الجمعة 2 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

وصلات الردح بين الفريق القومى للكلام

وصلات الردح  بين الفريق القومى للكلام
وصلات الردح بين الفريق القومى للكلام


[if gte mso 9]>

Normal
0


false
false
false







MicrosoftInternetExplorer4






«حلبة مصارعة».. هكذا هو حال برامج التوك شو التى تذاع يوميا على شاشة الفضائيات وتحولت من المصدر الأساسى لمعرفة الأخبار إلى سلسلة حلقات من المشاجرات والعنف والصوت العالى بين مقدمى البرامج والضيوف وخرج كلاهما عن قواعد المهنية الإعلامية ومن هنا تظهر برامج التوك شو فى زى رجل إطفاء الحرائق الذى ينتظر الدقائق كى يمارس مهنته وكذلك المذيع والضيوف وهكذا أصبح المشهد الإعلامى من الموضوعية إلى وصلات ردح مستمرة.
 
 
حلقات من الخناقات والمشاجرات المتواصلة فى برامج التوك شو أصبحت تخترق البيوت المصرية  وأصبح المشهد بعيدا تماما عن المهنية الإعلامية التى تفترض الحيادية والوصول إلى الحقيقة وبثها كما هى للمواطن المصرى الذى لا يجد أمامه سوى هذه القنوات والبرامج، وهناك حالة من الردح المستمرة أصابت برامج توك شو فعلى سبيل المثال نجد حلقة الإعلامى محمود سعد عندما انسحب من برنامج «آخر النهار» على الهواء مباشرة عندما اتصل به رئيس القناة ليبلغه على الهواء أن يكون حيادياً، حيث كان يتحدث فى البرنامج عن نتائج انتخابات الرئاسة ووصول المرشحين أحمد شفيق ومحمد مرسى لمرحلة الإعادة بينهما منتقدا شفيق مؤكداً أنه ضده حتى إنه قال سيقوم بفاصل فى الحلقة ولم يعد بعد الفاصل دون اعتذار للمشاهدين، وفجأة قرر محمود سعد الانسحاب بعد مكالمة رئيس القناة، ومن قبلها حدث نفس المشهد عندما قرر الانسحاب من قناة التحرير بنفس الطريقة على الهواء مباشرة، وأيضا الإعلامية لميس الحديدى عندما فقدت أعصابها عدة مرات فى برنامجها اليومى «العاصمة» على قناة الـ«سى بى سى»، فمثلا عندما خرجت عن المألوف فى مكالمة هاتفية مع الدكتور مراد محمد المستشار الإعلامى لحزب الحرية والعدالة وأيضا فى حلقة أخرى مع أحد أنصار الشيخ حازم أبوإسماعيل عندما تم رفضه من الترشح فى الانتخابات الرئاسية وامتدت المشاجرات أيضا فى حلقة كانت لميس مستضيفة المحامى الشهير «رجائى عطية»، حيث احتد الحوار بينهما وأكد أنها لا تعطيه الفرصة الكافية لكى يرد على الأسئلة، وتكرر المشهد أيضا فى برنامج الإعلامية هالة سرحان فى برنامج «ناس بوك» على قناة «روتانا مصرية»، حيث  وقعت مشاجرة على الهواء بين محمود سالم - مرشح حزب المصريين الأحرار فى الانتخابات عن دائرة مصر الجديدةوالدكتور ضياء رشوان - رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية - خلال مشاركتهما فى حلقة برنامج «ناس بوك» الذى تقدمه الدكتورة هالة سرحان، وبدأت المشاجرة عندما اختلف سالم مع رشوان بسبب استطلاع للرأى أجراه مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أسفرت نتائجه عن حصول الإسلاميين على 40٪ من نسبة مقاعد البرلمان القادم.
 
