الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مطرب الشتاء والصيف

محطات حياة الفنان محمد فوزى زاخرة بالنجاحات وبعض الإخفاقات، لكنه كان دائمًا ينتصر للفن وبه، فقد شارك فى 36 فيلمًا سينمائيًا، ودخل مجال الإنتاج لينتج 20 فيلمًا، وقدم الكثير من الأغانى الوطنية منها «بلدى أحببتك يا بلدى»، كما أنه كان صاحب لحن النشيد الوطنى لدولة الجزائر.



 

ورث الفنان محمد فوزى عذوبة صوته من والده المقرئ فوزى عبدالعال، وهو من مواليد 28 أغسطس عام 1918، فى قرية كفر أبوجندى التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، أما والدته فكانت (ربة منزل) لا تجيد القراءة والكتابة، وكان ترتيبه بين إخوته الـ21  من أصل 25 فتى وفتاة من بينهم الفنانة هدى سلطان والممثلة هند علام، فقد تزوج والده 4 مرات.

 

محمد فوزى وزوجته مديحة يسرى من أشهر ثنائيات السينما
محمد فوزى وزوجته مديحة يسرى من أشهر ثنائيات السينما

 

التحق محمد فوزى بمعهد فؤاد الأول للموسيقى فى القاهرة بعد أن أنهى مرحلة الإعدادية عام 1931، وتتلمذ خلال هذه المرحلة على يد الفنان محمد الخربتلى ابن مدينة طنطا، حيث تعلم منه  قواعد وأصول الغناء والتلحين.

ذاع صيت «فوزى الصغير» ابن الشيخ عبدالعال، كما كان يطلق عليه فى بدايات حياته، وفى إحدى إجازات الصيف طلبته إحدى الفرق الغنائية التى كانت تحيى حفلات بالموالد والأعياد، كى يكون مطربها ووافق فوزى وذهب مع الفرقة ليحيى مولد سيدى إبراهيم الدسوقى بكفر الشيخ مقابل  3 جنيهات فى الشهر.

بداية موفقة

غنى فوزى وقتها أغنية «خايف أقول اللى فـ قلبى» للموسيقار محمد عبدالوهاب، فنال تصفيقًا وإعجابًا غير مسبوق، وبعدها ترك «فوزى» طنطا ليسافر للقاهرة، ليلتحق بمعهد الموسيقى، حيث تم قبوله على الفور، ليرسل تلغرافًا لوالده، يخبره فيه بالتحاقه بالمعهد فلم يتلق منه ردًا، إلا أن  شقيقته الفنانة هدى سلطان كانت ترسل له سرًا مع البوسطجى جنيهًا واحدًا يعيش به طيلة الشهر.

 

يتابع الأعمال فى شركته
يتابع الأعمال فى شركته

 

وبعد عامين تخلى عن الدراسة ليعمل فى ملهى الشقيقتين رتيبة وإنصاف رشدى قبل أن تغريه بديعة مصابنى بالعمل فى صالتها، ليبدأ مشواره الفنى كمطرب، فقد كانت فرقة بديعة علامة كبيرة ومدرسة فى المسرح الاستعراضى، وكان من بين نجومها عبدالغنى السيد والمونولوجست إسماعيل يس، ومحمود شكوكو، وسيد سليمان، وثريا حلمى، ومن الراقصات حكمت فهمى، وببا عز الدين، وتحية كاريوكا، وسامية جمال، ومن المؤلفين أبوالسعود الإبيارى، وحسين حلمى المانستيرلى، وفتحى قورة، ومحمد فهمى إبراهيم، وعبدالعزيز سلام، ومن الملحنين عزت الجاهلى وفريد غصن، واللقب الذى أطلق على بديعة وقتها هو (ملكة المسارح)، وكانت فرقتها تعمل على مسرح (سويت ميلودى) فى شارع عماد الدين شتاء، ومسرح (كازينو الجلاء) صيفًا.

ظل محمد فوزى يعمل فى هذا الكازينو أكثر من سنة، إلى أن اصطدم بشروط «بديعة» التى كانت تحرم  علاقات الحب بين أعضاء فرقتها، لأنها كانت ترى أن العلاقات الشخصية تؤثر على سير العمل، وزاد من قناعتها بذلك واقعة ضرب المطرب محمد عبدالمطلب، أحد أعضاء فرقتها، لأحد الزبائن عندما اكتشف أنه يحب الراقصة حكمت فهمى، التى كان يحبها «عبدالمطلب»، وهى الواقعة التى تسببت فى فصله من الفرقة.

