يوسف الحسينى: نعانى إعلاما جاهلا.. و5 إعلاميين فقط يصلحون للمهنة
مي الوزير وريشة عصام طه
أثار فيلمه «التنظيم» جدلا واسعا، خاصة أنه أول فيلم عن التنظيم الدولى فى لندن ومن خلاله استطاع الدخول إلى مقرات التنظيم الدولى ومكتب الأمانة العامة للتنظيم الدولى فى سابقة هى الأولى من نوعها، وأثار جدلا أكبر بغيابه وشكوكا حول مصير برنامجه «السادة المحترمون».. إلى أن طل علينا من جديد أثناء التطوير الذى تشهده القناة مؤخرا.. مهموم بأوجاع الناس وآلامهم، ناقد لاذع وحاد فى آرائه، ومواقفه لا تقبل التشكيك ولا المساومة، بأدائه المتميز وأسلوب لا يشبه أحداً.. جسد يوسف الحسينى صورة مميزة لإعلامى مختلف بكل المقاييس.
ذهبت إلى ابن مؤسسة روزاليوسف فى حوار اتسم بسلاسة وبساطة فرضتهما شخصيته ليحدثنا عن فيلمه - التنظيم - وتجربة جديدة ومختلفة يخوضها ليكمل بها حلمه بالمساهمة فى تحريك المجتمع إلى الأمام «فكريا» بإعلام ودراما وسينما مختلفة.
عن التنظيم وقرار الخوض فى هذه التجربة، وعن موقف الدولة من الإعلام وعن موقف الإعلاميين أنفسهم تحدث إلى «صباح الخير».
• كلام فارغ
• موقف الدولة من الإعلاميين كيف تراه.. وبالأخص الرئيس فى ضوء لقائه بالإعلاميين فى مؤتمر الشباب؟
- إذا شئنا الحديث هنا فلنُقسم الحديث إلى شقين: ما قبل مؤتمر شرم الشيخ وما بعد مؤتمر شرم الشيخ أو أثنائه، فقبل المؤتمر يبدو أن الدولة كان لديها حالة من حالات الريبة أو القلق والهواجس فيما يخُص صناعة الإعلام فى مصر ولديهم الظنون التى يتم ترويجها محليا بأن الإعلام خاص برءوس الأموال والمالكين للمحطات الفضائية أو أن الإعلام يسير وفقا لتوجهات صاحب المحطة الفضائية، وهذا حقيقة كلام فارغ وعار من الصحة ولا يحمل أى دقة بل يكاد يكون كلاما ساذجا جدا، وهذا للأسف ما يتم وضعه فى تقارير ويتم رفعها للقيادة السياسية أو رفعها لأولى الأمر فى البلاد، وبالتالى يتم التعامل من هذا المنطلق (بتوع الإعلام دول عايزين إيه؟ بيقولوا كده ليه؟ كتب المقال ده ليه؟) وما إلى ذلك، وننسى دائما لحظات فارقة فى تاريخ هذا الوطن من ضمنها على سبيل المثال 30 يونيو، هذا الإعلام كان من السهل جدا أن ينحاز إلى السُلطة القائمة ورءوس الأموال المالكة للإعلام، كان من السهل جدا والآمن جدا وقتها أن تنحاز للسلطة الحاكمة آنذاك وهى الفاصل الكوميدى المعروف باسم «محمد مرسى»، وبالتالى تأمن على رأس المال الخاص بها وتأمن على استقرارها المادى واستقرارها الحياتى وأن يكونوا آمنين فى منازلهم دون أن يتعرض لهم أحد أو توجه لهم التهديدات، هذا هو الحال أيضا لكل العاملين فى هذه الصناعة من كُتاب ومذيعين وصحفيين، والحقيقة أن كل هؤلاء قد انحازوا لفكرة الوطن فى حد ذاته ولم ينحازوا لفكرة الأمن والأمان فى ظل حكم هذا الرجل وجماعته- جماعة الإخوان- واضح أن هذه الصورة قد تغيرت نوعيا فى الشهور الأخيرة، وبالتالى خرج لنا مؤتمر شرم الشيخ بهذا الشكل، وخرج لنا رحابة صدر الرئيس أثناء الحديث فى الشأن السياسى أو الشان الإعلامى، فصدره كان رحباً عندما تحدثت معه أميرة العدلى حول المسجونين وحول الحبس الاحتياطى والعفو الرئاسى الذى لا يتم وحالة الاحتقان المتزايدة، فاستمع لها واستمع لمناقشات الإعلاميين كإبراهيم عيسى مع أسامة كمال، إبراهيم الجارحى، هذا كان شكلا من أشكال الحلحلة ولكن ليس معناها أننا وصلنا لمقياس 10/10 لا فأنا اعطى المشهد كاملاً 4/10 فأنا لست شديد التشاؤم ولا شديد التفاؤل، وهذا تقييم معقول فى إطار ما نراه أمامنا، والمهم النتائج وكيف ستُفعل هذه النتائج؟ هى التى ستخبرنا بما خرجنا به من مؤتمر شرم الشيخ هل بالـ 9/10 المبتغاة أم سنظل كما نحن ؟ هذا حسب نتائج اللجنة التى ستتم، والإجراءات بخصوص صناعة الصحافة والإعلام فى مصر، هل سيتم إصدار قانون (عليه القيمة) الموجود الآن فى مجلس الدولة، وقتها نقول فعلا بدأت النظرة تصبح متسقة مع طبيعة الأحوال فى مصر، صدر قانون لا يتدخل فيه أحد ولا يلوى ذراعه، إذاً نحن على الطريق السليم.
