الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
 أنستونا.. وصية كاميليا التى أنقذت «زلابية»

إستراحة مشاهد

أنستونا.. وصية كاميليا التى أنقذت «زلابية»

مسرحية «أنستونا» للمخرج خالد جلال والمنتج محمد أحمد السبكى خرجت لتنفى الصورة المغلوطة للمسرح التجارى, فهى تؤكد عكس هذه الصورة تماما، عرض تجارى لا يغازل الجمهور الخليجى الذى يحل ضيفا عزيزًا على مصر، والدليل أن العرض لم يذهب أولا إلى مسارح الرياض كما يحدث مع مسرحيات عديدة تعرض هناك بنجوم مصريين ولا يراها المصريون هنا. عرض جاء ليؤكد أن تعبير  «مسرح تجارى» نفسه يحتاج إلى إعادة مراجعة، مثله مثل «السينما النظيفة» و«السينما المستقلة» وغيرهما من المصطلحات التى فرضت نفسها.



«أنستونا» عرض يناسب كل فئات الجمهور، يحمل اسم «السبكى» نعم لكنه لا يرتبط أبدا بسلسلة أفلام حصرت المنتج الشهير فى حيز ضيق لعدة سنوات، قبل أن يدرك بذكائه أهمية تغيير البوصلة. تميز عرض «أنستونا» بخلطة فنية جعلته لا يحتاج لأخبار من نوعية أنه «كامل العدد» كل ليلة، فالجمهور أدرك تلك الحقيقة بنفسه عندما يجرب الحجز الإلكترونى ولا يجد تذاكر، ولم نر نجومه يدعون النجاح عبر منصاتهم على السوشيال ميديا، فالخلطة الفنية المصنوعة بعناية وفرت عليهم كل هذا العناء، بداية من اسم خالد جلال الذى عاد ليؤكد قدرته على توفير الجاذبية لأى عمل مسرحى يتصدى له، سواء كان الأبطال مواهب مكتشفة من خلاله، أو نجومًا بحجم دنيا سمير غانم وبيومى فؤاد وسامى مغاورى وغيرهم من نجوم «أنستونا». التأليف لكريم سامى وأحمد عبدالوهاب يشير من جديد لثنائى كوميدى أتمنى ألا ينفصلا ويكملا المشوار لما هو أبعد من ذلك، أما على مستوى التمثيل فكانا مفاجأة الجمهور الذى اندهش معظمه من أن «مدرس الموسيقى» و«معلم اللغة العربية» هما أيضا مؤلفا العرض الذى لم يشهد «إيفيه» واحد خادشًا للحياء.

على مستوى التمثيل، أكدت دنيا سمير غانم ما ذهب إليه الكثيرون منذ سطوع نجمها، نحن أمام فنانة قادرة على تحمُّل البطولة المطلقة، مشروع حقيقى لنجمة من العيار الثقيل تحتاج فقط لمزيد من الوقت، ولأن تعطى إدارة موهبتها لمن يقدرها ولا تحصرها فى منتج واحد على الأقل فى هذه المرحلة، دنيا قدمت شخصيتين؛ «كاميليا» و«زلابية» بتميُّز كبير، وغنت ورقصت بمرونة فائقة، أضحكت الجمهور تارة وساعدت زملاءها على الإضحاك تارة أخرى، وإلى جوارها الممثل الذى لا تمل من مشاهدته بيومى فؤاد فى شخصية المايسترو الذى يتبنى «زلابية» تنفيذًا لوصية «كاميليا»، لكنه لا يتبناها بمفردها بل بكل سكان حارتها، فينقذها من واقعها الذى تعيش فيه. أداء كوميدى راقٍ للمخضرم سامى مغاورى، وإلى جواره كريم عفيفى فى شخصية الخطيب المستغل، وعمرو عبدالعزيز مدير الأعمال، ومريم السكرى زوجة الأب، وبسنت صيام مدير منزل المايسترو، والثلاثى الصاعد صلاح الدالى صاحب الأداء الممتع وخالد إبراهيم البلطجى خفيف الظل وبائع الفول عبدالعزيز التونى، وكلهم من خريجى مدرسة خالد جلال الذى نجح فى إعطاء كل ممثل مساحة تناسب موهبته، ومنحهم جميعا القدرة على إضحاك الجمهور كل حسب دوره، وهو أمر لم يكن ليحدث لولا نص وازن بين الشخصيات ولم ينحاز للنجمة التى بدورها لم تشترط أن تكون هى فقط محور العمل.

يضاف لكل ما سبق أشعار أيمن بهجت قمر التى خدمت الدراما وعبرت عن مضمون العمل بحساسية فائقة، وإن كانت تصلح فى الوقت نفسه للاستماع إليها بعيدًا عن المسرحية وهو ما يميز معظم أشعار «قمر» الدرامية بشكل عام، تضمنت المسرحية 5 أغنيات من ألحان عمرو مصطفى وتوزيع نابلسى هى «على باب الدار»، «سيكى ميكى»، «هتغنى»، «اتنقلنا نقلة»، والختام.

كل ما سبق لا يمكن أن ينجح دون فكرة وهدف، والعمل رغم كون الإضحاك مقصده الرئيسى، لكن عالج قضية مطربى المهرجانات من زاوية مختلفة، وجمع بين الفن الكلاسيكى والمعاصر من مدخل متخيل لكنه مقبول للغاية، حين ربط بين شخصية الجدة «كاميليا» والحفيدة «زلابية» بحيلة لا داعى لحرقها هنا، فهذا النوع من المسرحيات يفضل أن تشاهده لا أن تكتفى بمعرفة الملخص.