الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أفــلام تنتصــر للإنـسانيــة

بوستر فيلم بعيدا عن النيل
بوستر فيلم بعيدا عن النيل

والمجلة ماثلة للطبع كان مهرجان القاهرة السينمائى فى الساعات الأخيرة قبل حفل الختام وكعادة الجدل الذى يحدثه المهرجان كل عام, وسط تساؤلات عن مدى نجاح تجربة «الدريس كود» التى كانت على رأس مساجلات هذه الدورة كان صدى بعض ما عرض من الأفلام هو الأعلى, كان الطابع الغالب على أفلام هذا العام هو القضايا الإنسانية البحتة، فالظروف السياسية التى ألقت بظلالها على كل جوانب الحياة كان لها تأثير كبير على صناعة السينما هذا العام، المهاجرون ومعاناتهم، الظروف الاقتصادية، الأحلام الضبابية ومحاولات البحث عن الذات ومحاولات تقبل الآخر وغيرها من قضايا طُرحت فى مجموعة من الأفلام المهمة فى عرضها العالمى الأول وأخرى فى عرضها الأول فى الشرق الأوسط.



 

 

 

فيلم الافتتاح

وسط جدل على مواقع التواصل بخصوص اسم ستيفين سبيلبرج افتتح بفيلم للمخرج الأمريكى المهرجان أفلامه «the fabelmans» تدور بداية أحداث الفيلم حول بعض الأحداث الحقيقية من طفولة ستيفن سبيلبرج ونشأته وتعلقه بالفن وشغفه تجاه الإخراج منذ طفولته بعد الحرب العالمية الثانية من سن السابعة إلى الثامنة عشرة. 

تدور الأحداث حول الطفل (سامى فابلمان) الذى يبدأ التعلق بالصورة وتوثيقها منذ سن صغيرة وتبدأ والدته فى مساعدته لتحقيق شغفه مقابل تعامل والده مع تلك الموهبة باعتبارها مجرد هواية حتى خلال فترة مراهقته تأكده أنه سيمضى عمره فقط لتحقيق حلمه بالعمل كمخرج وإنها ليست مجرد هواية. من خلال رحلته للتوثيق والاكتشاف وتطوير موهبته يكتشف سامى سرًا عن عائلته قد يؤدى إلى تدميرها كليا، من خلال كاميرته اكتشف حقائق خفية عن أقرب أفراد عائلته ويجعلنا هذا أمام واقع أن الفن يجعلنا فى مواجهة حقيقة الآخر وأنفسنا وكيف سنتقبل هذا! 

قدم سبيلبرج عددًا كبيرًا  من الأفلام خلال مسيرته ولكن الفيلم الأخير هو الحالة الأكثر خصوصية بالنسبة له وكان سبب تشوق الجمهور لمتابعته فهو يتناول جانبًا كبيرًا من قصته الشخصية الطفل سامى الذى أخذ يصور كل شىء وأى شىء بكاميرا صغيرة وقديمة ومن ثم المراهق الذى يستخدم أصدقاءه لتقديم مشاريع بسيطة ويوجههم كمخرج ويبدأ فى اللجوء إلى حيل بسيطة وحلول بدائية لتصوير مشاهد بشكل يرضيه ليبدأ الجميع ينتبه إلى موهبته الاستثنائية بمن فيهم والده الذى يخشى على مستقبله ويظل يقنعه أن هذه مجرد هواية وليست مهنة يمتهنها.  ولكن تكمن قوة الفن والإيمان به ولو أنه لم يعترف بهذا بشكل مباشر، عندما طلب منه أنه يصنع فيلمًا لوالدته من مجموعة مشاهد مجمعة من لحظات سعيدة لها لتتحسن حالتها النفسية بعد وفاة الجدة.

 

أفلام تناقش الإنسانية
أفلام تناقش الإنسانية

 

الأم الداعمة المحبة المفعمة بالحياة تلعب دورها ميشيل ويليامز تدعم ابنها بكافة الطرق، والتطور فى الشخصية بمنتهى البراعة حتى تفقد شغفها تجاه كل شىء وانكسارها لحظة أن يطلعها ابنها على سر قد اكتشفه يهدد سعادة أسرتهم! بول دانو فى دور الأب «بيرت فابلمان» رب الأسرة الناجح فى عمله الأب والزوج الحنون الذى يستوعب مزاجية زوجته وتقلب مشاعرهاودون استياء بل ويخلق لها الأعذار طوال الوقت. 

بعيدا عن النيل 

 ضمن مسابقة آفاق السينما العربية، عرض الفيلم الوثائقى المصرى «بعيدا عن النيل» للمخرج شريف القطشة. الفيلم تدور أحداثه حول فرقة قوامها  12 موسيقيًا من دول حوض النيل فى رحلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، يرصد لنا الفيلم أعضاء الفرقة طوال الرحلة من خلال جلساتهم وبروفات الرحلة وأجزاء من تلك الحفلات وتفاعل الجمهور فى أمريكا معهم من كل الأعمار وحتى فى المدارس وكيف تفاعل معهم الأطفال، نتابع رحلتهم ومحاولتهم للاندماج سويا وحتى فى لحظات الاختلاف والانفعالات، واختلاف اللغة والمواقف الطريفة وأحيانا القاسية التى يمرون بها سويا وكيف تذوب هذه الخلافات أمام حب الموسيقى وشغفها وأمام الفن الذى يقدمونه، وأن هذا هو الأسمى والأبقى. الموسيقى هى اللغة الواحدة المشتركة وهى التى تتجاوز كل الحدود وكل الخلافات بين الشخوص وحتى بين الدول. 

