الأحد 15 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«سلسال الدم» لكل زمان ومكان

«سلسال الدم» لكل زمان ومكان
«سلسال الدم» لكل زمان ومكان


 لا أعتقد أن هناك جهة إنتاجية تغامر بفلوسها وتصر على تنفيذ أجزاء للمُسلسل إلا إذا كان استقبال الجمهور له جيداً وانعكاس ذلك على كم إعلانات العمل. كنت قد تابعت الأجزاء السابقة للمسلسل ووجدت نفسى متورطة بكامل إرادتى فى مشاهدة الجزء الحالى بإحدى الفضائيات هذه الورطة التى وضعنى فيها مؤلف العمل ومخرجه ونجومه لن أتخلص منها إلا بانتهاء الجزء الثالث من العمل نهاية شهر مارس.
اعتدنا أن يكون عدد حلقات كل جُزء على حدة من مسلسلات الأجزاء يتراوح من 15 حلقة إلى 30 حلقة لكن أن تتراوح حلقات كُل جُزء على حدة من43 إلي60 حلقة  فهذا لم يحدث فى تاريخ الدراما المصرية مع انتهاء الجزء الثالث من «سلسال الدم» سنجد مُجمل حلقاته وصل إلى 163 وبانتهاء الجزء الرابع سيتعدى 200 حلقة. ما يلفت الانتباه فى هذا الصدد هو عدم تسرب الملل للمُتفرج «سرعة الإيقاع والأحداث الطازجة» حاضران بقوة لكل الشخصيات بكل حلقة، ومع كل جزء  تتابع تطور شخصيات قد تتفاجأ بتحول مُبرر لبعض شخصياته وقد تظهر شخصيات جديدة أو يتم إعادة تدويرها لتظهر من جديد بشكل مُختلف وقد يكون لديك  بعض الملاحظات سواء على بعض أبطاله أو عدم منطقية علاقة عاطفية إلا أنك تظل للنهاية حريصا على المُتابعة تنتظر سقوط هارون رمز الحاكم الذى ظل يحكم البلاد 30 عاما، ونصرة التى تمثل مصر بصبرها وإصرارها على التصدى لجبروت هذا الحاكم الذى قتل ابنها وزوجها والثأر لهما بدهاء وذكاء بدون إراقة دماء.
• اختفاء وظهور شخصيات
براعة المؤلف تظهر فى حرفية إيجاد المُبررات لإحياء شخصيات تعلق بها الجمهور وإخفاء أخرىلأسباب قد تعود للممثل نفسه أو لحتمية الخطوط الدرامية.. الذين افتقدهم الجمهور لضرورة درامية بالأجزاء السابقة كل من   يوسف زوج نصرة ومحمد الصاوى الذى دفنه هارون حياً ومن المنتظر اختفاء أحمد سعيد عبدالغنى فى هذا الجزء بسبب تشبعه من شخصية الصعيدى وبذلك سيفتقد المُتفرج شخصية مهمة استطاع مؤلف العمل صياغة تركيبتها وتقلب مشاعرها العاطفية الى النقيض تماما ويحسب لأحمد سعيد عبدالغنى استيعابه الجيد لتطور الشخصية سواء من الداخل أو الخارج، وأيضا من المُنتظر اختفاء عُلا غانم أيضا بهذا الجزء لانتهاء دورها تماماً. لنبدأ رحلة مُختلفة مع شخصيات جديدة لها ثقلها فى الدراما التليفزيونية وهم أحمد بدير ورانيا فريد شوقى وأحمد سلامة الذى سيحل محل أحمد سعيد عبدالغنى..  لم يكن تطور وتضافر شخصيات مجدى صابر بقوة هو اللافت للانتباه بل وجدناه يلعب أحياناً لعبة الكراسى الموسيقية مع شخصياته مُتسلحاً بموهبته لإيجاد مبررات درامية تتوافق مع الأحداث. وظهر هذا بقوة فى شخصية «ضياء عبدالخالق» الذى لعب دور الأب «دياب» بالجزء الأول وفى ذات الوقت الابن «هيما» بالجزء الثانى والثالث، فهو من الشخصيات الجذابة التى أعادها المؤلف للحياة فى صورة حفيد العمدة ابن الغازية التى تزوجها والدة  دياب دون علم أهله ليكتشف «هيما»حقيقة نسبة فيما بعد..  «هيما» بالجزء الثالث شخصية غامضة ومركبة يظهر عكس ما يبطن تتفق تركيبته مع تربية الموالد التى نشأ عليها، له مطامع وثأر لذلك لايتردد فى الاستفادة من ثراء هنية والزواج منها لتحقيق أهدافه، وهنا قد تستوقفك مثل تلك العلاقة غير المنطقية من ناحية زواج المرأة من شخص كان ممكن يكون ابنها لو تزوجها والدة «دياب» خاصة إن كان هناك علاقة حب بينها وبين «دياب» والده ومن ناحية أخرى شكل هنية الذى لم تظهر عليه علامات الزمن منذ الجزء الأول للعمل وحتى الجزء الثالث مع الوضع فى الاعتبار أن هناك فوارق زمنية بين الأجزاء مما يُحتم عليها الاهتمام بخطوط الزمن ورغم هذ الملحوظه إلا أن شخصية هنية  بخفة ظلها كانت مبعثا للبهجة داخل نفس المُتفرج .
