الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

وجوه مصرية مشرفة فى Cop27

سفــــراء الظـــل!

يمنى
يمنى

بقدر ما يزخر مؤتمر قمة المناخ «Cop27» بالرؤساء والقادة والوفود على أعلى مستوى إلا أن بين أروقته وجوها أخرى مشرفة تمارس دورها مهما كان يبدو بسيطًا وتقليديًا بحماس ومسئولية تجاه مجتمعها وبلدها مثل أستاذة جامعية تمارس دورها من خلال مؤسسات المجتمع المدنى.. شباب متطوع يشعر بالفعل أنه «متطوع بدرجة سفير» وسيدات محاربات للفقر والجهل والهجرة غير الشرعية.. هؤلاء وهم يغادرون شرم الشيخ سيعودون بصورة جديدة تحمل بصمة مؤتمر المناخ.



 

فى المنطقة الخضراء.. المصممة وكأنها زهرة اللوتس التى تحيط بها الأشجار والأزهار فتبدو المنطقة الخضراء «اسما على مسمى»، بل ستلحظ عند وصولك لها أن كل المبانى بها تتكون من الأقمشة المستدامة المعاد استخدامها، بالإضافة إلى الأخشاب والفلين، وتتوزع بين أرجائها أعمال فنية من مواد «معاد تدويرها» وتضم المنطقة الخضراء منطقتين أساسيتين، منطقة المعرض ومنطقة الخيام والتى تضم 5 خيام.

 

أعمال جديدة ومتميزة على هامش المؤتمر
أعمال جديدة ومتميزة على هامش المؤتمر

 

المحاربات

فى الخيمة المخصصة للمنظمات غير الحكومية والجمعيات المدنية لفت نظرى معروضات يدوية متنوعة من أعمال نحاس وكروشيه ومكرميات ورسومات يدوية على شنط وشيلان غاية فى الأناقة والجمال.

كانت تجلس كل من أسمهان أحمد وكاميليا أبو السعد وبثينة حسين وأميرة صالح على منضدة عليها الخامات التى يعملن بها بدقة وبحماس لأكتشف أنهن مشاركات فى المعرض تحت إشراف المجلس القومى للمرأة فى مشروع «معالجة الدوافع الاقتصادية للهجرة غير الشرعية»، وهو مشروع يتم تمويله من الاتحاد الأوروبى ويهدف إلى التمكين الاقتصادى للسيدات والشباب من خلال تدريبهم على بعض الحرف اليدوية والمشروع يساعدهم بعد هذا التدريب على التسويق من خلال المعارض التى يشارك فيها المجلس القومى للمرأة، بحيث يضمن هذا المشروع لكل رب أسرة دخلاً يعينه على تحمل أعباء الحياة.

ولقد تم اختيار المشاركين بالمشروع من خلال 4 محافظات وهى المحافظات التى تشهد أكبر هجرة غير شرعية، وكما أوضحت «مى محمود» مدير المشروع أن المشروع مدته 3 سنوات وقد بدأ العمل به منذ شهور قليلة، حيث تم اختيار 25 سيدة من كل محافظة «البحيرة، المنيا، الأقصر، الغربية»، وقمنا بتدريبهن على الحرف التراثية المشهورة بكل محافظة وتمت تصفيتهن بعد خضوعهن لتدريب مكثف إلى 15 سيدة هن أكثر جدية وتميزا والتزاما، ثم قمنا بتدريبهن تدريبًا متقدمًا وتم إعداد 60 متدربة، وسنبدأ معهن بعد عودتهن من مؤتمر المناخ مرحلة «ريادة الأعمال» تمهيدا لتهيئتهن لعمل شركات صغيرة يملكنها.

وبالإضافة لهذا المشروع هناك أيضا مشروع «تنمية الأسرة المصرية» وهو يتم فى إطار برنامج «حياة كريمة» وينفذ فى 20 محافظة بهدف التمكين الاقتصادى للسيدات والتدريب الإنتاجى فى مجال «الجلود، الخيامية، الأخشاب».

