الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الفنان العاشق!

الفنان العاشق!
الفنان العاشق!


إذا سألت عن الفنان العاشق لاكتشاف المواهب بمعنى الكلمة ستكون الإجابة نور الشريف بلا منازع، ونظرته الثاقبة للموهوبين ليست فى مجال التمثيل فقط، بل فى الإخراج والتأليف فهو بثقافته وخبرته وحسه الفنى يستطيع التقاط الموهوبين بين الآلاف والعلاقة بينه وبين الأجيال الجديدة علاقة من نوع فريد، فهو حريص على تشجيعهم بجميع الطرق، فإذا طلب منه معهد الفنون المسرحية دفع مصاريف بعض الطلبة لا يتردد، وإذا وجد أن هناك مواهب لا ينقصها إلا الدعم المادى لخروج أعمالهم الفنية للنور فهو السند لهم، وإذا وجد أن هناك ممثلين موهوبين يحتاجونه ليحتضنهم فنياً فى مسلسلاته وأفلامه ليختصروا سنوات من عمرهم الفنى فهو يفعل بكل حب، فهو مع كل ما هو جديد وطازج من أفكار ومواهب.

على مستوى الأعمال الدرامية يعتبر نور الشريف من أهم النجوم الذين يهتمون بمنح فرص للموهوبين من خلال الأعمال التى يلعب بطولتها ليشاهدهم جمهوره من مختلف الدول العربية. والمؤكد أن تواجد هؤلاء الوجوه الجديدة فى مسلسلاته تختصر لهم سنوات من مشوارهم الفنى، ومن الأشياء التى كان يحرص عليها هو تواجد كل الوجوه الجديدة فى أى مسلسل له بجميع الندوات التى يحضرها ليستمتعوا بنجاحاتهم معه.
• آخر تلاميذه
وإذا بدأنا من آخر اكتشافات نور الشريف للوجوه الجديدة سنجدها بقوة فى مسلسل «الدالى» بأجزائه، الذين قدمهم كان أغلبهم يقف لأول مرة أمام الكاميرا كممثلين وأبرزهم حسن الرداد الذى كان لايزال طالباً فى معهد فنون مسرحية، وقد رشحته سميرة محسن الأستاذة بالمعهد لنور الشريف ليلعب دور ابنه بالمسلسل، أيضا تحمس نور الشريف لعمرو يوسف الذى كان يعمل كمقدم نشرة فنية على إحدى القنوات الفضائية، ووقتها صرح عمرو فى حالة نجاحه بالمسلسل سيترك عمله الأساسى ليتفرغ للتمثيل، وبالفعل أصبح عمرو حاليا أحد نجوم السينما والدراما والإعلانات أيضاً. الشىء نفسه تكرر مع كل من إيناس كامل التى كانت مذيعة بقناة «دريم» ودينا فؤاد التى كانت تعمل مذيعة بإحدى الفضائيات، أما أحمد صفوت فقد شهد مسلسل «سكة الهلالى» ليحيى الفخرانى أول ظهور له، لكن مسلسل «الدالى» الذى صُنع بعده بعام هو البداية الحقيقية له لما حققه من تألق فى دور خالد «آلة الشر» فى عائلة «الدالى».
• شجع الاحتكار
أهم حدث للأبطال الذين اكتشفهم وتحمس لهم الفنان الراحل نور الشريف هو تشجيعهم على توقيع عقد احتكار لمدة خمس سنوات مع محمد فوزى منتج مسلسل «الدالى»، ولكن بشرط ألا يسيطر المنتج عليهم كلياً بمعنى أنه يحرص على صناعة نجوميتهم من خلال تحمله جميع نفقات تعليمهم كل ما له علاقة بالفن من خلال المدارس المتخصصة مثل تعليم الرقص وأى عنصر آخر يحتاجه عملهم مع صرف مرتبات شهرية لهم، وفى الوقت ذاته لا يمانع فى اشتراكهم بأعمال أخرى بشرط الرجوع للشركة للتأكد من جودة هذه الأعمال، والدليل اشتراك حسن الرداد كبطل رئيسى فى فيلم «احكى يا شهر زاد». ويبدو أن الفنان نور الشريف قد فعل ذلك نظرا للمعاناة التى يجدها من الذين صنعهم ثم لا يجدهم عندما يريدهم فى أعماله سواء برفع أجورهم بشكل مبالغ فيه أو إهدار موهبتهم فى أعمال ضعيفة.. وأذكر أول لقاء جمعنى مع نور الشريف كان فى مسرحية «خطابات حراجى القط» بمسرح الهناجر فى منتصف التسعينيات تقريبًا، وكانت ابنته سارة هى مخرجة العرض، وقد اعتقدت أنه جاء للاحتفاء بها كأى أب فقط لا غير، لكن بعدها بعام تقريبا وجدته يحضر لمسرحية «يا مسافر وحدك»، وفيها أسند لمنى زكى دورًا مهمًا بالمسرحية تأكيدا لموهبتها التى ظهرت فى مسرحية «بالعربى الفصيح» لمحمد صبحى ووقتها كانت منى لاتزال طالبة بكلية الإعلام وتحرص على المذاكرة فى الكواليس، وكان معها بالمسرحية ياسمين النجار التى لمح موهبتها نور الشريف فى مسرحية «حراجى القط» للراحل عبد الرحمن الأبنودى فضمها بلا تردد لمسرحية «يا مسافر وحدك».
