الأحد 27 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

على غرار رسائل جبران خليل جبران.. باسم شرف يكتب إلى «سلمى»!

على غرار رسائل جبران خليل جبران.. باسم شرف يكتب إلى «سلمى»!
على غرار رسائل جبران خليل جبران.. باسم شرف يكتب إلى «سلمى»!


جاءتنى رسالة من أحد الأصدقاء بجزء من نص كتاب جديد، كلام لمس قلبى بشكل كبير وأكثر ما أعجبنى ولفت انتباهى لفكرته أن الكاتب باسم شرف بشكل شديد الإنسانية والعذوبة يوجه رسائل لحبيبته ومع صفحات الكتاب نجد أن تلك الحبيبة هى شخصية افتراضية ليس لها وجود، ولكنه يحدثها عن تفاصيل حياته اليومية وجوانب من شخصيته مثل ميله للوحدة أحيانا، مرورا برؤيته للوضع المربك والمشهد المتوتر فى العالم العربى، خاصة أن سلمى فتاة فلسطينية، ومن المنطقى أن تكون مدركة للمعاناة التى يعيشها الوطن العربى، فى كتابه «يا سلمى أنا الآن وحيد» المرسل إليها - سلمى - شخصية افتراضية اختلقها الكاتب ليوجه إليها رسائله رغم علمه أنها لن تصل إليها، فنجده يقول لها «أكتب إليك خطابًا لا أعلم كيف يصل إليك، أكتب لك ولا أعلم متى نلتقى، وهل لنا بلقاء عن قريب، عامان لا أعرف عنك شيئا، عامان أرسل لك خطابات ولا يصلنى الرد منك.. وسأظل أرسل لك خطابات ولا يصلنى الرد منك».


