السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
إجـابـــة ممنـــوع نشــــرها

إجـابـــة ممنـــوع نشــــرها

مزنوق- وهى فصيحة بجدارة- فى كلمتين. صار لى فترة غير قصيرة وهما محشورتان فى حلقى، وترددت كثيرًا فى فك زنقتى، لأسباب تتراوح بين «الباب الذى يأتيك منه الريح» وبين «المخوزق يشتم السلطان»، ثم بينهما وبين خشية غضب وزعل أصدقاء لا يمكن التفريط فى صداقتهم بسهولة.



والحكاية وما فيها أننى عشت زمنًا يحسب بالعقود فى زحام العمل العام السياسى والاجتماعى وأيضًا الثقافى، وعرفت عن قرب عينة من الخلق لهم طريقة محددة فى علاقاتهم بالمكان والزمان والناس، ولا أعرف أن أطلق عليها اسمًا محددًا، إذ يحرصون، وبإصرار، على بعزقة أى هيبة وأى احترام وأى خصوصية وأى ضوابط عامة أو خاصة، قانونية أو عرفية أو أخلاقية، ويظلون على إصرارهم ويتصاعدون به، حتى لا يكون لدى الآخرين أى بديل سوى التصدى لهم وبدرجة العنف نفسها، إن لم يكن أكثر منها، فإذا حدث- وهو المطلوب- أن مُنعوا من الاستمرار وعوملوا بخشونة- قد تصل للطرد القسرى من المكان- صاحوا وتحشرجت هتافاتهم ضد الفاشيين المباحثين الشموليين العملاء، وهتافات أخرى تنعى وتندب الديمقراطية الذبيحة والحرية الصريعة، ثم هتافات متممة تمجد أنفسهم كشهداء وضحايا، لتكتمل اللوحة التى أرادوها، ثم يصبح لديهم رصيد كافٍ لحكايات نضالهم وبطولاتهم وتضحياتهم.

وكان لهؤلاء «الزملاء» سَمت خاص متكرر، ومن عجب أن قسماتهم الخِلقية- بكسر الخاء- متقاربة أيضًا، فالشعر كثيف وطويل ومنكوش متصل من اللحية للرأس، والملابس لم تغسل ولم تُكوَ منذ ارتدائها أول مرة، ربما قبل سنوات، والرائحة يختلط فيها النيكوتين مع عرق الجسم، والأحذية من نوع لا يحتاج لتلميع، وإذا احتاج فلا استجابة وليبق كالحًا مترّبًا، والأظافر طويلة حبتين، والكوفية حول الرقبة معظم شهور السنة!

وكان الزملاء يعمدون إلى اقتحام الأماكن التى تنعقد فيها المؤتمرات أو الندوات، حتى وإن كان المنظمون قد فتحوا باب المشاركة لمدة سابقة ثم أغلقوه عندما تم العدد، أو عندما لم يتقدم غير من سجلوا.. فإذا مُنعوا علا الصوت والصراخ والهتاف للمطالبة بالدخول.. فإذا دخلوا والمتحدثون والمستمعون كلٌّ فى مكانه المخصص، حرص الزملاء على الوقوف فى الممرات وبالقرب من المنصة والميكروفون، ودون أى مقدمات تستدعى الهتاف الساخن المستفز يبدأ النعيق، ولكل مرحلة من التى عشناها نعيقها، حتى وصلنا لما بعد منصة العرض العسكرى، فكان الهتاف المفضل أيام مبارك هو: يا مبارك يا مبارك المنصة فى انتظارك!.

وذات مرة، كنا فى ندوة بحزب التجمع، موضوعها بعيد تمامًا عن السياسة اليومية، وفى الصف الأول من الحضور كان يجلس خالد محيى الدين ومحمد فائق وآخرون من الوزن ذاته، وفجأة طلع سيخ فيه كل المواصفات التى ذكرت بعضها، وخطف الميكروفون المخصص للمتداخلين فى الندوة، وأطلق عقيرته بذلك الهتاف وأضاف إليه تحسينات أكثر بذاءة، بأن وجّه سبابًا لوالد الرئيس وأسرته، وانتفض الجالسون فى الصف الأول، الذين يجمعون بين أنهم رموز معارضة وقادة ثورة يوليو ورجال دولة سابقون، وتصدى بعض الحضور لذلك السيخ وتكاثروا عليه لأخذ الميكروفون وطرده من القاعة، وأُخرج ومعه أسياخ آخرون ليهتفوا ضد الفاشيين الديكتاتوريين العملاء!

أسوق كل ذلك لأصل إلى أن المناحة الدولية على أحد المحكوم عليهم بحكم قضائى عبر عدة درجات تقاضٍ هى مناحة زائفة، يتعمد أصحابها تحقيق هدف متفق عليه، هو انهيار الدولة المصرية، وفقًا لمبدأ نظرى شهير فى بعض المدارس الشيوعية الفوضوية، هو نظرية فناء الدولة، التى هى عندهم أداة قهر طبقى، وتعبر عن القمع السلطوى الذى لابد أن يزول حتى ينطلق الصراع الطبقى لآخر مداه ويحقق ديكتاتورية الطبقة العاملة.

ولقد شاهدت بعينى وسمعت بأذنى ذلك الشخص وهو يهتف بشتائم سباب لرئيس الدولة وأبويه.. ويهتف مطالبًا بقتل كل ضباط وجنود الجيش والشرطة وعائلاتهم وأبنائهم.. ثم قرأت بأم عينى على صفحته وتغريداته وهو يشتم أمًا مصرية راح اثنان من أبنائها، وهما ضابطان، على يد الإرهاب المسلح، وطالب حضرته بأن يتف عليها «يبصق» لأنها بنت كذا لأنها أنجبت اثنين ضباط، وطالب بقتل أبناء أفراد القوات المسلحة والشرطة.. ثم بعد ذلك كله يعتبر شهيدًا وضحية للدولة المستبدة، وتتحرك المنظمات إياها وآخرها البرلمان الأوروبى. ومعلوم مَن وراء هذا التحرك.. ولذلك ترى هل يمكن القبول بأن كل مجرم جنائى يجد سندًا خارجيًا يطالب بالإفراج عنه، يتم تنفيذ الطلبات وفورًا والضرب بالأحكام القضائية وهيبة ووجود الدولة المصرية عرض الحائط؟!

وهل يمكن القبول بعودة الامتيازات الأجنبية والقضاء المختلط كرامةً لعيون من حصلوا على جنسيات أجنبية؟! إن الإجابة عندى ولن يسمح الناشر بأن أكتبها لأنها خليط إسكندرانى مشهور.

نقلا عن المصرى اليوم