المرأة حسـمت معركة الرئاســـة

منى صلاح الدين نهي العليمي هايدى فاروق
المرأة المصرية لها دور كبير فى جولة الإعادة فعلى الرغم من الحضور الضعيف نسبيا إلا أن النساء تحدين حرارة الجو والإحباط ووقفن فى طوابير امتدت فى بعض المناطق لأكثر من ساعتين فخوف المرأة المصرية على فقدان مكتسباتها التى حاولت لسنوات طويلة جمعها والمقاتلة للحفاظ عليها كان محركاً أساسياً لنزول المرأة، فالمرأة المصرية لم تنزل الانتخابات للدفاع عن مصلحة شخصية ولكنها نزلت لتقول كلمتها فى مصلحة الوطن بأكمله.
والدليل على ذلك هو نزول كثير من السيدات اللاتى لم ينزلن فى الجولة الأولى بعد أن احتدم وانحصر الصراع بين مرسى وشفيق قررن النزول فى الجولة الثانية إيمانا منهن بأهمية صوتهن.
صباح الخير رصدت عملية تصويت السيدات فى عدة مناطق.
فى منطقة الهرم مدرسة أم المؤمنين حدثت مشاجرة بين سيدتين انضمت لهما مؤيدات كل مرشح حيث بدأت المشكلة عندما طلبت سيدة من فتاة من الأخوات مساعدتها فى معرفة رقمها فى الكشوف الانتخابية وعندما أخبرتها الفتاة برقمها طلبت منها السيدة أن تسجله لها على الهاتف ولكن الفتاة بادرتها بالسؤال عن مرشحها وأجابتها السيدة بأنه أحمد شفيق فما كان من الفتاة إلا أن قالت لها (خليه هو يكتبه لكى على التليفون بنفسه) وردت السيدة غاضبة عليها واشتعلت المشادة بين النساء كل منهن يدافع عن مرشحه.
وفى مدينه نصر مدرسة عباس العقاد كانت الأغلبية من النساء والطوابير طويلة إلى حد ما، حيث تبادلت السيدات الحوار ليس بهدف الدفاع عن المرشح فشريحة كبيرة من النساء أدركن معنى الصمت الانتخابى وحافظن عليه بشكل راق فكانت المناقشات عن أحوال مصر ووضع المرأة بعض نجاح كل مرشح ومخاوفهن من سيطرة التيار الدينى ومستقبل عمل المرأة وقوانين الأحوال الشخصية ورفض كثير منهن مستوى أداء البرلمان المنحل واهتمامه بقضايا لا تهم المجتمع المصرى ومحاوله إعادة العادات السيئة التى يحاول المجتمع أن يتخلص منها كختان الإناث للمشهد من جديد، غير أن مافعله النائب السلفى وضبطه مع فتاة فى وضع مناف للآداب كان محور حديث النساء فى الطوابير، متسائلات: كيف يستطيع أن يحيا الإنسان فى ازدواجية فكرية وأخلاقية ويدعو إلى الفضيلة؟!.
سألت فوزية محمد 55 عاما موظفة عن أهمية مشاركة المرأة المصرية فقالت: المرأة المصرية عانت على مدار سنوات طويلة للحصول على حقوقها لم ينصفها قانون أو رئيس واكتسبت حقوقها بمثابرتها ومحاولاتها المستميتة للدفاع عن حقوقها والآن يحاول التيار الدينى الانقضاض على مكتسبات المرأة فى محاولة منه لتهميشها وجعلها أداة للمتعة فقط دون أى حقوق وهو ما ترفضه جميع السيدات إلا من تؤمن بهذا المبدأ وأعتقد أن من يؤمن فقط بأن المرأة أداة للمتعة ومكانها المنزل فقط سيدات تم تسطيح فكرهن فالمرأة ظروفها تغيرت ونسبة السيدات المعيلات كبيرة جدا.
