الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فــن الحــوار مــع مراهـــق

مرحلة المراهقة من أهم المراحل التى يمر بها الأبناء وأشدها خطورة ومن أهم ما يحتاج إليه المراهق هو الحوار والتعامل مع الآخرين بصورة مريحة وجيدة؛ لذلك وضعنا بعض القواعد التى تساعدنا على إدارة الحوار الجيد مع المراهقين من أبنائنا؛ لأن مرحلة المراهقة ترتبط بصورة كبيرة بتقدير الذات واحترام الرأى لدى المراهق، فإن أى خلل فى تحقيق ذلك يؤدى بالمراهق إلى العديد من المشكلات النفسية والسلوكية والاجتماعية وخصوصا فى محيط الأسرة والوالدين.



 

وهناك بعض المعايير الجيدة لقيام حوار ناجح مع ابنى المراهق؛ مثل التحلى بالهدوء والاستماع الجيد له أثناء الحديث، كما يجب البُعد عن المقاطعة أثناء الحديث معه والتوقف عن أى شىء فعله أثناء الاستماع والإنصات بكامل الاحترام؛ بالإضافة إلى أن نتذكر دائمًا أن الحوار مع الأبناء لغرض التربية وليس لإثبات خطئه والانتصار عليه وإظهار أخطائه؛ وكذلك الاستماع مهارة وصفة أخلاقية يجب أن نتعلمها ويجب أن نتدرب على الاستماع لغيرنا لنبنى علاقة وطيدة وخصوصا مع المراهقين لأننا فى أشد الحاجة إلى بناء علاقة جيدة معهم، ولا تنسى أن تضع نفسك دائما فى مكان ابنك المراهق أثناء الحوار بينكما، اختر ما يناسبه من الكلمات ولا تهتم فقط بالانتصار عليه فى الحوار.

وحتى نقيم حوارًا  ناجحًا مع أولادنا المراهقين؛ يجب اختيار الوقت المناسب الذى نبدأ فيه الحوار مع المراهق فممنوع بدء الحوار فى حالة الغضب أو الإجهاد أو بعد نهاية يوم متعب للمراهق ولك حتى لا يتحول الحوار إلى معركة، فالوقت الصحيح للحوار يكون فى لحظة هدوء أو جلسة طويلة هادئة أو أثناء السفر والقيام برحلة مثلا، وفى أثناء الحوار عليك بالابتعاد عن التوبيخ والشدة والنقد المستمر الجارح . لأن الكثير من المراهقين يرفضون الرد على التوبيخ ويفضلون الانسحاب من الحوار ويكبتون مشاعرهم الغاضبة ومع الوقت يتحولون إلى الانطواء والانسحاب.

لذلك يجب اختبار الأسلوب المناسب للحوار واستخدام المصطلحات الحديثة للمراهقين طالما لا تتعارض مع القيم والأخلاق فلا مانع من استخدامها لتحقيق نتائج جيدة فى الحوار والإقناع للمراهق.

نراعى أيضًا أنه فى بداية الحوار مع المراهق بأسلوب يتفق مع قدراته وميوله والمرحلة العمرية التى يمر بها ونوعه سواء ولد ولا بنت؛ لا نخاطبه على أنه ما زال طفلا مثلا لا تقول له يا (صغيرى أو يا قلب ماما أو يا نونو أنت) لأنها لا تناسب طبيعية هذا المرحلة، فالمراهق يحتاج أن يشعر برجولته إذا كان ولدًا، وتحتاج أن تشعر بـأنوثتها إذا كانت فتاة.

فالولد يحتاج الدعم النفسى والمعنوى من الأب فيحدثه كرجل، ومن الأم أن تنظر إليه نظرة بلوغ ورجولة ودخول فى مرحلة جديدة.

وتحتاج الفتاة بالإضافة لما سبق أن يشعرها الأب أو الأخ بأنوثتها، فيقول لها بعض كلمات المدح والغزل المناسب والتى تشعر من خلالها أنها مرغوبة وهذا الأمر مهم جدا بالنسبة للبنت حتى لا تقع فى الفقر العاطفى.

وكذلك من أهم نقاط نجاح الحوار بينك وبين مراهقك مراعاة أن المراهق يحتاج دائما إلى تغيير فى لغة الحوار حتى لا يشعر بالملل أو الضيق أو التوتر، ونراعى أيضًا عدم فرض شخصيتنا كمربين على المراهق فى الحوار، فيجب أن يحمل الحوار معنى الحرية والحيادية فى الفكر والرأى ويساعد الآخر على التعبير عن نفسه وخصوصا مع المراهقين، مع الأخذ فى الاعتبار الفروق الفردية فى لغة الحوار بين الأبناء، لأن الاهتمام بالفروق الفردية فى التعامل وخصوصا بين الأبناء هو جانب مهم فى الحوار خصوصا وفى العملية التربوية عموما، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين لذلك فكل شخص منا له قدراته الخاصة التى تميزه عن غيره.

وأخيرًا هناك بعض النصائح التى تجعل من مراهقك صديقًا لك للأبد يستمع إليك ويعمل بكل ما تقوليه أو بكل ما ينصحه به والده وهى أولًا ألا تستغل موقفك لفرض الأوامر والتعليمات دون نقاش، وتذكر دائما أن الحوار للتربية وليس لإثبات خطأ ابنك المراهق فلا مجال للمكسب والخسارة، فالمكسب الحقيقى يعتبر فى الحوار الناجح فى حد ذاته، مع الأخذ فى الاعتبار أن الحوار مهارة مهمة يجب اكتسابها لأننا بأشد الحاجة إلى إقامة علاقة وطيدة مع المراهقين وإذا لم نستطيع فعل ذلك فعلينا باللجوء إلى الدعم النفسى، والحوار هو نبع دائم لا ينتهى مستمر باستمرار عملية التربية نفسها فهو سيظل قائمًا فى مجال تربية الأبناء ما دام هناك آباء وأبناء؛ ولكل مرحلة عمرية طريقة الحوار الخاصة بها والمناسبة لخصائصها ومتغيراتها؛ كما يجب إقامة علاقة صداقة حقيقية بين المراهق والمربى فالصداقة هى أفضل وسيلة للتعامل مع المراهق فالصداقة لا تكون بالكلمة لأن بعض الآباء يظن أنه أقام علاقة صداقة قوية مع المراهق بمجرد ما قال له هيا بنا نكون أصدقاء، وذلك غير صحيح، فالصداقة تكون بالعلاقة القوية المتبادلة والذى يبرهن على ذلك هو لغة الحوار وفن التعامل مع الأبناء، ومن أهم مقومات إقامة حوار ناجح هو البٌعد عن السخرية من المراهق أثناء الحوار فى حالة عدم إجادة المراهق الحديث أو التعبير عن مشاعره، ولكن نقوم بتشجيعه وتدريبه على إقامة الحوار بطريقة ناجحة.

وفى النهاية سوف يظل الحوار هو أفضل أساليب المعاملة والتربية الوالدية الإيجابية التى تحمى أبناءنا وخصوصا المراهقين من التمرد والشرود؛ فاحرصوا على تقبل أبنائكم كما هم؛ وحاولوا إرشادهم ونصحهم بحب شديد فى النهاية هم يشعرون بحبكم وخوفكم وحرصكم عليهم.