بسطاء .. وسفراء .. فـوق العــادة !!
اكرم السعدني
وسط جو رمضانى يملؤه الحنين إلى أرض مصر اجتمع أهل الجو من أبناء مصر وجمعوا أكثر من طن ونصف الطن من الملابس لمختلف الأعمال وهو تقليد أخذت به الجالية المصرية منذ وقت بعيد أما مكان التجمع والتغليف والتعبئة فكان فى ( البيت المصرى ) ولعل صاحب هذه التسمية يستحق أن نذكره بالخير كله وهو قداسة البابا المعظم شنودة الثالث رحمه الله وأيضا الرجل الجليل الشأن مولانا شيخ الأزهر الشريف فضيلة الإمام الأكبر الرجل الطيب اسما وفعلا أحمد الطيب وكانا فى زيارة منذ سنوات مضت وافترضنا معا هذا المسمى الذى نما وأصبح يشكل نواة لتجمع مصرى ضخم يشمل كل المصريين وقد اعتادت الجالية المصرية فى لندن على إرسال هذه الشحنات من الملابس من أكثر من عشر سنوات..
والحق هذا العام واجهتهم مشكلة عويصة فقد تضخمت رسوم الشحن بشكل مريب وأدت رسوم الشحن المرتفعة لأن تقضى على العملية برمتها ولولا تدخل رجل فاضل وهو مدير مكتب مصر للطيران فى لندن وهو السيد شريف المغلوب الذى اتصل بالأستاذ باسم جوهر المسئول عن هذه الوجوه فى مصر وتقرر تقديم جميع التسهيلات للشحنة حتى نجد طريقها إلى مستحقيها قبل أن يحل عيد الفطر المبارك وبمناسبة رجال مصر للطيران فى لندن فإن من حسن حظ المصريين العابرين والمقيمين فى بريطانيا أن اجتمع ثلاثى فاضل يعملون كفريق واحد متكامل يقدم خدماته للجميع دون النظر إلى انتماء أو مهنة فالكل عندهم سواسية وخدمة المصريين هى الهدف الأسمى ولذلك ستجد أن هذه الشركة الوطنية بفضل سياسة حكيمة لا أزعم أننى أعرف من خطط لها ولكن سياسة مستحقة الإشادة والتقدير فقد لمست اهتماما عظيما بالراكب الإفريقى الذى يفضل مصر للطيران على غيرها من شركات الطيران فهو يصل إلى وجهته فى أى مكان فى أوروبا إلى بلاده فى إفريقيا عبر المجال الجوى المصرى وهذا أمر ينبغى أن نشكر عليه من خطط له ونفذ لأن السياسة المصرية التى اتسمت بالغباء والكبرياء أيام الرئيس المخلوع حسنى مبارك تجاه دول أفريقيا .. أقول هذه السياسة ولله الحمد لم تصل عدواها لشركة مصر للطيران ولذلك ستجد هذه الشريحة لها مكانة سامية فى قلوب أهل غانا ونيجيريا والكاميرون وزيمبابوى والسودان وسائر أهل القارة السمراء.. وأعود للثلاثى الفريق» الذى تحول أفراده إلى أصدقاء وأحباء لكل المقيمين فى بريطانيا أو إن شئت الدقة لمعظمهم هو السيد شريف المغلوب والأستاذ ناصر مدير محطة المطار والأستاذ أحمد الوزير هؤلاء يمثلون وحدهم خلية نحل لا تهدأ أو بشكل يومى ليقدموا أفضل منتج ولكن لهؤلاء الذين قادتهم الأقدار ليصبحوا زبائن على متن طائرات شركة مصر للطيران ولذلك فإن المصريين فى بريطانيا يأملون أن تستمر السياسة الحكيمة فى اختيار مسئولى مصر للطيران فى بريطانيا باعتبارها همزة الوصل بينهم وبين أرض الوطن وأيضا لأنه فى سابق الزمان كان هناك مسئول مهروس العقل نظر إلى البسطاء والطييون نظرة احتقار وتعالٍ . هذا المسئول المتخلف الخائب ترك انطباعا شديد السوء وهو مع الأسف لا يزال يترقى فى المناصب فى مصر للطيران وسط دهشة زملائه ومنهم من كان يستحق المنصب الذى يشغله هذه الأيام والبعض يؤكد أن الكوسة وحدها هى السر فى اختياره لقيادة إدارة فى منتهى الأهمية والخطورة فى الشركة الوطنية وعلى علاقة بالناس والمسئولين وأهل الرأى ويوما ما سوف ننصح أخونا الخايب ونتحرى عن ماضيه الأسود وصحيفة سوابقه التى لا تشرف أحدا .. المهم أننى فى بيت المصريين التقيت بأكثر عدد من المصريين الذين مضت على إقامتهم فى بريطانيا سنوات طويلة منهم المصرى الطيب الذى تلمح من سمرته أنه ابن الطينة المصرية الأصيلة والعظيمة وهوالأستاذ عبدالعظيم الرجل الذى وثق فيه الأمراء قبل الخفراء ورمضان السرساوى نصير المصريين البسطاء أو قل السفارة المصرية الموازية فهو الملجأ والملاذ لكاسرى الفيزا أو الذين دخلوا بطريقة السلكاوى هاربين من