وإذا بدأنا رحلته مع الوجوه الجديدة منذ نهاية التسعينيات فى الدراما وبالتحديد فى مسلسل «لن أعيش فى جلباب أبى» للمخرج الراحل أحمد توفيق والمؤلف مصطفى محرم سنجد به حنان ترك وكانت فى بداياتها لتنطلق فيما بعد بالسينما والدراما والمسرح، أيضاً يحسب لهذا العمل وضع محمد رياض فى مكانة فنية جيدة ويكفى أنه رغم مرور عشرين عاما تقريباً على هذا العمل أن الجمهور يعتبر دور محمد رياض به من أفضل أدواره.
ليلعب فيما بعد نور الشريف بطولة مسلسل «الرجل الآخر» لملك الدراما مجدى أبو عميرة الذى شاركته البطولة فيه ميرفت أمين وسنجده هوصاحب فكرة ضم الوجه الجديد وقتها «حلا شيحا» فى أول وقوف لها أمام الكاميرا لتلعب دور ابنته بعد اعتذار ياسمين عبدالعزيز لعدم موافقة الجهة المنتجة للمسلسل على الرضوخ للأجر الذى طلبته، مع ملاحظة أن ياسمين عبدالعزيزلم تكن وصلت بعد للنجومية التى تسمح لها بفرض شروطها، ونظراً للنجاح الساحق الذى حققه مسلسل «الرجل الآخر» تسابق المنتجون للتعاقد مع حلا شيحا بأكثر من فيلم سينمائى، ولم تكن حلا شيحا هى المحظوظة الوحيدة، بل كان العمل فاتحة خير على الموهوب أحمد زاهر الذى كان له تجارب بسيطة لا تذكر واختاره نور الشريف بنفسه وكسب الرهان بعد اعتذار كريم عبدالعزيز لنفس سبب اعتذار ياسمين عبدالعزيز  فى «الرجل الآخر» عندما لفت أحمد زاهر إليه الأنظار بقوة فى هذا العمل، وكان يشعر برد فعل الجمهور تجاه دوره بعد كل حلقة بدرجة جعلته لا يصدق حجم هذا النجاح لينطلق فيما بعد فنيًا. أيضا شهد المسلسل تألق الوجه الجديد وقتها أحمد رزق فى أهم وأول أدواره، وأعلن عن نفسه كممثل من العيار الثقيل لينتقل فيما بعد لمصاف النجوم بأدوار متنوعة تجمع بين الكوميديا والتراجيديا سواء فى السينما أو التليفزيون.
ليأتى فيما بعد مسلسل «الحاج متولى» مُحققاً نجاحًا كبيرًا وضم المسلسل مجموعة من الأسماء فى بداية مشوارهم الفنى وأصبحوا بعد هذا المسلسل الذى اختصر لهم سنوات عديدة فى مشوارهم الفنى من نجوم الصف الأول أبرزهم سمية خشاب التى رشحها نور الشريف بنفسه، وكذلك مصطفى شعبان وغادة عبدالرازق.
أيضا منح نور الشريف فرصة كبيرة لـ «زينة» فى مسلسل «حضرة المتهم أبى»، ولفتت إليها الأنظار لتصبح إحدى نجمات الدراما فيما بعد وكذلك آيتن عامر التى ضمها فيما بعد لأبطال مسلسل «الدالى».
• البداية
بدأت رحلة نور الشريف فى اكتشاف الموهوبين من خلال المخرجين فهو أول من أعطى فرصة للمخرج سمير سيف عندما أنتج فيلم «دائرة الانتقام» فى منتصف السبعينيات وقام فيه أيضا بدور البطولة وتحمس للمخرج عاطف الطيب فى النصف الأول من الثمانينيات عندما أسند له إخراج فيلم «سواق الأتوبيس» أيضًا فى بداية الثمانينيات أعطى فيلم  «ضربة شمس» لمحمد خان فى أول تجاربه كمخرج، وأيضا أعطى فرصة جيدة للمخرج الشاب أمير رمسيس فى إخراج آخر أفلامه «بتوقيت القاهرة».. وعلى مستوى التأليف كان من أشد المُتحمسين لاكتشافهم ووافق على لعب بطولة فيلم «ضربة شمس» للمؤلف الشاب وقتها فايز غالى.
وفى الدراما كانت لديه وجهة نظر صائبة فى المؤلفين الجدد من أول قراءته لملخصات أعمالهم أو الحلقات الأولى لأعمالهم. أريد فقط التوقف عند المؤلف الجديد وقتها مجدى صابر الذى كتب له ملخص مسلسل «الرجل الآخر» عام 2000 وعندما قرأه نور الشريف وقع العقد وقال للمؤلف الشاب: من يكتب هذا الملخص قادر على كتابة سيناريو جيد، وبالفعل لم يتدخل الفنان الراحل فى السيناريو. الشىء نفسه تكرر مع وليد يوسف مؤلف مسلسل «الدالى» الذى كان يقدم تجربته الأولى وقدم للفنان الراحل 9 حلقات من «الدالى» ولم يسجل الفنان الراحل ملحوظة واحدة وقال للمؤلف الشاب: «اشتغل فى باقى الحلقات». أيضا تحمس الفنان الراحل للمؤلف الشاب عبدالرحيم كمال الذى كتب مسلسل «الرحايا»، وكان من الأعمال المُتميزة فى مسيرة الفنان الراحل.
رحم الله الفنان المحترم الذى كان مؤمنا بكل ما هو طازج سواء على مستوى الأفكار أو الوجوه الجديدة.•