الأحد 27 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

التأميم.. بسبب تقاعس الرأسمالية المصرية

التأميم.. بسبب تقاعس  الرأسمالية المصرية
التأميم.. بسبب تقاعس الرأسمالية المصرية


التأميم.. كلمة تعنى الكثير فبسببها حصلت مصر على حقوقها فى قناة السويس.. وأجرى بها الزعيم جمال عبدالناصر إصلاحات على الاقتصاد المصرى وأعاد توزيع الأراضى الزراعية.
لم يكن الزعيم جمال عبدالناصر اشتراكيا ولكنه لجأ إلى هذا النظام الاقتصادى مضطرا من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أبناء الشعب المصرى الذين بلغ عددهم 20 مليونا وقت ثورة يوليو.
• تأميم أملاك الملك فاروق
كان طبيعيا أن تحاول الثورة إعادة الأموال إلى الشعب لذا فإن الملك فاروق وأسرته كانوا أول من شملتهم قرارات التأميم والمصادرة وما أمكن حصره من أملاك للملك وحده عدد 24 ألفا و 73 فدانا و 16 قيراطا من الأراضى الزراعية.. هذا بالإضافة إلى ما يحصل عليه من ريع الأوقاف التابعة له وقتها والبالغ مليونا و 365 ألف جنيه سنويا وهو رقم ضخم للغاية ويمثل ثروة طائلة حاليا فضلا عن حصوله على 300 ألف جنيه باعتباره ناظرا على عدد من الأوقاف عددها 14 وقفا بحسب تقديرات لجان حصر الممتلكات.
وكان يملك أسهم فى عدد من الشركات تبلغ قيمتها ثلاثة ملايين و 398 ألفا و 145جنيها وجميعها ذهبت إلى الدولة من أجل الاستفادة منها فى البنية التحتية.. أما عن السيارات فكان طبيعيا أن يجرى تأميم ما يملكه الملك فاروق من سيارات والبالغ عددها 71 سيارة، بالإضافة إلى السيارات الملكية ذات اللون الأحمر فضلا عن سيارات رجال القصر والحاشية فضلا عن 20 قطعة بحرية جرى إدراجها على أنها يخوت ولنشات وجرى تقديرها بـ58 ألف جنيه فضلا عن الكثير من المجوهرات القيمة للأسرة التى تقدر قيمتها بمئات الآلاف من الجنيهات.
ومن ضمن الأموال التى جرى تأميمها التحف والأثاث داخل القصور والاستراحات منها قصرا الطاهرة والبستان واستراحات وادى الرشراش والغردقة والمعمورة, هذا بالإضافة إلى تأميم أملاك الأمير محمد عبدالمنعم وهو الابن الأكبر للخديو عباس حلمى الثانى الذى دفن فى مصر بعد وفاته عن عمر يناهز 80 عاما.
• تأميم قناة السويس
لم يكن غائبا عن الزعيم جمال عبدالناصر حقيقة ما تمثله قناة السويس من أهمية كبيرة للمصريين, حيث حفرها الشعب بدمائه ودفنوا فيها وكانت مصر تحصل على حصة لا تزيد بأى حال من الأحوال على 5% فقط من أرباح القناة وهو مقابل مادى هزيل أما بريطانيا فكانت تملك 44% من إجمالى أسهم قناة السويس فضلا عن الأهمية الاستراتيجية التى يمثلها هذا المجرى الملاحى لإنجلترا، حيث كانت شريان الحياة لانتقال 60 ألف جندى بريطانى لقواعدها العسكرية فى البلدان المختلفة.
• تأميم ممتلكات الأقباط
فى الفترة من 1956 وحتى 1961 مع صدور القوانين الاشتراكية جرى تأميم الكثير من أموال الأقباط, وهو ما دفعهم للهجرة خارج مصر والانتشار فى أوروبا وبعدها الولايات المتحدة الأمريكية وجرى إطلاق اسم أقباط المهجر عليهم.
وتراوحت نسبة الأموال المؤممة فى مجال النقل من 70 إلى 75% أما فى المجال الصناعى فجرى تأميم 44% من أموالهم أما مجال البنوك فوقع 51% من ممتلكاتهم داخل قرارات التأميم فضلا عن الأراضى الزراعية التى جرى تأميمها والبالغة 34% من إجمالى الأراضى وهى تمثل فى ذلك الوقت 15% من إجمالى الثروة القومية.
ووقعت شركتا إخوان مقار والأسيوطى اللتان كانتا تغطيان نسبة كبيرة من مساحة مصر وتنافس بقوة شركات أتوبيس أبو رجيلة تحت التأميم ثم أممت شركة حكيم مرجان التى كانت تشتهر بتغطية مناطق الأقاليم وتسهيل التنقل منها وإليها.
أما فى المجال الصناعى فجرى تأميم مصانع فؤاد جرجس وعطية شنودة ومصانع كحلا الشهيرة وغيرها من المصانع التى كانت تمثل قوة كبيرة وقتها, أما فى القطاع المصرفى فجرى تأميم أسهم موريس بك دوس فى بنك القاهرة وكانت حصته حاكمة فى ذلك الوقت ولديه الكثير من الأسهم فيه ويعد أحد كبار مؤسسيه وله أيضا فى التاريخ الاقتصادى الكثير من الأدوار المهمة مثل تأسيس شركة القاهرة للتأمين والقاهرة للأقطان وهو نجل توفيق دوس وأوجينى إلياس وهما من عائلات الأقباط العريقة.
كما جرى تأميم أموال إلياس أندراوس باشا الذى كان يطلق عليه فى هذا الوقت ملك البورصة ولكن طالت القوانين فى الستينيات وفترة ما بعد تأميم قناة السويس الجميع.