 
بينما شكك مرشح مصر الجديدة فى نتيجة الاستطلاع، مؤكداً أن معظم الناخبين الذين قابلهم خلال جولاته الانتخابية لن ينتخبوا فلول الحزب الوطنى أو أى مرشح ينتمى للتيار الإسلامى. وقال رشوان أن الأسلوب الذى يتحدث به سالم معيب مشيرا إلى أن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام هو واحد من أهم 03 مركزا سياسيا عبر العالم، مشيرا إلى ضرورة أن يحترم سالم أو أى مرشح انتخابى أو باحث نتائج الدراسات التى يقوم بها المركز.
 
 
وتطورت المشاجرة بين الطرفين وسط محاولات الإعلامية الدكتورة هالة سرحان لتهدئة جو الحلقة، إلا أن الأجواء توترت بين الضيفين من جديد بعدما قال سالم صراحة إنه لا يعرف كيف يكون رشوان مديرا لمركز الدراسات السياسية بالأهرام وهو غير محايد، الأمر الذى أدى إلى تعنيف رشوان له وهو ما أدى إلى انسحاب سالم.  غير أن سالم عاد من جديد إلى الاستوديو بعد تدخل الدكتورة هالة سرحان، وتم استكمال الحلقة بعد ذلك وسط محاولات من د. هالة سرحان لتلطيف الأجواء، وأيضا انسحبت هالة سرحان من برنامجها بسبب أحد الضيوف عندما اتهامها بعدم الحيادية وخروجها هى والضيوف عن المألوف، وكذلك نجد المشهد يتكرر فى حلقة الصحفى عادل حمودة عندما اتهم المرشح الدكتور محمد مرسى وتدخل أحد المتحدثين بالحملة ومكالمة الدكتور حسن البرنس عضو مجلس الشعب المنحل وأحد أعضاء الفريق الطبى للدكتور مرسى واتهمه على الهواء مباشرة أنه صحفى وليس طبيبا، ومن هنا فهو لا يعلم شيئا وأيضا اتهمه بعدم المصداقية وعدم تحرى الدقة فى المعلومات التى ينشرها.
 
 
ولم تنته حلقات الردح المتواصلة لنجد فى برنامج «العاشرة مساء» للإعلامية «منى الشاذلى» عندما كانت مستضيفة محامى المخلوع «فريد الديب» وقال لها أثناء الحوار: «أنت مش فاهمة حاجة»، ولم تفلت قنوات الحياة من سلسلة المشاجرات التى تحدث على الهواء مباشرة فكانت البداية فى برنامج «الحياة اليوم» فى حلقة النائب السابق ممدوح إسماعيل عندما زاد اشتعال الآراء من جانب المتصلين واتهم ممدوح إسماعيل فريق عمل البرنامج بأن تلك الاتصالات مدبرة.
 
 
الأمر الذى دفع الإعلامية لبنى عسل مقدمة الحلقة إلى القسم بأن الاتصالات حقيقية ولا دخل لهم بها، وذلك بعد أن أعاد الاتهام مرة أخرى بعد استقبال الاتصال الثالث.
 
 
وجه النائب سبابًا للشعب المصرى بأسره بعد أن سألته إحدى المتصلات عن أداء البرلمان المنتخب وتركه لقضايا مهمة ومناقشة قانون «مضاجعة الأزواج» وبدأ كلامه بسب المتصلة وعندما قال له الكاتب عبدالله السناوى ضيف الحلقة: سيب الشعب يقول رأيه رد عليه قائلاً: أسيب الشعب يقل أدبه يعنى؟ الشعب قليل الأدب، بالإضافة إلى حلقة الإعلامى معتز الدمرداش فى برنامج «مصر الجديدة» على قناة «الحياة 2» عندما كان مستضيفا الصحفى مجدى الجلاد، حيث حدثت مشادة بين مجدى الجلاد ومحمود غزلان المتحدث باسم الإخوان المسلمين وتبادل كل منهما التهم بالكذب وتأليف الأخبار واتهم مجدى الجلاد الإخوان المسلمين بأنهم كانوا على تنسيق دائم مع أمن الدولة.
 