- سما صبحى 03 عاما تقول: لم أنزل فى المرحلة الأولى من الانتخابات لم أكن أرى مرشحاً للرئاسة تستحقه مصر لأنى كنت من مؤيدى البرادعى وكنت أراه هو الوحيد القادر على التغيير ولكن بعد أن انحصرت المنافسة بين مرسى وشفيق قررت أن أنزل فى البداية كنت أقرر المقاطعة ولكن بعد تفكير قررت أن أنزل الانتخابات وأدلى بصوتى وأنا معترفة بأن كلا المرشحين لا يعبران عن الثورة ولا يمثلان مبادئها وإن كان مرسى قد يقود البلد إلى تغيير لكنه سوف يكون تغييراً فى الهوية المصرية وليس التغيير المنشود لكى ترقى البلد وشفيق أيضا لن يحقق أهداف الثورة فمرشح سيئ والثانى أسوأ وقررت أن أعطى صوتى للسيئ.
- رنا محمود 35 عاما كانت من ضمن السيدات التى سيبطلن أصواتهن إيمانا منها بأن كليهما نكبة على مصر وأن أى مرشح سوف يأتى لن تكون متورطة باختياره ولن يكون صوتها سببا فى أن يأتى أى منهما، لكن بعد ما حدث فى تونس والمواجهات العنيفة بين السلفيين والأمن التونسى بعد أن غضبوا بسبب معرض فنى اعتقدوا أنه يهين المسلمين حيث أغلق المحتجون الشوارع وأشعلوا النار فى إطارات سيارات فى منطقتى التضامن وسيدى حسين فى العاصمة، وقاموا برشق قوات الأمن بقنابل بنزين بعد محاولتها تفريقهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص فى الهواء جعلنى أفكر أكثر من مرة وأرى أن المقاطعة لن تأتى بنتيجة وأن من يقاطع سيتحمل مسئولية انهيار البلد بعد ذلك ولن تجدى كلمه ندم.
لا أخفى سرا أننى لست فرحة وأن التجربة نفسها فقدت متعتها ولا مقارنه بين يوم الاستفتاء على الدستور أو فى الانتخابات البرلمانية وبين اليوم ولكنها ساعات ثقيلة ربما تخرج مصر من مأزقها.
∎ انهيار أمام الصندوق الانتخابى
- رانيا صلاح مهندسة 32 عاما تفكر منذ ظهور نتيجة المرحلة الأولى وانحصار المنافسة بين شفيق ومرسى فى مرشح الثورة ولكن للأسف الاثنان لا يعبران عن الثورة فقررت المقاطعة وإبطال صوتها ثم بعد ذلك غيرت رأيها خوفا على مكاسب المرأة المصرية وخوفا من انهيار الدولة المدنية وإقامة دولة إسلامية لن تزيلها إلا دولة إسلامية أشد بأسا منها كما يقول التاريخ.
وقررت أن تعطى صوتها لشفيق وأمام اللجنة الانتخابية وفور رؤيتها لورقة الترشيح لم تطاوعها يدها لوضع علامة صح أمام شفيق فانهارت فى نوبة بكاء وأبطلت صوتها.
∎ الدعاية المضادة
أمام العديد من اللجان وخاصة بمدينه نصر انتشر أسلوب الدعاية المضادة، وكان النصيب الأكبر منها لشفيق حيث تم توزيع بوسترات لشفيق تحمل أقواله بعد ثورة 52 يناير مستغلين عبارة أنه ينوى حذف آيات من القرآن الكريم من المناهج مع وضع صورة ملتصقة بصور جمال مبارك والرئيس المخلوع للدلالة على أن كليهما امتداد للآخر.
بينما كانت الدعاية المضادة لمرسى هى ورقة للشيخ الشعرواى تتضمن كلامه عن أهل الدين وأهل السياسة حيث تستند الدعاية على كلام الشيخ الشعراوى بأنه إذا رأيتم رجل دين طامعا فى منصب سياسى فلا تولوه.
∎ فى حى الدقى العروس تنتخب
من بين الموجودات فى اللجنة عروس فرحها فى نفس اليوم سمعتها وهى تتكلم مع الكوافيرة وكانت الساعة الحادية عشرة صباحا وتقنعها بأنها ستكون فى الموعد بعد إدلائها بصوتها اقتربت منها وسألتها عن تصميمها ألا يضيع صوتها فقالت خديجة ربيع 62 عاما خريجة كلية التجارة: لم أجد يوماً للحجز لفرحى سوى يوم 61-6- وصممت أن أنتخب حتى ولو كان يوم دخلتى فصوتى اليوم لى ولأولادى فى المستقبل فجئت للجنة قبل الذهاب للكوافير.