• أقوى المشاهد
أعتقد أن عبلة كامل من أصعب الشخصيات التى صاغها مؤلف العمل فأنت لاتستطيع معرفة ما يدور فى ذهنها وكيفية ردها الرد اللائق على هارون الصفوانى الذى يوجه ضرباته لها فى رزقها بهدف كسرها سواء بحرق مصنعها أو بوضع المُخدرات بداخله ورغم المكائد التى يدبرها لها هارون. فهى لاتكشف عن ضعفها إلا إذا كانت بعيدة عن عيون الآخرين حتى إذا كانوا أولادها. وأذكر هنا مشهدا رائعا لها عندما سألها زوج ابنتها عُمرنا ما شُفناكى بتبكى رغم المصائب التى تواجهينها فقالت له اللى بيبكى ياولدى بيبقى عارف إن فيه حد هايطبطب عليه ويقوله فيك إيه؟ وأنا مفيش حد هايطبطب عليه يبقى أبكى ليه! ومن المشاهد التى برع المؤلف فى كتابتها وترجمها المخرج مصطفى الشال بأستاذية مشهد تقييد رجال نصرة «لفراج» رامى وحيد «واعترافه لجده أن هذه المرأة كسرته ولن يستطيع العيش فى البلد بعد ما حدث له وإذا تأملنا موقف نصرة سنجد عدم لجوئها لقتل فراج مُتسق تماماً مع تركيبة شخصيتها فهى تُريد الحفاظ على عظم التربة فوالدته هى «زينب»  وشريكتها فى البيزنس قبل وفاتها، ذلك أرادت فقط تأديبه. ثانياً هى تُريد إعادة بناء المصنع الذى حرقة أحفاد العُمدة فراج وهيما وهذا يُحتم عليها مساومة العُمدة بين الدفع أو تقديم «السى دى» الذى يثبت التُهمة على أحفاده، مشاهد عبلة كامل المُتميزة بالمسلسل لاحصر لها ولا أعتقد أن هناك مُمثلة تستطيع التعبير عن «مصر» فى صورة «نصرة» الصابرة القوية مثل عبلة كامل.
رياض الخولى لايزال فى كامل ألقه فى أداء شخصية هارون الصفوانى فهو يزداد شراسة كُلما زاد نفوذه السياسى من خلال عضويته بالبرلمان، ولايزال المُتفرج فى انتظار لحظة انكساره التى ستحدث بقيام ثورة 25 يناير بنهاية الجزء الثالث.
لكنى أعلم أنهم حاليا يصورون الجزء الرابع بشخصية هارون «رياض الخولى» فهل هذا بمثابة إشارة إلى أن كثير من رجال النظام السابق رغم محاكمتهم وبراءتهم مستمرون وبعض منهم لايزال يؤثر فى الحياة السياسية.
• خطوط درامية
الخطوط الدرامية تزداد تعقيدا أمام المتفرج فها هى نصرة تورطت فى قضية مخدرات عقوبتها الإعدام، كيف سيخرجها المولف من عقوبة المؤبد؟ وإن كنت لا أشك فى جرابه الملىء بالحيل والخدع لجذب المتفرج، أما علا غانم فهى مفاجأة الحلقات الأخيرة ففيها تحولت لشخصية مغايرة تماما لما رأيناها فى الأجزاء السابقة وبهذا سينتهى دورها تماما بالعمل.
كريم كوجاك «أحمد» زوج ابنة نصرة استطاع التعبير عن  تفاصيل الشخصية فى جميع مراحلها بتلقائية  فى الأداء من مُدرس بسيط إلى  صحفى ثم رئيس تحرير وأخيراً عُمدة القرية الذى يقف مع أهلها ويراعى مصالحهم.
لاتزال أميرة هانى مُحتفظة بمفتاح شخصية رشيدة حادة الطباع مع زوجها والمُتمسكة بالثأر لأبيها وشقيقها حسن. وإصرارها على استخدام سُلطتها بطريقة خطأ كزوجة العُمدة «أحمد» كريم كوجوك فى استفزاز عائلة هارون الصفوانى.
رامى وحيد وراندا البحيرى وأحمد إبراهيم ونرمين ماهر أميرة هانى وكريم عبدالجواد، «سلسال الدم» وضعهم فى خطوة مُختلفة  بمشوارهم الفنى.
رجال نصرة «مُفيد عاشور» و«محمد حسنى»، «منير مكرم» حضور قوى فى مشاهد قليلة.
 سلسال الدم مسلسل يشرف الصعايدة وأعتقد أنه أول مسلسل ينتصر للمرأة الصعيدية ويرد اعتبارها على جميع المستويات.
نستطيع بضمير مرتاح وضع «سلسال الدم» بجوار أشهر وأنجح مُسلسلات الأجزاء «ليالى الحلمية»، والمال والبنون» وغيرها، طبيعة المسلسل تتحمل صناعة أجزاء تالية رغم أن أجواءه عن الصعيد إلا أنه صالح لكل زمان ومكان خاصة أن شخصياته من لحم ودم وتعبر عن  مشاكل وهموم المجتمع المصرى عموماً.•