كل هؤلاء المطربات غنين لأم كلثوم

محمد عبد الرحمن
«غنى لأم كلثوم يحترمك الجمهور».. قاعدة لم يهزمها الزمن على مدار 4 عقود، بداية من المطربات اللاتى قدمن أنفسهن فى الحفلات العامة عبر صوتها، مرورا بمطربات الأوبرا فى العشرين عاما الأخيرة، وصولا لمشتركى برامج اكتشاف المواهب مثل ياسمينا العلوانى التى عرفها الجمهور بأغنية «عن العشاق» وأخيرا التونسية «نور قمر» التى أدهشت الجمهور بأدائها لأغنية «برضاك يا خالقي» التى حققت أكثر من 7 ملايين مشاهدة خلال أسبوع واحد عبر يوتيوب.
لكن تلك القاعدة لها أكثر من استثناء، من بينها أن من يتصدى لأم كلثوم يجب أن يكون على قدر المسئولية وإلا تجاهله الجمهور تماما، والأهم ألا يتوقف هذا المطرب عند مرحلة الغناء لكوكب الشرق.
بعيدا عن كل الآراء فى برامج اكتشاف المواهب، وأخيرا برنامج The Voice kids والجدل حول الضغط النفسى الذى يتعرض له الأطفال، جاء أداء الطفلة التونسية «نور قمر» لدعاء السيدة أم كلثوم الشهير «برضاك يا خالقي» ليؤكد أن أغنيات الست بوابة عبور مضمونة لمن يريد إثبات جدارته أمام لجان التحكيم والجمهور فى نفس الوقت، يوضع فى الاعتبار هنا أن المدة المسموح بها لكل مشترك لا تزيد على دقيقتين، وأغنيات أم كلثوم هى الأطول بين كل تراث الغناء المصرى فى القرن العشرين، بالتالى يصبح التحدى مضاعفا أن تغنى لأم كلثوم وأن تفعل ذلك فى أقل من 120 ثانية، فعلتها «نور قمر» وتخطى فيديو الفقرة عبر يوتيوب حاجز السبعة ملايين مشاهدة ومازال مرشحاً للزيادة، ونالت إعجاب ثلاثى لجنة التحكيم كاظم الساهر وتامر حسنى ونانسى عجرم، وتسارعوا على من يختارها لتنضم لفريقه، كانت الطفلة واثقة من نفسها وهى ثقة مستمدة بالتأكيد من صاحبة الصوت الأصلى أم كلثوم.
على نفس النهج فعلت ياسمينا العلوانى قبل عام تقريبا فى برنامج «آراب جوت تالنت» حتى إن البعض قال إن صوتها مستعار من فرط قدرتها على أداء «عن العشاق سألوني» لسيدة الغناء العربي، وحقق هذا الفيديو حتى الآن أكثر من 30 مليون مشاهدة، ما يطرح سؤالا: هل كل هذه الملايين من المشاهدات محسوبة فقط لمن أعادوا تقديم الأغنية أم لصاحبتها الأصلية؟
نجوى كرم تبنت موهبة ياسمينا العلوانى طوال الموسم الرابع لآراب جوت تالنت، وهو ما فعلته أيضا مع الطفل الأردنى «أصيل هازيم» الذى فاجأ لجنة التحكيم فى الموسم الثالث من نفس البرنامج وعمره 12 عاما، وغنى لأم كلثوم «أنت عمري» وكان اللجنة مندهشة أيضا من كونه فى هذه السن ويبادر بالغناء لمطربة بهذا التاريخ.