 

د. هالة يسرى
د. هالة يسرى

 

فرصة من ذهب

تقول أسمهان أحمد من محافظة البحيرة، قرية كوم البركة: «أول مرة فى حياتى أشتغل وأشارك فى معارض وأسافر شرم الشيخ، أنا ربة منزل وعندى 4 أبناء وتعلمت شغل النحاس «حلق - إسورة - سلسلة» عايزة أرفع مستوى أولادى ليكونوا أحسن منى.. والحقيقة أن جوزى وأولادى دعمونى وفرحوا بيا جدا وشجعونى على الشغل والسفر».

كاميليا من قرية دلجة مركز ديرمواس محافظة المنيا تقول: «أنا كان ليا فى الخياطة، لكن أول مرة أتعلم الطباعة على الملابس.. أول مرة أفسدت الخامات كلها.. لكن قلت لازم أتعلم وفعلا بعد التدريب مستوايا اتحسن كتير.. الطباعة على القماش حتخدمنى فى الخياطة.. وفى مركز التدريب بنتعلم ونشجع بعض.. أصل دى بصراحة خدمة كبيرة جدا وبتتقدم لنا على طبق من ذهب بيجيبونا فى عربيات مخصوصة ويعطونا بدل ويوفروا لنا الخامات والتدريب وحيدربونا على إزاى نسعر منتجاتنا ونسوقها كمان».

بنظرات إعجاب وفخر تقول «أسماء الدجوى» مدربة الطباعة والتطريز اليدوى: «الحقيقة هناك استجابة هائلة من المتدربات فاقت كل توقعاتنا ويكفى دليلا على ذلك أننا فى خلال 16 يوم تدريب لـ16 سيدة حصلنا على 90 نقطة متميزة جدا من سيدات محافظة المنيا، ورغم أن معظمهن يحضرن لموقع التدريب فى ساعتين ويرحلن فى ساعتين أيضا، لكن رغم المشقة لم تعتذر أى منهن وكثفن مجهودهن لتحقيق هذه الأعمال الفنية الراقية، أنا أسميهن «المحاربات».

أما بثينة حسين فهى من الأقصر تقول: «باشتغل مكرميات وكروشيه.. لكن فى المشروع اتعلمت الشغل الحديث وأنتجت أشكال وحاجات أحلى بكتير جدًا.. والدى ووالدتى وزوجى بيشجعونى وحاسين إنى باعمل حاجة حلوة ومفيدة معنويا وماديا».

أميرة 21 سنة طالبة بكلية التربية جامعة المنصورة، والدتها شجعتها على المشاركة فى المشروع تقول: «أول مرة أمارس أعمالا يدوية.. أنا كنت متفرغة للتعليم، لكن أنا تعلمت واستفدت حتی أصبحت أجيد الرسم على الشنط والشيلان وبفكر إزاى أعمل مشروع خاص بى بعد التخرج».

المجتمع المدنى هو الفائز

بوجه بشوش وابتسامة لا تغيب وصوت رقيق وبود صادق تتعامل «د. هالة يسری» أستاذ علم الاجتماع سواء وهى على منصة أى فعالية بالمؤتمر أو وهى تتناقش مع الحضور خارج قاعات الندوات.

الاستعداد للمؤتمر بدأ منذ فترة كبيرة جدا ليس فقط على مستوى الاستعداد الشخصى، بل أيضا المؤسسى، وذلك من خلال انتمائى كعضو فى «مجلس أمناء المنتدى المصرى للتنمية المستدامة» الذى أطلق مبادرة وطنية. «بلدنا تستضيف قمة المناخ» هذه المبادرة التى أطلقت فى كل محافظات مصر وانطلقت منها منصات إقليمية بالمحافظات، كان من أهم أدوار هذه المنصات الإقليمية مناقشة المشكلات البيئية وتحديد الاحتياجات الفعلية وترتيب أولويات الأجندة البيئية على مستوى كل محافظة بحثا عن حلول غير تقليدية لمشكلات ملحة ومهمة بدعم من المسئولين بكل محافظة والبحث عن سبل لتمويلها وتنفيذها على أرض الواقع.