• السلبى والإيجابى
• هل كره الناس الإعلام؟ ولماذا العلاقة دائما متسمة بالحساسية بين الشعب والإعلام؟
- هذا ما يتم الترويج له على تويتر وفيسبوك، وهذا ليس له أساس من الصحة.. «الشعب كاره الإعلام، الشعب كاره الصحافة، أنتم من هدمتم الوطن» كل هذه الجمل الخاوية التافهة فقط على تويتر، تحت مسمى تصدير أفكار، ولنكن واقعيين ونعترف بانتشار اللجان- لجان متطرفين فلوليا- إن صح التعبير، ولجان متطرفين ثوريا ولجان متطرفين إسلاميا بتعبير ثالث، وكل واحد فيهم يحاول الترويج لفكرته، ولكن متى كنا نسير فى الشارع ووجدنا من يسبنا أو يقول لنا «الله يخرب بيوتكوا خربتوا البلد» لم يحدث هذا، وهذا ليس معى أنا بل مع الجميع، العكس هو ما يحدث، الناس تتعامل معنا بمنتهى الاحترام والتأدب والتقدير لأنى أظن أننا كذلك نتعامل معهم بمنتهى الاحترام والتأدب والتقدير حتى على مستوى الخطاب الإعلامى، مادام الناس يرون أننا نشعر بأوجاعهم وآلامهم اليومية سيقدروننا، ومن يريد السخرية ويطلق علينا لقب «إعلام البامية» نعم نحن إعلام البامية الذى يخاف على سعر كيلو البامية ويخاف على سعر رغيف العيش وعلى زجاجة الزيت وخايف على كيس السكر وعلى كيلو الأرز لأن هذا بلد «غلابة» وفقراء، وإذا لم تترجم أنت آلامهم على الشاشة إذاً أنت لديك مشكلة كبيرة وأنت كاذب، إذاً فالناس ستظل تحترمنا مادمنا نترجم آلامهم على الشاشة، إذا كانت هناك إيجابيات نحن نتوجه بالشكر لأصحاب الفضل فيها ونشير إلى الإيجابيات، إذا تم زراعة أراض ننوه بأن هناك ما هو إيجابى، إذا تم شق طرق جديدة ننوه بهذا أيضا، كذلك إذا كانت هناك مواقف ما تستدعى التحفظات والنقد سنقول هذا ونطرحه، إذا رأينا أن هناك شيئا ما يستدعى أن يصب عليه جام الغضب سنقول هذا أيضا، هذه هى وظيفتنا، أن نُعلم الناس بما يحدُث.
