الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مطرب الشتاء والصيف

فوزى
فوزى

بعد أن قدم رحلة فنية زاخرة فى مجال الأغانى والسينما، رحل الفنان محمد فوزى عن عمر يناهز 48 عاما بعد أن أنهكه المرض، ومع بداية ثورة يوليو غنى لها «عيد الثورة عيد الأحرار» وساهم فى جمع التبرعات للمشروعات الداخلية.



 

تمت الصلاة على جثمانه 3 مرات فى 3 مساجد مختلفة
تمت الصلاة على جثمانه 3 مرات فى 3 مساجد مختلفة

 

 

وقبل وفاته بأسابيع، وجه رسالة شكر للزعيم جمال عبدالناصر، الذى أصدر قرارًا بعلاجه فى الخارج على نفقة الدولة، تاركًا رسالة كتبها قال فيها «إن الموت علينا حق .. إذا لم نمت اليوم سنموت غدًا، وأحمد الله أننى مؤمن بربى، فلا أخاف الموت الذى قد يريحنى من هذه الآلام التى أعانيها، فقد أديت واجبى نحو بلدى وكنت أتمنى أن أؤدى الكثير، ولكن إرادة الله فوق كل إرادة والأعمار بيد الله، لن يطيبها الطب ولكنى لجأت إلى العلاج حتى لا أكون مقصرًا فى حق نفسى وفى حق مستقبل أولادى الذين لا يزالون يطلبون العلم فى القاهرة.. تحياتى إلى كل إنسان أحبنى ورفع يده إلى السما من أجلى.. تحياتى لكل طفل أسعدته ألحانى.. تحياتى لبلدى .. أخيرًا تحياتى لأولادى وأسرتي».

وتابع: «منذ أكثر من سنة تقريبًا وأنا أشكو من ألم حاد فى جسمى لا أعرف سببه، بعض الأطباء يقولون إنه روماتيزم والبعض يقول إنه نتيجة عملية الحالب التى أُجريت لى، كل هذا يحدث والألم يزداد شيئًا فشيئًا، وبدأ النوم يطير من عينى واحتار الأطباء فى تشخيص هذا المرض، كل هذا وأنا أحاول إخفاء آلامى عن الأصدقاء إلى أن استبد بى المرض ولم أستطع القيام من الفراش وبدأ وزنى ينقص، وفقدت فعلا حوالى 12 كجم، وانسدت نفسى عن الأكل حتى الحقن المسكنة التى كنت أُحْقَن بها لتخفيف الألم بدأ جسمى يأخذ عليها وأصبحت لا تؤثر فى وبدأ الأهل والأصدقاء يشعرون بآلامى وضعفى وأنا حاسس أنى أذوب كالشمعة» .

تأميم شركته

فى عام 1961 تم تأميم شركته «مصر فون» التى كان رأس مالها 10 آلاف جنيه، وهو الحد الذى وضعته الدولة للتأميم، فقد كان نصيب شركة فليبس الأجنبية شريكته 50 %، الأمر الذى منح السلطات حق تأميمها لاستيفائها الشرط الثانى من شروط التأميم، وكان محمد فوزى يمتلك 25 % وأم كلثوم 25 %.

لم يكن يخاف الموت.. لكنه لجأ للعلاج حتى لايقصر فى حق نفسه
لم يكن يخاف الموت.. لكنه لجأ للعلاج حتى لايقصر فى حق نفسه

 

 

وعقب عملية التأميم، أصيب بعدة أمراض حتى وصل وزنه لـ 36 كيلو فقط، وأطلق على هذا المرض وقتها (مرض فوزى) كما أسماه الدكتور الألمانى الذى كان يباشر حالته ويعرف حاليًا (بتليف الغشاء البريتونى الخلفي)، وقيل أيضًا أنه أصيب بسرطان العظام.

ويشير المؤرخ الفنى أشرف غريب فى كتابه عن «محمد فوزي» لم يتوقف عن الغناء للثورة، ولم يترك حدثًا وطنيًا كبيرًا إلا وغنى له.. كما تغنى بالاشتراكية والعدالة وحقوق العمال وبكل مكاسب الثورة المصرية فى أكثر من أغنية وطنية» .

ويضيف «لم يغفل فوزى فى غنائه التوجه القومى الذى انتهجه عبدالناصر فغنى للكثير من الدول العربية فلوحدة مصر والسودان غنى «يا وادى النيل يا غالي»، وللعراق أبدع «تحية يا ابنة الرشيد»، ولثورة اليمن أنشد «الشعب لازم ينتصر» ولمشروع الوحدة بين مصر وسوريا والعراق سنة 1963 غنى «علم الثوار»، ولأفريقيا «أفريقيا شعبك حر».