أما على المستوى الشخصى فالاستفادة «عابرة للقارات» فقد تمكنت من خلال المؤتمر من توسيع شبكة العلاقات الإنسانية والبحثية لى مع حرصى على إبراز دور مصر لجميع المشاركين من الدول العربية والأفريقية ودول العالم لتقديم نموذج مصرى متفرد للفكر التنموى من خلال المبادرة الوطنية «بلدنا تستضيف قمة المناخ» باعتبارها نموذجا يجب أن تتبناه وتطبقه الدول النامية حتى ترتقى فى أدائها لتوصيل صوت الناس لصناع القرار وكيفية المزج بين العمل المدنى والمؤسسات الرسمية.

كما أننى أحرص على حضور هذا المؤتمر بكل ما يضمه من مشاركات دولية وتجمع لكل دول العالم من الأمور التى تضيف لى الكثير فرغم مشاركتى البحثية بالمنظمات الدولية وتواصلى مع قامات علمية متخصصة فى مجالات بحثية عن «النوع الاجتماعى والتصحر» «التغير المناخى ومدى المرونة والتأقلم فى المناطق الصحراوية»، فإننا فى بلدنا ووسط دول العالم أجد الفرصة سانحة للمجتمع المدنى وأنا إحدى المشاركات من خلاله أن يظهر نجاحه فى إبراز أنشطته وقدراته على المشاركة والتفاعل، فبالتأكيد أننا نجحنا كمجتمع مدنى فى أن نتشارك المسئولية والحلول مع الجهات الرسمية التنفيذية ويكون لنا دور إيجابى فى مواجهة التغيرات المناخية وحماية البيئة.

إن مؤتمر «Cop27» هو ساحة اتسعت للجميع «40 ألف مشارك» ليقول كلمته من خلال وجهة نظره وتخصصه، ومن ثم فهو وسيلة ضغط على الدول المتقدمة لتحمل تبعات أفعالها التى أساءت للمناخ فتنفق أموالها على برامج التخفيف والتكيف للدول المضارة.

وتختتم د. هالة يسرى كلماتها قائلة بثقة: مصر بعد المؤتمر ستختلف كثيرا، لقد كنا على قدر المسئولية وأولادنا تدربوا على أعلى مستوى وتعاملوا فى كل المجالات واستطعنا عقد بروتوكولات ثنائية وأخری متعددة الأطراف ستمنح فرصا خضراء لبلدنا وستعود بالخير الكثير علينا، وأرجو أن يواظب أولادنا والأجيال الشابة على سبل المعرفة والتدريب حتى يكونوا على قدر المسئوليات التى ستفرضها المرحلة القادمة سواء علميًا أو ثقافيًا أو تنفيذيًا.

أحمد
أحمد

 

 

متطوع.. وأفتخر

لن تبحث عنهم طويلاً.. ستجدهم بجانبك بزيهم المتميز سيعرضون عليك تسهيل أى أمر أنت فى حاجة له.. معرفة قاعة.. انتقالات.. وغيرها كثير.. القاسم المشترك بينهم الحماس والرغبة فى تقديم المساعدة، هؤلاء هم المتطوعون من الشباب خريجى الجامعات والذين يجيدون عدة لغات.

يمنى.. خريجة كلية الآداب قسم إعلام الإسكندرية، دفعة 2022: أعمل فى مجال التطوع من وأنا عمرى 16 سنة وتطوعت فى مكتبة الإسكندرية وفى مناسبات دولية كثيرة.. أنا باعتبر نفسى سفيرة مصرية «على الأد»، اتدربت على قيادة السيارة الكهربائية لنقل الزوار من جناح لآخر وبأسعد كثيرا عندما تقول لى أى زائرة أجنبية فى دهشة: أنت متعلمة وبتتحدثى لغات عكس ما كنا نظنه عن المرأة فى بلادكم».

أما أحمد، 23 سنة، خريج كلية الهندسة فيقول: مررت باختبارات كثيرة حتى فزت بأن أكون متطوعا ومشاركا فى هذا الحدث العالمى.. أعمل بجدية وأتعامل مع الضيوف بكثير من الود وأشعر أن لى دورا مهما رغم أنه دور صغير جدا إلا أننى أشعر بأنى أساهم برسم صورة ذهنية حقيقية عن بلدى وشبابه وهى مسئولية كبيرة أبذل كل ما فى وسعى لأكون على قدر المسئولية.