فى هذا الوقت، وقع «محمد فوزى» فى حب الفنانة لولا إحدى راقصات الفرقة الشقراوات، وعندما اكتشفت بديعة ذلك فصلت لولا لتبعدها عن طريقه فقدم لها فوزى استقالته تضامنًا مع الفتاة التى أحبها، مضحيًا بالراتب الكبير الذى كان يتقاضاه.

 

افتتح أفلام محمد فوزى عام 1947
افتتح أفلام محمد فوزى عام 1947

 

لم يجد «فوزى» أمامه إلا أن يكون مع لولا فى فرقة تطوف مدن وقرى مصر لتقديم عروضها، وطلب من الفنانة فاطمة رشدى أن تتوسط  لدى أختيها رتيبة وأنصاف لتعمل حبيبته «لولا» فى فرقتهما الاستعراضية واكتشفت فيه فاطمة موهبة التلحين فطلبت منه أن يضع لها بعض الألحان المسرحية والاسكتشات التى كانت تقدمها مع زوجها عزيز عيد، فكانت أول من غنت ألحانه فى المسرح والسينما والإذاعة.

وعقب تركه فرقة «بديعة مصابنى» عمل فى الفرقة القومية للمسرح التى قرر أن يحيى من خلالها أعمال الفنان سيد درويش خاصة بعد أن أصبح بديلاً للمطرب إبراهيم حمودة فى مسرحية شهرزاد، أخفق فى العرض الأول على الرغم من إرشادات المخرج زكى طليمات، الأمر  الذى أصابه بالإحباط، خاصة أن الجمهور هاجمه بشدة فاختفى بعض الوقت إلى أن عرضت عليه الممثلة فاطمة رشدى التى كانت تميل إليه وتؤمن بموهبته العمل فى فرقتها ممثلاً وملحنًا ومغنيًا فلبى عرضها.

سنة أولى سينما

ابتسم لـ«فوزى» الحظ فقد طلبه يوسف وهبى لكى يقدم دورًا صغيرًا معه فى فيلم «سيف الجلاد»، يمثل دورًا صغيرًا ويلحن أغنيتين،  ومن بعده توالت النجاحات إلى أن شارك فى فيلم «أصحاب السعادة» الذى حقق نجاحًا ساحقًا، وكان شرط مشاركته هذا الفيلم أن يخضع محمد فوزى لعملية تجميع يعدل من شفته الغليظة.

نجاح الفيلم دفع «محمد فوزى» لتأسيس شركته  السينمائية التى حملت اسم «أفلام محمد فوزى» فى عام 1947 ليقدم من خلالها 36 فيلمًا سينمائيًا غنائيًا، أهمها: «كل دقة فى قلبى، بنات حواء، الساحرة الصغيرة، ضربة القدر، صاحبة الملاليم، ليلى بنت الشاطئ»، وغيرها من الأفلام التى حققت نجاحًا كبيرًا وقت عرضها، ولم يقتصر دوره فى المجال السينمائى على التمثيل والغناء فقط، وإنما شارك فى كثير من الأفلام الناجحة بألحانه مثل ألحان: «أفلام سوق السلاح، وتمر حنة، وصراع مع الحياة»، بالإضافة إلى إنتاجه العديد من الأفلام منها: ورد الغرام، العقل فى إجازة، حب وجنون، متفوقًا على فريد الأطرش الذى قام ببطولة 33 فيلمًا.

أنتجت شركة «أفلام محمد فوزى» 20 فيلمًا كان أولها: «العقل فى إجازة» مع ليلى فوزى وتعرض لخسارة فادحة بعد فشل فيلمى (نهاية قصة) و(بابا عريس) اللذين تم تصويرهما بالألوان الطبيعية.

 

أنتجت شركته 36 فيلما غنائيا
أنتجت شركته 36 فيلما غنائيا

 

كان أول أجر حصل عليه محمد فوزى من السينما 150 جنيهًا فى فيلم «سيف الجلاد»، وأعلى أجر كان 2500 جنيه فى أفلام «عدو المرأة» و«صاحبة العمارة» و«مجد ودموع»، وقدم مجموعة كبيرة من الأغانى الوطنية أشهرها: بلدى أحببتك يا بلدى، وأغانى دينية أشهرها (يا تواب يا غفور) و(إلهنا ما أعدلك)، كما أنه صاحب لحن النشيد الوطنى للجزائر، وكتب أغانيه أشهر شعراء عصره مثل على محمود – أحمد رامى – بيرم التونسى – فتحى قورة – أبوالسعود الإبيارى – عبد العزيز سلام – مأمون الشناوى – بديع خيرى.