• التنظيم
• التنظيم.. ما الذى دفعك لتقديم هذا الفيلم، خاصة أنك أسست شركة إنتاج ليخرج إلى النور؟
- فكرت فى هذه الفكرة فى بداية شهر أكتوبر 2015، بطبيعة الحال أنا بداية عملى كانت فى الحقل الصحفى بالتحديد فى مؤسسة روزاليوسف عملت فى ترجمة الصحافة البريطانية والأمريكية، وبحكم نشأتى فأنا مهموم دائما بالبحث والقراءة وأثناء قراءتى للجرائد البريطانية وجدت أن هناك حالة من حالات لى ذراع الحقيقة وبأسلوب غير موضوعى إطلاقا فى الطرح، فقمت بتجميع المادة وقدمت حلقة فى أكتوبر 2015 عن الصحافة البريطانية وما هى الحقائق التى تتعمد لى ذراعها؟ والصحافة البريطانية مملوكة لمن؟ ورؤساء التحرير الموجودون حاليا والمحررون وكتاب الأعمدة إلى آخره، وبدأت أكتشف أن هناك صحافة هى بريطانية الجنسية، مملوكة لرؤوس أموال عربية إسلامية بالأساس وتابعة للتنظيم، فبدأت أنا ومحمد مرعى فى عمل بحث وأخذنا قراراً أننا سنسافر إلى إنجلترا لعمل فيلم عن التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، وقتها سألنى مرعى «هنعمله إزاى؟» قلت له هنعمله «على باب الله» من مرتبى، وقررنا أننا سنخوض المغامرة وسنقوم بتصوير الفيلم وسافرنا بالفعل، وهناك استطعنا أن ندخل إلى مقرات التنظيم الدولى ودخلنا مكتب الأمانة العامة للتنظيم الدولى فى سابقة تاريخية، وما أستطيع أن أقوله لك بثقة أنه لا يوجد فيلم فى العالم كله ولا بأى لغة من اللغات عن التنظيم الدولى فى لندن باستثناء فيلمنا- التنظيم- ومع الوقت وأثناء الانتهاء من الفيلم كان يتأكد لدينا شعور أننا نقدم عملا ذا قيمة، ومن هنا قررت تأسيس شركة إنتاج، لم أنته من الأوراق الخاصة بها لأن فى ذهنى الآن بعض الأشياء التى تتعلق بتطوير برنامجى على قناة «أون تى فى» وتطوير أفكار البرنامج، خاصة أنه لا يخفى على أحد التطوير وإعادة الهيكلة اللذان تشهدهما القناة الآن وما إلى ذلك، ولكنى سأنتهى من إجراءات تأسيس الشركة لكى تكون هناك شركة مصرية مائة بالمائة معنية وتعمل على الأفلام الوثائقية والتحقيقات الاستقصائية، فيلم التنظيم هو مزيج بين الاثنين، لُبُه تحقيق استقصائى وقوامه العام فيلم وثائقى لأن مدته تصل إلى 120 دقيقة.
• وما خططك المستقبلية بخصوص الشركة ومشاريعها وشكل الأعمال التى تحلم بتقديمها؟
- الخطة القادمة أننا نريد أن نعمل على مواضيع أكثر اتساعا فى المستقبل، سنعمل مثلا على تنظيمات إسلامية أخرى موجودة خارج المنطقة وفى المنطقة، وارد أننا سنصل إلى باكستان وأفغانستان؟ نعم، وارد أننا نتحدث عن مشاكل المرأة الأفريقية؟ نعم، وليس من المستبعد أن تكون لنا يد المشاركة فى إنتاج بعض أعمال الدراما التليفزيونية فى رمضان بعد القادم، ونحن حريصون أن يكون ذلك من خلال منتج أدبى محترم من الرصيد الأدبى المصرى، بالإضافة إلى ذلك أن يساهم فى تحريك المجتمع إلى الأمام فكريا، الأحلام كثيرة ولكن هذا كله يتوقف على الأولويات والخيارات المتاحة الفترة القادمة.
• مصريون حتى النخاع
• من هم الإعلاميون الذين يحرص يوسف الحسينى على مشاهدتهم؟
- أشاهد فريد زكريا فى cnn يقدم برنامجا عظيما اسمه GPS، وأشاهد «كريستيان امانبور» Christiane Amanpour أراها متطرفة جدا، منحازة ديمقراطيا جدا، ولكنها محترفة جدا، أتابع إبراهيم عيسى على الـyoutube لأن برامجنا فى نفس التوقيت تقريبا، أحاول متابعة عمرو أديب ومقدمة برنامجه فى التاسعة والنصف قبل دخولى الهواء.
• تجاوزات الإعلام العربى أو- بعضه- إذا صح التعبير فى حق مصر.. أين موقف الإعلاميين منها؟
