الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الصراع الأخير على تركة الإخوان

مرشد الجماعة الإرهابية فى السجن
مرشد الجماعة الإرهابية فى السجن

تعرّفنا فى الحلقة الماضية على طبيعة الانقسام الأخير داخل جماعة الإخوان، وانقسام وانشطار الجماعة إلى ثلاث جماعات، وهى: جماعة (إخوان أونلاين - الموقع الرسمى لجماعة الإخوان المسلمين ikhwanonline.com)، تعبيرًا عن جماعة محمود حسين، وإخوان سايت (الإخوان المسلمون https://ikhwan.site/ مُعبرة عن جماعة إبراهيم منير/ محيى الدين الزايط، بالإضافة إلى (المكتب العام الشباب) الفاقد للرمزية القيادية وتعبر عنهم صفحات الفيس بوك وكتائبه الإلكترونية.



واليوم نتناول جبهة إبراهيم منير المعروفة إعلاميًا بجبهة لندن، وهى التى لا تعترف بمجموعة محمود حسين فى إسطنبول وتعتبرها خرجت عليها وتعاديها، وقد خرجت خلال الأزمة الأخيرة فى 18 لقاءً إعلاميًا ما بين تليفزيونى وصحفى وعلى السوشيال ميديا موزعة كالآتى: 5 على قناة مكملين و4 على قناة الجزيرة و4 على تطبيق زوم، 3 لقاءات على قناة الحوار، 2 على موقع عرب 21.

 

 

 

قد أخذ الصراع والخلاف بين جبهة منير وحسين مظاهر عدة؛ حيث بادر الأول منير جبهة لندن فور القبض على محمود عزت بإلغاء منصب أمين عام الجماعة الذى يشغله محمود حسين، فور تلفظ الأخير بأنه الأحق بتولى منصب القائم بأعمال المرشد فى أحد الاجتماعات الخاصة وفى حضور قيادات إخوانية فى إسطنبول، فى المقابل قام مجلس شورى الإخوان مجموعة حسين بإعفاء إبراهيم منير من منصبه والاكتفاء بدوره فى إدارة شئون التنظيم الدولى، وهو ما حدا بالأخير بتحويل أعضاء المجلس الذين اتخذوا هذا القرار للتحقيق، وبالتالى ما دفع مجلس الشورى إلى استصدار قرار بأنه الجهة الوحيدة المنوط بها اختيار القيادات التنفيذية وأنه جهة غير قابلة للعزل.

لنصل إلى السؤال: هل بعد وفاة إبراهيم منير هل ستعود مجموعة منير لمجموعة حسين؟

 يتصور البعض أنه بوفاة إبراهيم منير القائم المؤقت بالأعمال أنه ربما ستتوحد الجماعة مرة أخرى أو ربما تتوقف التراشقات الإعلامية بينهم، وهنا يجب أن نحلل الواقع لندرك حقيقة اللحظة الفاصلة داخل الجماعة الآن، فمن خرجوا من الجماعة لهم مشاريع فكرية ولهم موقف من الجماعة يسعون لتحقيقها، وكان منير بالنسبة لهم مجرد رمز يلتفون حوله لتحقيق هذه المشاريع، فهل بوفاته انتهت هذه المشاريع؟

الحقيقة لا. سيبحثون لهم عن رمز جديد يحققون من خلاله مشاريعهم، ويحاولون الالتفاف حوله من جديد.

بديل منير ترى من هو؟!

منذ وفاة إبراهيم منير فجر الجمعة14-11-2022 ومجموعته مجتمعة سواء فعليًا أو عبر الاجتماعات الافتراضية لاختيار مسئول يحل محل منير، فلما لم يتفقوا قرروا الإبقاء على الدكتور محيى الدين الزايط (الذى يحمل وصية من إبراهيم منير لخلافته) لمدة مؤقتة حتى يرتبوا أمورهم ويتفقوا وقرر فى إعلان أنها مدة شهر، هناك صراع قائم بين مجموعة منير بالطبع منذ فترة حول من يخلف منير وأبرز خلفاء منير هم:

 

 

 

أسامة سليمان، وهو من جيل الشباب، عمل بالجماعة منذ نهاية الثمانينيات ويدير عدة شركات اقتصادية وعددًا من المدارس فى محافظة البحيرة، وشبكة كبيرة فى ألمانيا، ويعتبر كاتم أسرار مجموعة منير، يلاحظ منذ وفاة منير غيابه التام عن الشأن العام، بل وعدم الرد على وسائل التواصل معه، فقد كان المتحدث الرسمى للجماعة، ومع ذلك لم يعلن حتى تفاصيل الوفاة وملابساتها، فالرجل لم يظهر منذ شهور عدة، والرجل لم يخرج على الإعلام بصفته المتحدث الرسمى لإعلان وفاة إبراهيم، وهو ما يؤكد أن الرجل كان له حظ فى بعض المناصب وضاع الحلم تمامًا بالوفاة فحدث له إحباط.

الدكتور محمد الدسوقى،  وهو أحد معاونى إبراهيم منير ونائبه الأول قبل وفاته، ولكن الرجل نفسه لم يكن راغبًا فى أن يخلف منير على حد قوله للمقربين منه أو حتى أن يكون نائبًا له على حد قوله فى جميع الاجتماعات قد فاجأه منير بذلك قبل وفاته، كما أنه قد أجرى عملية قلب مفتوح منذ أسابيع قليلة قد يكون من الصعب معها تحمل تبعات كونه بديلًا لمنير، كما أنه لم يكن عضوًا فى شورى التنظيم العالمى وهذا سيفقدهم شرعية الشورى أمام مجموعة حسين فى الأساس. 