الحدود الفرنسية فإذا دخلوا العاصمة لندن لا تدرى أين وكيف يقعون فى براثن رمضان وهو يسعى إلى تشغيلهم فى المطاعم والمقاهى وأيضاً يوفر لهم أماكن النوم وأحياناً يساعدهم على المعايش وهو يفعل هذا الأمر لسبب بسيط للغاية فقد ذاق الأمرين عندما قدم إلى بلاد الإنجليز فى أول السبعينيات من القرن الماضى وكان التواجد العربى نادرا والمصرى غير موجود لذلك داخ رمضان السرساوى دوخة الأرملة، وعمل فى كل مجال ولكنه اكتشف أن الإقامة فى لندن تطلب الزواج من بريطانية فتزوج بالفعل أولا امرأة قابلها فى ملهى ليلى واسمه «كافيه دى بارى»، ولكن زيجته لم تستمر طويلاً واكتشف بعد الزواج أنها يهودية وأنها تعشق أهل مصر وازداد حبها لهم بعد أن ارتبطت برمضان ولكنه طلقها بعد أن تسلم الجواز الأحمر البريطانى الشهير وتزوج بعد ذلك مرتين واستطاع من خلال زيجاته الثلاث أن يجمع الأديان كلها متزوجاً يهودية ومسيحية ومسلمة وأنجب ولداً وحيداً من زوجته المسيحية وسماه أمير والشىء الغريب أنه كان مواظبا على الصلاة والصيام بل ويحرص على زيارة مسقط رأس أبيه فى القناطر الخيرية كل عام وقد أدرك هذا الولد مبكراً أن الحياة لها طعم آخر ومذاق أجمل عندما حطت قدماه على أرض مصر مشاعر فياضة وروابط أسرية وعزبة ودوار للأسرة يجتمع فيه الكل للجد الأكبر فيه مكانة رفيعة المقام.. وقد أسعدنى هذا الفتى باختياراته فهو مسلم ليس بالإجبار ولكن بالاختيار وهو مصرى ليس بالمولد ولكن بالهوى وهو نموذج انشكح له أصل مصر هنا فى بريطانيا خصوصا الرجل الذى يمثل عمدة أهل مصر فى بريطانيا إسماعيل صالح وهو أحد قيادات البنك الأهلى فرع انجلترا.. الكل يعتبره الكبير المسموع الكلمة الحكيم بفضل سنوات الخبرة.. العليم من كثرة ما أطلع على المعرفة وتسلح بالثقافة وهو أيضا خادم عظيم للمصريين يقدم لهم خدماته المصرفية على الوجه الأكمل ويستقبل الجميع بالمراحب الحارة وهو سكندرى أصيل اختار أن تكون سكناه فى المكان الوحيد الذى يأخذه إلى ذكريات الطفولة والشباب فى الإسكندرية وهى مقاطعة «كروبيرون» التى تبعد عن لندن بالقطار ثلث الساعة فيها نفس الترام الذى يسير فى شوارع الإسكندرية وبها شوارع دارته كأنها منقولة من عروس البحر الأبيض ولكن عم إسماعيل لايجد فيها أحدا يشبه الأصدقاء والمعارف والجيران والخلان الذين سكنوا الإسكندرية وزينوا ذكرياته معهم بأجمل ما تكون الذكرى ولاينفى أن نتحدث عن المصريين فى بريطانيا فى هذا الشهر الفضيل دون أن نذكر حكاية الشيخ محمد السلامونى الذى يتذكره المصريون والعرب بالخير كله فقد كان هذا الرجل مبعوثا من الأزهر الشريف ليعمل إماما وواعظا بالمركز الإسلامى فى لندن وقد جاءه رجل معتوه ذات يوم وأمسك بمفتاح وقام بفقء عينيه ولم يتمكن حرس المركز الإسلامى من ضبط الرجل أو منعه من ارتكاب هذه الجريمة النكراء والأمر المريب والغريب أن مسئولا فى المركز حاول أن يطرح قضية الشيخ ولعب دوراً فى إبعاده من دخول الأراضى البريطانية عندما عاد الشيخ فى أجازة إلى قريته فى مصر ولكن أهل الخير فى اتحاد المصريين استطاعوا أن يعيدوا الشيخ وسكن فى المسكن الخاص بالدعاة والوعاظ فى المركز الإسلامى وفى نهاية الأمر نجحوا فى أن يحصلوا له على تعويض قدره 004 ألف جنيه استرلينى ونصحوا الشيخ أن يأخذ المبلغ ويعيش به فى بلده وكانت بلدية لندن قد قامت بتقديم تسهيلات للشيخ لمعاونته على الحياة بعد أن فقد عينيه فمنحته ساعة ناطقة وأيضا جهاز كمبيوتر ناطقا وعصا حساسة للسير وكان من المفترض أن يقوم بهذا المركز الإسلامى الذى تقاعس عن أداء مهمته الأمنية ثم أراد أن يتنصل من كل مسئولياته تجاه تعويض الرجل ولكن الفضل كل الفضل لأبناء الجالية المصرية واتحاد المصريين الذى تحول إلى مؤسسة ترعى مصالح المظلومين وتقف إلى جانبهم، وقد لمست بنفسى الخدمات الجليلة التى يقدمونها ليس للمواطن المصرى فقط، ولكن أيضا للوطن مصر.
ولهذه قصة أخرى.