∎ خناقة القلم والتصوير
علا صوت سيدة فى الخمسين من عمرها بعد أن صممت أن تنتخب بقلمها بعد أن ثارت شكوكها حول القلم الثابت الموجود فى اللجنة الانتخابية واستطاع رئيس اللجنة إقناعها وتهدئتها ورجاها ألا تعكر صفو الانتخابات ودعاها للتعاون لإنجاح العملية الانتخابية وأن ما تطلبه سيفتح باباً للتجاوزات واستجابت السيدة وقالت: أهم حاجة مصر.
كذلك حدثت مشادة مع فتاة كانت تريد أن تصور نفسها مع ورقة الانتخابات بالموبايل لوضعها على الفيس بوك وتم منعها وإقناعها بخطورة ذلك.
∎ فرحة الأطفال
فرحة هذا العرس الانتخابى وصلت لأطفالنا فصغيرات لا تتجاوز أعمارهن الرابعة والخامسة لازمن أمهاتهن فى اللجنة الانتخابية وصممن على وضع أصابعهن فى الحبر الفوسفورى.
سألت نورهان محمد 6 سنوات عن سبب مجيئها فقالت: (أنا جيت مع ماما ولما أكبر هانتخب عشان نختار بحرية ومن غير تزوير زى زمان.. ماما قالتلى كده.. وقالت لى هتحط صورتى وصورة صباعى على الفيس بوك).
فى حى شبرا العريق رمز الوحدة الوطنية اصطفت منذ الصباح الباكر، وحتى التاسعة مساء وعلى مدار يومين، طوابير جولة الإعادة لأول انتخابات رئاسية ديمقراطية فى مصر، الجميع حرصوا على عدم الدخول فى جدال حول المتنافسين على كرسى الرئاسة، وفضلوا التركيز فى اسم المرشح الذى سيختارونه.
وفى جولتنا فى بعض لجان السيدات، وتحديداً فى لجنة مدرسة أحمد عرابى الابتدائية، سألنا فاطمة عودة 42 سنة عن رأيها فى سير الانتخابات فقالت: كما انتخبت فى الجولة الأولى وشاركت بصوتى، كان لابد أن أكمل وأشارك فى جولة الإعادة حتى لا أشعر أننى قصرت فى حق بلدى علىّ وخاصة أنها انتخابات نزيهة وشفافة، بها إشراف قضائى محترم وبرعاية القوات المسلحة والشرطة، وأتمنى من الرئيس القادم أن يجد حلاً لمشكلة البطالة التى يعانى منها الشباب وأنا واحدة منهم.
وتوضح رجاء محمود 56 سنة ربة منزل أن التصويت بالرقم القومى سهل عليها الكثير فى الإدلاء بصوتها ولكنها تنتقد صعوبة الوصول إلى لجنة الانتخابات الخاصة بها، وهى لجنة مدرسة منية السيرج فالطريق إليها غير ممهد سواء خارج أو داخل المدرسة، وهى تتمنى أن يخصص لكبار السن لجان تناسب المرحلة العمرية لهم.
∎ رئيس.. رجل دولة
فى مدرسة الصم والبكم بالساحل، ومع شعورها بالسعادة والأمل قالت مارى عازر: مصر الآن محتاجة رجل دولة حقيقى، له تاريخ سياسى وإنجاز حقيقى، يستطيع أن يعيد لمصر الانضباط والأمان.