ولا يمكن إغفال ما قام به الرئيس جمال عبدالناصر من إجراءات التأميم للمحال التجارية التى أسسها اليهود بغض النظر عن ملكيتهم لها وقت التأميم محال عمر أفندى والتى تأسست تحت اسم «أوروذدى باك» وهو ضابط بالجيش المجرى عام 1865 وافتتحت الشركة عام 1900، 60 فرعا على مستوى مصر وباعها عام 1920 لرجل أعمال مصرى يهودى وتم تغيير اسمها إلى «عمر أفندى» وبعدها صدر قرار التأميم عام 1957 لتعود إلى الدولة.
كما تم تأميم جميع منشآت «صيدناوى» التى كانت بداية تأسيسها على يد سليم وسمعان صيدناوى فى منطقة الخازندار عام 1913 بحى الموسكى على مساحة 8500 متر تقريبا وأصبح لديها 70 فرعا و65 مخزنا والغريب أن هذه المحلات بدأت بمحل صغير للخردوات لسمعان ثم جاء شقيقه سليم شاركه وكان يقع فى منطقة الحمزاوى بحى الأزهر وسرعان ما تحولت تلك التجارة الصغيرة إلى سلسلة كبرى من الفروع ولكن التأميم فى الستينيات من القرن الماضى ضمها إلى أملاك الدولة، وأيضا تم تأميم شركات شيكوريل، حيث جرى تأسيس سلسلة محلات شيكوريل عام 1887 وكان عميد العائلة فى إيطاليا «مورينو شيكوريل» يتولى مجلس إدارتها وعمل فيها 485 موظفا أجنبيا و129 موظفا مصريا وذلك برأس مال قدره 500 مليون جنيه.
وجرى تأميم شركة فنادق مصر الكبرى التى نجحت عائلة موصيرى فى تأسيسها وكانت تضم فنادق مينا هاوس وسافوى وكونتينينتال وسان ستيفانو برأس مال 145 ألف جنيه.. والملاحظ أن العائلة انحدرت من إيطاليا وكان يوسف نسيم موصيرى هو الاسم البارز فيها وقد حقق ثروته الطائلة من التجارة، ومنها حدثت المصاهرة مع عائلة قطاوى من خلال زواج نسيم موصيرى من ابنة يعقوب قطاوى.
ولحق التأميم بشركة بونتبوريمولى التى أسسها فيكتور وهارون كوهين وكانت تعمل فى مجال الديكور والأثاث, إضافة إلى موريس جاتينيو محتكر صناعة الفحم وأيضا عائلة عدس التى أسست محلات بنزايون وريفولى وهانو ونجح سلفاتور سلامة فى تأسيس شركة لصناعة السكر ومضارب الأرز برأس مال بلغ 128 ألف جنيه فيما أسست شركة قطاوى شركة الملح والصودا. وفى قضية شهيرة طلبت عائلة جوزيف سموحة الثرى اليهودى بالإسكندرية الحصول على 37 فدانا من أراضيه فى مدينة الثغر وهى تمثل ثروة طائلة نظرا لارتفاع قيمة المنطقة هناك وكانت الدعوى مرفوعة ضد وزير المالية وجهاز تنمية وتعمير منطقة سموحة وهيئة الإصلاح الزراعى.
• تأميم أملاك الباشاوات
وقعت ممتلكات عدد كبير من باشاوات الإقطاع تحت طائلة قوانين التأميم ومن ضمن هولاء أحمد عبود باشا الذى استطاع تكوين ثروة طائلة من عمليات النقل البحرى التى جرت فى أعقاب الحرب العالمية الثانية وسرعان ما دخل عالم المقاولات فى فلسطين وتعاون مع الجيش الإنجليزى ليبدأ سلسلة أخرى من أساطيل النقل البحرى استطاع من خلالها الاستيلاء على شركة السكر ثم اشترى المساحات الشاسعة للفرنسى الكونت دى فونتاس وبلغت 6000 فدان ثم اشترى أملاكا بقيمة 60 ألف جنيه كتبها باسم ابنته, وبعد صدور قوانين التأميم جرى التحفظ على الأساطيل الخاصة به ولكنه استفاد من عدد من السفن كانت فى عرض البحر فأمرها بعدم الدخول إلى الأراضى المصرية وسافر إلى الخارج بعد أن استطاع تهريب كميات كبيرة من الأموال ومات فى الخارج.
وجرى تأميم أموال محمد أحمد فرغلى باشا والملقب بملك القطن ومصانعه وممتلكاته التى كانت تقدر وقتها بمليونى جنيه فى حين كان تقدير هذه الأموال أكثر من ذلك بكثير ورفض وقتها فرغلى باشا الرحيل عن مصر.
كما أممت الثورة أملاك سيد ياسين أو ما يسمى بملك الزجاج الذى اشتهر بصناعة زجاج لمبات الإنارة وكان المسيطر على هذه التجارة ولكن القوانين الصارمة لم تفرق بين تاجر وآخر.
• تأميم القطاع الصحى
بعد ثورة يوليو كان اهتمام الزعيم جمال عبدالناصر بعلاج قطاع كبير من الشعب المصرى فأنشأ التأمين الصحى وكذلك تدخل من أجل تأميم عدد من الجمعيات والمستشفيات وبلغ عددها 36 منشأة تقريبا منها مستشفى المبرة والهلال الأحمر والنفيسة الحصرى وجمعيات العروة الوثقى وجمعية الإصلاح الإسلامى وجمعية التعاون الإسلامى وغيرها.
ولجأ الزعيم جمال عبدالناصر إلى التأميم الجزئى لعدد من المنشآت فى مجال التعليم كى يفرض على الكثير من المدارس فى ذلك الوقت الاهتمام بقوانين مجانية التعليم.•