 
فى حين أن غزلان اتهم بعدم نشر الحقائق، ومازال مسلسل الخروج عن المألوف مستمرا فى ظل غياب الموضوعية والحيادية وتغليب المصالح الشخصية على حساب المواطن.
 


 التشويه !
 
وفى هذا الإطار أكد الخبير الإعلامى الدكتور فاروق أبو زيد أن ما تشهده الساحة الإعلامية ما هو إلا صورة مشوهة للإعلام المصرى فى ظل تغليب جنى الأموال على حساب الموضوعية والحيادية، أكد أبوزيد أن مقدمى البرامج - رافضاً وصفهم بالمذيعين- أغلبهم موهوبون كصحفيين، لكن الموهبة شىء والالتزام بالمعايير شىء آخر، وقال: مقدمو البرامج لم يتدربوا على العمل فى التليفزيون بالشكل العلمى والسليم فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وهذا يرجع إلى أن الاتحاد كان إحدى أدوات الدولة ومازال، وللأسف كان النظام السابق يستغله أسوأ استغلال، ونتج عن هذا الإعلام الخاص الذى أخذ كل مساوئ الإعلام الحكومى.
 
 
أضاف أبوزيد: من مساوئ مقدمى برامج التوك شو فى مصر أنهم يأخذون وقتاً طويلاً فى طرح كل شىء، ويقولون آراءهم، وهذا ليس مكانه، فتقديم برنامج ليس معناه إعطاء الحق لأى مذيع أن يقول رأيه، فإذا أراد المذيع قول رأيه، عليه أن يكون فى مكان آخر سواء فى صحيفة أو ضيفاً فى برنامج، ووصف أبوزيد هذا بأنه عيب دارج وشائع، وليس تحيزاً لكنه خطأ مهنى كبير، ولم يخلق رأياً تنويرياً للناس من الممكن أن تتم الاستفادة منه فى الانتخابات، وأصبح هناك 3 أنواع من مقدمى البرامج لنجد أن الأول يتحول فيه مقدمو البرامج إلى قادة رأى والنوع الثانى يعتمد المقدمون على مدرسة الإثارة والتهليل والثالث الذى يعتبر فيه المذيع نفسه هو فريق البرنامج بأكمله وليس مقدما فقط.
 
 
وأشار د. فاروق إلى أن الإعلام سواء الحكومى أو الخاص تحول إلى إعلام الحدث بمعنى أنه افتقد التحليل والتفسير والكشف عن المستور وما وراء الأحداث، وابتعد تماما عن الإجابة عن الأسئلة الخمسة: من - متى - أين - كيف - ماذا؟ واكتفى فقط بتواجد المراسلين أثناء الأحداث لينقلوا من يضرب ومن يمارس العنف، فى ظل عدم تواجد المهنية والمهارة الإعلامية فى تغطية الحدث.
 
الفوضى!
من ناحيتها ترى الدكتورة ماجى الحلوانى عميدة كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقا أن ما تشهده الساحة الإعلامية فى البلاد يتناغم مع طبيعة الظروف التى عاشتها البلاد على مدار 30 عاما والتى مازالت تعيشها حتى وقتنا هذا، فالإعلام أصبح مسيسا وأصبح صورة طبق الأصل من حالة الفوضى التى تعيشها البلاد وحالة الكذب والشائعات المتواصلة على الفضائيات، بالإضافة إلى حالة توتر عام أصبحت تسود المجتمع فى الوقت الحالى وأيضا ترتبط بما يطلق عليه ثقافة الصراع ما بين أطراف عدة فى المجتمع المصرى، أما على المستوى الخاص فمن الملاحظ أن هناك جنوحا فى استخدام الصوت العالى خلال المرحلة السابقة سواء من جانب السياسيين والمثقفين أو من جانب مقدمى البرامج، فالكل اليوم يراهن على الصوت الأعلى وأصبحت معادلة «على وأنا أعلى» الأكثر سيطرة على المشهد الإعلامى الآن، فالخطاب الإعلامى أصبح خاضعا لمتطلبات الشكل أكثر ما هو خاضع لمتطلبات المضمون، بمعنى أننا نجد أن أغلب مقدمى البرامج وكذلك الضيوف يجنحون إلى الأداء الاستعراضى أو الشو، فى الوقت الذى تضيع فيه الحقيقة رغم أن الخطاب القائم على سرد الحقائق هو الخطاب الأكثر وعيا بوظائفه وبدور الإعلام فى مصر ما بعد الثورة.
 