رحلة لمدة أربعة أشهر فى ظروف صعبة وساعات عمل طويلة وظروف مناخية مختلفة كلها عوامل ضاغطة على الأفراد وعلى حالتهم المزاجية، كل هذا تابعناه على مدار تسعين دقيقة. تقريبا موسيقى وأغانٍ من مصر والسودان وإثيوبيا وغيرها من فلكلور وأغانى دول حوض النيل، تحضير كل حفلة، ساعات سفر طويلة، تغيرات مناخية قاسية، رحلة اصطحبنا فيها شريف القطشة مع فرقة مشروع النيل وشغفهم. 11 فنانًا من بلدان مختلفة ولغاتهم مختلفة يشربون من نفس الماء ويتلاقون ويتفاهمون بالموسيقى، فهى التى تجمعهم ويتجاوزون بها كل الخلافات. 400 ساعة من المادة والتصوير، مونتاج وعمل استغرق قرابة العامين، عمل مختلف ومتميز شارك فيه الموسيقيون محمد أبوذكرى، وآسيا مدنى، عادل ميخا، ليلى ياسر، أحمد عمر، أحمد بريزة، نادر الشاعر ونازلى رضا.

فيلم الضحية
فيلم الضحية

 

أحلام كهربائية 

إيفا ابنة الـ16 عامًا تشعر بالقلق من كل المشاعر المضطربة الى تمر بها كمراهقة وكل المتغيرات النفسية والجسدية، وتسعى يائسة لمغادرة المنزل الذى تشاركه مع والدتها وأختها الصغرى والانتقال للعيش مع والدها المنفصل عنه، وهو فنان مبدع يرسم يكتب الشعر ويشرب كثيرا ويمر باضطرابات نفسية وعدم استقرار تجعله عنيفا أحيانا. يتناول الفيلم الجوانب المظلمة للأشخاص من ناحية وانعكاسها على علاقاتهم الأسرية من جانب آخر تعقيدات العلاقات الأسرية والعنف.

تتعرض إيفا لأحداث صادمة ومُقلقة يتعرض لها المراهقون فى كثير من الأحيان مع اختلاف الأمكنة والأزمنة مراهقة مضطربة أب يعانى منوازمات نفسية وعدم تحقق وأم تحاول جمع شتات الفتاتين ونفسها بعد تجربة الانفصال ويظهر ذلك فى مشاهد الأم وهى تقوم بدهان حوائط المنزل الجديد بنفسها واختيارها لألوان غرف الفتيات حسب شخصياتهن وما يليق بهن، كانت الصورة والأجواء فى الفيلم باهتة وضبابية كما هى أفكار الأبطال وأحلامهم وخاصة إيفا ووالدها المشتت  به.

لم يلق الفيلم الضوء على علاقة الأم وابنتها كما شاهدنا علاقتها بأبيها ومحاولاتها للخوض فى عالمه ومتابعتها للحفلات التى يقيمها ولجلسات إلقاء الشعر التى يحضرها وكأنها ترغب فى اختراق هذا العالم بسرعة، إيفا وأباها لديهما أحلام غير متحققة مع اختلاف الأسباب، فهى تواصل رحلة اكتشافها لنفسها وهو شاعر غير متحقق يبحث عن نفسه ورجل فى منتصف العمر يبحث عن امرأة وحبيبة ولا ينفك أن يصارح ابنته بهذا طوال الوقت لدرجة وصلت بها إلى السخرية منه.

مشهد من فيلم الإفتتاح
مشهد من فيلم الإفتتاح

 

الضحية

إيرينا مهاجرة أوكرانية تعيش فى التشيك مع ابنها وتجاهد بشتى الطرق للحصول على الجنسية لستطيع الحياة بشكل ملائم مع ابنها، تتعرض للاضطهاد طوال الوقت من أبناء البلد ويتم التعامل معهم كمنبوذين، يتعرض ابنها لحادث فيتم اتهام ابن جارتهم فى المبنى ويتم البحث عن الفتيان الذين هاجموه، وتبدأ الأم فى البحث عن الحقيقة ومن هاجم ابنها الرياضى خاصة بعد أن تعلم أن إصابته ستمنعه من ممارسة الرياضة التى كان يمارسها… ما بين إصابة ابنها وبين عملها اليومى وبين اختباراتها للغة ومحاولات الحصول على الجنسية تفاجأ بتعاطف من كل من حولها ومسيرات دعم لابنها وكل الضغوط تكتشف إيرينا مفاجأة تغير مسار قضية ابنها وتصبح بين خيارين كليهما صعب، هل تقول الحقيقة وتخسر كل شىء أم تستمر فى رحلتها وكأن شىء لم يكن . لأول وهلة نعتقد أن الضحية هو الابن الذى تعرض للضرب والأذى وأصبح مستقبله مهددًا كرياضى ولكن مع الأحداث نكتشف أن الأم أيضا هى ضحية لكل تلك الظروف التى تحاول التغلب عليها، وذلك كل المهاجرين الذين تجبرهم ظروفهم على تحمل تلك المصاعب لأسباب سياسية لا حيلة لهم فيها لا سيما مع تلك النظرة الدونية لهم من أبناء البلد وتهميشهم وإهانتهم بشتى الطرق.

أحلام كهربائية يناقش علاقة الأبنة بأبيها
أحلام كهربائية يناقش علاقة الأبنة بأبيها