الأحد 8 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

14 مصنع أسمنت جديدا.. والفحم قاتل المصريين!

14 مصنع أسمنت جديدا..   والفحم قاتل المصريين!
14 مصنع أسمنت جديدا.. والفحم قاتل المصريين!


ضربة جديدة للبيئة وصحة الإنسان بسبب اتجاه الحكومة لمنح رخص لـ11 مصنعا لإنتاج الأسمنت تتركز أغلبها فى الصعيد، إضافة إلى 3 مصانع أخرى جرى حسم موقفها ومنح تراخيصها بالفعل إلى ثلاث شركات ليبلغ إجمالى المصانع 14.

عادة ما ترفض أوروبا التوسع فى صناعة الأسمنت لما لها من أضرار بيئية وصحية جسيمة لذا تعتمد على شراء شركات ومصانع فى دول أفريقية تنتمى إلى دول العالم الثالث التى لا تزال مفاهيم حماية البيئة لديها فى مهدها ولا تمثل قوة كبيرة قادرة على إيقاف المصانع والمشروعات المضرة لها.. أما المصانع العاملة فى أوروبا فإنها تخضع لرقابة بيئية كبيرة بسبب إدراك الحكومات والمنظمات البيئية أن صناعة الأسمنت تمثل خطرا على الحياة وهو ما يرفع من تكلفة الرواتب إضافة إلى ضرورة الصيانة المستمرة للفلاتر التى تنقى الغبار الأسمنتى ومواكبة التطور العلمى فى رفع نسبة الأمان البيئى.
• رخص جديدة
قررت هيئة التنمية الصناعية منح 14 رخصة لمصانع أسمنت حسمت ثلاثاً منها شركة السويدى للأسمنت التى تقرر أن تقيم مصنعها فى العين السخنة إضافة إلى شركة جنوب الوادى نالت رخصة إقامة المصنع فى بنى سويف، فضلا عن شركة المصريين التى نالت حق إقامة المنشأة الصناعية فى محافظة سوهاج.
وتتبقى 11 رخصة أخرى قد طلبت بعض الشركات الحصول عليها وستكون مركزة فى مناطق فوكة الصناعية بمرسى مطروح وغرب عتاقة الصناعية بالسويس ووادى السريرية بمحافظة المنيا ومنطقة العلاقى بمحافظة أسوان إضافة إلى محافظة الوادى الجديد والمطاهير الصناعية بمحافظة سوهاج وأبو زنيمة بجنوب سيناء ومنطقة جبل الجير بمحافظة قنا.
ويجرى العمل على منح رخص مصانع الأسمنت خلال العام الجارى من أجل البدء فى العمل ودخول المصانع حيز التنفيذ فى المناطق الصناعية المختلفة حتى يتسنى لها الإنتاج فى أقرب وقت ممكن.
• مشاكل وأزمات
يسيطر الأجانب على قطاع كبير من الأسمنت فى مصر فشركة لافارج «الفرنسية - السويسرية»  إضافة إلى إيتاليشمنتى الإيطالية تملكان أكثر من نصف الإنتاج تقريبا داخل مصر فضلا عن شركة أسيك وسيمكس حتى وصل إجمالى إنتاج الأجانب إلى 80% من هذه الصناعة فى حين لجأ الكثير من المصانع إلى تحويل خطوط إنتاجها من الغاز الطبيعى إلى الفحم على اعتقاد منهم أن أسعاره زهيدة ويمكن أن يقلل من تكلفة الإنتاج ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن الآن بعدما ارتفعت الأسعار العالمية لهذا المصدر غير النظيف من الطاقة.. وتعتمد بعض مصانع الأسمنت  فى توفير 80% من الطاقة عبر الفحم إضافة إلى 18%  يجرى الحصول عليها من المخلفات و 2%  فقط من الغاز الطبيعى والآن يجرى العمل على إنشاء 14 مصنعا للأسمنت فى حين يعمل حاليا فى مصر نحو 23 مصنعا أى أكثر من نصف المصانع سيجرى إنشاؤها وهو ما سيزيد من الأعباء فى ظل صعوبة التصدير فى الوقت الحالى والسؤال المطروح.. لماذا هذا الكم الهائل من مصانع الأسمنت يجرى طرحها مرة واحدة؟
وتحتل ألمانيا المركز الخامس كأكبر احتياطى للفحم فى العالم ولكن لا تستخدمه على الإطلاق بسبب الأضرار البيئية التى تدركها تماما من جراء الاعتماد عليه كمصدر للطاقة وهو ما يضع الكثير من علامات التعجب على الكم الكبير من المصانع التى ستعمل فى إنتاج الأسمنت وتعتمد على الفحم كمصدر للطاقة ومدى الأضرار الناجمة عن ذلك فى هذه المدة القصيرة.
