الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
إخوان أوروبا فى مهب الريح

إخوان أوروبا فى مهب الريح

تداعيات طرد الإخوان من المجلس الأعلى لمسلمى ألمانيا مستمرة، الإخوان فى أوروبا فوق البركان.



 

 

الأسابيع الثلاثة الماضية لم تكف الصحافة الأوروبية عن أحاديث ما بعد العاصفة كما أسموها.

إجراءات الحكومة الألمانية منتظر لها مزيدًا من إجراءات تكميلية خلال الفترة القادمة على مستوى التشريع.

متوقع من إجراءات ألمانيا أن تدق المسمار الأخير فى نعش جماعة الإخوان الإرهابية على الأراضى الألمانية.

منتظر أن تلحق النمسا وفرنسا بإجراءات مشابهة.

تبقى الإخوان على سن النار والدخان.

 

ربما جاء الوقت لتدرك أوروبا أن التعامل مع جماعة الإخوان بالذات، فى نطاق التعايش مع جميع التيارات السياسية والعرقية والدينية.. معادلة خاسرة بعد أن ظل الإخوان يضحكون على الألمان طوال ما يزيد على 25 عامًا.

 

إبراهيم الزيات
إبراهيم الزيات

 

 

(1)

قبل أسابيع قرر المجلس الأعلى لمسلمى ألمانيا (جامع لأكثر من 30 تكتل إسلامي) طرد وإقصاء كافة المنظمات المنضمة تحته والتابعة لجماعة الإخوان المسلمين فى أوروبا أو الممولة منها.

الضربة قوية.. والتأثير ممتد، ربما لم تتوقعه جماعة الإخوان نفسها لكن خطوة الطرد، حسب تقرير نشرته «دير شبيجل» الأسبوع الماضى لا تعتبر حتى الآن الإجراء الكافى ضد جماعة مشكوك فى مصادر تمويلها ومشكوك فى علاقتها بالإرهاب، حسبما قالت ديرشبيجل بالحرف والكلمة.

قبل سنوات كانت المعضلة فى عدم قدرة الحكومة الألمانية على الربط بقوة بين الإخوان وبين الإرهاب.

اعتبار ألمانيا ومن بعدها النمسا وفرنسا جماعة الإخوان مجرد جماعة دعوية كانت الثغرة التي استطاعت الجماعة النفوذ منها إلى الاستقرار على الأراضى الأوروبية، والعمل بهدوء على مزيد من تنظيمات معقدة وعمليات ضم وتجنيد للشباب المسلم فى عموم القارة الأوروبية تحت يافطة «العمل الدعوى» أو «النشاط المدنى».

التغيير من وجهة النظر الألمانية حسب بعض خبراء لم يكن منتظرًا الآن. إذ إن جماعة الإخوان فى أوروبا (كعادتهم) كانوا قد استمالوا تيار الوسط الحزبى بمزيد من محاولات التجميل السياسى والاجتماعى.

لكن هذا ما حدث، وبدا أن التحول الألمانى تجاه جماعة الإخوان إشارة إلى مزيد من إجراءات فى الطريق، لحظر الجماعة ومنع دخول أعضائها البلاد، وترحيل الموجودين منهم على الأراضى الألمانية. وقرار طرد الإخوان فى المجلس الأعلى للمسلمين، منتظر أن تليه إجراءات تشريعية، لمزيد من إحكام السيطرة على «بؤرة الإرهاب فى أوروبا» كما يفضل وصفها بعض مراقبين ينتمون لليمين الألمانى.

الجديد، كما نشرت الصحف الأوروبية الأسابيع الماضية، أن البوندستانج الألمانى سوف يبدأ جلسات استماع (بداية من أول الشهر المقبل) لمزيد من بحث مصير الإخوان فى ألمانيا.