جذبتنى فكرة الكتاب خاصة أننى عاشقة لرسائل جُبران خليل جُبران لمى زيادة وتلك الحالة التى تخلقها قراءة رسائل تحمل العديد من الأفكار والتفاصيل، باسم صاحب كتب (جزمة واحدة مليئة بالأحداث، كفيف لمدة ثلاثة أيام)، وله تجارب فى الكتابة التليفزيونية مثل مسلسلات «تامر وشوقية» و«راجل وست ستات»، ذهبت إلى باسم شرف ليحدثنى عن رسائله إلى سلمى.
• بقراءة رسائلك إلى سلمى تذكرت رسائل جُبران خليل جُبران لمى زيادة، مع الاختلاف أن سلمى شخصية افتراضية ليس لها وجود.. كيف خطرت لديك فكرة مخاطبة ومراسلة شخصية افتراضية؟
- فن الرسائل كان بالنسبة لى مناسبًا جدا للأفكار التى أردت طرحها فى كتاب جديد، لعل البعض التبس عليه الأمر أن الكتاب عبارة عن رواية أو مجموعة قصصية، ولكنى أدرك جيدًا الفرق فى البناء أو الشكل الأدبى لكل منهما، ونشرت مجموعة قصصية من قبل ولكن «يا سلمى أنا الآن وحيد» ينتمى لفن الرسائل، هو فن بين طرفين طوال الوقت، ولعل سلمى شخصية افتراضية، ولكن فلنفترض أيضا أن من يقرأ الكتاب لا يعرف باسم أيضا فالقارئ هنا لا يعرف المُرسل ولا المرسل إليه، والمهم هنا ليس أن الشخصية حقيقية أم افتراضية، ولكن الأهم ماذا تريد أن تقول من خلالها، والفكرة التى أريد إيصالها من خلال تلك الرسائل.
• الحضور الغائب
فكرة الحضور والغياب هى أقرب للقصائد وللشعر، ولكننا نحب فن المراسلات، فمن عاش فى فترة السفر إلى الخليج والمغتربين يدرك ما هى المراسلة وأهمية الجواب، بل إنه كانت هناك صياغة ما للجواب وهناك أشخاص يحترفونها، ولكن فكرة الجوابات غابت بعد ازدهار مواقع السوشيال ميديا ونسى الناس فكرة المراسلة ومتعتها وأصبحنا نعيش فى فكرة (الملاحقة) من قبل كل وسائل التواصل الحديثة، فالمراسلة هى الانتظار ولهفة القراءة فهذا يختلف عن رسائل الموبايل والفيس بوك وملاحقة الناس لبعضهم، لذلك أحببت أن أعيد فن المراسلة لمكانته الحقيقية لتعلقى الشديد به.
• هذا عن الشكل الأدبى.. إذا ماذا عن سلمى؟
يضحك باسم قائلا: «أنت عايزة سر سلمى»؟.. تلك قصة قديمة، فقبل انتشار مواقع التواصل كان السبيل للتواصل هو المدونات وكان البعض يراسلنى على مدونتى، وكانت هناك رسائل تأتينى طوال الوقت من فتاة، ولم أكن منشغلاً بماهية هذه الفتاة، وهى لم تكن مصرية، فأعجبت بفكرة مراسلة شخص لا يرد على كلامى ولا يحاسبنى، فالإنسان طوال الوقت يحتاج إلى شخص يستمع إلى كلامه وجنونه دون تنظير وتقعير وإسداء نصائح، وفجأة اختفت هذه الفتاة ولم تراسلنى مرة أخرى وتوقفت أنا أيضا عن مراسلتها، ولكن أحيانا أتذكر وجودها حين أفتقد الشخص «المرأة» فهو لغز، ذلك الشخص القريب جدا منك ولكن لا يعرفك وليس منشغلاً بمعرفتك، من هنا جاءت فكرة إرسال خطابات لشخصية من المفترض أننى أعرفها ولا أعرفها فى نفس الوقت.
• شكل أدبى
• هل فن الرسائل له مريدوه أم مازال غريبًا على القارئ الذى اعتاد أشكالا أدبية أخرى كالرواية أو القصة القصيرة؟
- على مستوى الكتاب فأعتقد أنه حقق مبيعات جيدة، ففى شهرين تقريبا صدرت طبعتان والثالثة على وشك، وعلى مستوى ردود الأفعال على موقع التواصل والرسائل التى تصلنى فأعتقد أن الناس تقبلته بشكل جيد جدا، وهذا يأخذنا إلى نقطة مهمة جدا وهى أن القارئ يتقبل ما هو جيد ولا يضع فى ذهنه تصنيفًا محددًا مادام المحتوى قيما، فأنا كتابى الأول «جزمة واحدة مليئة بالأحداث» كان كتابًا مسرحيًا قدمنا منه أكثر من طبعة وتمت ترجمته لأكثر من لغة، وهذا يعنى أن الكاتب الذى يجتهد ويقدم عملاً جيدًا يتم تسويقه بشكل ناجح مع دار نشر قوية فسيصل الكتاب إلى عقل القارئ فليست هناك وصاية على القراء.
• على أى أساس كان اختيارك لموضوعات تلك الرسائل، هل الحالة العامة والأحداث على الساحة أم حالة باسم شرف المزاجية؟
- استغرقتنى الكتابة حوالى خمس سنوات، وما جاء فى الكتاب كان حوالى 40 نصًا من أصل 140 نصاً، وما جاء فى الكتاب كان مبنيًا على إحساسى ورغبتى لأن يكون ترتيب هذه الرسائل بشكل منطقى ومنسق وأن يكون أشبه بالمقطوعة الموسيقية، وأن تكون تلك المنظومة متناسقة أمامى وأشعر بها، واستغرقنى ترتيب النصوص حوالى ستة أشهر لكى يشعر القارئ بهذا التسلسل.
• رسائلك لسلمى كان بعضها ذا مغزى سياسى، كيف خلقت هذا المزج بين حالتك المزاجية ورسائلك لحبيبة وبين ما يدور فى عالم السياسة؟
- لم أستطع أن تكون الرسائل تلك بمعزل عن الأحداث السياسية ولم أستطع فصل الأحداث عن البطل، فمن يُرسل جوابًا يكتب فيه ما يُفكر فيه وبالتأكيد تفكيره هذا مرتبط بالحالة العامة، فالبطل ينزعج من وجود دواعش حوله ولم يستطع أن ينفصل عن هذه الفكرة أو غيرها من أحداث سياسية لأن سببًا من أسباب وحدته هو ضيقه من العالم وليس من مصر فقط، فلم أستطع أن أفصل البطل عن الواقع - المحلى والعالمى.
• ولعل إشارتك إلى هويتها الفلسطينية فى بداية الكتاب كانت مبررا منطقيا أن كليكما معنى بقضايا المنطقة وإدراكها لما تعانيه؟
- هى فلسطينية، نشأت وهى معتادة سماع أصوات الرصاص، والقضية الفلسطينية هى القضية النموذج فى الصراع العربى وبداية كل الأزمات المستحدثة الآن وهى المرادف لكلمات: نضال، معركة، أو حروب، ومن هنا فالقضايا الكبرى تشابكت مع القضايا الصغرى والفردية، لذلك تشابهت طريقة تفكيرنا.
• الذين أحبهم يا سلمى..
الكتاب منقسم إلى شقين: الشق الأول عن البطل الذى يحكى للفتاة كل أسراره، أما الشق الثانى فكان عن «الذين أحبهم يا سلمى»، وهم الأشخاص الذين آمنوا بكل هذه الأفكار وكانت هذه هى نهايتهم، مثل محمود درويش، أمل دُنقل، خيرى شلبى، إبراهيم أصلان، أحمد زكى ويوسف شاهين كل الشخصيات فى هذا الفصل تبدو أنها شخصيات حقيقية جدا، ولكن كل ما هو مكتوب هو غير حقيقى وخيالى عن مشاهد فى حياة هؤلاء الأفراد فأنا تخيلت الكاتب الكبير خيرى شلبى وكيف كانت نهايته، فتمثلت فى شخصياته تتجمع أمامه على مكتبه لتمنع موته وتخيلت الحوار الدائر بينهم، كذلك محمود درويش.
• باسم.. هل تميل للوحدة فعلا كما عكست كلماتك؟
- الوحدة بالنسبة لى هى حالة تفرد وهى مقدسة، لذلك ربطتها فى الكتاب بأنها شرفى الوحيد وهى مزاج الأنبياء وهى اختيار.
• المفارقة هنا أنه رغم الحالة التى تعكسها من خلال كتابك فإن باسم شرف تجاربه التليفزيونية كوميدية، سواء من خلال كتابة السيناريو أو برنامجك الذى قدمته على شاشة نايل كوميدى؟
- أنا كل هذه الشخصيات ولا أنفصل عن أى منهم، فعندما كتبت «سيت كوم» مثل: «تامر وشوقية» و«راجل وست ستات» قدمتهما كشخصيات حقيقية، ولكن منطقهم مختلف، ولكن عندما أقدم كتابة أدبية فأنا أكتب ما هو مناسب للفكرة التى أريد تقديمها، فصلاح جاهين مثلا كان يكتب أدبًا وشعرًا وفلسفة عميقة جدا وهو نفس الشخص الذى يقدم أدواراً بسيطة وخفيف الظل، وكذلك صموئيل بيكيت وهو من رواد مسرح العبث قدم مسلسلات إذاعية، وكذلك عندما قدمت البرنامج قدمت ما أصدقه فقط.
• ما جديد باسم شرف؟
- أقدم الآن برنامجًا جديدًا، وهو على عكس برنامجى الأخير فهو ليس ساخرًا، اسمه «سر مع باسم شرف» أقوم فيه بفتح ملفات سببت ارتباكًا فى الشارع وأحاول بطريقة بحثية أن أصل إلى أصل الحكاية، مثل ملف الإخوان فهناك البعض متعاطف معهم جدا لدرجة تبرير كل أخطائهم، وفريق آخر ضدهم تماما دون أى دراية بتاريخهم، وطوال الوقت هناك حالة ارتباك نتيجة نقص المعلومات، فأخذت القرار بفتح الملفات التى أريد معرفة معلومات عنها أنا كباسم، وملف مثل ملف المافيا والعديد من الملفات ذات الطابع التاريخى الاجتماعى، وأستعين بمجموعة من الباحثين المهمين فى الإسلام السياسى - فيما يخص ملف الإخوان - وقمنا بتجميع مادة مهمة وفيديوهات وصور ومذكرات حسن البنا.
وعلى صعيد كتابة السيناريو لديّ حدوتة جديدة لم أحدد إن كانت تصلح لفيلم أو مسلسل، وسأتأنى جيدا لكى لا أتحول لسلعة فى السوق فأنا لست مهتمًا بتقديم عدد مهول من الأعمال سواء فى السينما أو التليفزيون وأشعر أننى مستهلك، ولن أقدم سوى ما أقتنع به فقط.•

