته.. ويكون آخر سؤال لها قبل أن تتركه لتنام «تاكل إيه بكره؟!» ويكون رده وهو ينظر للتليفزيون «اللى موجود».
• العصبية
أما هذا الأب الذى أصبح عصبيًا للغاية- لأتفه الأسباب فهذه طريقة أخرى من طرق الهروب.. عندما تسأله زوجته مثلاً.... «عملت إيه فى الشغل النهارده»؟ يثور «هكون عملت إيه!! زى كل يوم» يفعل هذا لأنه يعلم أن الحوار سيتطرق لتحكى له هى أيضًا عن يومها.. عن احتياجاتها وكيف وجدت الأسعار.. وعن طلبات المدرسة.. أو أن ابنته تحتاج لهذا أو لذاك.. لذا يُغلق الباب من البداية لتصمت.. ليس تهربًا من المسئولية لكن خوفًا من تلاقى أعينهم فتعلم أنه لا يقدر.. لم يترب الرجل على مصارحة نفسه وشريكة حياته بحقيقة عدم قدرته أو استطاعته على الوفاء بمسئولياته.. تعود أن الحوار والاعتراف بهذا يعتبر ضعفاً وكسراً لذاته.. وأنه بذلك يخسر احترام من حوله خاصة زوجته وأولاده.. لا يلجأ أبدًا لحوار أُسرى يوضح فيه الظروف التى تتعرض لها الأسرة ويضع قوانين جديدة تناسب الأوضاع دون حرج.. لذا يلجأ دائمًا للهروب بطرق مختلفة.. فوجب علينا ذكر كيفية معاملة زوجة فى ظل هذه الظروف القاسية؟؟؟
أولاً.. عندما ترين زوجك يظهر عليه الانزعاج «مكتوم» لا تسأليه «مالك؟!» «فى إيه».. لأنه يصعب عليه جدًا أن يقول «مش قادر».
ثانيًا: يجب أن توصى أولادك بألا يطلبوا احتياجاتهم مباشرة منه.. اجعليهم يسألونك أولاً وبالطبع ليس أمامه.
ثالثًا: اقتصدى قدر الإمكان.. اصبرى قدر الإمكان.. ابتسمى قدر الإمكان.
رابعًا: حاولى أن تجدى طرقًا جديدة ومشبعة وموفرة.
خامسًا: لا تشتكى لأصدقائك غلاء الأسعار خاصة أمام زوجك، بالإضافة أن «كل واحد فيه اللى فيه فبلاش نشر الطاقة السلبية».
لا نطلب منك أن تتحملى فوق طاقتك ونعلم أنك مكسورة النفس لكن كل ما نطلبه أن تعرفى أن الحياة ما هى إلا مشاركة.. فكل واحد يحاول أن يرمم فى الآخر ما كسرته الظروف والأيام.•