اعرف نفسك من ابتسامتك !!

مريم مكرم
الابتسامة لغة عالمية يعرفها كل شعوب العالم ولا تحتاج إلى مترجم أو ترجمة.
الابتسامة لغة مهمة ولها تفسيرات ومعان ربما لا تخطر على بالك.. إن كل ابتسامة نبتسمها تعكس بدقة حقيقة وضعك النفسى وحالتك المزاجية لأنها ترجمة حقيقية لما يدور بداخلك ويكشف أعماقك حتى لو أردت إخفاء ذلك، فالابتسامة تدخل أيضا ضمن لغة الجسد وهذا بالضبط هو موضوع كتاب المعانى الخفية لحركات الجسد للمؤلف وعالم النفس الشهير (جوزيف ميسنجر) المتخصص فى رموز حركات الجسد وفى كتابه هذا يكشف لنا أسرار وحركات الابتسامات.
كلنا نبتسم ولا يمر وقت دون أن نبتسم فى وجه إنسان ما أو ترى ابتسامة على وجه من تتحدث معه.
أنت لا تعلم أن للابتسامة وظيفة مهمة، لكن هل عمرك سألت نفسك لماذا نبتسم وما هى وظيفة الابتسامة وما أنواعها؟
ولماذا يقول البعض عن بعض الابتسامات بأنها خبيثة أو صفراء.
يقول المؤلف إن الابتسامة بشكل عام هى دليل قوى على شعورك بالارتياح والسلام الداخلى وهى علامة مهمة ودليل قوى على ترحيبك بالآخرين أو ترحيب الآخرين بك.
ولعل أجمل وأصدق الابتسامات التى لا يبغى من ورائها طلباً أو مقابلاً هى ابتسامة الطفل، إنه يبتسم ببراءة ولوجه الله لأن ابتسامة الطفل تشيع من حولنا السعادة والبهجة والبراءة.. وليست صدفة أننا نتعلم فى طفولتنا الابتسام قبل الكلام.
لكن المؤلف وهذا غريب يحذر من أن المبالغة فى رسم الابتسامة على شفتيك واستخدامها بإفراط سوف يتحول إلى تكشيرة خالية من أى جاذبية بسبب تصلب الفكين عند التكشيرة.. يقول المؤلف: من الصعب تعريف دقيق للابتسامة بصفة كلمات محددة فالابتسامة ليست هى الضحكة المجلجلة بل هى سفيرة السحر الذى يتمتع به الشخص سواء كان رجلا أو امرأة.. هناك أساليب كثيرة ومتنوعة للابتسام لكننا فى الواقع لا نستخدم منها سوى أسلوب واحد أو اثنين على الأكثر.
الابتسامة هى أخطر الأسلحة وأهمها فعالية للتأثير على شخص ما سواء إن كان رجلاً أو امرأة بهدف نيل إعجابه أو اجتذابه، إنها تطرد الفشل والحقد والكراهية أو تؤكدهما فعندما تبتسم ترتسم على قسمات الوجه ابتسامة حقيقية تضيئه وترسم فى العينين وعند جوانب الخدين ملامح الراحة فتنتقل بدورها إلى الشخص الذى أمامك..
ومع ذلك يكشف المؤلف عن حقيقة غريبة عندما يقول إن الابتسامة ليست دائما وسيلة من وسائل التعبير عن الارتياح الصادق فى جميع الأحوال فما أكثر المرات التى يجبرنا فيها واجب اللياقة والذوق والمجاملات الاجتماعية فتجبرنا على أن نبتسم عند استقبال شخص نراه لأول مرة ودون سابق معرفة وهنا وبشكل آلى ترسم فوق شفاهنا ابتسامة مصطنعة حتى لا نتهم بقلة الذوق.
وهناك أشخاص محترفون ويتقنون دائما هذه الابتسامة المصطنعة وهى تدل غالبا على شخص متكبر ومغرور قليل الثقة بنفسه، فتبدو ابتسامته مصطنعة كوسيلة لحماية نفسه من الآخر.
وهناك شخص يبتسم فيكشف عن أسنانه العليا هذه ابتسامة خبيثة ليس فيها أى ذرة من الشهامة والمروءة إنها ابتسامة الرجل المستبد أو المرأة المستبدة وخاصة فى حياتهم العائلية.. فهم يحاولون خداع من حولهم بهذه الابتسامة المصطنعة سواء إن كان شريك أو شريكة العمر أو حتى الأبناء.
هناك ابتسامة أخرى تدل على أن صاحبها شخصية بالغة الخبث واللؤم وهى تلك الابتسامة الباردة الجامدة على وجه متحرك التقاسيم، لكن بنظرة منطفئة خابية لا تتفاعل مع حركة الخدين.
يحذرنا المؤلف من ذلك الشخص الذى يواجهنا بتلك الابتسامة الباردة فهى ابتسامة المفترس الذى لا يهمه إلا متع وملذات الحياة وأيضا تعبر عن السخرية والتهكم من الأشخاص الضعفاء الذين لا يستطيعون عن أنفسهم فى مواجهة تلك الابتسامة الفظة.