تزعم فوزى أثناء رئاسته لجمعية المؤلفين والملحنين، حملة لجمع التبرعات من أعضاء الجمعية لصالح إعادة إعمار مدينة بور سعيد بعد العدوان الثلاثى سنة 1956، كما كان أكثر من  ساهم فى جمع التبرعات لدعم مشروعات ناصر الداخلية.

 

اشتهر بخفة الظل فى الواقع وفى التمثيل
اشتهر بخفة الظل فى الواقع وفى التمثيل

 

 وقام مع وفد الجمعية بتسليم الرئيس الراحل عبد الناصر شخصيا هذه التبرعات دون أن يتوقف عن المشاركة بالغناء فى الحفلات العامة التى ترتبط بمناسبات رسمية.

غنى محمد فوزى أغانى كثيرة عن 23 يوليو منها «عيد الثورة عيد الأحرار»، و«كان وإن» وأنشد أغنية «عامل من العمال» دعما لقرارات يوليو الاقتصادية وقال فيها «الله يخلى اللى خلى راسنا فى العالى أمن حياتنا وبلادنا الاشتراكية»، وبعد تأميم شركته لم يتوقف عن مدح الثورة فغنى فى عيد الثورة سنة 1961 أغنية «رشوا الملح» كلمات محمد على أحمد، يُحيى فيها الثورة المصرية وعبدالناصر.

وفى تصريحات له قال الدكتور منير نجل «محمد فوزي» إنه لم يسمع أباه يشتكى  من جمال عبد الناصر أو قال شيئا سلبيا عنه أو عن الثورة، موضحًا أن عبدالناصر، أصدر قرارًا جمهوريا فى 9 ديسمبر 1965 بعلاجه فى الخارج على نفقة الدولة وبعد رحيل محمد فوزى أقام عبدالناصر له جنازة رسمية وأوفد نائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة د. عبدالقادر حاتم نائبا عنه فى تشييع الجنازة.

وتابع: قبل أسابيع قليلة من وفاة فوزى وجه رسالة شكر قال فيها «أريد أن أشكر بحرارة السيد الرئيس، كنت أقرأ الصحف المصرية أكثر من 10 مرات وأستمع إلى الإذاعة وأشعر أنى فى بلدي».

 وفى حديث لفوزى لإذاعة الشرق الأوسط قال إن الأجانب لا يقولون له هل أنت من مصر؟ ولكن يسألونه أنت من عند ناصر؟ بيسموا مصر ناصر ودى حاجة جميلة جدا تحس فى أمريكا أو ألمانيا لا عارفين أنت إيه ولا من أى بلد لكن عارفين إن بلدك ناصر ودى حاجة لم نكن نحلم بها، وكان فوزى قد تلقى 800 خطاب من الشعب المصرى للاطمئنان على صحته وكان ذلك يبعث الفرح الدائم على روح الفنان فى مرضه».

بعد وفاة محمد فوزى كانت تركته تضم شقة فى برج جاردن سيتى وأخرى فى عمارة الايموبيليا وثالثة فى المعمورة بالإسكندرية.

جنازة فوزى

امتدت مسيرة الجنازة من ميدان التحرير حتى مسجد الحسين، وصُلى على الجثمان ثلاث مرات، الأولى فى مسجد عمر مكرم، والثانية فى مسجد الحسين، والثالثة فى الكحلاوى بالبساتين، حيث دُفن الفنان الراحل.

ولم يتخلف عن الجنازة حتى المرضى من الفنانين ولم يتحمل إسماعيل يس السير فى الجنازة فأغمى عليه، وأصر يوسف وهبى على توديع فوزى حتى المقبرة، وعند دفن الجثة أغمى على زوجته كريمة وأصيبت هدى سلطان بحالة ذهول وأصر المطرب محرم فؤاد أن يشترك فى حمل النعش قبل دخوله المقبرة واشترك المطرب محمد الكحلاوى فى قراءة القرآن مع المقرئين على المقبرة عند إنزال الجثمان، كما أصاب الإغماء تحية كاريوكا ومديحة يسرى وثريا سالم، وقامت وزارة الإرشاد القومى وهيئة الإذاعة وجمعية المؤلفين والملحنين بدفع مصاريف الدفن وإقامة المأتم.

رحل «فوزي» عن عمر 48 عاما وقد بلغ رصيد محمد فوزى من الأغنيات 400 أغنية منها حوالى 300 فى الأفلام من أشهرها «حبيبى وعينيه» و«شحات الغرام» و«تملى فى قلبي» و«وحشونا الحبايب» و«اللى يهواك اهواه» ومجموعة من أجمل أغنيات الأطفال التى أشهرها «ماما زمانها جاية» و«ذهب الليل طلع الفجر» وغيرها من الأغانى الخالدة .