• أسطورة لا تموت
هذا على مستوى برامج المواهب التى أكدت أن أسطورة أم كلثوم حية لا تموت لكن بالعودة للوراء سنوات قليلة، سنجد طابورا من المطربات وقف على المسرح وفى ظهره كوكب الشرق معتمدا على أغنياتها واسمها للحصول على صك الاعتراف، ونبدأ مع ريهام عبدالحكيم التى ظهرت فى شخصية أم كلثوم الصبية فى مسلسل إنعام محمد على الشهير، ورغم أنها لم تظهر إلا فى حلقتين على الأكثر لكن جمهور المسلسل ظل متذكرها خصوصا أن ملامحها كانت قريبة من أم كلثوم بالفعل مع التقدير بالطبع للمجهود الذى بذلته الفنانة صابرين فى هذا العمل الكلاسيكى الكبير. . ريهام عرفها جمهور الأوبرا من خلال تقديم أغنيات أم كلثوم فى معظم فعاليات المسرح الكبير ودورات مهرجان الموسيقى العربية، ما زاد رسوخ اسمها لدى الجمهور ومنحها فرصة الانتشار عندما قدمت لاحقا أغنيات مثل «بالورقة والقلم» و«خاتم سليمان» و«فيها حاجة حلوة» ومؤخرا حصلت على الجائزة الأولى فى مهرجان الإذاعات العربية الذى أقيم فى القاهرة، عن أغنية «مش عايزة أمشي» التى ألفها الشاعر الكبير جمال بخيت وهى من تلحين الموسيقار محمد على سليمان.
قبل ريهام عبدالحكيم لابد من المرور على مروة ناجى التى تعد من أبرز خريجات الأوبرا فى السنوات العشر الأخيرة، وكعادة كل الأصوات التى تقدم أغانى الست لقبوها بأم كلثوم الجديدة، وغنت مروة لكوكب الشرق عندما شاركت فى الموسم الثانى من برنامج «ذا فويس» وتتميز بأنها تمتلك وقفة شامخة على المسرح تقترب من وقفة أم كلثوم، لكنها لاتزال كمعظم مطربات الأوبرا يفتقدن طريق الخروج من عباءة أم كلثوم والغناء لأنفسهن وتكوين تراث جديد وربما يكون على مروة أن تركز أكثر فى اختيار أغنيات تناسب مرحلتها العمرية وتتروى فى تكرار تجربة التمثيل والأهم أن تسوق نفسها جيدا، فالست رغم موهبتها الكبيرة كانت تعرف أيضا كيف تسوق هذه الموهبة وتضمن أن تظل فى الصدارة طوال الوقت.
• نموذج آمال
من خرجت من الأزمة من بين بنات جيلها كانت المطربة آمال ماهر التى عرفها الجمهور وهى طفلة بسبب روعة أدائها لأغنيات أم كلثوم وتظل قرابة عشر سنوات محبوسة فى رداء الست، حتى نجحت فى تقديم أغنيات خاصة بها فى السنوات الخمس الأخيرة، انطلقت آمال ماهر لتثبت أن صوت الست هو الركيزة التى تنطلق منها كل الأصوات الجميلة فى الوطن العربي، حتى إن المطربة المغربية جنات رغم أنها لا تمتلك الصوت الطربى لكنها تحدت نفسها وغنت «برضاك يا خالقي» فى أحد البرامج لتؤكد أنها مطربة من العيار الثقيل، ويمكن أن تضع كل الفتيات اللاتى ظهرن فى برامج اكتشاف المواهب المطربة آمال ماهر كنموذج لكيفية التعلم فى مدرسة أم كلثوم أولا ثم الاستقلال وبناء شخصية فنية مستقلة بعد ذلك.
• المطربون الرجال
وحتى لا يظن البعض أن المذكورات فقط فى هذا التقرير هن من غنين لأم كلثوم، نذكر لهم أسماء أخرى من بينها مى فاروق، اجفان، رحاب مطاوع، مها البدري، ريم كمال، وقبل كل هؤلاء أو من لقبوها بأم كلثوم الجديدة، سوزان عطية.
اللافت أن عددا قليلا من المطربين الرجال من تصدوا للغناء لكوكب الشرق مثل جورج وسوف، والملاحظة أن مطربا كبيرا كمحمد منير غنى لوردة الصغيرة ونجاة وشريفة فاضل، كذلك أعاد حسين الجسمى غناء «والله براوة» لنجاة، ما يعنى أن المطربين الرجال لا يخجلون من أداء أغنيات لمطربة، لكن هل يخشون الغناء للست؟ سؤال يطرح نفسه والإجابة لديهم بالتأكيد.•