فى أوروبا، كما فى ألمانيا، يتأرجح تواجد جماعة الإخوان بأنشطتها غير المشروعة على أراضى القارة العجوز بين وجهتى نظر. الأولى وجهة نظر شديدة الرومانسية السياسية شديدة المثالية ترى أن عناصر الإخوان فى أوروبا لا ينبغى النظر إليهم بصورة تخرج عن كونهم منتمين لجماعات إسلامية شأنهم شأن جماعات لأديان أخرى لابد أن تتعايش ويتعايش معها الأوروبيون.

الصورة كما ترى خادعة، والإخوان جماعة إرهابية فى نظر كثير من التكتلات الإسلامية فى أوروبا نفسها.

وهذا ما تعتبره وجهة النظر الأخرى فى سياقات الأوساط الحزبية فى ألمانيا.

إذ يرى أصحاب الرأى الأوقع أن الإخوان ليسوا مجرد جماعة يمكن التعايش معها، إذ إنها مسؤولة أو ضالعة فى كثير من حوادث الإرهاب الدينى المسلح فى ألمانيا وفرنسا والنمسا كما فى الغرب حيث الولايات المتحدة.

سيطرت وجهة النظر الأولى على السياسة فى ألمانيا فترات، كما سيطرت على أوروبا. فى تلك الفترات بدا أن أوروبا كما لو أنها ترى ثعبانًا فى حجرها، وتتوسم فيه الخير والانتماء.

 

المجلس الأعلى لمسلمى ألمانيا
المجلس الأعلى لمسلمى ألمانيا

 

 

(2)

الأسبوع الماضى قال تقرير لمركز توثيق الإسلام السياسى فى النمسا إن البرلمان الألمانى يغلى، وأن حالة الغليان تلك تتنازعها وجهتا النظر فيما يبدو أن أنصبة وحظوظ الآراء النسبية نحو ضرورة حظر جماعة الإخوان هى الأوفر والأقرب للتحقق خلال الفترة المقبلة.

قبل منتصف العام المقبل، يكون البوندستانج قد استوفى كامل جلسات استماعه بخصوص ما يترتب عليه من إجراءات تجاه جماعة الإخوان وعناصرها داخل البلاد.

الوضع بعد قرارات السلطات الألمانية الأخيرة يدفع من اتجاه قانون بحظر جماعة الإخوان، أو على الأقل مزيد من قيود غير مسبوقة على أموال عناصرها وتحركاتهم داخل ألمانيا.

حسب خبراء فإن كفة أحزاب بزعامة «البديل من أجل ألمانيا» هى الراجحة فى مواجهة بعض أحزاب اليسار والخضر.

الأسبوع قبل الماضى، نشرت الصحافة الأوروبية تلميحات لمنتمين لحزب الخضر الألمانى تشير إلى «تراجعهم عن وجهات نظر قديمة لدى قادتهم بأن عناصر الإخوان فى ألمانيا مجرد متدينين دعويين».

أغلب أحزاب دعم الإخوان فى ألمانيا تراجع وجهات نظرها بخصوص خداع الإخوان لهم طوال أكثر من 20 عاما.

قانون حظر نشاط الإخوان مطروح على البرلمان الألمانى منذ سنوات. لم يحظ القرار حتى العام الماضى بأغلبية برلمانية تكفى.. لمزيد من تضييق الخناق على الجماعة.

الأمور تغيرت الآن. الإخوان فى مهب الريح.

الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الألمانية مؤخرا، فى الطريق لمزيد من إجراءات أكثر قوة تضع جماعة الإخوان الإرهابية، بمصادر تمويلها بتجارتها بمؤسسات تمويلها على فوهة بركان.

منتظر أن تلحق بالإجراءات الألمانية، إجراءات مماثلة فى النمسا، ثم فى فرنسا.

آن الأوان كى تعرف أوروبا أن الإخوان ثعبان فى دولاب ملابسها.. وأنه ليس من المنطق أن أضع السموم مع السكر فى فنجان قهوة الصباح.