هناك كذلك الابتسامة الخاطفة التى ما أن ترتسم على شفتى الشخص حتى تختفى سريعا لكنها تسبب لك شعورا بالضيق لأنها تعنى أنه لا يعبأ بك أو بمشاعرك فتأكد أنك لن تستطيع كسب مودة أو إعجاب أصحاب هذه الابتسامات.
• انظر إلى عينيه!
وللتمييز بين ابتسامة صادقة وحقيقية وبين أخرى مزيفة ومصطنعة ما عليك سوى النظر إلى عينى الشخص المبتسم أمامك.. فابتسامة الشفتين الصادقة يصحبها فى نفس الوقت بريق ولمعة فى العينين ومن دون هذا التوافق تصبح ابتسامة الشفتين نوعا من المكر والنفاق ولو كلفت نفسك لبعض الوقت بمراقبة ابتسامات الأشخاص الذين تقابلهم فى حياتك اليومية فى العمل وفى الشارع وسط الأصدقاء أو الأهل سوف تكتشف سريعا أن هناك فارقا بين حرارة الابتسامة أو برودتها وجمودها وعندها سوف تكتشف أنك كنت غبيا لأنك أخذت كل الابتسامات على محمل الصدق.. فهناك من ترى ابتسامته فتشعر بضيق أو توتر فلا تخدع نفسك وتأكد على الفور أن صاحبها ليس على درجة طيبة من المودة والإخلاص.. أما عندما تشعر بارتياح ما عندما ترى ابتسامة ما فتأكد أن صاحبها شخص جدير بمحبتك أو بإخلاصك.
باختصار شديد يقول إن الابتسامة الصادقة لها وظيفة مهمة وحيوية فهى بمثابة مهدئ فعال يزيل التوتر والغضب والحقد بل من شأنها أن تبدو وتزيل الأجواء العدوانية بين الناس.. فالابتسامة لا تحتاج إلى كلام لكنها أقوى من ألف كلمة تريد أن تبعث برسالة إلى الآخر.
ومن أغرب الحالات التى يتحدث عنها المؤلف حالة زوجة راحت تشكو له عن معاناتها مع زوجها التى تؤرق حياتها فزوجها يحبها ويوقرها ومضى على زواجهما أكثر من عشرين عاما وكل ما ينقصها طوال هذه السنوات أن ترى الابتسامة على شفتيه فهو لا يبتسم أبدا فى المنزل حتى فى حالة ما كنا نشاهد فيلما فكاهيا فنبتسم ونضحك جميعا إلا هو..
وأحيانا ما يفاجئنا بالتهكم والسخرية لماذا تبتسمون هكذا؟
هذه القصة تذكرنى بشخص سى السيد فى ثلاثية نجيب محفوظ، وكيف كان فى بيته دائم العبوس ولا تفارق التكشيرة وجهه أبدا أما خارج المنزل فكان شيئا آخر تماما وهو الدور الجميل الذى جسده يحيى شاهين حيث الفرفشة والضحك والابتسامة التى لا تفارق وجهه.
• شكوى: زوجتى مبتسمة دائما!!
ويحكى الطبيب عن حالة أخرى من زوج آخر ذهب إليه يشكو زوجته فعلى العكس هذه المرة، أن هذا الزوج يعانى أشد المعاناة من زوجته فهى دائمة الابتسام والانشراح ولا تفارق الابتسامة شفتيها حتى فى لحظات الغضب والخلاف معه يتمنى أن يراها ذات يوم غاضبة أو حانقة إذا تشاجر معها وأنه يريدها أن تعبر عن غضبها بإشارة أو تكشيرة بدلا من هذه الابتسامة الدائمة.
وسأل الطبيب الزوج: هل تشعر وتحس أن ابتسامة زوجتك مزيفة أو كاذبة أو تفتعلها فأجاب الزوج أبدا إنها صادقة تماما وأنا أحس بذلك لكن هذه الابتسامة الطيبة تضايقنى أحيانا فأنا أريد رد فعل مختلفا عندما نتشاجر مثلا فيعلو صوتها قليلا أو تناقشنى لكنها بدلا من ذلك كله تبتسم فى وجهي..
قال الطبيب له: يا عزيزى أرجوك أن تقلد زوجتك قليلا فهى أكثر نضجا ووعيا منى ومنك ومن آلاف البشر.. لقد توصلت بفطرتها السليمة والنقية ووجدت سلاحا أخطر من الذهاب لعيادات الأطباء أو تناول المهدئات فى الأوقات الصعبة، فهى تستعين بقرص ابتسامة بدلا من أقراص الغضب والصراخ فى مواجهة المشاكل.
يقول المؤلف إن الابتسامة هى أول شيء يفعله رجال السياسة والزعماء عند مقابلتهم لبعض فهى فى البداية تكسر حواجز الشك وعدم المصداقية والتوتر بينهما فيمكن بعد ذلك مناقشة أعقد الأمور فى هدوء وسلاسة.. أخيرا ينصحنا المؤلف بدلا من التكشيرة والغضب والعبوس ابتسم تبتسم لك الحياة.•
وإلى الحلقة القادمة