 
وأضافت أنه لابد على كل إعلامى أن يكون هادئا للغاية وأن يحتوى الموقف، فالضيف لابد من احترامه، حتى لو كان الإعلامى لا يتفق معه فى وجهة نظره، لأن من حق كل ضيف أن يعبر عن وجهة نظره وإلا كان البرنامج مثل «ماتش الكورة» وحتى لو تطاول الضيف بأى لفظ علىَّ أن احتوى الموقف بكل لباقة، ومن واجب كل إعلامى أن يتحكم فى انفعالاته بشكل كبير.
 
 
السطحية!
وأكد الباحث السياسى سمير مرقص أن الحالة الإعلامية تعكس الفوضى فى الشارع المصرى، وحالة التدهور العامة التى تشهدها البلاد فى جميع المجالات بسبب خلط الأوراق، فليس استثناء على القاعدة فهو جزء فعال من هذه القاعدة منذ خلط الإعلام بقواعد البيزنس والمال، ومن هنا تحول الإعلام للدفاع عن المصالح الشخصية، فمثلا نجد أن كل إعلامى له أعداء يظهر على الساحة الإعلامية ليدافع عن نفسه، ويهاجم الآخرين وبالتالى تأثر الإعلام تأثرا شديدا بهذه الأساليب الرخيصة، وغابت المهنية والمعايير الإعلامية المطلوبة فى ظل أن نجاح الإعلامى أو كل من يطبق عليه هذا اللفظ بالترقى فى الوظيفة فقط، وليس بالمهارة والمهنية.
 
 
فحالة سطو الأموال وقواتها نجحت فى إظهار هذه الوجوه، وساعدت النظام السابق فى تحقيق مصالحه على مدار 30 عاما ونجحت أيضا فى إعطاء الحق للبرامج الرياضية للحديث فى السياسة وتحليل وتفسير الأحداث السياسية التى تشهدها البلاد، وكذلك الحق فى إلقاء محاضرات على الشعب فى أمورهم الاجتماعية فى ظل غياب أدوات العمل الإعلامى واستخدام طرق التحريض والتهييج، بالإضافة إلى المناقشة السطحية والتعليقات الساذجة التى تستفز مشاعر المشاهدين، فكل هذا يشكل نوعاً من التعصب والعنف والاحتقان الذى يظهر بشدة فى الشارع المصرى، وأضاف عهد نظام مبارك زاد الاحتقان الإعلامى، بل نجح فى إعداد وجوه إعلامية مسيسة تعودت على تحسين صورة السلطة والنظام، فضلا عن ضخ الكم الهائل من الأموال التى ترتبط ارتباطا وثيقا بالإعلام لتحقيق مصالح النظام محاولة لاستخدامه فى تغييب عقول المواطنين، بالإضافة إلى أننا أمام مرحلة أهم ملامحها غياب الرقابة فكل شخص يستطيع فعل أى شىء بدون عقاب أو مساءلة، فمن خلال المحاضرات الإعلامية على مدى أكثر من ساعتين يوميا حولوا الدولة وكأنها شريكة فى كل حدث فى ظل غياب الرقابة والمعايير وانتشار الفوضى والانفلات الأمنى.