الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

طـــراوى وموسيقـى الجمال والجسد

طـــراوى وموسيقـى الجمال والجسد
طـــراوى وموسيقـى الجمال والجسد


التقينا فى منتصف الثمانينيات فى مجلتنا الجميلة «صباح الخير»، وجمعتنا زمالة العمل بها ثم صداقة عميقة امتدت تلك السنوات حتى اليوم. ولذلك أتيح لى متابعة مشواره الفنى ورحلة تطوره عن قرب.
يعتبر الفنان طراوى أحد فرسان رسم المنظر فى حركتنا الفنية المعاصرة، قدم الكثير من المعارض منذ بداية التسعينيات وهو أحد القلائل الذين يجيدون الرسم بالألوان المائية، تلك الخامة الصعبة التى يهرب منها الكثير من الفنانين لصعوبتها، وذلك لما تتطلبه من حساسية ودقة ورؤية مسبقة لما يريد الفنان تنفيذه على الورق.
اشتهر الفنان طراوى فى معارضه بلوحاته المائية للبحر والنهر والمراكب الراسية فيه ومناظر سيوة وبحيرة المنزلة ومصر القديمة، يصورها بإيقاع شاعرى وبلمسات لونية سريعة وحاسمة ومليئة بالحساسية، يشبع لوحاته بجو لونى يميل إلى الأزرق الرمادى ومهتما بتحقيق الأفق وفضاء السماء فى مناظره التى يرسمها بحس انطباعى مشبع بالضوء، وهو يجنح للاختزال، ولذلك لم تكن مناظره تسجيلاً لمشاهد بقدر ما كانت بحثًا عن علاقة الزمان بالمكان، واقتناص اللحظة المناسبة لإبداع عمل فنى، والبعد عن التفاصيل كان هدفه، والمكان دوما يتغير شكله بتغير الزمن، فالمنظر فى الصباح يختلف عنه فى الظهر والمساء، ولذلك كان طراوى يحاول تسجيل المنظر الواحد فى ساعات مختلفة من الزمن.
 

 

وفى محاولته البحث عن الجديد ومنذ سنوات قليلة بدأ مرحلة جديدة من فنه، لقد ودع الرسم بالألوان المائية وتحول فجأة إلى التجريد مستخدما خامة ألوان الأكريلك.
وقد بدأ تجربته الفنية الجديدة برسم مناظر بها تلخيص شديد ومساحات لونية تختلف تماما عما كان يقدمه من قبل فى مشاهده المائية.
 

 

ولكنه سرعان ما طرق موضوعا جديدا وهو الجسد الإنسانى، حيث بدأ رحلة البحث عن جمالياته. لقد قدم فى لوحاته المرأة الريفية أو الصعيدية وحاول تلخيص الفورم تماما متجاهلا التفاصيل، فالشكل يتحول إلى مساحات لونية بها حس غنائى وأحيانا درامى مهتما فيها بتحقيق الهارمونى. وقد تتصارع الألوان خصوصا الأزرق التركواز مع البرتقالى، وقد تتآلف وتتناغم فى أحيان أخرى، وتتداخل الأشكال والمساحات فى لوحات طراوى من أجل البحث عن لغته التشكيلية الجديدة.
ومعرضه الذى يفتتح اليوم بقاعة الباب بمتحف الفن الحديث بالأوبرا يقدم فيه أحدث لوحاته فى رحلة البحث عن موسيقى الجمال فى الجسد الإنسانى.
كما يقدم لوحة بعنوان «حواريه» مع محمود سعيد عن بنات بحرى وذلك إعجابا واعترافا بمكانته على الساحة التشكيلية.