- موقفى عادة واضح من فكرة التجاوزات فى حق مصر من قبل أى شخص أو دولة أو أيا كان، من تجاوز لا يساوى حتى جناح بعوضة، وأرفض حتى مجرد ذكر اسمه ولا يساوى شيئا، فهناك من أخذتهم الجلالة وظنوا أن الأموال قد تصنع بنى آدمين، ظنوا أن جرذان الصحراء قد تنافس الأسود أحيانًا، ظنوا أن الحضارة تكون بحجم ما تملك من أموال أو خزائن أو زيت، إلا أن الحضارة فى مفهومها هى أوسع من ذلك، مصر قد مر عليها أربعمائة وثمانية وستون حاكما مصريا وطنيا خالصاً منذ حكم الملك مينا وحتى هذه اللحظة، ولم أذكر أبو مينا المعروف تاريخيا باسم الملك العقرب، مصر عبارة عن زخم حضارى شديد العمق، ثراؤه وغناه يتمثل فى أنه بوتقة ذابت فيها الثقافات، عندما جاء الإسكندر المقدونى إلى مصر أصر أن يُعمّد ويتوّج كالملك الإله ابن رع فى سيوة، هذا نوع من الذوبان ونحن من أثرنا على هؤلاء، كليوباترا حفيدة البطالمة لم تقترن مع اليونان بشىء بقدر اقترانها مع مصر الذى كان أوسع وأعمق وأثرى من اقترانها بوطنها الأم إن صح التعبير، محمد على والأسرة العلوية على مدار سنوات حكمهم لمصر التى بلغت مائة وسبعة وأربعين عاما تعاملوا أنهم مصريون حتى النخاع وذلك متجسد على سبيل المثال فى كلمات كتابات وخطابات فاروق وفؤاد وهم يتكلمون عن مصر.. نحن هنا نتحدث عن تاريخ عمره تقريباً ثمانية آلاف ومائتى عام مقابل دولة تأسست فى ثلاثينيات القرن العشرين تتطاول على مصر ونحن هنا لا نتحدث عن الشعوب، فالشعوب لها منا كل المحبة والتقدير، فى ظل ما يحدث فأنت تعارض وتختلف مع الرئيس الحالى كيفما شئت ولا يخفى على أحد موقفى فيما يتعلق بقضية تيران وصنافير أو أزمة المعتقلين أو محمود محمد.. إلخ، هذا شق ولكن أن تتطاول على أى اسم مقترن بمصر من أقل موظف فيها وحتى رئيس الجمهورية؟ لا وهذا غير مسموح على الإطلاق والرد سيكون أعنف مما تتصور، العالم العربى هذا مستقر بأمر ربنا وبسبب وجود مصر فمن يصور له خياله المريض أنه شب عن الطوق فمكانه موجود لدينا فى «العباسية».
• وماذا إذا تحدثنا عن التجاوزات فى الإعلام المصرى التى يتحدث الناس عنها طوال الوقت.. كيف تصنفها وتحصرها؟
- نحن لدينا إعلام أغلبه جاهل، ومستعد أحصر لك يوميا كما من الأرقام الخاطئة والحقائق التاريخية غير المُثبتة فى أتخن برامج فى مصر، أستطيع أن أخبرك أن هناك مذيعا شهيرا يُشاع أنه يحظى بأعلى نسب مشاهدة لم يقُل يوما رقما سليما ولا واقعة تاريخية سليمة فى عمره، ولدينا مذيعون يقدمون على الهواءgames على أنها تصوير من كاميرات طائرات، هناك مذيعون يسبون دولا ويسبون سفراء، كل هذا المشهد نستطيع أن نخرج منه بأربعة أو خمسة بنى آدمين هم الذين يصلحون لهذه المهنة من أصل 28 برنامجا، فإذا كان من يصلح منهم فقط خمسة أى أزيد من السُدس قليلا فنحن أمام أزمة، وماذا تنتظر من هذا الإعلام؟ كيف يُعقل أن يكون مقدم برامج على الشاشة ولا يتقن إلا اللغة العربية فقط ولماذا لم تُعلم نفسك؟ فأنت إذا لا تصلح، وظيفتك هى إعلام الناس كيف ستُعلمهم وأنت لا تتحدث الإنجليزية أو أى لغة أخرى؟
• سباحة وقراءة
• كيف تقيم فكرة دمج القنوات وتأثير هذا وهل يُصنف هذا كاحتكار؟
- يجب أن يتم بشكل محترف لكى لا يكون فى النهاية مجسدا لصورة ممارسات احتكارية وألا يكون شركة أو شركتان هما المسيطران على الإعلام فى مصر وهذا خطأ طبعا، بينما فكرة الدمج نفسها فكرة سليمة، أن تقوم بتأسيس كيانات كبيرة عملاقة وقادرة على المنافسة تقوم بضبط السوق فى حالة البيع وحالة الشراء والأهم هو أن تتم بسياسات سليمة لكى لا يكون هناك شركتان ضخمتان تستطيعان السيطرة على كل شىء، وهنا يجب على المشرع تحجيم وتقنين الأوضاع، ويجب أن يكون هناك أكثر من منافس يملك نفس الحجم وترك مجال للناس أن تكبر وتنجح دون تحجيم، فإذا افترضنا أن هناك ثلاث أو أربع شركات فهذا شىء عظيم ولكن شركتين فقط هذا أمر خطأ.
• بعيدا عن الشاشة، أين يوسف الحسينى وكيف يمضى يومه؟
- أسبح بشكل يومى تقريبا ويومى غالباً معظمه قراءة أخبار ومتابعة مع فريق البرنامج من الساعة الحادية عشرة صباحا، ومع انتهاء البرنامج أعود للمنزل وأبدأ فى القراءة حتى الخامسة صباحا تقريبا، وأنا ساعات نومى فى الغالب لا تزيد على خمس ساعات ونصف بالضبط، يوم الجمعة هو يوم العائلة وابنيَّ شيرا 11 عاما، ومالك 9 أعوام. •