وتتدخل ناخبة شابة قائلة: إحنا عايزين واحد يصلح وبس، البلد بقالها كتير مقلوبة، وبقينا مش عارفين راسنا من رجلينا، مش لازم يكون اختيارنا على أساس الدين، أهم حاجة إن أولادى الخمسة اللى سبت الوظيفة عشان خاطرهم، ياخدوا فرصتهم فى التعليم والشغل من غير واسطة والأسعار تبقى معقولة والسلع مش مغشوشة، وتكمل: هأدى صوتى لرئيس مايكونش عنده حزب، الأحزاب هتضيع البلد، مابيبصولناش خالص، بيبصوا لنفسهم ومصالحهم بس، ولازم الرئيس الجديد يكون عنده خبرة فى الإدارة، أغلب مشاكل بلدنا فى الإدارة، هاتتصلح برضه بالإدارة، وياريت المرشح اللى هننتخبه يقدر ينفذ برنامجه الانتخابى.
سماح حسين 73 عاماً، جاءت برفقة والدتها، تعلق قائلة: لحد إمبارح ماكنتش عايزة أشارك فى الانتخابات النهارده غيرت رأيى لما شفت الناس كلها واقفة فى الطوابير، وقلت لازم آجى أدى صوتى لأحسن الوحشين مش اللى بيستغلوا الدين كفاية اللى شفناه فى البرلمان، لو كل واحد ماإداش صوته عشان مش مقتنع بحد، هيفرض علينا واحد مش عايزينه، وده حق البلد علينا.
فى ذات السياق قسمت دراسة لمركز موارد التنمية المرأة المصرية إلى شرائح متعددة سياسية وحزبية وطبقية.
حيث أكدت الدراسة أن النساء المنتميات سياسياً لحزبى الحرية والعدالة والنور فمسألة التصويت لمرشحهم «محمد مرسى» هى مسألة واجب دينى ووطنى وأخلاقى لذلك فمن المؤكد أن هذه الكتلة ستصوت لمحمد مرسى.
أما المجموعة الليبرالية والتى ترى فى انتخاب «محمد مرسى» طريقاً للاستبداد الدينى فى البلاد وتصوره على أنه أسوأ من الاستبداد السياسى فستعمل على المفاضلة بيــــن «الفريق أحمد شفيق» من جهة و«محمد مرسى» من جهة أخرى ليتم ترجيح كفة «الفريق شفيق» لأنهن يرين فى انتخاب «مرسى» فقداناً لحقوقهن التى كسبنها بعد نضال طويل وقطع طريق على حقوق أخرى.
وللمرأة القبطية أيضاً دور فمنهن من يشعرن بالخوف من فكرة سيطرة الإسلاميين المتشددين خاصة بعد تصريحاتهم حول الأقباط ويرين أن الفريق شفيق على الأقل ليس لديه عقدة الدين والطائفية.
بينما تقاطع النساء الثوريات الليبراليات الانتخابات بشكل عام ويبطلن أصواتهن بينما تنقسم الطبقات الريفية والعشوائية إلى قسمين قسم منهن يريد الأمن والاستقرار وقسم آخر يقتنع بفكرة أن من يعرف الله سيرجع للناس حقوقها الضائعة.
على جانب آخر رصدت البعثة المصرية لمراقبة الانتخابات المشاركة الكثيفة للمرأة فى الانتخابات الرئاسية معتبرة ذلك دليلاً جديدًا على رغبة مشاركة النساء فى التطور الديمقراطى، والاندماج المجتمعى، لافتة إلى ظهور عدد من أمهات الشهداء يقفن أمام أبواب اللجان الانتخابية المختلفة يحملن صور ذويهن، ويؤكدن للناخبين على ألا ينسوا حقوق الشهداء أصحاب الفضل فى هذه اللحظة التاريخية التى تمر بها البلاد.
وكشفت البعثة ضعف تصويت النساء بالمحافظات الحدودية لما تحمله هذه المحافظات من أفكار وعادات وتقاليد تقلل من شأن المرأة وتتجاهل حقوقها.
ووصفت البعثة إقبال النساء على التصويت فى محافظات الدلتا بالمبهر حيث وقفن فى الصفوف منذ ساعات الصباح الأولى منتظرات دورهن فى الكشوف للإدلاء بأصواتهن.
وأوضحت البعثة أن الأحياء الراقية بمحافظتى الجيزة والقاهرة شهدت إقبالاً غير مسبق لسيدات المجتمع ومشاهير النساء بالمجتمع.
وأدانت البعثة توجيه النساء الأميات للتصويت لصالح مرشح معين.