م. محمد البحيرى، ويعد هو المرشح الأول لخلافة إبراهيم منير، وذلك لكونه من الشخصيات التاريخية للجماعة جيل65، وإن كان ذلك لا يعجب شبابهم، فالرجل وصل عمره إلى ثمانين عامًا، وقد وعدوا الشباب بتمكينهم والتطوير والتغيير، والكل يعلم أن لا شىء تحقق على أرض الواقع من هذه الوعود التنظيمية، كما أنه كان أحد البدلاء (وليس الأصليين) فى التنظيم العالمى، وربما هذا يعطى المجموعة أملًا فى إضفاء شرعية على وضعه أمام مجموعة حسين بخلاف اتصالاته المتعددة بكثير من أفراد الإخوان وخاصة مجموعة حسين، وأنه شهد لصالحه فى أزمة الاتهامات التى وجهت لحسين من قبل مجموعات الشباب، ولكن تبقى لديهم عدة مشكلات كبرى ومنها على سبيل المثال:

 

 

 

•لا ينكر أحد من مجموعات الإخوان المختلفة أن البحيرى له دور كبير تنظيمى فى جماعة الإخوان، لكن المشكلة الحقيقية تنبع من أنه ليس شخصية قيادية فهو شخصية تربوية أو تاريخية ليس لها حضور سياسى وليس شخصية كاريزما له حضور القيادة أو صاحب رؤية مستقبلية.

• كما أن حالته الصحية لا تسمح له بالتحرك كثيرًا نتيجة عامل السن، فالبحيرى معروف عنه أنه لا يستطيع التركيز فى الاجتماعات ويحتاج دائمًا إلى معاون يثق فيه.

أما الدكتور حلمى الجزار، فهو النائب الثانى الذى عينه إبراهيم منير، ويتمتع بشعبية لدى فئة الشباب فقط وفى الفريق المنشق عن الجماعة فقط وله حضور كبير فى النشاط السياسى الخارجى باعتباره معروفًا إعلاميًا، ولكن لا يتمتع بنفس القبول لدى قيادات الإخوان، كما أن مشروعه بتحويل الجماعة لتيار وحل التنظيم سبب له حرجًا وعدم قبول للمجموعة المقربة من إبراهيم منير والتى تمسك بقوة بزمام الأمور فى الوقت الحالى، بخلاف أنه لم يكن عضوًا فى شورى التنظيم العالمى، وبالتالى سيفقدون الشرعية التاريخية إذا وصل إلى قمة المجموعة.

ويدير د.محيى الزايط شئون مجموعة إبراهيم منير حتى الآن بشكل مؤقت، والرجل كتبت له وصية معروفة من قبل منير، ولكنه لا يلقى قبولًا لدى الشباب بالمطلق، ولا يلقى قبولًا لدى مجموعة حسين بالمطلق، ولا يرون فيه شخصية قيادية تصلح لإدارة المشهد على الإطلاق، ناهيك عن الخلافات الدائمة مع مجموعة حلمى الجزار، وعدم سيطرته على انفعالاته وهذا يؤثر على اتخاذ القرارات، وهو أيضًا لم يكن عضو شورى التنظيم العالمى وبالتالى سيفقد مجموعة منير الشرعية.

وتردد بعض المواقع الإعلامية اسم القيادى صلاح عبدالحق عضو تنظيم 1965، والمتهم رقم 33 فى القضية الأولى مع سيد قطب وتشير مصادر إلى أنه هو الأنسب فى المرحلة الحالية، على أن يتولى محيى الدين الزايط مسئولية التنظيم المصرى بالداخل والخارج، ومحمود الإبيارى أمينًا عامًا للتنظيم الدولى. ويعد اختيار جبهة لندن لصلاح عبدالحق مرشدًا عامًا (قائمًا بالأعمال) بمثابة محاولة «هادئة» لاختيار شخص لا اعتراضات عليه، كونه مناسبًا ومقبولًا من كل الأطراف.

لكن الرجل يعيش فى المملكة السعودية وسنه تجاوزت السبعين عامًا، ويعانى من العديد من الأمراض العضوية المزمنة ولا يقدر على متابعة الاجتماعات التنظيمية، هذا فضلًا على عدم القدرة على السفر، ولو تم وضعه سيكون هناك مشكلات كثيرة فى المستقبل أهمها لن يثق أحد فيه لأنه سيكون هناك من يدير من وراء ستار.

 

 

 

شباب  الجبهتين

الحقيقة أن الشباب فى هذه المجموعات والجبهات سيكونون ضحية، وينقسمون إلى مجموعتين:

• المجموعة الأولى أصحاب رؤية كانوا يتمنون تحقيقها وأخذوا وعودًا بذلك، ولكنها لم تتحقق، وللأسف لن تتحقق طبقًا للرؤية المستقبلية بتولى كبار السن والقيادات التاريخية للأمور على حد وصفهم، وهؤلاء سيتفلتون ويحبطون بعدم تحقيق ما وعِدوا به.

•المجموعة الثانية: لا يعلمون عن دعوة الإخوان شيئًا ولم يتربوا فى أحضان الإخوان التنظيمية ويرتبطون بهذه المجموعات بسبب بعض الأنشطة أو المنافع الشخصية، وبمجرد توقف التمويل سينفكون وينفضون من حولهم.

وهنا أقول سيكون الحصان الأسود فى هذه الحالة هو المكتب العام لهؤلاء الشباب سيمنعهم كبرياؤهم أو خصومتهم للعودة إلى حضن الجماعة (بالرغم من فتح باب العودة الدائم لكل من يريد العودة بشروط)، فلن يجدوا أمامهم غير المكتب العام لينضموا إليه إما محاولة لإرضاء النفس بأنهم داخل تنظيم ولهم دور فاعل، أو أملا فى الحصول على منفعة جديدة.