يا سلمى

يقاتلون بعضهم، لا أعرف إلى متى، يهدمون بيوتا ويشردون أسرا كاملة، العالم أوسع وأرحب بنا جميعًا، لماذا يستمرون فى الحروب مع أنها لم تقدم شيئا للإنسانية، وما تأخذه اليوم يأخذه منك فى الغد غيرك لماذا لا يقبلون بعضهم فى الطرقات بدلا من إطلاق رصاصة طائشة تصيب طفلة بالذُعر أو بالموت وتجعل أحلامها طرقات مظلمة؟

يا سلمى

تخبرينى أننى أتحدث عن الوحدة كثيراً ويجب أن أعيش بعيداً عنها، ولكنى يا عزيزتى أفضل الوحدة وقداستها، أفضل أن أكون وحيداً على أن أكون فى ركاب الآخرين الذين يحملون معهم زلات لسانى وانفعالاتى الخاطئة، كل ما فى الأمر أنى أترك نفسى للحياة وأختار ما يناسبنى منها علنى أكون مالكاً لها لا أن تملكنى هى.
الوحدة يا حبيبتى مزاج الأنبياء.

يا سلمى

الذين أحبهم يا سلمى.. محمود درويش، أحمد زكى، إبراهيم أصلان، خيرى شلبى، أمل دُنقل، نجيب سرور، يوسف شاهين.