وتتركز مصانع الأسمنت فى دول العالم الثالث وأفريقيا والهند ومع قياس تطور الصناعة فى مصر فعلى سبيل المثال أنتجت الدولة المصرية فى عام 2000 نحو 24 مليون طن وظلت تتدرج فى الإنتاج حتى وصلت عام 2014 إلى 50 مليون طن ومع دخول هذه المصانع حيز التنفيذ من المتوقع أن تصل النسبة إلى 80  مليون طن تقريبا ولكن لا أحد يدرك مدى المخاطر التى تنجم عن هذه الصناعة سواء على الإنسان أو البيئة أو المبانى.
• مخاطر صحية وبيئية
أكد الدكتور عصام الحناوى خبير البيئة بمنظمة الأمم المتحدة أن انتشار مصانع الأسمنت له مخاطر بيئية جسيمة تتمثل فى تلوث الهواء بالغبار ضئيل الحجم الذى يمكن أن ينفذ إلى الرئة بسهولة ويترسب فيها وتضاف هذه المخاطر إلى ما ينتج من عوادم السيارات والمحركات والآلات التى تعمل بالوقود وتصدر عنها عوادم نتيجة الاحتراق.
وأضاف الحناوي: إن المخاطر تتضاعف باستخدام مصانع الأسمنت للفحم كمصدر للطاقة، وغالبا يمكن السيطرة على المخاطر البيئية الناتجة عن تصنيع الأسمنت باستخدام مصدر مثل الفحم عبر وضع فلاتر خاصة ولكن تكلفتها مرتفعة للغاية ويجرى صيانتها باستمرار وهو ما يضاعف من تكلفة المنتج فى نهاية المطاف.
واستكمل الحناوى حديثه بأن الدول الأوروبية الكبرى لا تميل إلى إنشاء مصانع الأسمنت على أراضيها ولكن الشركات التى تتبعها تتجه إلى الدول النامية التى لديها الموارد والخامات ويذهب لمساعدتها فى إنشاء المصانع من أجل الحصول على الإنتاج دون أن تزعجه المنظمات البيئية النشطة هناك أو يتحمل تكلفة كبيرة جراء الالتزام بمعايير السلامة البيئية.
• اشتراطات مسبقة
ومن جهته أكد الدكتور أحمد على الخطيب أستاذ البيئة بكلية العلوم بجامعة سوهاج، أنه قبل إقامة أى مصنع يتسبب فى تلوث البيئة يجب دراسة موقعه بشكل كامل واتجاه الرياح الذى يمكن أن ينقل الأتربة والغبار الضار لأنه من المعروف أنها يمكن أن يتطاير لعشرات الكيلومترات وقدرتها على النفاذ إلى الرئة بسهولة والترسب فى الجهاز التنفسى.
وأشار الخطيب إلى ضرورة أن تكون نظم الرقابة البيئية فعالة بحيث تكون قادرة على غلق المنشآت الصناعية المخالفة ليكون ذلك بمثابة المحفز لأصحاب مصانع وشركات الأسمنت على تجديد وصيانة فلاتر تنقية الهواء من الغبار الرفيع القادر على النفاذ إلى الرئة بسهولة والتسبب فى كثير من الأمراض التى تؤثر على الجهازين التنفسى والهضمى.
وشدد الخطيب على أن صناعة الأسمنت غير محبذة فى أوروبا نظرا للمخاطر الكبيرة التى تتسبب فيها، فضلا عن ضرورة الالتزام بالمراقبة البيئية المكلفة للغاية.
وأكد الخطيب أن الغبار الناتج عن الأسمنت قد لا يصل مباشرة إلى الإنسان ولكنه يترسب على الأطعمة والفواكه المكشوفة ويتسبب فى أضرار جسيمة على الجهاز الهضمى لذا يجب على المواطنين الابتعاد بمسافات كبيرة وكافية عن مثل هذه المنشآت الصناعية.
ومن جهته أكد الدكتور محمد حسن خليل رئيس لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة أن أهم الأضرار البدنية على جسم الإنسان من استنشاق الغبار الناتج عن صناعة الأسمنت هو التحجر الرئوى مما يتسبب فى فشل بالجهاز التنفسى.
وقال خليل إن الأتربة الناتجة عن الأسمنت دقيقة للغاية لذا فإنها تترسب داخل الجهاز التنفسى وتبقى فيه وهذا هو السر وراء إصابة الإنسان بالفشل التنفسى. •